لدي إفتتاحه معرض الفنان برجاس عن جماليات الماضي القاهرة :سليمان سري محاولة إستدعاء الذاكرة وإستلهام الماضي لعالم يضج بالحياة وطبيعة تتناغم فيها الالوان ويتعايش فيها الانسان مع الطبيعة كتلك التي في جبال النوبة وجبل مرة والنيل الأزرق ، شكلت فضاء اللوحة لدي أعمال الفنان التشكيلي محمد برجاس الذي أقام معرضه بمركز نبته للفنون ، تحت عنوان (جماليات الماضي) ، وقام بإفتتاحه الخميس الماضي المفكر السوداني دكتور حيدر إبراهيم علي. وفكرة المعرض جماليات الماضي الذي ضم أكثر من (30) لوحة ، اعتمد فيها على الذاكرة بكل ما بقى بقى فا ن زكريات المكان والزمان ، يقول برجاس" أنه حنين لماضي جميل ، لعالم يضج بالحياة ونعيمها ، وإنسان يؤكد على وجوده وفهمه لما حوله فهماً عميقاً وجلياً بدليل مسايرته لتلك الطبيعة وتناغمه معها دون خلل أو إضطراب لتلك العلاقة الوطيده". ويشير برجاس إلي أن تلك الأعمال الفنية مرعليها ما يزيد عن (10) أعوام ، إستخدم فيها خامات مختلفة من ألوان الزيت والألوان المائية والأحبار كلها على ورق بمقاسات مختلفة حسب متطلبات ما أسماه ب(غريزة التعبير) وحسب الإمكانيات المتاحة له في ذلك الوقت ، ويقول" أن جماليات الماضي تجربة لونيه يحاول أن يدلف من خلالها في هذا العالم أو هذه الرقعة الجغرافية (السودان)" ، ويعتبر أنها بدايات للتعبير لما أسماه (فسيفساء) العلاقة بين الإنسان وما حوله في السودان ، وكيف يعيش هذا المجتمع الضارب في القدم أفراحه وأتراحه ، عاداته وتقاليده ، فكره وأفكاره ، أحلامه وتطلعاته؟ . ويعتبر برجاس أن الرجوع للماضي له دلالاته ومبراراته فهو عبرة ، وإستدعائه قد يكون محفزاً برغم من أنه يحمل بعض آلآم ، ويقول أنه في هذا المعرض يسلط الضوء على نقاط بعينها إستوقفته خلال جولة قام بها علي فترات قصيرة بمناطق جبل مرة بأقليم دارفور وفي جبال النوبة وكردفان وأقاصي النيل الازرق ، تمثلت في سحر الطبيعه ، وما وصفه بالتناغم اللوني الجميل بتعدد الالوان بدرجاتها المختلفة وتواصل تلك الألوان ببعضها البعض وبالحميمية التي بينهم وبتناغم اللون مع الإنسان ، ذلك ماأعتبره شيء يأخذ الألباب الى عوالم أُخرى يطول الجلوس فيها والتأمل بعمق ، ويقول أن ذلك التناغم اللوني قل ما نجده في مناطق عدة في هذا الكون الفسيح ، وهو كما وصفه بأنه تجانس غريب يستوقف الانسان ويسترعي إنتباهه ويجعله يسترجع ماضيه ويجعله يتأمل في التكوين الألهي ، وينظر للتعايش بين الأنسان والطبيعة التي حوله في تصالح لا فى تضاد. وترحم برجاس علي روح الفنان السوداني محمود عبدالعزيز الذي تزامن خبر وفاته مع أفتتاح المعرض ، والذي صادف زكري رحيل الفنان مصطفي سيد أحمد ، وقال أنه أفتقد والده أيضاً الذي وجد منه الدعم والمساندة وكان حاضراً في كل معارضه ، وترحم علي الرعيل الاول من التشكيليين وزملاء الحركة التشكيلية في السودان. أما دكتور حيدر إبراهيم فقد أعتبر أن أعمال برجاس فيها معاناة والتزام كمايقول المصريين وأنه عكس ذلك في تصويره ورسمه لجبال النوبة والنيل الازرق وجبل مرة ، شغله ملتزم لايرسم من فراغ ، وقال أن شخصيته بدأت واضحة من خلال أعماله ، بمعني أنه يمكن التعرف عليه من خلال أعماله حين تنظر للوحة تدرك أنها من أعمال برجاس ، بل لديه لون خاص من صنعه يمكن أن يحتكره ويسجل بأسمه اللون (القرمزي) وهو درجة بين اللون البني الفاتح والوردي الداكن أو البني المشرب بحمرة، وهذه هي ميزة الفنان دائماً التفرد والتمييز والاختلاف ، لايعمل ماعمله الأخرون. ويقول د. حيدر أن ما لفت أنتباهي ترحم محمد ، علي مجموعة من الفنانين ، فجعلني أسترجع في ذهني جدارية الشاعر الفلسطيني محمود درويش التي قال فيها (ياموت هزمتك الفنون) ، وبدأ يعدد الفنون الخالدة بأن (الاهرامات ، المسلات ، اللوحات لازالت موجودة) ، بيكاسو وسلفادورو دالي مازالوا أحياء وغيرهم من الفنانين والمبدعين ماتوا وهزموا الموت بفنهم ولازالت أعمالهم خالدة فينا ، لكنه أشار الي أن هنالك كثيرين يخافون من الفنون لانها ذات إرتباط بالحياة ، والفنون تولد الدهشة ، لان الأنسان حين يندهش يتسائل ، يشق ويفهم ، لذلك خافوا منها ، ودائماً ما يشيطنوا الفنون ، ويردف ابراهيم " كثيراً ماإرتبطت الفنون لدي من أسماهم بالمجموعات المتخلفة ب(العمل الشيطاني) ، وقال أنهم دائماً يحاولوا عدم ربطها بالأنسان وينسبوها الي إلي أنها جاءت من وادي عبقر وعبقرهذا يعني ( شيطان) ، ولايريدون أن يربطوا الفنون بأنها فيض أنساني يجعله يرسم اللوحة ، يكتب الشعر أو القصة ، محمد برجاس لديه فيض إنساني وضعه في لوحاته. وعبر د. حيدر عن تقديره للفنان برجاس وقال من خلاله يشكر كل الفنانين الذين فتحوا لنا كوات في الظلام وقال (نحن نعيش في عهد ظلام ) ظلام مطبق من كل النواحي قاموا بقتل المواهب وأشاعوا ثقافة الموت ، حتي أن هنالك منظمة تعمل في مجال نشر ثقافة الموت لديها ميزانية ضخمة ، لماذا لاتخصص ميزانية مماثلة لاقامة (قلريهات) ؟ ، وختم حيدر ابراهيم بقوله " الفن أستطاع هزيمة الموت وهزيمة القبح والظلام الذي إمتد للمنطقة العربية باشملها".