لعل الحريُة تعد من أسمى المعاني التي تضمنته قامويس الحياة , فهي كلمة رومانسية حالمة تداعب بأناملهاالناعمة أوتار الخيال ، وتشحذ العواطف بشذرات رقيقة من مدلول الحياة ، إذ لولا الحرية لما باتت للحياة مغزى ولا للوجود معنى ، وتعد الحرية من حيث بعدها الفلسفي اكسيرا تمد الوجود بنبض الحياة وإستمرارية هذه المعزوفة اللحنية الرائعة ذات الإيقاع الشجي والتي تجسدها تعاقب الليل والنهار ، وديمومة نسق هذا الكون وفق ناموس أزلي شقُ على الأذكياء والعباقرة فك أسرار طلاسمه ، فالطير تحلق في أجواء السماء ، والبهم والوحش ترتع في وسط الآكام ،والإنسان يصول ويجول في فجاج الأرض وبين عرصات السماء وفق تراتيب وموجهات أزلية أٌختزلت مفاتيحها في دولاب رقمي يسمي (الحرٌية) ، ولعلك قد تخلو بنفسك أحيانا للترويح عنها ، وفك ضجرها وأستيائها فقد تعمد في سبيل ذلك إلي صفحة يومية تتضمن حواشيها كلمات متقاطعة وتجهد عقلك في جمع شتات مفردات تناثرت تراكيبها بين لفائف دماغك البيولوجي ، فما أن تجدها حتى تتنسم عبق ذكي تسترخي له أوصالك المتعبة ويغمرك الغبطة والسرور وتحس لكأنك حصلت على كنز دفين من دفائن النبي سليمان عليه السلام ، وقد تتساءل لما هذه الغبطة والسرور غير المبررين؟ ألأجل كلمة يتيمة تزخر بها قواميس اللغة العربية ؟ فالإجابة قد تحمل بين طياتها معان أوسع وأوغل من مجرد تصوُر وقتي يزول تأثيره بزوال إقطاب حاجب الدهشة ، فلعلك أستطعت الولوج إلي عالم عقلك وتجولت بين لفائف خلاياه المدهشة عبر بوابة ( الحريٌة) ، فلولا تلك البوابة الرائعة لظللت تتسكع هائما على وجهك مدى الدُهر ، وذلك دون ان تعثر على معبر للولوج إلي عوالم المعاني،ولعلك أيضا قد جلست إلي التلفاز يوما وأسترسلت بمخيلتك في عوالم إفتراضية تسبح في سماوات الأثير تنوء بساتينها بالحدائق الغناءة ، والأشجار المثمرة وبين يديك الملقاط وانت تمده إلي كل ثمرة يانعة لتساقط عليك رطبا جنيا ، لتأكل منها هنيئا مريئا ، فكان ذاك الملقاط عالما رقميا صغيرا قادك إلي عالم رقمي كبير وهو (الحريٌة) ت والحريٌة في حقيقتها كغادة هيفاء مياسة ، ذات دلال وكبرياء تطل بجيدها الرقراق من على شرفات برجها العاجي وترمق أصحاب الوله والهيام بتلك العينين الأحورين اللتين تملؤهما العاطفة والشك وحنين الإنجراف إلي فطرة الغزل ، وقلوب العشاق تتلهف إليها وتتملقها من بين مترصد لها لفض بكارتها عنوة لإشباع غرائزه ونزواته الصبيانية ،وبين متشوق لها لدفع مهرها والإقتران بها إقترانا شرعيا . فأى الفريقين أنت عزيزي القارئ؟؟؟!ه