تقرير: حيدر عبد الحفيظ مع صباح كل يوم جديد تشرق شمسه تُمّني البشرية على امتداد العالم نفسها بإيجاد عقار جديد يقضي على فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، ولحين تحقيق تلك الأمنية، تبدو في الأفق دائما بوادر إشراقات، حيث أصبح بإمكان السيدات المصابات بالفيروس ولادة أطفال معافين تماماً من المرض، وذلك بإتباع إجراءات طبية مُعينة تكفل لهم ذلك. وبحسب آخر تقرير لبعثة الأممالمتحدة بالسودان (يونميس)، فإن نسبة مرضى الإيدز في السودان قد بلغت 1.1% من جملة السكان على ضوء الإحصائية التي أعدتها الأممالمتحدة، أي ما يعادل 464.992 شخص مصابين به، 1% منهم نساء حوامل. و يُعد برنامج حماية الأجنة الذين يولدون من أرحام أمهات مصابات بالإيدز من البرامج المهمة في السودان، لكون حماية الطفل من الإصابة بالفيروس ممكناً، في حين أن أمه المصابة لا يمكن أن تشفى نهائياً من المرض، وإنما بإمكانها التعايش معه لأطول فترة. تجربة واقعية أم رشاد سيدة في الثلاثين من عمرها، واحدة من 1300 سيدة مصابة بفيروس الإيدز بولاية الخرطوم، يستهدفهن برنامج مكافحة الإيدز بالرعاية الطبية، لولادة أطفال سالمين من الإيدز. تحكي أم رشاد عن تجربتها مع المرض والولادة وتقول: "ولدت بعملية قصرية وأفحص لطفلي منذ ولادته بانتظام حتى كُبر، والآن عمره 3 سنوات، وهو غير مصاب بالإيدز، وأثناء الحمل كنت أتناول أدوية، ذكر لي الأطباء أنها تحمي انتقال الفيروس مني إلى جنيني". تبثُ أم رشاد أنفاثا حزينة رغم شكلها الذي يوحي بأنها لا تعاني من مرض الإيدز، وتشير إلى كيفية انتقال الفيروس لها الذي ابتلاها الله بها، بعد نقل دم ملوث لها أثناء إجراء عملية جراحية نتيجة لحادث سير تعرضت له سابقاً، وتؤكد أن المرض لم يصل بها إلى المراحل الحرجة، وتستدرك:"الحمد لله الولد سليم لكن من يدري أنني أعيش لأيام قادمات إذا تفاقم مرضي ووصل إلى مراحل حرجة". ولادة آمنة الخبير الوطني في مجال الإيدز دكتور مبشر أبوبكر يرى أن ولادة طفل سليم من أم مريضة بفيروس الإيدز يعد من مبشرات العلاج، غير أنه يُشدد على ضرورة تقيد الكادر الطبي المتابع لعملية ولادة طفل معافى من أم مصابة، بعمل إجراء طبي للأم والطفل معاً "يتلخص في أخذ الأم لعلاجات مضادات لفيروس الإيدز طوال فترة الحمل، وإجراء عملية ولادة قيصرية، وإرضاع الطفل صناعياً دونما أن يتعرض لثدي أمه المصابة مباشرة، مع إخضاعه لفحوصات متواصلة لمدة 8 -12 شهراً للتأكد من سلامته من فيروس الإيدز". ويستبعد مبشر أن ينتقل فيروس الإيدز إلى الجنين من أمه المصابة أثناء الحمل، لكون اتصال الجنين الغذائي بأمه يتم عبر الرشح بعيداً عن أي اختلاط لدمه مع دمها، "علاوة على أن الرحم حصين متين محاط بسائل"أمينوسي" يحمي الجنين من كل جسم غريب بمنطوق القرآن الكريم في سورة المرسلات:( فجعلناه في قرار مكين)، ويبقى التغلب على اختلاط دم الأم الملوث بالعملية القيصرية التي تحول دون ذلك". يؤكد مدير برنامج مكافحة الإيدز بولاية الخرطوم، دكتور ولاء الدين مبارك أن هناك مستشفيات في الخرطوم مثل:(السعودي، التركي، بحري التعليمي، السلاح الطبي، الدايات والشرطة) تركز على تقديم خدمة طبيبة للحوامل المصابات بالإيدز ومساعدتهن على ولادة أطفال معافين من الفيروس. كما يشير إلى أن هناك 15 ألف حالة إيدز مكتشفة في الخرطوم، بواقع 17% من جملة ما يتوقعه البرنامج من إصابات، لتكون ما نسبته حوالي 83% خاف على إحصائيات الصحة بالولاية. وتعد ولاية الخرطوم من أكثر ولايات البلاد المأهولة بالسكان والبالغ تعدادها حوالي 7 مليون نسمة، وتصل أرقام الإصابة بفيروس الإيدز فيها حوالي 15 ألف حالة، بحسب إحصائيات إدارة الإيدز بالولاية، وتُسخر الولاية جهودها في مكافحة الإيدز عبر مراكز التوعية والفحص المجانية البالغ عددها 30 مركزاً للسيطرة على المرض.