تأسست العملية المختلطة التي أطلق عليها اختصاراً اليوناميد في الحادي والثلاثين من يوليو العام 2007م مع اعتماد قرار مجلس الأمن (1769) ومهمة القوات حماية المدنيين ولكن أيضاً تتولى اليوناميد بالشراكة مع السلطات المساهمة في تحقيق الأمن لتقديم المساعدة الإنسانية ورصد التحقق من تنفيذ الاتفاقات والمساعدة في تحقيق العملية السياسية الشاملة والمساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون. والناظر لمهام اليوناميد والواقع الحالي الماثل بولايات دارفور يكتشف الفشل الواضح لهذه القوات إذ أن أفراد البعثة وبجانب فشلهم في الحفاظ على الأمن الموجو على قلته نجدهم قد صاروا أهدافاً سهلة لحركات التمرد ولعشرات المرات مما انعكس ذلك سلباً على أداء القوات في الولايات المختلفة وبحسب السرد التفصيلي لطبيعة المهام الموكلة لهذه القوات فإنها محتاجة لبنية تحتية قوية حتى تستطيع مجابهة أي طواريء إذ نجد أن اليوناميد وبمجرد مجيئها فقد منحتها الحكومة السودانية كل التسهيلات المطلوبة لنقل وجلب آلياتها لداخل البلاد وبالفعل فقد أحضرت القوات معدات كثيرة وتبرعت لها أثيوبيا بمروحيات عديدة إلا أن أديس أبابا كانت قد سحبتها في وقت لاحق تاركة أفراد البعثة يواجهون صنوف من المعاناة مما أسهم ذلك في زيادة أسباب الفشل، كما أن التقارير الواردة من اليوناميد تؤكد أن أفراد البعثة قد شكوا من بُعد المناطق في دارفور عن بعضها البعض. ومن جانب آخر نجد أن اليوناميد قد واجهت عدة اتهامات من الحكومة هنا بتقديمها الدعم للمتمردين باعتبارها تستطيع الوصول لأماكنهم وكذلك اتهمت بعض حركات التمرد اليوناميد بتقديم الدعم لحكومة السودان مما جعلها تتخذ وضعية اتسمت بالعمل على مراجعة إستراتجيتها وسياستها في دارفور حيث أكدت الأستاذة عايشتو ميندوا ممثلة اليوناميد في لقاء لها مع والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر على اعتزام البعثة وضع إستراتيجية جديدة لحماية المدنيين تقوم على التعاون مع مختلف الجهات (الحكومة وحركات التمرد) في سبيل الوصول للمناطق المستهدفة وتدارك العنف الذي يهدد حياة الناس بمختلف قبائلهم. وبينما نفت الحكومة عملها بهذه الإستراتيجية الجديدة وحذرت منها نجد أن ممثلة اليوناميد قد هدأت من روع الحكومة هنا من إمكانية التغول على سيادتها الوطنية إذا ما جاءت اليوناميد بسياسة جديدة في دارفور والتخوف من جانب الخرطوم من إمكانية إتخاذ قرار بديل من مجلس الأمن للقرار (1769) ولذلك قالت ممثل اليوناميد عايشتوا إن الإستراتيجية الجديدة لا تمس سيادة السودان مؤكدة أن اليوناميد ستقوم بطرحها على الحكومة السودانية خلال الأيام القادمة وهو ما ينفي إمكانية أن يكون هناك قرار جديد من مجلس الأمن قريباً لمنح اليوناميد صلاحيات جديدة تحد من سيطرة الحكومة السودانية على الإقليم في مناطق متعددة هناك. ولا شك أن مراجعة قوات اليوناميد لسياساتها فرضته الوقائع على الأرض والتي تؤكد عجز البعثة الكامل وقلة قدرتها على الحكومة بالنظر إلى موجات وثيقة التعامل مع القوات غير الأممية والحاجات الملحة لحماية المدنيين على نطاق دارفور بكاملها. والحقائق تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن قوات اليوناميد قد تضع نفسها بسياستها الجديدة على المحك وذلك إذا تم سحب بعض صلاحيات القوات المسلحة وهذا ما تخشاه الخرطوم مما سيطعن في السيادة الوطنية بشكل مباشر الأمر الذي قد لا يجعل الخرطوم توافق على الإستراتيجية الجديدة المقبلة للقوات وحتى إذا وافقت فالشكوك ستظل ملازمة لليوناميد من إمكانية تحقيق الأمن اللازم في المناطق التي تعاني من الهجمات كل يوم تقريباً من الحركات المتمردة وقطاع الطرق أحياناً ووحدها الأيام من ستثبت نجاح أو فشل اليوناميد بعد أن حاولت تغيير طريقتها وهي تعول على ما يبدو على تعاون كل الجهات المتحاربة معها فالحفاظ على الأمن وهو تعويل لا يأتي في مكانه إذا أخذنا في الاعتبار أن ملف دارفور شائك ومتشابك بما يكفي مما قد يصعب المهام الجديدة لليوناميد حتى لو تشكلت القوالب لتصب أنواع أخرى من السلام لم يكن متوفراً في ربوع دارفور فهل ستتمكن اليوناميد من توفير حضور أمني مناسب في الغالبية العظمى من دارفور التي يهددها العنف باستمرار؟!