* نواصل كلامنا اليوم عن "مبادرة الرؤية الإستراتيجية" التي شرع الحزب الحاكم في تنزيلها على أرض الواقع من خلال اتصلاته مع الحركات المسلحة؛ لاقتناعنا بأن الاتفاق السياسي الشامل الذي ظللنا ندعو له منذ سنوات الإنقاذ الأولى منبهين إلى عدم جدوى الانفاقات الثنائية والحلول الجزئية، هو المخرج السلمي من دوامة الخلافات السياسية والنزاعات المسلحة. * علينا قراءة هذا الحراك السياسي الجديد للوصول إلى رؤية شاملة لحل أزمات البلاد وليس فقط إشراك الآخرين في قيادة البلاد بذات النهج القديم دون تغيير في السياسات والبرامج. * إن الاختناقات السياسية والاقتصادية والأمنية الماثلة لا تحتمل النهج القديم الرامي لاستصحاب الآخرين "صحبة راكب"، وإنما لا بد من الانتقال من أسلوب الحوارات الثنائية والترضيات السياسية الفوقية حول اقتسام السلطة والثروة إلى حوار جامع يخاطب أسباب كل هذه الاختناقات والخلافات والنزاعات المكلفة. * لا يكفي بالطبع إقناع الحركات المسلحة بالتسوية السياسية وفق النهج القديم الذي فشل عملياً ولم يثمر سلاماً حقيقياً عبر كل الاتفاقات الثنائية والجزئية؛ وذلك لأنها لم تستطع حتى بعد مشاركة بعض الأحزاب السياسية في الحكم إحداث إختراق إيجابي في السياسات وبرامج العمل لصالح الإنسان السوداني. * لقد ملّ الإنسان السوداني عملية "التغيير الشكلانية" و"المحسنات الفوقية" التي لا تحدث تغييراً جوهرياً في السياسات التي فشلت في تحقيق السلام والاستقرار والأمن الاقتصادي والاجتماعي وما زالت تهدد السودان الباقي بالمزيد من التشظي إذا لم يحدث التغيير السياسي الذي نريده توافقيا وسلمياً؛ لأن بلادنا لا تتحمل المزيد من الاحتراب والعنف. * الحل التوافقي القومي يتطلب مرونة أكثر خاصة من الحزب الحاكم للاتفاق على الدستور وإعادة هيكلة الحكم سالاتحادي حتى وإن تطلب الأمر العودة للأقاليم الكبيرة القديمة لأن هذا الترهل مكلف ، واعتماد سياسات اقتصادية تحقق الأمن الاقتصادي للمواطنين كافة حتى وإن استوجب الأمر درجة من التدخل عبر التخطيط الاقتصادي ، ومراعاة كل ذلك عند اعتماد التغيير المرتقب في سدّة الحكم للخروج بحكومة تكون مهمتها استكمال عملية الانتقال السلمي من الراهن الحزبي المتنازع عليه إلى رحاب الرؤية القومية الشاملة التي تشكل الأجندة الوطنية وتوظفها في كل مراحل الحراك السياسي ، بما في ذلك عملية التداول السلمي للسلطة ديمقراطياً.