سئل الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم عن علامات الساعة، ومن ضمن ما قاله صلى الله عليه وسلم (أن ترى الحفاة العراة يتطاولون في البنيان).. والآن وبما أنني بصدد الفساد والذي كثر الحديث حوله هذه الأيام.. دلالة واضحة بأن بلادنا قد ابتليت بهذا المرض الخطير نستعيذ بالله منه ومن انتشاره، ولهذا فإني أريد الاستعانة بحديث سيدنا رسول الله وإجابته عن علامة الساعة.. وأقول لمن يريدون الوصول إلى دليل يصل بهم إلى المفسدين، عليهم أن يبحثوا عن الذين تطاولوا في البنيان وهم ولوقت قريب قد كانوا فقراء أو في واقع مثل الحفاة العراة أو من الذين لا يملكون في هذه الدنيا شيئاً، والآن فإنهم قد امتلكوا القصور والعمارات وما حولها من نعم الدنيا الحرام.. ومن الأشياء التي تدور حولها الأسئلة وخاصة في هذا الزمان من عهد الإنقاذ، ورغم الحديث عن الفقر وحاجة الكثيرين لقوت يومهم.. ولكننا مع هذا نشهد كثرة المعمار وتزايد ما يطلقون عليه غابات الأسمنت، وإذا اكتفينا فقط بالعاصمة وبأطرافها التي تمددت.. فإننا نرى أشكالاً وألواناً من البنايات الشاهقة والتي تدل على أنها قد أنفقت فيها أموال طائلة، ونسأل من هم أصحاب هذه البنايات.. ومن هم أهلها ومن أين أتوا بهذه الأموال التي مكنتهم من تشييدها؟.. ونسمع عن منزل فلان وعمارة آخر وكلها طوابق عدة، ونحن نعلم حقيقة الذين تم ذكرهم فإننا نعلم بأنهم ولوقت قريب هم فقراء وأسرهم كذلك، وقد جاءوا من قرى لا زال أهلهم فيها منازلهم من الجالوص المغطى بالزبالة والطين.. فكيف ومن أين لهؤلاء أن تشار لهم الأيادي بأنهم قد أصبحوا أثرياء؟ ويملكون ويملكون- والإجابة تقول قطعاً إنه الفساد وإنها السرقة لأموال هذا الشعب، وإنه الثراء الذي يطلقون عليه بأنه الحرام بعينه.. وأن من تشير له الأيادي بهذا الثراء.. فهو موظف بمرتب محدد ومعلوم ومهما قدرنا له من مرتب أو حوافز فهو لن يستطيع أن يصل لهذه الدرجة من الثراء، وهناك مظاهر لثراء آخر من غير المباني والعمارات، فهناك من استحوذوا على مشاريع زراعية كبيرة ظهرت على أطراف ولاية الخرطوم وفيها ما يسمى بالبيوت المحمية والري المحوري والرشاشات، وفي بعضها مزارع وحظائر أبقار ودواجن وبتكلفة كبيرة.. وبعضها لموظفين عاديين، فإننا نسأل من أين لهؤلاء بهذا؟!.. إنها السرقة والمال الحرام، إننا بهذا الحديث لا نحسد أحداً والأرزاق بيد الله إذا كانت من حلال طيب، ولكننا نعنى بهذا الحديث من بنوا وأسسوا بالكسب الحرام ومن هداهم الشيطان أن يبنوا أنفسهم مما لا يملكون.. أو الذين نسميهم المفسدين الذين يكثر الحديث حولهم هذه الأيام دون أن نجد عليهم دليلاً أو تقع عليهم عقوبة بما ارتكبوه من سرقة للمال العام، وقد نشطت الحكومة كما نقول، هذه الأيام للبحث عن هؤلاء ونسمع بتكوين لجنة أو مفوضية من أجل محاربة الفساد، وعلمنا أن السيد وزير العدل قد أصدر قانوناً يلزم الدستوريين بتوقيع إقرار الذمة، وهذا طيب ولكنه قد جاء متأخراً، فنحن نسأل عن الفساد السابق.. فكيف نصل إلى من سرقوا لنسترد منهم مال الشعب السوداني، وأعود إلى حديث الرسول عن علامات الساعة وأقول بأن علامات الفساد هم أيضاً من تطاولوا في البنيان، فإذا استطعنا التحري عن هؤلاء والوصول إليهم.. فإننا قطعاً سوف نصل إلى الذين سرقوا ونهبوا أموال هذا الشعب، لقد ظللنا نسمع عن تقارير المراجع العام ولكننا لم نسمع عن من تم القبض عليهم ولا عن محاكمات، ونحن نتحدث عن تحكيم شرع الله ولم نسمع عن من طبق عليه حد السرقة والقطع من خلاف، فهل من تمت إدانتهم لم يصلوا درجة الحد.. أم أن الأحكام تنفذ دون إعلام؟.. إنها أسئلة الإجابة عليها تقول بأننا لم ننفذ حكماً على أحد، وهذا ما جعل الفساد والسرقة يستشريان، لأنه لا يوجد قانون يحكم السارق وقد ظللنا نسمع عن من استرد منهم ما سرقوه أو اختلسوه ونعتقد بأن مثل هذه المحاكمات السرية لا تخيف أحداً وأننا بكل أسف نشهد بأن البنوك تقوم بنشر أسماء المدينين لها وتشهر بهم على مستوى الصحف رغم أنه أمر دين يمكن استرجاعه، ولكن السارق والمختلس تتم التسوية معه بدون أن يجد الإدانة من المجتمع، وهي إدانة ضرورية وفيها قطعاً عظة للسارق- ونحن لا نريد حصر الفساد في المال فقط.. فهناك فساد في العطاءات وفي المبايعات مثل الدلالات الحكومية، وهناك فساد في المواد التموينية المتعلقة بحياة المواطنين مثل السكر، فإننا إذا قمنا بمراجعة القنوات التي تقوم بصرف السكر من موقع إنتاجه حتى المستهلك ستجد قطعاً رائحة الفساد، كما أرجو مراجعة أسماء التجار الذين خرجوا من السوق منذ أن جاءت الإنقاذ وأسماء الذين دخلوه وأصبحوا أصحاب مكانة فيه من لا شيء، إنها كلها ألوان من الفساد الذي أصبح مسكوتا ًعليه من أجل الثراء لفئات محسوبة ومعلومة .. وإنني مازلت أقول إن أردتم معرفة من سرقوا وأفسدوا ،فخذوا بحكمة سيدنا الرسول الأعظم واقبضوا على من تطاولوا في البنيان وأنها علامات الساعة أن يغني الفقير ويفقر الغني وإنها لحكمة في زمان الإنقاذ. علي نايل محمد