نيودلهي، الهند – من الحبس بمنزل والديها، إلى قيود نُزُلٍ وضعتها به المحكمة العليا بالهند، إلى وصاية عميد الكلية، تصل الحرية على أقساط إلى هادية، الفتاة الهندية ذات الاربعة وعشرين ربيعاً. استمعت المحكمة العليا في الهند اليوم الاثنين الى هادية، وهي فتاة من عائلة هندوسية ألغت محكمة اولية في وقت سابق من هذا العام زواجها من رجل مسلم. وظلت هادية تحت رعاية والدها منذ ذلك الحين. تقول هادية، طالبة الطب: "أريد أن أحصل على حريتي، لقد رزحت في الحبس غير القانوني لمدة أحد عشر شهرا، أريد أن أكون مواطنة صالحة، اتطلع لاكون طبيبة ممتازة، ولكنني في ذات الوقت أريد أن أعيش وفقا لتعاليم ديني." قضية هادية وأسطورة "جهاد الحب" في الهند تعرفت هادية، التي كانت تعرف سابقا باسمها الهندوسي: أخيلا أسوكان، على الإسلام في يناير الماضي وتزوجت رجلا مسلما في وقت لاحق من ذلك العام على الرغم من معارضة أسرتها. وكان زوج هادية، صفين جهان، قد رفع عريضة إلى المحكمة العليا بالهند يطعن فيها في قرار المحكمة الاولية الذي قضى ببطلان زواجه من هادية. وفي جلستها التي عُقِدت في شهر اغسطس الماضي توقفت المحكمة العليا عن إصدار حكم في القضية، وطلبت، بدلا من ذلك، من وكالة مكافحة الإرهاب في الهند بالتحقيق فيما إذا كان من الممكن تصنيف زواج هادية ضمن ما يعرف ب "جهاد الحب." واتهم ناشطون حقوقيون ومدافعون عن حقوق المرأة في الهند مؤسسات الدولة بإستدامة السردية "الأبوية والإسلاموفوبية" التي تدفع بها الجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة. موقف مخجل من قبل المحكمة العليا في الهند في السنوات الأخيرة، صعدت الجماعات الهندوسية اليمينية المتطرفة حملة ضد ما يعرف ب "جهاد الحب" - وهو مصطلح صكّه ويروج له القائلون باسطورة وجود مؤامرة إسلامية تستخدم الزواج والمال لاستمالة النساء الهندوسيات إلى الاسلام. وادعى والد هادية، آش كم آشوكان، أن ابنته اعتنقت الإسلام كجزء من خطة لإرسالها إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وفي آخر قرار صدر منها، أرسلت المحكمة العليا هادية إلى جامعة في ولاية تاميل نادو في جنوبالهند لمتابعة دراستها بكلية الطب. كما أمرت المحكمة قوات الشرطة الحكومية بضمان أمن وسلامة هادية إلى حين فراغها من دراستها. ويخرج هذا القرار هادية من "حضانة والديها"، التي وصفتها هادية بأنها غير قانونية. وعبرت هادية وهي في طريقها إلى نيودلهي من منزل والديها في كوتايام، عن رغبتها في البقاء مع زوجها. وقال كابيل سيبال، كبير محامي الزوج، للجزيرة إن أمر المحكمة الصادر اليوم يمنح هادية فسحة من الحرية، كما أنه لم يفرض عليها أي قيود. ووصفت كافيتا كريشنان، سكرتيرة جمعية النساء التقدميات فى الهند، قرار المحكمة بأنه ضعيف ومخجل. وأضافت: "لقد حصلت هادية على قدر محدود من الحرية. لقد فشلت المحكمة العليا في القيام بواجبها في حماية حرية هادية التي يكفلها لها الدستور، كنت أتوقع أن تقول المحكمة العليا لهادية:"إذهبي، فأنتي حرة تماما." بأي حق تقول المحكمة لهادية: "يجب ان تلتحقي بهذه الكلية، وعليكي أن تعيشي في هذا المكان!؟" من أعطى المحكمة هذا الحق؟ إن هذا اليوم سيقترن في ذاكرة الناس بشجاعة هادية. إن شجاعة هادية وإصرارها على إيصال صوتها لمن يهمه الامر قد كفلا لها بعض القدر من الحرية". وقال محامي والد هادية إنه يجب على المحكمة أولا أن تتطلع على نتائج التحقيق الذي قامت به وكالة المباحث الاتحادية الهندية حول "جهاد الحب." وكان رئيس المحكمة العليا الهندية قد استدعى هادية الى نيودلهى للادلاء بإفادتها حول ما اذا كانت قد اعتنقت الاسلام عن طريق الإكراه. ويجدر بالذكر أن قوانين الهند تجيز التحول إلى ديانة أخرى بشرط ألا يتم ذلك تحت الإكراه. تحدي البطريركية وقد شكلت معركة هادية تحديا للبطريركية في الهند، كما يقول الناشطون. ولا يزال الرجال والنساء يقتلون في قرى شمال الهند بسبب زواجهم باشخاص من خارج طائفتهم أو من خارج دينهم. كما تتفشى حالات الإجهاض غير القانوني للأجنة الأنثوية وقتل العروسات الشابات من قبل أصهارهن لعدم وفاء ذويهن بمطالب المهر (المترجم: تقضي العادة في كل من الهند وباكستان بالزام أهل العروسة بدفع المهر لاهل العريس!!) وتقول الناشطة كريشنان إن "جهاد الحب" مفهوم يروج له اليمين الهندوسي الذي لا يكن اي "احترام لحق المرأة في حرية الاختيار." وتضيف كريشنان: "في الأشهر الأخيرة، رأيت قنوات تلفزيونية كبيرة تحاول الترويج لهذه الأسطورة، إلا أن الشيء الجديد في قضية هادية هو أن المحكمة العليا في ولاية كيرالا الهندية تصادق على هذه المقولة البطريركية المعادية للاسلام." "إنهم يرون المرأة ملكا للمجتمعات المحلية." ويقول منتقدو حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إن بعبع "جهاد الحب" صنعته جماعات مؤيدة لرئيس الوزراء لتعزيز أجندة هندوسية. وكان مصطلح "جهاد الحب" قد روجت له الجماعات العنصرية التي تؤمن بالتفوق الهندوسي مثل تنظيم راشتريا سوايامزيفاك سانغ والمجموعات التابعة له مثل باجرانج دال وفيشفا هندو باريشاد. وقال موه باغوات، زعيم تنظيم راشتريا سوايامزيفاك سانغ ، في عام 2014: "يجب إطلاع بنات الجيل القادم على حقيقة "جهاد الحب"و تعليمهن سبل إنقاذ أنفسهن من فخاخ أصحاب هذا الجهاد." وشنت الجماعات اليمينية المتطرفة الهندوسية المتحالفة مع حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم حملة ضد النساء الهندوسيات اللائي يتزوجن من رجال مسلمين. شيطنة المسلمين وقال الناشط هارش ماندر: "هذا جزء من محاولة منهجية لدق إسفين كبير بين المسلمين والهندوس." وأضاف: "إن الكراهية بين المجتمعات تقوم دائما على مجموعة من الأساطير. إن فكرة "جهاد الحب"، التي يزعم مروجوها أن الرجال المسلمين يستخدمونها لإغراء النساء الهندوسيات، هي واحدة من هذه الاساطير المغرقة في الغرابة والخيال." يضيف هارش ماندر: "ان تعامل وكالة المباحث الاتحادية فى البلاد والمحكمة العليا ورئيس المحكمة السابقة مع اسطورة "جهاد الحب" بحسبانها خطر جدي وحقيقي أمر مقلق للغاية." وكانت وكالة المباحث الاتحادية الهندية قد اشارت في تقرير رفعته إلى المحكمة العليا إلى حوادث مزعومة وقعت في ولاية كيرالا الهندية حيث "تم التغرير بنساء هندوسيات لاعتناق الإسلام"، بهدف تجنيدهن "لاغراض إرهابية" كما زعموا. وقالت الناشطة في مجال حقوق الانسان، شبنم الهاشمي: "يجب النظر إلى مصطلح "جهاد الحب" بارتياب شديد." واضافت ان "هذه العبارة تستخدم لتشويه سمعة المسلمين في الهند، وقد استخدمت الحكومة الهندية الحالية هذه المقولة بشكل فعال، كما فعلت مع المقولات الاخرى حول قدسية البقرة والحملة التي تدعو لتشييد معبد إله الهندوس: رام رام، في مكانه الاصلي الذي ينهض عليه اليوم أحد مساجد المسلمين بمدينة ايوديا الهندية، وهذه وغيرها أدوات مختلفة يستخدمها النظام لاستقطاب الهنود." * نشر المقال بالانجليزية في موقع: الجزيرة دوت كوم. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.