ما وظيفة الحدود؟ الإجابة حماية مواطني الدولة، تشمل الحماية الجانب الاقتصادي والأمني والاجتماعي والسياسي، جميعنا نعلم أن الانتهاك المستمر للحدود دوافعه اقتصادية في الغالب، رجال العصابات وبعض الجماعات المسلحة داخل ليبيا وفي الدول المجاورة هم من يقفون وراء الاختراقات التي تنشط في الاتجاهين، من الخارج إلى الداخل عبر أفواج الهجرة غير الشرعية التي تتمثل في أفواج لا تنتهي من الأفارقة والآسيويين الذين صارت أحلامهم التواجد في ليبيا تزامنا مع حالة الفوضى ليتخذوا منها محطة في الطريق إلى أوربا وبعضهم يكتفي بالبقاء في ليبيا، حاملين معهم في رحلاتهم الأمراض الخطيرة والمخدرات وأفكار الجريمة، واختراقات عكسية تتمثل في مئات الشاحنات التي تعبر الحدود إلى الدول المجاورة محملة بالسلع التموينية والمحروقات، سبب ذلك هو توفرها بأسعار متدنية وبكميات كبيرة وهي متاحة للجميع. في بلد يصنف بأنه غني مثل ليبيا، وبموقعها شمال الصحراء وبمساحتها الكبيرة تكون حماية آلاف الكيلومترات من الحدود في بيئة جافة وظروف قاسية ضربا من المستحيل، ليبيا قليلة السكان ليس بإمكانها توفير أعداد مأهولة من حرص الحدود لاستيعابها بالكامل، وإن توفر هذا العدد فالعملية بلا شك تحتاج إلى أموال كثيرة وإمكانيات ضخمة. ربما بخطوات بسيطة ذكية يمكننا أن نحد من كل هذا، وأن نجعله في مستواه الأدنى، تأتي أولوية هذه الخطوات في ضرورة رفع الدعم على السلع التموينية والمحروقات؛ بحيث تجفف منابع تمويل أفواج الخارجين على القانون والمرتزقين على قوت الليبيين، وعلينا الإشارة هنا بضرورة العدالة في توزيع مقابل هذه السلع كي تصل بالتساوي إلى جيوب المواطنين بتقنية الرقم الوطني. علاوة على أن قرار رفع الدعم ستكون له نتائج عظيمة ورائعة على المستوى المحلي، فهو قرار يوفر العدالة سيما لمواطنين عاشوا حياتهم كاملة لا يملكون سيارات، في حين كان نصيبهم وحقهم يحصل عليهم مواطنون آخرين يتملكون وسائل متعددة ويهدرون البنزين في أحيان كثيرة في غير وظيفته، المواطنين سيتساوون في الحقوق، وبالتالي شعور المواطن بأهمية الطاقة التي يستعملها، وبحقيقة الصراع العالمي حولها، هذا كله ينتج عنه شوارع غير مزدحمة، اختفاء ظواهر استعراضات المراهقين على الطرقات لمجرد الشعور بالملل، وبالتالي وصول سريع وحركة مرور إيجابية، حوادث أقل، مركبات تعيش عمر أطول، وأيضا بيئة أكثر نظافة، وشوارع أقل ضوضاء، وانتشار ثقافة عدم استعمال المركوب إلا في حالة الضرورة. الميزة الأهم هي الحد من استفادة الشركات والسفارات والعمالة وتجارة العبور من دعم السلع وهذا سيقابله ضخ أموال في الخزانة الليبية، قد يقول قائل بأن العمالة ستعوض مقابل ذلك في رفع أجورها، الإجابة أن هذا لن يكون ألا نسبيا وبصورة غير كبيرة لأن سياسة سوق العمل تفرض نفسها، وأسلوب مزايدة العمال فيما بينهم سيجعل أجورهم تدنى بحسب حاجة المواطن لخدماتهم. أخيرا علينا أن نعلم بأنه في كل يوم يتأخر فيه قرار رفع الدعم يعني أننا نساهم بأيدينا في عدم استقرار بلادنا وهدر أموالنا وطمع الطامعين واللصوص في مقدراتنا وزيادة تنظيم عصابات الحدود وتزايد أعدادها، وأيضا مساهمة السلع التموينية والمحروقات الليبية في خلق نشاط متمرد في دول مثل تشاد والنيجر والسودان، وبالتالي تنظيم جيوش قد تكون لديها أطماعها واحتلالنا ووسيلتها في ذلك محروقاتنا وسلعنا وأسلحتنا، الأمر يفوق درجة الخطر، ونحن في مفترق طرق، والقرار بأيدينا إن كنا نريد بناء دولة قوية لها مقومة أن تفرض احترامها على الجميع، أو أن نتخلى عن كل هذا ونكون صغار بحيث تتفوق مصالح الأشخاص على مصلحة الوطن.