مدخل : من الصعوبة السيطرة على الحدود ومن المستحيل وقف عمليات التسلل والتهريب، مفردات يتناولها المسئولون في الدول الكبرى مثل أمريكا، والدول الأوربية، والتي عجزت تماماً عن سد منافذ الهجرة غير الشرعية إليها، وأسبانيا خير دليل على ذلك حيث عجزت كليا في السيطرة على منافذها البحرية، فكيف يكون الحال بالنسبة للسودان بامكاناته المحدودة، ومشاركته للحدود مع تسعة من الدول الأفريقية التي تشكو العوز وتعاني الجفاف ويمرح فيها طاعون العصر.أن يواجه عمليات اللجوء والتسلل الكبيرة التى تعبر إلى داخله وتشكل عبئاً كبيراً على البلاد وتتسبب فى مشاكل لا حصر لها، وليس في هذا دعوة لغض الطرف والاستسلام لواقع الحال وإن صعبت المراقبة على حدودنا الطويلة والمتدخلة يمكننا إحتواء التسلل عبر نقاط التفتيش ومراقبة المؤسسات المستخدمة للأجانب والتأكد من صحة البيانات الثبوتية والسلامة الصحية وغيرها من آليات المراقبة والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.... وفي هذا التحقيق يحاول المركز السودانى للخدمات الصحفيه أن يسلط الضوء على الجوانب المظلمة فى هذه المشكلة بهدف أخذ الحيطة والحذر من الإشكالات التي يمكن ان تنجم من هذا التوافد الغير شرعي.إلى جانب الوقوف على الجهود الكبيرة والتواصله التى تبذلها الجهات المختصه لمواجهة هذا الكابوس الذى بات يؤرق المواطنين بشكل عام . بوابة عبور الوافدين للبلاد. محطتنا الأولى فى هذا التحقيق كانت عبر البوابة الرئيسية التي من المفترض أن يمر بها كل ولاج من الوافدين نحو بلادنا، وهى الإدارة العامة لشؤون الأجانب وفيها كان لنا لقاء مع اللواء شرطة حيدر حسن طه سهيل مدير دائرة شئون الأجانب والذي ابتدر حديثه في هذا الصدد قائلا: بعد المشاهدات التي كثرت في الآونة الأخيرة والمتمثلة في ظاهرة التسول التي ملأت الطرقات ودور العبادة قامت الإدارة العامة وبالتنسيق مع وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي بحملات مكثفة على المتسولين وتم ضبط أعداد كبيرة منهم وفدوا للبلاد بصورة غير قانونيه وبالتالى تم ترحيلهم إلى بلادهم. سعادة اللواء حيدر حسن طه نتفق معكم على الصعوبات والمتمثلة في الحد من ظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية ولكن لابد من وضع خطة وآلية رقابة إلا وازداد الأمر سوءاً. نعم ففي هذا الصدد تقوم دائرة الأجانب بملاحقة الأجانب المخالفين للقانون والتأكد من صحة الأوراق الثبوتية للوافد الأجنبي. وفيما يتعلق بالاثار السالبه للوجود الاجنبى الغير شرعى قال اللواء حيدر سهيل : بطبيعة الحال فأن أى وافد لابد وأنه يحمل ثقافة تختلف تماماً عن ثقافة الوطن، إلا ان الهجرة الغير شرعية تساعد على نقل الكثير من العادات والتقاليد الغريبة على مجتمعنا كما تساعد على ظهور أنماط جديدة من أشكال الجريمة المنظمة أضف إلى ذلك ان معظم الوافدين من أقطار يغلب عليها العوز وتشكو من الأمراض الخطيرة. وبالنسبه للتأكد من سلامة عمل الأجانب فى الشركات والمؤسسات الخاصة. اكد اللواء سهيل ان دائرة الأجانب لديها برامج مراقبة وبصورة دورية وفق قوانين وزارة العمل، لكل الشركات والمؤسسات التى تستقدم عمالة اجنبيه . وحول دور شبكات التهريب في تعميق هذه المشكلة والإجراءات التي اتخذت حيالها ؟ قال مدير دائرة الاجانب ... يوجد لدينا العديد من نقاط الإرتكاز على طرق المرور السريع لضبط عمليات التهريب التي تمارس ، وقد شددت العقوبة على كل مزاول لعمل التهريب حيث اقترحنا جملة من المعوقات للحد من تلك الظاهر منها مصادرة العربات العاملة في التهريب ونسعى لمنع السودانيين من تأجير منازلهم وعقاراتهم للأجانب غير المستوفين للشروط في كآفة إنحاء السودان. السودان يتحمل 20% من اللاجئين فى افريقيا. من جانبه اوضح د. محمد محمد احمد الاغبش معتمد شئون اللاجئين أن السودان يتحّمل أكثر من مليون لاجئي في فترة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود وبهذا الرقم يكون السودان من أكبر الدول التي تستضيف اللاجئين في إفريقيا ومعظم هذه الهجرة من دول الجوار الإفريقي، وابرزها زائير، أثيوبيا، أريتريا، يوغندا، تشاد والنسبة المئوية لهذا الوجود (20%) من جملة اللاجئين في افريقيا و (7%) من جملة اللاجئين في العالم. ولحل مشكلة اللاجئين في السودان قال د. الاغبش أنه يرى أن هناك ثلاثة حلول يجب اتخاذها وهذه الحلول تتمثل فى العودة الطوعية، إعادة التوطين، والإدماج المحلي مثل الاسكان بالمعسكرات المختلفة، و عن أسباب اللجوء بهذه الاعداد الكبيرة عزا معتمد اللاجئين الامر إلى الخوف من التعرض للإضطهاد بسبب العرق أو الدين أو الإنتماء لجهة سياسية لها رأيها الخاص. وحول الفرق بين اللاجئ والمهاجر يقول د. الاغبش أن المهاجر هو الشخص الذي ينتقل من مكان إقامته المعتادة إلى منطقة أخرى بسبب ما إما لتحسين وضعه الاقتصادي أو العمل أو الدراسة أو الإلتحاق بأفراد أسرته أو لأى أسباب أخرى لها علاقة بخوف أو اضطهاد. ومن وجهة نظركم هناك واجبات من المفترض أن يلتزم بها اللاجئ و المهاجر إلى الدولة المعينة؟، قال معتمد اللاجئين انه يتحتم على اللاجئ والمهاجر الإلتزام بكافة القوانين السارية في المجتمع المضيف، وأن يتم التعامل وفقاً لقانون اللجوء. (الجدول ادناه يبين احصائيه للاجئين بالسودان فى يونيوالماضى) : إحصائية اللاجئين بالسودان حسب جنسياتهم يونيو 2010م ا مواجهة الافرازات الاجتماعيه السالبه للوجود الأجنبي . وللوقوف على الدور الذي تضطلع به وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي تجاه عمليات التدفق المستمر من قبل الأجانب وخططها المستقبلية لمواجهة الإفرازات الاجتماعية السالبة لهذه الظاهرة أوضحت الأستاذة أميرة الفاضل وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعى ان هناك تنسيق بين الوزارة ووزارة الداخليه خاصة الجوازات والهجرة والجنسيه ، ودائرة الأجانب فيما يختص بتواجد الأجانب في السودان. ولنا أيضاً عمل مع مفوضية اللاجئين باعتبارها الجهة الأكثر اختصاصاً داخل وزارة الداخلية وفي الحقيقة ليس كل الوجود الأجنبي سيئاً فهناك وجود أجنبي في السودان مقابل اتفاقيات وهناك وجود أجنبي نظير مشروعات مشتركة وفي مجالات الاستثمار وعموماً الوجود الأجنبي في السودان يتواجد بأشكال مختلفة. ولكن وجود اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين امر مختلف والتعامل معهم مختلف أيضاً ، فالسودان من الدول المستضيفة للاجئين وذلك عن طريق التعاون وعن طريق المنظمات الدولية المسؤولة عن اللجوء وعن الخدمات التي تقدم إلى الأجانب واللاجئين بصفة عامة وذلك حسب الظروف التي يمرون بها إن كانت هذه الظروف سياسية أو اقتصادية. اما عن الوجود غير الشرعي بالبلاد فهو الذي يمثل المشكلة، لأنه غير معروف لدينا وغير موضوع في تكلفة الخدمات وتمخضت عنه العديد من الظواهر السالبه ومنها ظاهرة التسول التى تعتبر واحدة من الإشكالات الماثلة أمامنا وقد اتضح مؤخراً أنهم تم تهريبهم عبر شبكات إجرامية تعمل في التهريب مقابل أموال تدفع وخلال فترة تواجدي بوزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم شهدت برامج ترحيل لعدد من المتسولين إلى اوطانهم فى دول الجوار الأفريقي. ومن واقع الأمر الهجرة الغير شرعية تمثل مشكلة للدولة من عدة نواحي ثقافية كانت أم أمنية أو اجتماعية. وفيما يتعلق بالعماله الأجنبية قالت الأستاذة أميرة الفاضل أن العمالة الأجنبية حتى وإن كانت شرعية فأنها تمثل بالنسبة لنا أثر سالب على عمالتنا الوطنية وتضّيق الفرص بالنسبة للسودانيين، ونحن كوزارة رعاية اجتماعية نعمل مع الأخوة في وزارة العمل وشركات العمل والجهات المختصة بأن لا تضّيق الفرص بالنسبة للعمالة الوطنية وذلك بأستيعاب السودانيين في مختلف الوظائف وتدريب الكوادر التي تحتاج إلى تأهيل حتى تكون منافسة للعمالة الأجنبية الوافدة وهنا لا نطالب بقفل الفرص امام العمالة الأجنبية ولكن يمكننا أن نضيّق الفرص إذا كانت خصماً على العمالة الوطنية. وبالنسبة لثقافات الوافدين وما يترتب عليها من أثار سالبه على المجتمع قالت الأستاذة أميرة الفاضل: الإجابة على هذا السؤال صعبة ما لم تتم دراسة في هذا الشأن، فقد تحدث الناس من قبل عن قوات اليوناميد واليوناميس والأثر الثقافي لهذه القوات، والدراسات التي تمت دراسات محدودة وفي جزئيات صغيرة ولكن بالقطع أي وجود أجنبي له أثر ويمثل ثقافة مختلفة وهذا التداخل يعتمد على حجم التدفق بطبيعة الحال فإذا كان التداخل كبيراً بلا شك الأثر سوف يكون كبيراً.