إذا وقع الإنفصال وفقد الشمال نصيبه الحالى فى نفط جنوب السودان فإن ذلك يعنى حدوث فجوة ونقصان وشح كبير بالنقد الأجنبى فى شمال السودان وأتوقع أن يصل سعر الدولار الأمريكى فى شمال السودان عشرون جنيهاً سودانياً للدولار الواحد وهذا سوف يترتب عليه الآتى :- (1) إحجام الاستثمارات الأجنبية عن الإستثمار فى شمال السودان وسوق ترحل تلك الموجودة حالياً من شمال السودان الى بلد آخر والسبب ان هذه الإستثمارات لن تجد وفرة فى النقد الأجنبى بشمال السودان تمكنها من تحويل أرباحها للخارج ، والمعلوم ان هدف أى استثمار اجنبى هو أن يربح ويتمكن من تحويل أرباحه للخارج بسهولة ويسر ودون اى قيود أو تعقيدات . (2) نقصاً حاداً فى البنزين وصفوف للعربات أمام محطات البنزين بشكل غير مسبوق لسبب أن أعداد العربات قد تضاعفت عدة مرات وسوف يحتاج الشمال الى استيراد النفط من الخارج وبالأسعارالعالمية وبالتالى سنشهد ارتفاعاً كبيراً فى أسعار كل المحروقات من بنزين الى جازولين الى غاز ... الخ . وصفوفاً لأنابيب الغاز وغالباً ارتفاع بأسعار الكهرباء ذلك لأن تكلفة الوقود لمحطات التوليد الحرارى ستتضاعف . (3) ارتفاع اسعار كل السلع الجاهزة التى يستوردها شمال السودان من الخارج لان المستوردين سوق يشترون العملات الحرة بأسعار مرتفعة جداً وقد يعجز بعض المستوردين عن شراء العملات الحرة فتتوقف أعمالهم لهذا السبب أو لضعف حركة بيعهم للسلع المرتفعة الثمن وتضاءل القدرة الشرائية للمستهلكين . (4) سوف تتعرض بعض المصانع المحلية التى تستورد مدخلات إنتاجها لعجزها عن توفير النقد الأجنبى او بوار سلعها المنتجة محلياً لارتفاع التكلفة بارتفاع اسعار النقد الاجنبى . (5) سوف تزداد تكلفة صادراتنا التلقيدية الزراعية بشقيها النباتى والحيوانى وذلك لارتفاع تكلفة اسعار مدخلات الانتاج الزراعى من سماد ومبيدات حشرية وآليات وخيش بسبب شح النقد الاجنبى وارتفاع اسعاره وبالتالى سوف يقل حجم هذه الصادارت لعدم قدرتها على المنافسة فى الخارج . (6) سوف تعود ندرة الادوية للصيدليات وترتفع اسعارها بما فى ذلك اسعار الأدوية المنقذة للحياة والأجهزة والمعدات الطبية الضرورية للمستشفيات . (7) سوف ترتفع أسعار الرغيف والخبز والمخبوزات لارتفاع اسعار العملات الحرة اللازمة لاستيراد القمح أو الدقيق من الخارج وسوف تعود الصفوف امام المخابز بابشع من السابق لان عدد السكان قد زاد كثيراً ولن يستطيع كثيرون شراء الرغيف . (8) سوف تزيد اسعار الاسبيرات لكل الماكينات سواء للمصانع او العربات وسوف يتأثر سلباً تجار الاسبيرات وتتعطل كثيراً من العربات لشح الاسبيرات وسوف يطال ذلك الاطارات وغيرها من الاسبيرات السريعة الاستهلاك كما سيقل استيراد السلع الراسمالية ماكينات وخلافه مما يعطل التنمية . (9) ستواجه حكومة الشمال صعوبات جمة فى الاستدانة من الخارج لان من يملك موارد بالنقد الاجنبى لا يموله ولا يقرضه الخارج وسوف تتدنى درجة الملاءة الإئتمانية بشمال السودان وسوف يعجز عن الوفاء بسداد ديونه الخارجية ولن يموله أحد ولن يضمنه أحد . (10) سوف تتوقف كثير من مشاريع التنمية والبنيات الاساسية فهذه حتماً تحتاج للنقد الأجنبى ولن تقوم بدونه . (11) ستعود العمالة الأجنبية الى الخارج حتى أولئك الخبراء الذين يحتاجهم شمال السودان لسبب صعوبة تحويل مدخراتهم للخارج . (12) سوف تزداد هجرة السودانيين للخارج بحثاً عن العمل والرزق حتى ولو فى اسرائيل . (13) شركات الاتصالات كلها تربح أرباحاً ضخمة ولن تجد النقد الأجنبى لتحويل أرباحها للخارج وسوف ترتفع اسعار خدماتها كثيراً وقد يلجأ بعضها لشراء النقد الاجنبى من السوق الاسود للعملات الحرة باكثر من عشرين جنيه للدولار وقد يصفى بعضها اعماله فى شمال السودان ويغادر (14) سوف يعجز أولياء أمور الطلاب الدارسون بالخارج تحويل مصاريف الدراسة والأعاشة لابنائهم . (15) سوف يصعب على حكومة شمال السودان سداد رسوم عضويتها فى المنظمات الدولية وقد تضطر لتقليص حجم سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية . (16) قد توقف بعض شركات الطيران الاجنبية رحلاتها الى شمال السودان لعدم توفر النقد الأجنبى لتحويل إستحقاقات التذاكر التى تباع بالجنيه السودانى وسوف يتقلص سفر السودانيين للخارج سواء للسياحة أو العلاج لتضاعف التكلفة لزيادة أسعار النقد الأجنبى . سوف تتناقص ويتضاءل نشاط البنوك فى شمال السودان لتناقص عمليات الاستيراد وبالتالى تناقص ارباح البنوك وسيفقد بعضها خطوط التسهيلات والتمويل من مراسيلها من البنوك الخارجية كما أن التدهور المتوقع بسعر الجنيه السودانى سوف يقلل من مقدار الارباح المحولة للخارج وذلك انهم سيدفعون جنيهات أكثر لشراء النقد الأجنبى . ولقد غادر من قبل بنك الشرق الأوسط السودان لهذا السبب . (17) سوف تتناقص سفريات الوفود للخارج للمشاركة فى الأنشطة الخارجية وكذلك سفريات الوزراء والدستوريين . (18) سوف تعانى الصحف السودانية من عدم توفر الورق والأحبار وارتفاع أسعار مدخلات الصناعة الصحفية التى تستورد من الخارج وترتفع اسعار الصحف ويقل توزيعها وقد يتوقف بعضها عن الصدور . (19) سوف تقل المقدرة على استيراد السلاح حتى ذلك الاستراتيجى والضرورى لحماية البلاد من العدوان الخارجى مما يقلل المقدرة الدفاعية لشمال السودان . (20) قد يعود بنك السودان لنظام مراقبة النقد الأجنبى ( Exchange Control) وهو نظام قيود على النقد الأجنبى وقيود على الاستيراد مما يتعارض مع سياسة التحرير الاقتصادى المطبقة حالياً كما سنعود لنظام دعم السلع الغذائية الرئيسية كالخبز والأدوية المنقذة للحياة . ونظام كروت التموين فى السكر والبنزين وغيرها . (21) ستواجه شركات التامين بصعوبات فى الحصول على النقد الأجنبى اللازم لعمليات أعادة التامين مع الشركات العالمية . (22) سوف يتناقص عدد الصرافات الحالية ويعود السوق الأسود لتجارة العملات الحرة بقوة وإتساع وقد تلجأ الحكومة الى عقوبات قاسية على تجار العملة تقارب تلك العقوبات التى فرضت فى العام 1989م ولكنها بالطبع لن تصل الى عقوبة الأعدام كما حدث فى ذلك الزمان وقد تتزايد عمليات تزوير العملات وتنشط عمليات غسل الأموال . (23) سوف ينقص نصيب شمال السودان فى مياه النيل بما قد لا يكفى النهضة الزراعية . (24) ستلجأ الحكومة لزيادة الضرائب والجبايات وبالتالى تتأزم الظروف المعيشية للمواطنين . محمد رشاد خبير مصرفى Mohamed Abdelrahim [[email protected]]