الأوطان العظيمة، يبنيها الخيال.. والخيال كان ولا يزال، هو عكازة العقل، التي يتوكا عليها،وهو يخب السير والسرى، في النهارات والظلام، باتجاه المستقبل. الخيال- أيضا- هو المحرض- أساسا- للفعل الخلاق، والاوطان العظيمة، تكتسب عظمتها، في كل الأزمان بالأفعال المدهشة المفاجئة الخلاقة! أعطني خيالا، أعطيك مايدهش العالم.. أعظم الدول، التي صنعها الخيال البديع، سنغافورة، ولو لم أزر سنغافورة قبل سنتين، لكنت قد رحلت من هذا العالم- حين يأذن الرب بالرحيل- دون واحدة من المفاجآت الكبرى، ودون تلك الدهشة.. الدهشة التي تجعلك، تنحني امام نعمة الخيال، في إجلال وإكبار! لو كان لي ان أزور، ذلك الدولة المدهشة، قبل أيام- كما زارها صديقي وزميلي في الوطن القطرية محمد الربيع- لكانت قد تكثرت فيني نعمة الدهشة، ذلك لأن الخيال في سنغافورة، هو- في كل الاوقات- من حال إلى حال، وأحواله في كل الاحوال، التحليق في فضاءات، لا أرحب، ولا أغنى، ولا اجمل! عاد الربيع- صديقي- طلقا. روحه المذهلة إزدادت ألقا، وعقله يشع بضوء غريب. ابتسمت في سري، وأنا أنظر إليه، يشع عقلا وروحا وخيالا، وهو يحدثني بدهشة طفل، عن معجزة الخيال، في ذلك البلد، والذي أصبح- بكل المقاييس- عجيبة من عجائب الدنيا! الدهشة تُجمّل المرء أكثر، روحا وعقلا وخيالا. قلت ذلك في سري، والربيع.. الربيع يحكي، كما لم يحك من قبل، يُجمّل حكيه الطاعم- كعادته- بكل جميل من الشعر العظيم، والأقوال العظيمة، للانبياء، والفلاسفة، والمفكرين الكبار، وبأقوال أؤلئك الذين يلقون بالحكمة البسيطة، قريبة المنال، ويمضون... لا يحفلون بذكر، ولا.. ولا أي نوع من الإمتنان! في سنغافورة.. في أي ناصية، وأي شارع، وأي متحف، وبناية.. أمام أي نبتة، وفراشة، وطائر وزاحف وتمثال.. إزاء أي نبرة لسانية، إزاء أي نغمة.. إزاء أي ترنيمة،إزاء أي بسمة، أي ضحكة، أي آهة، أي تنهيدة، أي لغة للملامح، والتقاطيع، والسحن، والأجساد.. إزاء الهواء، إزاء البحر، إزاء اليابسة، إزاء الكلام، إزاء السكوت، ، إزاء المرور، إزاء الوقوف، إزاء الصباحات، النهارات، الأصائل، الامسيات، إزاء الليل، إزاء أي فجر يتنفس، أنت مع الخيال المجنح، الطائر.. وأنت مع الدهشة! تلك دولة، هزأت بالزمن. أجبرته على الإنصياع، فصنعت معجزتها في ما لايقاس بزمن، وظلت تسبقه بالخيال، تصنع المفاجأة، من وراء مفاجأة، وكل مفاجأة من سنغافورة، عجيبة تدهش العالم! ليت لكل وطن، شرفة. ليت لو يطل كل وطن لا يزال خارج التاريخ، من شرفته، على سنغافورة، لييرك كيفية صناعة الاوطان.