من الممكن القول إن المشكلات الإقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد نتاج طبيعي للحظر الإقتصادى والعقوبات الأمريكية التي حرمت السودان كغيره من الدول من الإستفادة من المعونات وتمويلات الصناديق الدولية والتعامل مع الشركات الصناعية العالمية والمنتجات المتقدمة في كافة المجالات مما أثر سلباً على كثير من الصناعات السودانية. وحرمت هذه العقوبات السودان من الإستفادة من التكنولوجيا في شتى المجالات، بل تعمدت الإدارة الأمريكية الي تكسير البنية الإقتصادية بعدم السماح لكثير من الشركات من الإستثمار في السودان بل زاد الإستهداف ليصل إلى حد تدمير مصنع الشفاء الذى أدى تدميره إلى إحداث ربكة قوية للإقتصاد السوداني في المجال التصنيع الدوائي، وآخر هذه الإستهدافات منع شركات آسيوية من إكمال مصنع سكر النيل الأبيض بشراء معظم أسهمها لإيقاف أعمالها التي بدأتها في السودان قبل افتتاح المصنع. ولكن على الرغم من كل هذه الضغوطات الإقتصادية من الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل التى تدعم الحركات المسلحة لزعزعة الأمن ولإدخال السودان في حرب إستنزاف لموارده الإقتصادية بعد فصلها للجنوب والذى أدى إلى خروج عائدات النفط والتى هى أساس العجز في الموازنة العامة، إلا أن السودان حقق طفرات إقتصادية واضحة بإقامة مشاريع كبيرة في كافة المجالات الخدمية والتنموية بجانب التطور الملحوظ في البنية التحتية. خيارات الحكومة لتجاوز الأزمة الإقتصادية لم تترك العقوبات الأمريكية للحكومة السودانية حلاً سوى الرجوع لخيارات محلية لتجاوز الأزمة الاقتصادية فلم تلجأ الحكومة للخيارات التي لها آثار سالبة على المدى الطويل من ذلك الإستدانة من الخارج أو التمويل بالعجز، فتعاملت مع هذا الواقع بعدة خيارات أولها البحث عن موارد إقتصادية بديلة في مجالات مختلفة من زراعة وصناعة وصادرات أخرى بجانب زيادة إنتاج البترول المكتشف داخل أراضيها والعمل في ذات الوقت على تطوير وتقديم كافة المساعدات لأعمال التنقيب عن الذهب حيث قام بنك السودان المركزي بإنشاء مصفاة للذهب لشراءه من المنقبين وتصديره لإدرار عملات صعبة كبيرة بجانب تشجيع الإستثمار بشكل عام في البلاد من خلال تسهيل الإجراءات للمستثمرين وتقديم عروض تشجيعية لهم. كما أجازت الحكومة والبرلمان إجراءات تقشفية بتخفيف الإنفاق الحكومي وإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة ورفع الدعم جزئياً عن المحروقات بجانب بعض السياسات الإقتصادية الأخرى المتمثلة في زيادة الضرائب والجمارك. ظلت قضية زيادة التضخم في الإقتصاد السودانى تمثل مشكلة كبيرة للحكومات السابقة ولم يتعافى منها الإقتصاد إلى قريباً وانحصر بنسبة قليلة والسبب الرئيسى في زيادة التضخم هو تعويم العملة المحلية بنسبة كبيرة مما يؤدى إلى وجود سيولة كبيرة في الاسواق فتتدهور العملة المحلية والذى يؤدى بدوره إلى إرتفاع الأسعار، وهذا الأمر رفضته الحكومة السودانية الحالية تماماً لأنه يؤدى إلى إنهيار وتدمير الاقتصاد. المعالجات والتدابير الإقتصادية قدمت وزارة المالية والإقتصاد الوطني حزمة من المعالجات لتخفيف أثر الاجراءات الإقتصادية التي طبقت، فتم أعفاء الأدوية من الرسوم الجمركية وأعفاء طلمبات المياه من الضريبة على القيمة المضافة وتخفيض الرسوم الجمركية على المكملات الغذائية من (40% إلى 25%) وعلى لبن البدرة من (40% إلى 25%) وعلى زيوت الطعام من (10% إلى 3%) وإعفاء السلع الرمضانية من ضريبة التنمية وضريبة القيمة المضافة وزيادة مرتبات العاملين بالدولة والمعاشيين بدفع منحة شهرية تبلغ (100) جنيه مع إستمرار المواد البترولية وزيادة بند المنافع الإجتماعية بزيادة عدد الأسر الفقيرة المستهدفة بالدعم المباشر من (500 إلى 750) ألف أسرة ودعم العلاج بالخارج وتوطينه بالداخل بدعم الأدوية المنقذة للحياة ودعم العلاج بالمستشفيات والحوادث وزيادة المخزون الإستراتيجى للذرة وتوفيره للفئات الضعيفة بأسعار منخفضة والإستمرار في إعفاء سلع السكر والقمح والدقيق من الرسوم والضرائب بجانب إعفاء الأعلاف ومدخلاتها من الضريبة على القيمة المضافة. الإجراءات التي تم تطبيقها لم تجد الرضى عند بضع الفئات لم ُترضى السياسات الإقتصادية التي تم تطبيقها بعض الشرائح خصوصاً الطلاب المحتقنين ذاتياً بمشكلات سياسية تتعلق بالصراع السياسي على المنبر الطلابى بالجامعات فخرج بعض الطلاب في مظاهرات محدودة رافضين لهذه الإجراءات إلى جانب بعض القوى السياسية المعارضة التي تسعى إلى إستغلال مظاهرات الطلاب لتوسيع دائرة الرفض العام لإرتفاع الأسعار وتحويله إلى حركة إحتجاج أوسع ضد الحكومة وهذا الشئ لم تستطيع تحقيقه لأن الشعب السودانى يعرف تماماً أن هذه القوى السياسية لها مواقف مسبقة ضد النظام القائم والسعى دوماً لإسقاطه. الأثر المتوقع في المحور المالي فقد تم تعديل موازنة العام 2012م بحيث يتم تحقيق معدل نمو إيجابي فى الناتج المحلي الإجمالى فى حدود (2%) ومتوسط معدل التضخم في حدود (25%) ومعدل عرض النقود إلى (12%) والعجز في الموازنة لايزيد عن (3,6%) من الناتج المحلي الإجمالي وسيتم تمويله من مصادر التمويل الخارجي (القروض والمنح الموقعة) بالإضافة إلى مصادر التمويل الداخلي وبزيادة المشاريع الزراعية والحيوانية وزيادة سلع الصادر. وتجدر الاشارة إلى أنه بات من الواضح مدى الإستهداف الخارجي للسودان والمؤامرات الخارجية التى تحاك ضده لتدمير إقتصاده لاشعال الأوضاع وتأجيجها نسبة للنهج السياسي المستقل الذى تنتهجه الحكومة السودانية ومسعاها المعلن للخروج عن الهمينة الدولية والأمريكية.