عندما يكسرأي شعب عربي حاجز الخوف في أي دولة عربية ويخرج إلى الشوارع ثائراً مطالباً بالخبز والحرية والكرامة بصورة سلمية ورافعاً شعار إصلاح أو اسقاط نظام الحكم الاستبدادي الذي يحتكر لوحده كل السلطة وكل الثروة، وعندما يتصدى أي نظام استبدادي عربي للشعب الثائر الأعزل ويشاهد العالم كله صور جرائم القتل والتعذيب التي تنتهك كل الشرائع والقوانين المحلية والدولية بصورة صارخة، يصبح رد فعل المنظمات الدولية والاقليمية ، ورد فعل الحكومات والشعوب الأخرى على المحك ويصبح الضمير الانساني محل اختبار حقيقي وحاسم! حينما نشاهد كل يوم على شاشات التلفزة صور الأطفال القتلي الذين حصدهم رصاص قوات النظام الاستبدادي في هذه المدينة الثائرة أو تلك ثم نطمئن على سلامة أطفالنا في مخادعهم دون أن نشعر برغبة حقيقية في التنديد بتلك الجرائم الفظيعة ثم ننسى أو نتناسى مذابح الصغار الأبرياء بسرعة حتى لا تنجرح مشاعرنا المرهفة بسكاكين الذكريات المؤلمة، فإن صمتنا المخزي يرقى إلى درجة المساهمة في ارتكاب جرائم دولية بشعة! حينما نشاهد يومياً على شاشات التلفزة الشباب والرجال الذين شاركوا في مظاهرات سلمية وهم مكبلون بالقيود ومجردون من معظم ملابسهم بينما يقفز الجنود على ظهورهم ويركلونهم بقسوة وهم يشتمونهم بأسوأ النعوت والألفاظ الجارحة ثم لا نحرك ساكنا حامدين الله على سلامتنا الشخصية وكرامتنا المحفوظة فإن صمتنا المشين يرقى إلى مستوى المساهمة في ارتكاب جرائم دولية مروعة! حينما نشاهد من وقت لآخر على شاشات التلفزة صور المدنيين من النساء والأطفال والكهول الذين شردتهم يد البطش الأمني وهم يعانون مرارات الجوع والمرض في معسكرات اللاجئين في الدول المجاورة ثم لا يتحرك ضميرنا قيد أنملة وننهمك بعد ذلك في التمتع بمساكننا الآمنة والاستمتاع بما لذ وطاب من الطعام والشراب ، فإن صمتنا المخجل يرقى إلى حد المساهمة في ارتكاب جرائم دولية شائنة! بل أن صمتنا وامتناعنا عن ادانة جرائم قتل وتعذيب الثائرين السلميين قد يؤلم ضحايا الثورات العربية أكثر من أعمال القتل والتعذيب على يد النظام الاستبدادي لأن الصمت والامتناع عن تقديم المساعدة قد يعني مباركة الجرائم المرتكبة وإعطاء الضوء الأخضر لارتكاب المزيد منها، فلماذا تصمت المدن العربية والحكومات العربية وهي تشاهد مدناً عربية أخرى تقصف بالدبابات بغرض قمع ثوراتها السلمية؟! وكيف يتحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عن اصلاحات مزعومة بينما الثائرون السلميون يُقتلون بالعشرات في الشوارع على مدار الساعة؟! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي