أول المتخرجين من مدرسة الشارع هذه الأيام هو المجلس العسكري الإنتقالي، بعد إكمال دورة دراسية عامة في ثورات الشعوب، ودورة خاصة في ثورة الشعب السوداني، معلم الشعوب. وهذه المدرسة العريقة قد تخرج منها قبله عمر البشير وصعاليكه المتغطرسين (11 أبريل 2019)، وبن عوف (تخرج في يوم واحد)، وجعفر النميري (أبريل 1985) وإبراهيم عبود (أكتوبر 1964) وغيرهم من الغزاة الأجانب. قام المجلس العسكري الإنتقالي بفض الاعتصام في 3 يونيو 2019 بدموية ووحشية غير مسبوقة، وحسب أنه بذلك قد إنتزع من الثوار أقوى أدواتهم التفاوضية، فتنصل من الإتفاقات المبرمة بدعوى انها تفاهمات، وبإدعاء أن هناك قوى أخرى ظهرت في الساحة بعدإلتقاط أنفاسها ولا يمكن إقصاءها. ولم تكن هذه القوى سوى الثورة المضادة المكونة من الكيزان وأحزاب الفكة بواجهات "نصرة الشريعة" و "علماء السودان" وغيرها. انطلق حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري الإنتقالي، يبحث عن التفويض المزوّر، بشراء ذمم زعماء بعض الإدارات الأهلية، وتنظيم لقاءات جماهيرية معهم بحشدهم مع قوات الدعم السريع المخفيين في ملابس مدنية (وحلاقة عسكرية) لإيهام البسطاء والمجتمع الدولي بانه صاحب شعبية تسمح له بإقصاء تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير وتكوين حكومة مدنية على هواه وتنظيم إنتخابات في ظرف تسعة شهور، تسمح له بتزوير إرادة الجماهير وتنصيب نفسه حاكماً أبدياً. لجأت قوى إعلان الحرية والتغيير إلى الشارع الذي لا يخون، فاستجابت الجماهير، وخرجت في مليونيات سلمية هادرة في كل مدن السودان، لم يشهد مثلها (حسب علمنا) السودان ولا اي دولة من دول العالم في العصر الحديث، كما أقر كثير من المعلقين الأجانب في شاشات التلفزة وقنوات التواصل الإجتماعي وأشاروا إلى أن ثورة 19 ديسمبر 2019 مدرسة يجب أن تتعلم منها الشعوب أساليب تنظيم الثورات السلمية والتصميم والجسارة أمام الات الضرب والسحل والقتل والحرق والإغتصاب. هكذا، كسر الشعب السوداني إرادة المجلس العسكري الإنتقالي، المرتهن للخارج، وفرض عليه الرجوع للتفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير وانجاز الاتفاق ألذي أعلن عنه صباح هذا اليوم التاريخي، وخرجت بموجبه الجماهير فرحاً بالإنتصار لدماء شهدائها. لا أود أن أفسد على الجماهير فرحتها مع بداية مشوار إقتطاف ثمار الثورة، الا انني أنبّه إلى ضرورة أن لا ننسى أن المجلس العسكري الإنتقالي ومن خلفه الكيزان سيستخدمون كل إمكانيات الدولة العميقة لإسقاط الحكومة المدنية بالشائعات الكاذبة حول أعضائها وأدائها في ظل الظروف الصعبة التي ستعمل فيها الحكومة المدنية لإنتشال البلد من حالة الكساد الإقتصادي والفقر والجهل والمرض الذي استوطن فيه بفعل الإسلامويين الذين نهبوا مقدّرات الوطن وثروته. ومن أجل هذا فإننا ندعو تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير للمحافظة على تكوينات لجان المقاومة في الأحياء ومخاطبة الجماهير لحثّهم إلى عدم الإلتفات لشائعات الثورة المضادة، والإستمرار في التحلّي باليقظة والإستعداد للعودة للشارع متى ما حاول المجلس العسكري الإلتفاف على إتفاقياته معها بعد أن تهدأ أمواج الثورة وتنطلق سفينة المدنية لإعادة بناء الدولة بتفكيك دولة الإنقاذ العميقة. ونحن على ثقة بأن الجماهير ستعمل للحفاظ على مكتسبات الثورة وإبقاء مدرسة الشارع النموذجية مفتوحة لمن أراد أن ينال درجة الماجستير او الدكتوارة في الثورة السودانية وطرقها السلمية في كسر الطغاة. 5 يوليو 2019 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.