* الخروج أحياناً من معمعان الإنتخابات القادمة في بلادنا يعتبر إستراحة من المزايدات الممجوجة والمكررة التي ترددها كثيرٌ من الأحزاب المتكسلة فتصيبنا بالغثيان لأحد سببين؛ أولهما أن تلك الأحزاب ربما ما زالت تعتقد بسذاجة الناخب الذي لدغ من حجرٍ ثلاث مرات؛ أما السبب الثاني أن تلك الأحزاب ربما تعيش حالة من الإنفصام بحيث أنها لا تدرك بأنها كررت ثلاث مرات ذات الممارسات التي أعابت الممارسة الديمقراطية وتريد من الشعب أن يعطيها الفرصة للمرة الرابعة ويقين الناخب هو ما جاء في المثل القائل(لا يستقيم ذيل .....حتى ولو وضعته في قالب طوب)!! * لذا رأيت من المناسب أن نأخذ إستراحة من سيرك المزايدات والمكايدات الحزبية الإنتخابية لنستفيء تحت ظل كتاب لصحفي فرنسي هو ( جان كلود موريس) وعنوانه ( لوهمست في أذني بهذا فلن أصدقك) حين كان مراسلاً عام1999- 2003 مراسلاً لجريدة ( لو جونال دو ديماش) وقد سجل فيه مكالمات بوش الهاتفية مع الرئيس جاك شيراك يوم كان في سدة الرئاسة الفرنسية يستحثه على دمج الجيش الأمريكي والفرنسي لغزو العراق ؛ فالجميل المضحك هو ما دار بينهما في تلك المكالمات والذي (يفطس) من الضحك. وأنا لست بصدد تلخيص الكتاب ولكن فقط سأورد بعض من الأسباب المضحكة التي حاول بوش الإبن أن يقنع بها جاك شيراك لدمج الجيشان ولكن بعد أن أورد بعض من قراءة الصحفي لأسباب غزو العراق. * قال جان كلود موريس بما يمكن تلخيصه في الآتي :( إذا كنت تعتقد أن أمريكا غزت العراق للبحث عن أسلحة التدمير الشامل فأنت واهم جدا, وان اعتقادك ليس في محله؛ فالأسباب والدوافع الحقيقية لهذا الغزو لا يتصورها العقل؛ بل هي خارج حدود الخيال، وخارج حدود كل التوقعات السياسية والمنطقية، ولا يمكن أن تطرأ على بال الناس العقلاء أبدا. فقد كان الرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش الابن) من اشد المؤمنين بالخرافات الدينية الوثنية البالية، وكان مهووسا منذ نعومة أظفاره بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح, والانغماس في المعتقدات الروحية المريبة، وقراءة الكتب اللاهوتية القديمة، وفي مقدمتها (التوراة), ويجنح بخياله الكهنوتي المضطرب في فضاءات التنبؤات المستقبلية المستمدة من المعابد اليهودية المتطرفة. ويميل إلى استخدام بعض العبارات الغريبة؛ وتكرارها في خطاباته. من مثل: (القضاء على محور الأشرار), و(بؤر الكراهية), و(قوى الظلام), و(ظهور المسيح الدجال), و(شعب الله المختار), و(الهرمجدون), و(فرسان المعبد), ويدعي انه يتلقى يوميا رسائل مشفرة يبعثها إليه (الرب) عن طريق الإيحاءات الروحية, والأحلام الليلية). * أولى المكالمات الهاتفية بين بوش وشيراك تستدعي من التبسم لملاحتها والتي كان أجراها الأول لإقناع الثاني بالمشاركة في الحرب التي شنها على العراق عام 2003 , بذريعة القضاء على (يأجوج ومأجوج) الذين ظهرا في منطقة الشرق الأوسط؛ وتحقيقا لنبوءة وردت في الكتب (المقدشة)؛ ونلفت الانتباه هنا إلى إن لفظ "مقديش" بالشين يعود إلى المصطلح الأكدي الوثني "قديشتو" للتعبير عن كاهنات الدعارة في معبد "مردوخ"!!. * وفي جزء آخر ورد ما نسبه جان كلود على لسان الرئيس شيراك: (تلقيت من الرئيس بوش مكالمة هاتفية في مطلع عام 2003 , فوجئت فيها بالرئيس بوش وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي للقوات المتحالفة ضد العراق؛ مبررا ذلك بتدمير آخر أوكار "يأجوج ومأجوج" , مدعيا إنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط, قرب مدينة (بابل) القديمة؛وأصر على الاشتراك معه في حملته الحربية؛التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة؛ ومؤازرته في تنفيذ هذا ا(لواجب الإلهي المقدس)؛الذي أكدت عليه نبوءات التوراة والإنجيل.!! * ويقول (شيراك): هذه ليست مزحة؛ فقد كنت متحيرا جدا؛ بعد أن صعقتني هذه الخزعبلات والخرافات السخيفة؛ التي يؤمن بها رئيس أعظم دولة في العالم؛ ولم اصدق في حينها إن هذا الرجل بهذا المستوى من السطحية والتفاهة؛ ويحمل هذه العقلية المتخلفة؛ ويؤمن بهذه الأفكار الكهنوتية المتعصبة؛ التي سيحرق بها الشرق الأوسط؛ ويدمر مهد الحضارات الإنسانية، ويجري هذا كله في الوقت الذي صارت فيه العقلانية سيدة المواقف السياسية، وليس هناك مكان للتعامل بالتنبؤات والخرافات والخزعبلات والتنجيم وقراءة الطالع حتى في غابات الشعوب البدائية،ولم يصدق (جاك شيراك)؛ أن أمريكا وحلفائها سيشنون حربا عارمة مدفوعة بتفكير سحري ديني ينبع من مزابل الخرافات المتطرفة؛ وينبعث من كهوف الكنيسة الانجليكانية؛ التي مازالت تقول : (كانت الصهيونية أنشودة مسيحية ثم أصبحت حركة سياسية)!!. * كم كانت دهشة (شيراك) عظيمة عندما سمع (بوش) يخبره في مناسبة أخرى عبر الهاتف، ويقول له حرفيا: ((أنه تلقى وحيا من السماء لإعلان الحرب على العراق‘ لأن يأجوج ومأجوج انبعثا من جديد في العراق, وهو في طريقه إلى مطاردتهما‘ لأنهما ينويان تدمير الغرب المسيحي), وشعر (شيراك) حينها بالخجل والفزع من هذا التبرير السخيف، ومن هذه السذاجة.!! * أن خبل بوش الإبن حفّز (جاك شيراك) ليجد نفسه بحاجة إلى التزود بالمعارف المتوفرة بكل ما تحدثت به التوراة عن يأجوج ومأجوج؛ وطالب المستشارين بمعلومات أكثر دقة من متخصصين في التوراة، على أن لا يكونوا من الفرنسيين, لتفادي حدوث أي خرق أو تسريب في المعلومات، فوجد ضالته في البروفسور (توماس رومر), وهو من علماء الفقه اليهودي في جامعة (لوزان) السويسرية، وأوضح البروفسور: إن يأجوج ومأجوج ورد ذكرهما في سفر (التكوين), في الفصلين الأكثر غموضا، وفيهما إشارات غيبية، تذكر: ((أن يأجوج ومأجوج سيقودان جيوش جرارة لتدمير إسرائيل ومحوها من الوجود، وعندئذ ستهب قوة عظمى لحماية اليهود، في حرب يريدها الرب، وتقضي على يأجوج ومأجوج وجيشيهما ليبدأ العالم بعدها حياة جديدة))!! * يذكر جان كلود في كتابه إن الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها بوش؛ هي الطائفة الأكثر تطرفا في تفسير العهد القديم (التوراة)؛ تتمحور معتقداتها حول ما يسمى بالمنازلة الخرافية الكبرى؛ ويطلقون عليها اصطلاح (الهرمجدون) وهو جبل في فلسطينالمحتلة يعتقد أن شرارة المعركة الكبرى ضد الأشرار (المسلمين) ستندلع منه؛ وهي المعركة المنتظرة؛ التي خططت لها المذاهب اليهودية المتعصبة؛ واستعدوا لخوضها في الشرق الأوسط ؛ ويعتبرونها من المعارك الحتمية الفاصلة؛ وكان سفهاء البنتاغون الذين امتلأت قلوبهم بالحقد والكراهية ضد الإسلام والمسلمين. * أن الرئيس (بوش) المؤمن جدا بهذه العقيدة الشاذة؛ اتصل بالرئيس الفرنسي (شيراك) ذات مرة؛ لحثه على مؤازرته في غزو العراق. قائلا له : (( اسمع يا صديقي شيراك. لقد أخذت على عاتقي تخليص العالم من الدول المارقة والشريرة؛ وسأسعى بكل ما أوتيت من قوة لخوض معركة الهرمجدون هناك) حاشية : والله يا أخوانّا بوش الإبن دا راجل عسل !!... وطبعاً شر البلية ما يضحك ؛ ولكن كل خوفي أن تطلع في راسهم بأن هرمجدون تبدأ دارفور وأن خطأ ما حدث فبدأت من العراق ولا بد من تصحيح الخطأ؟!!! abubakr ibrahim [[email protected]]