(smc) السيد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان هذه مذكرة تقدمها لكم جماهير الشعب السوداني التي إكتظت بها شوارع الخرطوم عاصمة السودان وهي تعبر وبلسان واحد عن كل الشعب السوداني ممثلا في الاحزاب والنقابات والمنظمات والهيئات والجماعات والإتحادات من الرجال والنساء والشيوخ والشباب من مثقفين وأساتذة جامعات ومهنيين وعمال وزراع ورجال أعمال وشباب ورجال طرق صوفية وإدارات أهلية. وضعوك أمام خيارين لقد ظل الشعب السوداني يتابع تصريحاتكم المنحازة للدوائر الصهيونية وعصابات المحافظين الجدد في الكونغرس الأمريكي الذين مارسوا الضغوط عليك والإبتزاز لك ووضعوك أمام خيارين إما أن توافق على فرض العقوبات على السودان أو أن تستقيل من منصبك فآثرت الحفاظ على موقعك وظللت تطلق التصريحات المغلوطة بشأن الأوضاع في دارفور مما زاد من تفاقم الأزمة فأنت الذي بادرت ودون تحقيق وقلت إن الأزمة في دارفور تشبه حالة الإبادة الجماعية في روندا فالتقطت الدوائر المعادية للسودان هذه الفرية وغزت بها أجهزة الإعلام المغرضة وزاد من إشتعال الفتنة تصريحات موظفي وكالات الأممالمتحدة الذين ساروا على نفس نهجك بارقام عن الضحايا خرافية ثم يعتذرون عنها على إستحياء. إن الشعب السوداني يعتبر الأمانة العامة ومجلس الأمن وموظفي وكالات الأممالمتحدة طرفاً في الصراع في دارفور يناصر المتمردين ويحرضهم على الإستمرار في القتال والدمار وليسوا محايدين كما يقضي بذلك ميثاق الأممالمتحدة. لقد بلغ الأمر بمجلس الأمن حداً جعل العالم كله ماعدا قلة من الدوائر الحاقدة في الكونغرس الأمريكي وعملاء الصهيونية العالمية يشهد على السقطة الكبرى بإستصداركم للقرار (1593) المنحازة بالكامل لمواقف اللوبي المعادي للسودان في أمريكا والإتحاد الأوروبي وهي التي أشعلت الحرب في دارفور ودعمت وما زالت تدعم المتمردين الذين بادروا بالحرب ودمروا مراكز الشرطة وقتلوا المئات منهم مما أشاع الفوضى وأدى إلى النزوح للمعسكرات طلباً للأمن والسلامة. لقد إعترفت أنت أخيراً بأن الأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور قد تحسنت وذكرت أنه لم يحدث تقدم في الجانب السياسي وأن حديثك هذا يثير السخرية إذ كيف يحدث تقدم في الجانب السياسي والطرف الآخر يرفض الجلوس للمفاوضات السياسية إستناداً على دعمك الفاضح لهم بإطلاق التصريحات ضد الحكومة السودانية وتطالب برفض عقوبات عليها وإستصدار قرارات من مجلس الأمن إستجابة لطلب المتمردين ومن يدعمونهم من الدوائر المعادية للسودان ؟ امريكا وجرائم الإبادة إن الشعب السوداني يتساءل وبدهشة عن مواقفك وهل هنالك جهة ضاغطة عليكم لتتخذوا مواقفكم بالتنسيق مع المتمردين في دارفور؟ هل قرأت قرار مجلس الأمن رقم (1593) الصار بشأن المحاكمات للمشتبه في إرتكاب جرائم في دارفور ؟ هل قرأت الفقرة السادسة من القرار التي تستثنى الرعايا الأمريكان من المحاسبة مهما إرتكبوا من جرائم؟ هل هذه عدالة الأممالمتحدة ؟ بالله بأي معيار أخلاقي وعلى أي من مباديء وأحكام ميثاق الأممالمتحدة يتم هذا الإستثناء ؟ وهل يجوز إستثناء دولة من الخضوع للمحاسبة والمحاكمة والعالم كله يشهد أن هذه الدولة هي المتسببة الأولى في عدم الإستقرار وإشاعة الفوضى والإخلال بالأمن والسلم الدوليين؟ أوليست أمريكا هي التي ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في العراق وأفغانستان والأراضي الفلسطينية وتهدد السلم في كل انحاء العالم؟ أولم تذكر بنفسك وعلى إستيحاء أن غزو أمريكا وإحتلالها للعراق تم خارج إطار الشرعية الدولية ؟ولكن ماذا فعلت إزاء هذا الإنتهاك الخطير لميثاق الأممالمتحدة والإحتقار للمنظمة الدولية هل سجلت أية إدانة أو طالبت بسحب القوات الأمريكيةالمحتلة من العراق ؟ هل طالبت بإصدار أي قرار في هذا الشأن من مجلس الأمن ؟ إن الرأي العام العالمي كله وليس الشعب السوداني فقط يعتبرك شريكا أصيلاً ولست متواطئا فقط بقوى الإستعمار الحديث لانك سمحت بنفسك بأن تكون أداة لتمرير القرارات الظالمة والجائرة والمخالفة للعدالة والشرعية الدولية وقد تسببت في قتل مئات الآلاف من البشر في العراق وفلسطين والسودان وأفغانستان وغيرها. وبعد كل هذا الظلم ومجافاة العدالة هل تعتقد أن قرار مجلس الأمن رقم (1593) يمكن أن يلزم به أو يلتزم به السودان ؟ أننا نسألك كم عدد القرارات الصادرة من مجلس الأمن ضد إسرائيل ؟ نرجوك ذكرنا ولو بقرار واحد نفذ منها وهي التي تحتل أراضي الدول العربية ومنذ عشرات السنين ولكننا نشير فقط ونذكرك بقرار واحد هو ذلك الذي صدر من مجلس الأمن عندما إرتكبت إسرائيل مجزرة جنين بتكوين لجنة تقصي حقائق دولية تحت ضغط الرأي العام الدولي وماذا كان مصير هذا القرار؟ هل إلتزمت به إسرائيل أو ألزمت بها ؟ إن التاريخ لا ينسى أنك قمت بإعلان حل اللجنة في اليوم التالي لإعلان المجرم شارون أنه لن يسمح بدخول اللجنة للأراضي المحتلة للقيام بأعمالها؟ إنه الخزي والعار يا للسقطة التاريخية للأمين العام ومجلس الأمن. ما لكم كيف تحكمون؟! إن ما نريد أن نؤكده هنا أن نزاع دارفور نزاع داخلي لا يجوز لأية دولة أو حتى الأممالمتحدة التدخل فيه وأنه لقرار ظالم أن تعتبره نزاعاً يهدد السلم والأمن الدوليين وكان العدل يقتضي أن تحاسبوا الدول التي آوت وسلحت وأقامت المعسكرات للمتمردين وحرضتهم على شن الحرب على الحكومة... أوليس من مباديء ميثاق الأممالمتحدة الجوهرية عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول؟ أو لا يلزم هذا الميثاق جميع الدول ان تمتنع عن التهديد بإستعمال القوة أو إستعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الإستقلال السياسي لأية دولة أو على نحو لا يتفق مع مقاصد الأممالمتحدة ؟ هل يعلم الأمين العام ما هي الدول التي تدعم المتمردين بالسلاح والمال وتفتح أراضيها لمعسكرات تدريب المتمردين؟ أوليست هذه هي الدول التي تخل بالأمن والسلم الدوليين ؟ ما لكم كيف تحكمون؟! أنظر إلى النص الصريح وتمعن جيداً في نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية الذي ينص بوضوح أنه «لا يوجد في هذا النظام - نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية - ما يمكن إعتباره إذناً لأية دولة بالتدخل في نزاع مسلح يقع في إطار الشئون الداخلية للدولة وأن المحكمة الجنائية الدولية فقط مكملة للولاية القضائية الوطنية». الشعب السوداني شعب أبي لا يقبل الظلم والشعب السوداني شعب عزيز لا يقبل الذل وهو شعب كريم لا يقبل الهوان وهو شعب يطلب المعالي بتمسكه بقيم العدالة والكرامة الإنسانية ومن هنا فإنه يؤكد لكم ما يلي : أولاً : نحن كشعب قادرون على حماية أرضنا وقيمنا ومحاسبة كل من يخالف قوانيننا وعلى رأس أولئك من بادر في إشعال الفتنة في دارفور وحرض عليها أو خاض فيها أو قام بأي عمل للإضرار بأي مواطن وقضاؤنا مستقل ونزيه ومشهود له بذلك مهما حاول المرجفون النيل منه وقد باشر إجراءاته بالفعل في التحري وجمع البينات وتحديد المتهمين وتقديمهم للمحاكمة ولن يصرفه عن أداء أعماله لا قرارات مجلس الأمن أو غيره لأن هدفه الوصول إلى كلمة الحق وتحقيق العدالة وبالتالي وبإسم الشعب السوداني كله لن يسمح بمحاكمة أي مواطن سوداني خارج الوطن وأنه سيقاوم أي سعي لذلك بكل الوسائل. ثانياً : ان مجلس الأمن الدولي يعيش أزمة أخلاقية بإصداره لقرارات تخالف ميثاق الأممالمتحدة وإتباع المعايير المزدوجة والكيل بمكاييل متعددة وبالتالي فإن الشعوب الحية وفي مقدمتها الشعب السوداني تعلن عدم إلتزامها بأي قرار يصدر من مجلس الأمن حتى يتحرر من قبضة اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي المتطرف المعادي للشعوب وللعدالة والكرامة الإنسانية. ثالثاً : نطالب الأممالمتحدة بمراجعة ممارسات المنظمات الأجنبية العاملة في دارفور وعلى رأسها المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تدعم المتمردين وتؤجج الفتنة ، كما نطالب بمراجعة أداء موظفي الأممالمتحدة وتصريحات مبعوث الأمين العام المستفزة لمشاعر الشعب السوداني وكرامته. وإلا فإن الشعب السوداني سيقوم بطرد هذه المنظمات وإبعاد الموظفين المتواطئين مع المتمردين لإستهداف إستقرار السودان. رابعاً : نطالب الأمين العام كوفي عنان بتقديم إستقالته فوراً لعدم أهليته لقيادة المنظمة الدولية لخضوعه الكامل لإبتزاز الدوائر التي تظن أنها تتحكم في مصائر الشعوب وبالتالي لم يعد أميناً ولا قادراً على الحفاظ على مباديء وأحكام وميثاق الأممالمتحدة .