[email protected] 1- البشير يخلف البشير ؟ في يوم الثلاثاء 26 سبتمبر 2013 ، عقد السيد النائب الأول ( علي عثمان محمد طه ) مؤتمرا صحفيا ، تناول فيه عدة أمور . أستعرضنا في حلقة سابقة ، دعوة السيد النائب الأول للرئيس البشير عدم خرق دستور نيفاشا ( المعمول به حاليا ) وأحترام بنوده التي تعطي الرئيس البشير الحق الدستوري والقانوني في الترشح لولاية رئاسية ثانية ، والأستمرار في السلطة حتي أبريل 2020 ، وبعدها لكل حدث حديث ولكل مقام مقال ! تناسي السيد النائب الاول أن دستور الأنقاذ ( 1998 ) قد حدد فترة الرئاسة بخمسة سنوات ، تجدد لمرة واحدة فحسب ... اي ان اقصى فترة لتولي السلطة كرئيس جمهورية هي عشر سنوات فقط . ولكن يغير الأبالسة في أعمدة ( القون ) ، حسب هواهم ، بينما اللعبة علي قدم وساق ؟ طبعا حتي العوام والرجرجة قد فهموا كلامات السيد النائب الأول الداعية لخلافة البشير للرئيس البشير في كافة مواقعه السيادية ، في أطار مزايداته ( النائب الأول ) علي الدكتور نافع وغيره من مراكز القوي في التزلف ولعق أحذية الرئيس البشير ، لمصالح وحجيات شخصية بحتة ، وحتي لا يشوته الرئيس البشير خارج الرادار الأنقاذي . لم يقصر الدكتور غازي صلاح الدين وأعضاء برلمان البشير والسائحون وغيرهم من المجرات الشمسية في المزايدة علي شمس الرئيس البشير ، تماما كما فعل السيد النائب الأول . سوف تشهد الأيام القادمة أنبراشات عديدة من لاعقي الأحذية البشيرية ، وسوف يملا لعابهم وبصاقهم ساحات القصر الجمهوري ، مما سوف يضطر الرئيس البشير أن يرفع يديه في الهواء مستسلما ، وبالعا لكلاماته الهوائية ، ومعترفا : سمعنا وأطعنا وقبلنا بالأستمرار في حمل الأمانة ( ولأخر مرة وأكرر لأخر مرة ) حتي أبريل 2020 ... هذا أمر الله وأمر الشعب ، ولن أستطيع لردهما سبيلا ! نقول للأبالسة : ( لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ! تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ، وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ) ! ( 98 و90 – مريم ) ونذكرهم وأنفسنا بالأية 84 في سورة مريم : ( فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ ؛ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) ! أتي أمر الله ، فلا تستعجلوه ؛ فقد صارت أيامهم معدودة عدا ! أنتظروا ، أنا معكم منتظرون ! 2- مبادرة الدكتور علي الحاج ( علي وعلي ؟ ) ! كرر السيد النائب الاول في مؤتمره الصحفي ، أكثر من مرة ، أن لقائه مع الدكتور علي الحاج في برلين كان ( بطلب صريح ) من الدكتور علي الحاج ، عبر الأبواب الرسمية في السفارة السودانية في برلين . زايد السيد النائب الاول علي الصقور والمتشددين والحنجوريين في الدولة العميقة والمؤتمر الوطني عندما أكد أن مبادرة الدكتور علي الحاج ( الشخصية ) للمصالحة الوطنية مرحب بها ، وزاد نصا : ( بجانب الحرص علي حماية التوجه العام للدولة ) ! يقول السيد النائب الأول أن قاطرة نظام البشير سوف تستمر في الأنطلاق علي قضبانها الحديدية متوجهة الي وجهتها المحددة ، ويمكن لمن شاء أن يركب في هذه القاطرة ، التي لن تغير توجهها العام ، ولن تترك قضبانها الحديدية لتصبح كومة حديد بورا ؟ سفينة نوح الأنقاذية متوفرة لكل من أراد أن يدخلها بقلب سليم ، ونية صافية ، وبدون أن يخطط لخرقها . في هذا السياق ، أكد السيد النائب الأول علي الحوار حتي مع الشيطان الرجيم بشرط أن يدفع الحوار قاطرة الأنقاذ الي الأمام ، وعلي قضبانها الحديدية ، وفي أتجاه هدفها المرصود لها . قال نصا : ( لا أمانع من لقاء أي شخص سواء الترابي أو غيره ، لكن المطلوب أن تكون اللقاءات مرتبطة بما يمكن أن يدفع الأمور إلى الأمام. ( ... أي في أتجاه البوصلة الأنقاذية ؟ صوب السيد النائب الاول رصاصة الرحمة لمبادرة الدكتور علي الحاج الشخصية ، فماتت قبل أن تبلغ السبوع . بعد تصريح السيد النائب الاول القاتل ، سكت الخراصون في الدولة العميقة والمؤتمر الوطني ، خصوصا بعد تبرؤ المؤتمر الشعبي من مبادرة الدكتور علي الحاج الشخصية ؟ ونسة علي وعلي ؟ ونسة برلينية تبخرت في هواء السودان الساخن ، وصارت الي عدم ! 3- ساعة الحقيقة أمام الحركة الشعبية الشمالية ؟ في مؤتمره الصحفي ( الثلاثاء 26 مارس 2013 ) ، وقع السيد النائب الأول في عدة مغالطات وتناقضات وتراجعات بخصوص الحوار مع الحركة الشعبية الشمالية ، نختزل بعضا منها في عدة نقاط أدناه : اولا : شرط أساسي وقبلي لنجاح أي مفاوضات بين خصمين ، أن يعترف كل طرف بالأخر ، ولا يستخف به ويحقره ، والأ فلا داعي لهكذا حوار عبثي ! هل أستمعت لتوصيف السيد النائب الأول لثوار الحركة الشعبية الشمالية ؟ لقد حقرهم قائلا نصا : ( المتمردون الذين ( يعرفون ) باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال ... ) ؟ مما يعني أنه يستمر في عدم الأعتراف باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان . في هذا السياق ، طلب نظام البشير من الوسيط مبيكي كشرط للتفاوض ، أن تغير الحركة أسمها وبالعدم أن تشطب كلمتي ( تحرير السودان ) من أسمها ، قبل الدخول معها في أي مفاوضات . رفض مبيكي طلب نظام البشير وأعتبره تدخلا غير مبرر في خصوصيات وتوجهات الحركة ، وأصر علي نظام البشير الأعتراف بالحركة وبأسمها كما هو . تراجع نظام البشير عن طلبه التعجيزي ، ولكن نسمع النائب الأول يكرر الاسطوانة المشروخة مرة أخري ، مما يؤكد عدم جدية نظام البشير في التفاوض الجدي مع الحركة . ثانيا : أكد السيد النائب الأول نصا : ( رفض الحكومة لاتفاق نافع - عقار لأنه لم يرتكز على مرجعية الاتحاد الأفريقي ) ! الأتحاد الأفريقي يؤكد علي شرعية نظام البشير ، كما أكد علي شرعية نظام بوزيزي في جمهورية افريقيا الوسطي ، الهارب من بانقي الي الكاميرون . طالب الأتحاد الأفريقي قوي المعارضة الحاملة السلاح في جمهورية أفريقيا الوسطي نزع سلاحها وتسريح قواتها قبل الدخول في مفاوضات مع نظام بوزيزي . لم تقبل قوي المعارضة الحاملة السلاح طلب الأتحاد الأفريقي ، ودخلت بانقي ، وأستولت علي السلطة ، وصارت حكومة الأمر الواقع ، بعد هروب بوزيزي الي الكاميرون . الأتحاد الأفريقي أتحاد حكومات الأمر الواقع . ماذا كان يكون مصير قوي المعارضة المسلحة في جمهورية أفريقيا الوسطي لو سمعت توصية الأتحاد الأفريقي ؟ كما في حالة جمهورية أفريقيا الوسطي ، يقصد السيد النائب الأول من كلامه المغتغت أن قوات الحركة الشعبية الشمالية يجب أن يتم نزع سلاحها وتسريحها قبل السماح لها الدخول في مفاوضات مع نظام البشير ، ( كما حدث مع حركة السيسي ) لأنه لا يمكن قبول جيشين في دولة شرعية واحدة ، كما كان يردد الأتحاد الأفريقي بخصوص جمهورية أفريقيا الوسطي ... وبالطبع ترفض الحركة الشعبية هذا الشرط التعجيزي ، وتصر في الوصول اولا الي تسوية سياسية مع نظام البشير . ثالثا : كرر السيد النائب الاول نصا : ( انه لا بديل عن الاستمرار في التوصل إلى حلول جزئية ) ! يرفض نظام البشير الدخول في حوار مع الحركة الشعبية الشمالية حول التحول الديمقراطي ودولة المواطنة وأسقاط نظام البشير . وأنما حول الأمور ( الجزئية ) التي تخص ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حصريا ... ولا حتي دارفور ؛ مما يعني نية نظام الأنقاذ المبيتة لقتل تحالف كاودا الثوري ، وتدمير تحالف ميثاق الفجر الجديد ، بجذب الحركة خارج التحالفين ، وقتلهما . رابعا : قال السيد النائب الأول نصا : ( الهدف من الحوار مع المتمردين الذين يعرفون باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال هو استكمال المشورة الشعبية وهي عملية يفترض أنها ستحدد العلاقة بين شعبي ولايتي جنوب دارفور والنيل الأزرق الحدوديتين والخرطوم. ) ! المشورة الشعبية كما جاء في أتفاقية نيفاشا حمالة أوجه ... كل طرف يمكن أن يفهمها حسب هواه ، ويكون محقا في فهمه . حسب الرئيس البشير فان المشورة الشعبية تعني أن المجلس التشريعي الولائي في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ( وهو مجلس أنقاذي بأمتياز ) يجتمع ليصوت هل أتفاقية نيفاشا الموؤدة تلبي أشواق وتطلعات شعوب الولايتين أم لا ، ويتم أخطار المجلس التشريعي القومي في الخرطوم بنتيجة التصويت ، ليقرر بشانه . اذا كان الجواب بالأيجاب ، فسوف يتم قفل الملف . أما أذا كان الجواب سالبا ، فسوف ينظر المجلس التشريعي القومي ( الأنقاذي ) في الخرطوم في الموضوع لأتخاذ قرار بشأنه . وهذ فهم ومفهوم للمشورة الشعبية ترفضه الحركة الشعبية الشمالية جملة وتفصيلا . ثم تناسي السيد النائب الأول أن أتفاقية نيفاشا قد تم قبرها بعد أنفصال جنوب السودان ، ولم تعد مرجعية لحسم الخلافات حول وضع ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. خامسا : أختزل السيد النائب الأول مشكلة ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في دعوة : ( مالك عقار وعبد العزيز الحلو للمساعدة في إعداد دستور جديد كان من المفترض ان يعده السودان بعد انفصال الجنوب. ( يفترض السيد النائب الاول أن القائد مالك عقار والقائد عبدالعزيز الحلو عوقات يحملان قنابير علي روؤسهما ؟ لم يجاوب السيد النائب الأول علي السؤال المفتاحي : كيف يمكن للحركة أن تشارك في وضع دستور جديد : • ونظام البشير يحرم الأغاثات والأدوية والأمصال من الأطفال والمواطنين في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ؟ • مع وجود أكثر من مليون نازح ولاجئ في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ؟ • مع أستمرار تساقط القنابل علي معسكرات النازحين ؟ • مع أستمرار القمع والتعذيب والأغتصابات الجماعية ؟ في المحصلة يتذاكي السيد النائب الأول بمحاولة بيع الوهم للحركة وأقناعها بالحوار حول دستور أنقاذي يقنن لأستمرار المشاكل الحالية لمواطني الولايتين المنكوبتين ؟ يتخذ السيد النائب الاول الحركة هزؤا ، ويطرش كلاما مستفزا وغير مقبول ، بوضع العربة أمام حصان الحركة . لعمرك أن السيد النائب الأول من هؤلاء الذين في سكرتهم يعمهون ! كما قال البرفسور الجزولي دفع الله : ( تحقيق السلام ونجاح المفاوضات مع قطاع الشمال رهين بشرط وحيد : أن تجري المفاوضات في مناخ حرية وديمقراطية، لا مناخ حظر وكبت وتغييب للرأي الآخر) . أذا كان الأمر كذلك بالنسبة للمفاوضات ، فما بالك فيما يخص مشاركة الحركة في وضع دستور جديد أنقاذي ، يقنن لأستعبادها بل تفكيكها ؟ يعيش السيد النائب الأول في عالم خيالي وغير واقعي ، ويؤمن بمرجعيات قد عفي عليها الزمن ؛ مرجعيات النازية في المانيا والفاشية في أيطاليا ... مرجعيات زياد بن أبيه وأمية بن خلف والحجاج بن يوسف الثقفي ؟ بالطبع رفضت الحركة دعوة السيد النائب الاول للحوار حول دستور جديد، ورحبت بالتفاوض مع الأبالسة حول تفعيل بنود قرار مجلس الأمن 2046 الخاصة بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . أذن فقد وصل القوم الي طريق مسدود قبل بداية حوار الطرشان ؟ وصلت الحركة الشعبية الشمالية الي ساعة الحقيقة ! علة الحركة الكبري مع نظام البشير ، وعلتها الصغري مع حكومة الجنوب التي بصدد تقديمها قربانا تاكله نيران الأبالسة ، كما قرابين التجمع الوطني الديمقراطي وتحالف جوبا في ماضي غابر ؟ نواصل مع كيف ساعدت قطر في تقسيم بلاد السودان ...