عالم فلك يفجّر مفاجأة عن الكائنات الفضائية    فيتش تعدل نظرتها المستقبلية لمصر    السيد القائد العام … أبا محمد    اتصال حميدتي (الافتراضى) بالوزير السعودي أثبت لي مجددا وفاته أو (عجزه التام الغامض)    تمندل المليشيا بطلبة العلم    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    ((كل تأخيرة فيها خير))    هيفاء وهبي تثير الجدل بسبب إطلالتها الجريئة في حفل البحرين    قطر.. تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم الصادرة    وصف ب"الخطير"..معارضة في السودان للقرار المثير    والى الخرطوم ينعى نجل رئيس مجلس السيادة    قبل قمة الأحد.. كلوب يتحدث عن تطورات مشكلته مع صلاح    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    وفاة محمد عبدالفتاح البرهان نجل القائد العام للجيش السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوداني يفوز بلقب رجل العام في واشنطون للعام 2009 ... بقلم: خالد موسي دفع الله
نشر في سودانيل يوم 08 - 02 - 2010

لعل الصدفة وحدها، هي التي حملت الفتي اليافع محمد حاج ماجد الي الولايات المتحدة الأمريكية، في صيف 1987 في معية والده العلامة الشيخ حاج ماجد حاج موسي للأستشفاء برعاية كريمة من أكبر المؤسسات الأسلامية في العالم أعترافا بفضله وعلمه. وقد شغل الشيخ حاج ماجد، الذي كان من الرعيل الأول الذي تخرج من الأزهر الشريف، منصب نائب وزير الشئون الدينية والأوقاف في عهد الدكتور الراحل عون الشريف قاسم، وعمل في شئون الفتيا ، ومديرا للشئون الدينية في الأقليم الشمالي ، ومناطق جبال النوبة.وقد أشتهر الشيخ حاج ماجد طوال عمره المديد في الدعوة والأرشاد ، بالتقوي والورع والزهد، وغزارة العلم، والوسطية في منهجه الفقهي.
و لما أستطال به المكث للأستشفاء في الولايات المتحدة، عكف الشيخ حاج ماجد علي تدريس العلوم الأسلامية، وأسندت اليه أمامة مسجد واشنطون الذي تم تأسيسه عام 1957، وتخرج علي يديه العديد من الأئمة منهم الشيخ عبدالله خوج أمام مسجد واشنطون الحالي. تشرب الفتي اليافع محمد حاج ماجد الفقه من فيض ينابيع والده الزاخرة، فكان من خلال مصاحبته اللصيقة لوالده رحمه الله يحرركل الفتاوي والآراء الفقهية التي يقدمها والده للسائلين والمستفتين في القضايا المختلفة، مما أهله للوقوف علي دقائق فنون أستنباط الأحكام، والأدلة لموافاة مقاصد الشرع.. ولعل من أقوي شواهد الفطنة التي ورثها الفتي اليافع محمد ماجد من والده الشيخ ماجد ، هو السؤال الذي تقدم به أحد المسلمين للشيخ ماجد حول حكم أستخدام جهاز المحافظة علي الحياة life support وهو الجهاز الذي يدعم عملية التنفس والحفاظ علي ضربات القلب بعد حدوث الموت الأكلنيكي أي موت الدماغ.فأفتي الشيخ ماجد السائل في حينها أنه لا يجوز إستخدام جهاز الحفاظ علي الحياة لتحقق حالة الموت السريري ، مما يستحيل شفاؤه. فلما أعلن الطبيب المعالج حالة الموت الدماغي للشيخ حاج ماجد، في مستشفي واشنطون ، رفض أبنه محمد ماجد وضع جهاز المحافظة علي الحياة حسب رغبة الطبيب، مستعيدا فتوي والده السابقة بعدم جواز أستخدام هذا الجهاز، ففاضت روحه الي بارئها ، وبقيت منه مضغة صالحة في واشنطون تحمل رسالته وزهده، وعلمه وورعه وتقواه، حتي أستحال الفتي اليافع حينها محمد ماجد من أبرز معالم مجتمع المسلمين في الولايات المتحدة بأسره.
بعد أن أجتهد في تحصيل العلم علي يد كثير من المشايخ، تمت أجازته لتدريس كتاب أحياء علوم الدين للغزالي ، وفتاوي أبن تيمية والعديد من كتب الفقه الأخري.ومن ثم أتم دراسته في بعض كليات وجامعات واشنطون. و بعد أن أنخرط في مجال الأرشاد والدعوة في ربوع الولايات المتحدة، سرعان ما حاز علي لقب (أمام) ، وهو لقب يطلق في الولايات المتحدة، لمن بلغ درجة مرموقة في العلم، وشأوا في التدريس، وعقدت له أمامة المصلين في الصلوات الجامعة في مسجد راتب. عندما برز الأمام محمد ماجد بشخصيته الدعوية المحببة ، وقيادته الدينية الواعية، كان المشهد الأسلامي في أمريكا تتقاسمه عدة أتجاهات ، و تتناكفه عدد من التيارات والمجموعات. ظل الخطاب الأحتجاجي المناؤي لمؤسسات دولة الرجل الأبيض، مسيطرا بفعل التمرد والحس الثوري لجماعات المسلمين الأفارقة رافضا الأندغام في صيرورة الحضارة الغربية والحياة الأمريكية، فأكتسبت حركات الفهود السوداء، وجماعة وارث الدين، وأمة الأسلام بقيادة لويس فراخان رواجا كبيرا لمناكفتها وتمردها علي سلطة الدولة، ونظم المجتمع السائدة. وفي الجانب الآخر أنتشرت مجموعات المسلمين المهاجرين من الشرق الأوسط وآسيا الذين نأوا بمؤسساتهم المستقلة عن تيار الأمريكيين الأفارقة. ولكن ظلت هذه المجموعة شديدة الأرتباط بأوطانها الأصلية مدافعة عن قضايا العالم الأسلامي ، ومشاكله المركزية خاصة قضية فلسطين مما أوقعها تحت مراقبة سلطات أنفاذ القانون التي ترصدتها وكالت لها التهم والجرائم حقا وباطلا. أما المجموعة الثالثة فهي التي حاولت أن تخرج من قصور المجموعتين السابقتين بأعادة تعريف هويتها، وأندغامها في محفل الحياة الأمريكية. فأعلنت في تعريفها لهويتها بأنها تمثل مجموعات المسلمين الأمريكيين، الذين يدينون بالولاء للدستور والقوانيين الأمريكية، ولا يتبنون خطابا أحتجاجيا، ولا يرتبطون بقضايا أوطانهم الأصلية، ولكن هدفهم الأساسي هو ترقية حقوق المسلمين بأعتبارهم أحد مكونات المجتمع الأمريكي، ويمارسون حقهم في حرية التعبير والتدين حسب ما تنص عليه وثيقة الحقوق الأمريكية، وتقع عليهم كل واجبات المواطنة الأمريكية. تحت هذا الجناح، وفي ظل هذا الطرح العقلاني الراشد ترعرت أطروحات الأمام محمد ماجد الدينية والدعوية، فظل خطابه يعبر عن تطلعات الأمريكيين الذين يدينون بدين الأسلام،محاربا التنطع، والتطرف والتشدد أيا كان مصدره سواء جاء من دائرة المسلمين أو اليهود أو المسيحيين. وأكتسب الأمام محمد ماجد شهرة واسعة في الولايات المتحدة بفضل جهوده في ثلاثة مجالات أساسية: الأولي أنه ظل يمثل قيادة دينية واعية وصادقة في التعبير عن قضايا وتحديات مجتمع المسلمين الأمريكيين، متبعا منهجا وسطيا محببا، يمازج بين أحكام ومثل وقيم الأسلام وبين أساليب الحياة الأمريكية المعاصرة.ثانيا: نشاطه وأنخراطه في برامج حوار الأديان مع أصحاب الديانات الأخري من اليهود والمسيحيين، لتعظيم القواسم المشتركة في التسامح ، ومحاربة الكراهية والعيش المشترك كمواطنيين أمريكيين يحتكمون الي دستور واحد.
ثالثا: أكتسب الأمام محمد ماجد شهرة عظيمة ،و نجاحا باهرا في مجال الأستشارات النفسية والدينية والأجتماعية، counseling and social therapy وهو علم أختص به الغرب لعلاج المشاكل النفسية والأجتماعية ، ومشاكل الزواج، والعنف ضد النساء ، والأعتداء علي الأطفال ،والخلافات الأسرية والأدمان، والأرشاد الديني.وأستطاع الأمام محمد ماجد أن يتفرد بمنهج أسلامي مزج بين ما أنتهت اليه الخبرة العلمية في الغرب، وبين مبادئ وقيم الأسلام. وأستطاع أن يضع مرشدا ومنهجا متكاملا لهذا النوع من التطبيب النفسي والأجتماعي الأسلامي حتي صار يدرس في عدد من المراكز الأسلامية والجامعات علي أمتداد الولايات المتحدة. وأستطاع بنشاطه الدؤوب ، ونهجه العلمي ، وأستنارته الدينية أن يسهم في تقليل حوادث العنف ضد النساء في أواسط الأسر المسلمة في منطقة شمال فرجينيا. لهذه الأسباب مجتمعة، صارت أجندة أنشطته الدعوية والأجتماعية مزدحمة طوال العام،وأصبح علي الراغبين في مشاركته، والأستماع الي خطبه ودروسه ووعظه وأرشاده ، أن يتقدموا بطلب لسكرتاريته قبل وقت طويل. وأصبح مطلوبا للحديث في عدد من الجامعات، والمساجد والمراكز الدينية، وجمعيات حوار الأديان، هذا بالأضافة الي مسئولياته الراتبة كنائب لرئيس جمعية مسلمي أمريكا الشمالية ISNA والمدير التنفيذي للمركز الأسلامي في منطقة شمال فرجينيا ، Center ADAMS وهو مركز يضم أتحاد سبعة مساجد في المنطقة. أضافة الي هذه الأنشطة المكثفة، أكتسب الأمام محمد ماجد شهرة أضافية في مجال مخاطبة الشباب، والأجيال الناهضة من أبناء المسلمين. فقد سبقت وأن أجرت صحيفة الواشنطون بوست تحقيقا طريفا حول هوية الأجيال الناهضة من شباب المسلمين، ومدي أندغامهم في مظاهر الحياة الأمريكية. ولما كان أغلب شباب المسلمين يمثلون الجيل الثاني أو الثالث من بلدانهم الأصلية، فقد عبروا عن أستيائهم من نوعية الأرشاد والتوجيه الديني الذي يتلقونه من أئمة المساجد، لضعف ثقافتهم ، وقرب عهدهم بأساليب الحياة الأمريكية. وأكد معظم من أستطلعتهم الصحيفة أنهم يفقدون البوصلة الروحية ، لأنهم لا يستطيعون الأستماع الي توجيه وأرشاد أئمتهم لجهلهم بمبادئ الثقافة وتقاليد الحياة الأمريكية خاصة في الجامعات والمدارس الثانوية مما يضعف تفاعلهم مع الشباب وقضاياه المتجددة. ولكن أستطاع الأمام محمد ماجد أن يطور خطابا عصريا يتناسب مع تطلعات جيل وثقافة هؤلاء الشباب،فهو يشاركهم رياضتهم، وألعابهم، ويستخدم لغتهم وألفاظهم في التعبير عن مرادهم. وسرعان ما ألتفوا حوله، وصاروا يطلبونه للأستماع الي خطبه والأجابة علي أسئلتهم.
ولعل من أشهر معاركه التي غطتها كثير من الصحف المحلية هي أسئلة الشباب عن اللقاءات الغرامية التي تسمي Dating وهي التي تهدف للتعارف ، والأستمزاج الشخصي بحثا عن زوج المستقبل بين الفتيان والفتيات. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز واسعة الأنتشار في تقرير خبري من مدينة شيكاغو ، أن المسلمين أبتكروا برنامجا شبيها باللقاءات الغرامية السريعة التي تنظمها الشركات، والمؤسسات الأجتماعية والتي تسمي speed dating ، وذلك حثا للشباب المسلم علي التعارف، وتسهيلا لأختيار شريكة الحياة وأطلقوا عليه أسم matrimonial banquet لأكسابه الصبغة الأسلامية ، وحتي يبتعد المسلمون عن خدمات التعارف علي شبكة الأنترنت online dating التي تحفل بالكثير من المشاكل والإنحرافات. قالت صحيفة النيويورك تايمز إن هذا الموضوع يشكل حساسية مفرطة وسط الأسر المسلمة في الولايات المتحدة لطبيعتها الأخلاقية المحافظة، ولكن مئات الشباب والأسر الذين أجتمعوا في شيكاغو للأستماع لمحاضرة الأمام محمد ماجد عن قضية تعارف الشباب واللقاءات الغرامية كانوا يقاطعون حديثه بالأعجاب والتصفيق والضحكات لسلاسة أسلوبه ، وجاذبية طريقته،وأستخدامه تعبيراتهم ولغتهم لشرح أعقد القضايا لموافاة مقاصد الشرع. ولخص أمام ماجد المبادئ التي يجب أن ترتكز عليه تربية الأبناء في مرحلة المراهقة، وقال يتوجب علي الآباء أن يديروا حوارا شفافا مع أبنائهم وبناتهم حول محاذير اللقاءات وفق مقضيات المبادئ الأسلامية، مشيرا الي أنه يتوجب علي الأولاد الذكور عدم الحديث مع البنات المسلمات عن الأحاسيس والعواطف إلا في أطار الرغبة في الزواج. أما غير المسلمات فيجوز الحديث العام معهن ولكن شريطة عدم دعوتهن للمنازل للأختلاء بهن لأغراض المؤانسة الخاصة كما هو شائع في الثقافة الأمريكية.وقال الأمام ماجد للصحيفة أن هؤلاء الشباب متجاذبون بين أنفتاحية المجتمع الأمريكي الذي يجوز العلاقات الغرامية والجنسية قبل الزواج، وبين ثقافة وتقاليد الأسر المسلمة المحافظة.وعليه لا بد من أرشادهم للمبادئ الأسلامية الصحيحة للتعامل مع هذه القضايا بوعي وأدراك حتي لا يقع هؤلاء الشباب فريسة بين حجري رحي الثقافتين.
أجتهد الأمام محمد ماجد وأسهم بشكل كبير في محاربة ظاهرة العنف الأسري داخل مجتمعات المسلمين خاصة بعد حادثة أغتيال عائشة حسن البشعة، ووجه خطابا قويا للأئمة، وقادة المجتمع داعيا لتضافر الجهد والتعاون لمحاربة هذه الظاهرة ، ونبه الي أن حماية المرأة من العنف واجب ديني ، وحث الجميع علي توفير الحماية والدعم والمساعدة لضحايا العنف الأسري، وأكد علي أن المرأة التي تطلب الطلاق من زوجها بسبب العنف والأضطهاد والضرر الجسدي يجب أن يقدم لها الدعم والمساندة والتعاطف والنصح والأرشاد، لا أن ينظر لها بأعتبارها ناشز تجلب السبة والمهانة لأسرتها.وطالب المجتمع بتعليم وتوعية الأزواج لأحترام الأسس القرآنية للزواج التي تقوم علي الأحترام والمودة والرحمة والسكينة.بهذا الخطاب الراشد، وبالتعاون مع الوكالات الحكومية المتخصصة، أستطاع الأمام محمد ماجد تدشين حملة قوية لمحاصرة العنف الأسري ضد النساء،وسط مجتمعات المسلمين، ونجح الي حد كبير بمساعدة آخرين في محاصرة الظاهرة بفضل نشر التعاليم الدينية ، وتوعية الأزواج، وأبتدار برامج وورش عمل وتقديم الدعم والمساندة لضحايا العنف.
تمتد تعاليم الأمام محمد ماجد لمحاربة الأرهاب والعنف بكافة أشكاله وأنماطه،وقد صرح في هذا الصدد من خلال منصبه كنائب لرئيس جمعية مسلمي أمريكا الشمالية منددا بحادثة أستهداف متحف الهولوكست بواشنطون في 10 يونيو 2009 ، معتبرا أن حوادث العنف القائمة علي الكراهية والعنصرية تستهدف إستقرار النظام الأجتماعي، وإذا أستفحل هذا النهج فسيكون المسلمون هم أول ضحاياه. وفي مبادرة جريئة بأعتباره قائدا دينيا أمريكيا، قاد الأمام محمد ماجد عددا من أئمة وقادة المسلمين لزيارة متحف الهولوكست، حيث أعربوا عن شجبهم وأدانتهم لمشاعر العداء للسامية، وأنكار حقيقة المحرقة اليهودية. ربما يحتج البعض عن قيادة الأمام محمد ماجد لمبادرة شجب العداء للسامية، ولكن هذه القضية أصبحت من مسلمات الحياة الأمريكية،وبأعتباره مواطنا أمريكيا، وقائدا دينيا لا يمكنه أغفال هذه الحقيقة، وعليه التعامل معها للحفاظ علي مصداقيته وفعاليته وسط المجتمع الأمريكي.ربما يخالف البعض هذا التقدير، ولكن النجاح الأساسي الذي يحسب للأمام محمد ماجد أنه أجتهد في بناء خطاب ومؤسسات تمثل تطلعات و أهداف المسلمين الأمريكيين حسب التقاليد والأعراف والقوانيين الأمريكية السائدة، ولم يجنح لتبني الخطاب الديني المتطرف المستورد من الشرق الأوسط الموبوء بقضايا ومشاكل العالم الأسلامي الثقافية والسياسية والأجتماعية، ولكنه فضل المشاركة في بناء تيار أمريكي أصيل يعبر عن قضايا المسلمين الأمريكيين بأعتبارهم جزءا حيويا وفاعلا في شعاب الحياة الأمريكية العامة. في هذا الصدد كتب أيضا السيد روان سترانبورغ الكاتب المتخصص في الشئون الأمنية ومؤلف كتاب (حرب رامسفيلد) و كتاب (رامسفيلد والس أي أيه) الذي حصل علي جائزة أفضل الكتب مبيعا في قائمة صحيفة النيويورك تايمز- كتب مقالا- في مجلة Human Events في أكتوبر 2009 الماضي حول العلاقات المضطربة بين مجتمعات المسلمين، ووكالات أنفاذ القانون في الولايات المتحدة خاصة وكالة التحقيقات الفيدرالية. وقال إن الوكالات المختصة في حفظ النظام العام، ووكالات أنفاذ القانون الأمريكية ، تحتفي بالنموذج المعتدل الذي يقدمه الأمام محمد ماجد في محاربته للتطرف والتعصب، وأستخدام العنف ، وأشاعة روح السلم والتسامح بين المسلمين والمجموعات الدينية الأخري المكونة للشعب الأمريكي. في 18 نوفمبر 2009 تصدي الأمام محمد ماجد للعلاقة القوية بين حاكم ولاية فرجينيا المنتخب بوب ماكدونيل والقس الأيفاجيليكي بات روبتسون الذي يجاهر بالعداوة والكراهية للمسلمين.وأنتقد الأمام محمد ماجد قبول حاكم ولاية فرجينيا في حملته الأنتخابية تبرعا من القس روبتسون بمبلغ 25 ألف دولار بأعتباره داعيا للكراهية لأنه وصف الأسلام بأنه نظام للعنف السياسي وليس دينا ربانيا. وقال روبتسون الذي أسس منظمة التحالف المسيحي عام 1988 في حملة الكراهية بأن المسلمين الأمريكيين الذين يبلغون ثمانية ملايين يجب أن يعاملوا مثل أعضاء الأحزاب الشيوعية أو الفاشية. ووصف النبي صلي الله عليه وسالم بأنه قاتل ومصاص دماء، كما وصف الأسلام بأنه دين للعبيد ، والنازيين. وطالب الأدارة الأمريكية بعدم تعيين أي مسلم في أجهزة الحكومة المختلفة. وقاد الأمام محمد ماجد حملة أنتقاد شعواء ضد القس روبتسون لأشاعته الكراهية ضد المسلمين، وطالب حاكم ولاية فرجينيا بالتبرؤ من العلاقة السياسية والمالية والأيدلوجية مع القس روبتسون لأن ذلك يقدح في موقفه السياسي والأخلاقي من المسلمين. و طالبه بأن يكون حاكما علي كل الأمريكيين بمن فيهم المسلمين، وألا يقترب سياسيا أو يستلم أموالا وتبرعات مع من يشيع الكراهية ضد أحد مكونات المجتمع الأمريكي الحيوية. وتصدي أمام ماجد من قبل أيضا الي عضو الكونقرس فرانك ولف في شمال فرجينيا عندما حاول أن يتخذ مواقف في الكونقرس تضر بمصالح ومواقف المسلمين في المنطقة.
في أطار جهوده لتجسيير الهوة بين الأدارات الأمريكية المختلفة، ومنظمات المجتمع المدني المسلمة،عقد الأمام محمد ماجد مئات الأجتماعات مع المسئوليين الحكوميين ، وأعضاء الكونقرس لمناقشة العديد من القضايا التي تهم المسلمين، و إلتقي في هذا الصدد في يونيو الماضي 2009 بالرئيس باراك أوباما ضمن القادة الدينيين ، لمناقشة قضايا العنف الأسري مع الرئيس في يوم عيد الأب.وتعد هذه الدعوة تكريما وأعترافا بجهوده في خدمة المجتمع الأمريكي، سيما وأن الأمام محمد ماجد سبق وأن إلتقي بالرئيس السابق جورج بوش في مناسبات مختلفة ضمن قادة المجتمع الديني بالولايات المتحدة. وقد ثمن امام ماجد في تصريحات صحفية مؤخرا من جهود الرئيس أوباما بعد مرور عام علي تسلمه مقاليد الرئاسة في سعيه الحثيث لتدعيم الأتصال بالمسلمين، والأهتمام بقضاياهم، بل وتوظيف نسبة مقدرة منهم في أفرع أدارته المختلفة بما في ذلك وزارة الخارجية والبيت الأبيض.وقال أمام ماجد أنه رغم العثرات وأرتفاع التوقعات الكبيرة لأداء الرئيس في سنته الأولي، إلا أنه يستحق الأشادة لسعيه الجاد للتعاطي الأيجابي مع المسلمين، وأستيعابهم ضمن طاقم أدارته رغم حملة الكراهية التي يقودها بعض المتطرفين ضد المسلمين.
نسبة لكل هذه الجهود والأنجازات التي سردنا منها النذر اليسير، أختارت مجلة Washingtonian في عددها الصادر يوم 1 يناير 2010 الأمام محمد ماجد ليكون شخصية واشنطون للعام 2009 ، مع الراباي موسانشيك لتعاونهما المشترك لترقية التفاهم الديني، ومحاربة الكراهية والعنف المرتبط بدوافع أيدلوجية ودينية Washingtonians of the Year: Imam Mohamed Magid.هذا وقد ظلت هذه المجلة تختار علي مدي الأربعين عاما الماضية أحدي الشخصيات التي قدمت خدمات جليلة للمجتمع ليكون شخصية العام. ويقف علي رأس لجنة أختيار شخصية العام الصحفية المخضرمة ليسلي ملك الحائزة علي عدة جوائز قومية في مجال الصحافة. وجاء في حيثيات الأختيار أن الأعلان عن شخصية العام ربما يكون مميزا بعض الشئ لتضمنه أختيار شخصيتين مسلمة ويهودية في ذات الوقت. ولكن الحقيقة تقول إن كل من الأمام محمد ماجد، والراباي روبرت موسانشيك، من خلال نفوذهما الروحي وقيادتهما الدينية الحكيمة أستطاعا ترقية التفاهم، وأقامة حوارات أيجابية بين معتنقي الديانتين خلال الستة أعوام الماضية. ووقف الرجلان معا لمحاربة العنف، وقاد ذلك التفاهم في أن يستخدم المسلمون غرفة في أحد معابد اليهود في المنطقة لأقامة صلاة الجمعة لعدم توفر مقر آخر. و في أطار مناشط حوار الأديان ، خاطب الراباي نوساشيك أكثر من ألف مصلي عقب صلاة الجمعة ، بينما خاطب الأمام محمد ماجد في ذات المساء مئات اليهود وأسرهم وأطفالهم ، وأبتدر الجانبين مشاريع مشتركة لأيواء المشردين، والأستقامة في تربية الأبناء. وقاد هذا الحوار لترقية وأكتشاف المشتركات، دون أثارة الخلافات الدينية، وقال الأمام محمد ماجد " أن أمريكا هي أنسب الأماكن لترقية التفاهم والتعاون بين الأديان في أطار من الأحترام والحرية، ولهذا نرجو أن يستفيد العالم من هذه التجربة وان يعمل علي تطويرها للتخفيف من غلواء العداء والكراهية والعمل لأشاعة السلام وقيم الحوار المشترك".
حسب الدراسات المتوفرة، خاصة من الدكتورين محمد وقيع الله وأحمد أبو شوك ،هناك ثلاث شخصيات سودانية لعبت دورا مؤثرا في مجال العمل العام والنشاط الدعوي في أمريكا، أولها الشيخ ساتي ماجد الذي يعتبر أول سوداني هاجر الي الولايات المتحدة في الفترة من 1904 الي 1929 وحاز علي لقب شيخ الأسلام بأمريكا الشمالية، ومن ثم الشيخ أحمد حسون الذي عمل في منطقة نيويورك، وأشرف علي عملية تكفين الزعيم مالكوم أكس بعد أغتياله حسب شهادة أليكس هيلي كاتب الجذور، ومحرر مذكرات مالكوم أكس ، وكذلك الدكتور أحمد عثمان الذي حصل علي الدكتوراة في الأقتصاد من جامعة هارفارد وهو الذي تكفل بالتوجيه والأرشاد الفكري لمالكوم أكس حسب دراسة الدكتور محمد وقيع الله الحصيفة (أربعة مؤثرات سودانية في فكر مالكوم أكس). ولكن بلا شك فأن الأمام محمد ماجد يحتل مكانا مرموقا بين هؤلاء لأختطاطه منهجا مختلفا عن سلفه، فهو لم يندغم في التيارات والحركات القائمة علي الأحتجاج والتمرد علي النظام الأمريكي ، ولم يكتف بأساليب الدعوة والأرشاد التقليدية، ولكن طور من حصيلته الفقهية والعلمية بدراسة العلوم الأجتماعية الغربية في المدارس والجامعات الأمريكية، ومن ثم أستنبط منهجا وسطيا معتدلا يقوم علي فقه المقاصد فهو، لا يضع مبادئ وقيم الأسلام في صدام حتمي وتاريخي مع مفردات ومضامين الثقافة الغربية ، بل يمازج بين قيم وأساليب الحياة الأمريكية الموجبة ، ويصبغ عليها آلاء القيم الأسلامية، ويقدم أجابات عصرية لتساؤلات الشباب الذي تأكله الحيرة بين ثقافة المجتمع المفتوح، وفتاوي الشيوخ التقليدية التي تجعل من كل مظاهر الحياة الأمريكية من المحرمات القطعية. ولعل الأنجاز الأكبر في حياة الأمام محمد ماجد الدعوية حتي الآن ليست في تفرده وتميزه في أستنباط مناهج أسلامية للأستشارات النفسية، والدينية والأجتماعية والأسرية، ولا في أنخراطه النشط في برامج حوار الأديان وترقية أسس التعاون المشترك بين معتنقي الديانات المختلفة، وليس في نزع فتيل المواجهة بين المنظمات الأسلامية، ووكالات أنفاذ القانون التي تشكك في كل الأنشطة الأسلامية بدعاوي الأرهاب ودعم الجماعات المتطرفة، ولكن نجاحه الحق يتلخص في تأسيسه – مع آخرين- لتيار أسلامي أمريكي خالص ، خاليا من شوائب ومتعلقات الأجندة المستوردة المتعلقة بقضايا التخلف السياسي والأجتماعي والأقتصادي للمسلمين في أوطانهم الأصلية، فهو قد نأي من التعبير عن مشاكل المسلمين في الشرق الأوسط،لأن المنظمات التي حملت هذه المهمة سقطت وفشلت وجرت علي نفسها أتهامات ما زالت تعاني من آثارها. وركز في المقابل جهده ضمن آخرين في بناء تيار يتمسك بجذوره الأمريكية بحيث يكون معبرا عن تطلعات وطموحات المسلمين الأمريكين، ومخاطبة قضاياهم، وحل مشاكلهم في أطار الأسس الدستورية حسب القوانيين الأمريكية السائدة. وهو بذات القدر لا يستنكف أن ينخرط في حوار الأديان، ويخاطب المصلين اليهود، ويزور الكنائس،ويهاجم المتطرفين، ويشجب العنف ، ويعلن تضامنه مع ضحايا المحرقة اليهودية، ويدين المعادين للسامية. يعود النجاح الذي أصابه الأمام محمد ماجد في بلورة هذا التيار الوسطي الأعتدالي، الي جذور ثقافته السودانية القائمة علي التسامح، والزهد والوسطية والأعتدال، والبعد عن التنطع والغلو، وترجيح فقه المقاصد حسب تنجيم الحوادث وتحولات الأقضية، فهو قد نزع فتيل المواجهة بين القيم الأسلامية ، ومحمولات الثقافة الأجتماعية التقليدية للمجتمعات المسلمة المهاجرة من جهة ، وبين قيم وأساليب الحياة الأمريكية، في الحرية، والمسئولية الأجتماعية، وسيادة دولة القانون، وحفظ حقوق الأنسان، وحماية المرأة من العنف الأسري من جهة أخري.إن الأمام محمد ماجد مدين بهذا النجاح، أضافة للتوفيق الألهي، وعصاميته ودقة فهمه وذكائه، الي روح والده الشفيفة المرحوم الحاج ماجد التي سقته من ينابيع الحكمة، ، ولمدن عطبرة والخرطوم التي منحته هذه الأريحية المتفردة ، ولمزجه المبدع بين الأصالة والمعاصرة، ولوسطية الثقافة والتقاليد الأجتماعية وأعتدال المزاج والتدين السوداني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.