(على المحك) salahyousif65@yahoo0com ترد كلمات هذا العنوان الذي سبقتني إليه قبل مدة الأستاذة منى سلمان بالرأي العام، ضمن أغنية شعبية قديمة تؤدى على إيقاعات أفريقية راقصة لا أذكر بالتحديد من يتغنى بها ولكن الذي يهمني الآن مدلول التكافل والتراحم من وراء هذا القول حين كانت لبيوت الجيران (نفاجات) تتيح الفرصة للعبور من دار إلى أخرى في تواصل حميم للفزع والتكافل، أو حوائط قصيرة تتم من فوقها (عشرة ونسة) نسائية في أوقات الظهيرة حيث لا تتحرج المحتاجة خلالها عند طلب حاجتها من الأخرى التي لو كانت تملك شيئاً لما بخلت به على جارتها سواء كان أداة منزلية أو مأكلاً أو مشرباً قد لا يحلو لها إذا لم تتذوق طعمه جارتها، وقد يمتد التعامل إلى أكثر من جارة دليلاً على الترابط وتقديراً لظروف الجار التي تدفعه للسؤال0 وقد لعبت هذه الثقافة دوراً في توطيد العلائق وحسن الجوار وترسيخ التكافل الاجتماعي الصادر عن طيب خاطر ورضا وقناعة والذي تجاوز سقف معينات الطهي ومواده إلى استعارة الملبس فيما كان يعرف بثوب (العاريّة) أي الثوب المستعار للتظاهر به في المناسبات0 ومع مرور الزمن انخفض مؤشر بعض الجوانب المباشرة في هذه الثقافة ولكنها لم تندثر تماماً بل إنها تعدت حدود الجوار إلى رقعة أكبر عبر تنظيمات تعنى بهذا الأمر لتنشره في شكل مساعدات للفقراء والمعوزين0 قبل أيام وأنا أقوم بتجديد ترخيص عربتي لاحظت أن البعض ممن ينشدون ذات الغرض والذين لا يملكون أو لا يرغبون في شراء طفاية الحريق التي تعتبر من متطلبات التجديد المتعدد النوافذ وعالي التكلفة، يستعيرون طفايات الآخرين لإبرازها لمحصل رسوم الأمن والسلامة ثم يعيدونها لأصحابها بعد التجديد0 وهنا قفز إلى ذهني مقطع الأغنية الشعبية (أدونا فندقكم 00 ندق ونديكم) وفتح الذاكرة على نافذة للسياحة حول تلك الممارسات الاجتماعية التي أوردت جزءاً منها0 وفيما يبدو أن ظروف الحياة أجبرت الناس على اللجوء إلى ابتداع الوسائل المنقذة من المآزق استناداً إلى مقولة (الحاجة أم الاختراع)0 فلو أن رسوم الترخيص وبالذات بالنسبة لأصحاب العربات الملاكي الذين لا يكسبون من ورائها دخلاً مادياً، كانت في حدود المعقولية، لما طافت شوارع البلاد عربة واحدة دون ترخيص ولو أن إجراءات الترخيص بالسرعة والبساطة المنشودة لما تأخر أحد عن المثول أمام سلطاتها0 ولا غبار من حيث المبدأ، لا من حيث مبلغ الرسوم، على أن تكون هناك رسوماً على الفحص الدوري ورسوماً على الترخيص ورسوماً على التأمين باعتبار أن هذه النوافذ تقدم خدمة، ولكن أن تكون هناك رسوماً على التأكد من أنك تحوز على طفاية حريق فهذا ما لا أراه وجيهاً، وربما لأنه غير منطقي درج البعض على التحايل عليه بعدم حيازة الطفاية ذاتها0 ولقد كان الرقم الوطني شرطاً أساسياً لكل الخدمات في حين أننا نعلم أن أعداداً كبيرة من المواطنين لم تتمكن من الحصول بعد على هذا الرقم، ولم تشفع للراغبين في الترخيص بطاقاتهم الشخصية في تكملة الإجراءات مما جعلهم يرجئون الترخيص لحين الحصول على الرقم الوطني الذي من المفترض إلا يكون هو الأساس في هذا الوقت المبكر طالما لم يعلن بعد عن تاريخ يبطل صلاحيات البطاقات الشخصية القديمة وحلول الرقم الوطني مكانها0 ومع ذلك ليت هذا الرقم يظهر في رخصة المركبة مثلما يظهر العنوان ورقم الهاتف حتى يكون هناك ما يبرر المطالبة به لدرجة أن غيابه يقف حائلاً أمام كل الأجراءات0