أولاً ، ألف سلامة لرئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك لنجاته من الفعل الإرهابي الغادر في البدء في إعتقادي الجازم لم يحظ سياسي سوداني قديماً وحديثاً في التاريخ السياسي السوداني بمثل ما حظي به رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك من توافقٍ ورضاً شعبيٍ واسعٍ يصبو ويتطلع إليه كل سياسي سوداني وهذا من وجهة نظري مسألة "لا ينتطح فيها عسكريان"، أيضاً هناك أمرآخر، أنّ لهذا الرجل سمعة وموقع حسن مميّزأ إقليمياً ودولياً كما هو معلوم بحكم عمله في منظمات عالمية معروفة ومرموقة ، لذا كانت محاولة إغتياله الفاشلة قد لاقت صدىً واسعاً إستنكاراً وإدانة وتنديداً محلياً ودولياً . نحن نعلم لماذا د.عبد الله حمدوك رئيس "مدني" أي ليس عسكرياً كما هو غير معتاد في ظل الحكومات السابقة التي تربع علي عروشها العسكر منذ إستقلال السودان وحتي قبيل ثورة ديسمبر المجيدة . طيلة هذه الفترة التي لم تحظ بحكمٍ مدنيٍ ديمقراطيٍ سوى بضع سنوات لم تكن كافية لجس نبض الديموقراطية في السودان بإعتبارها أمر ناجح وسائد في معظم الدول المتقدمة في عالمنا المعاصر. كان حكم العسكر المتعاقب علي السودان وبالأ بل دماراً وإنحطاطاً علي كل المستويات السياسية الإقتصادية الثقافية الإجتماعية ، يشهد علي ذلك تلك الثلاث عقود الأخيرة التي ساد فيها الحكم العسكري الإسلاموي التوتاليتاري الإستبدادي بكل أساليبه القمعية الوحشية والتي عانى فيها الشعب السوداني الأمرين . من وجهة نظري لهذا المسألة أعني بها العسكري والإسلاموي ، يرجع ذلك إلي أمرين أساسّين يكمنان في الإلتقاء الدّوغماتيقي المشترك في التّحجر والجزمية والغطرسة العقلية العسكرية والعقلية الإسلاموية بإعتبار أنهما ينبعان من عقيدتين قطعيتين (إفعل ولا تسأل ) تستندان علي جمود فكري وقناعات مبادئ لاتحتمل السؤال والإستفسار مع شعورمفرط شبيه بجنون العظمة "ميغالومنيا " هذا مايجعلهما غير قابلتين للنقد والرأي الآخر، ولا حاجة لي مرة أخري أن أذكر حكومة الإنقاذ البائدة بشقيها العسكري والأسلاموي في إمتلاك الحقيقة وسجونها وبيوت أشباحها لمخالفي الرأي بالرجوع إلي كنه العسكرية السودانية وشهوتها النافذة إلي السلطة وتعلقها وتشبثها بها إضافة إلي ماعنيناه أعلاها بعقليتها الدوغماتيقية ، ساعد الأمر من وجهة نظري أيضاً التربية السيئة الفوقية الإستعلائية في تمجيد العسكر لأنفسهم أوتمجيد العامة للعسكر وما تكرّس في فهمهم من قناعة مفرطة بأحقيتهم وجدارتهم بالسلطة وحكم البلاد ، يرجع أيضاً في إعتقادي إلي ضعف التعليم الآكاديمي أوعدمه وكذلك ضعف البعد الثقافي بين العسكر في نظرتهم إلي إستسهال حكم السودان بكل إشكالاته وصعوباته المعقدة المختلفة ، يشترك في ذلك حتي من إلتحق بالكليات الآكاديمية العسكرية ، بالطبع هناك إستثناء حالات نادرة بين العسكر من برز في مجال الأدب والشعر وغيره . بيد أنني أتحدث بشكل عام ونحن نعلم جيداً عن كيفية شروط الإلتحاق بوظيفة العسكر السوداني وعن الغالبية منهم من لم يدخل أصلاً مدرسة في حياته وما يترتب علي ذلك من" عقد نفسية " تتمحور في ألية دفاعية تعويضية تجاه أمر سالب يحس به الفرد في نفسه مما يدفعه إلي النظر بشئ من الدونية للأخر فيما يظن أنه متفوق عليه ، لذا نري تلك النظرة الدونية المستهجنة من قبل العسكر بشكل جازم تجاه المدنية والمدنيين أي كان مستوى تعليمهم ومؤهلاتهم الآكاديمية العليا وقدراتهم الإدارية في السلطة والحكم بإعتبارهم في نظر العسكر أفندية ( بتاعين ضلله وراحات ) مع مايظنونه من تنظير فكري وفلسفة فارغة لا يصلحون لإدارة الدولة أو أي أمرآخرمقارنة بالعسكر وبجديتهم وقوتهم وشجاعتهم وحمايتهم للوطن والدفاع عنه والزود عن كرامته سواء كان ذلك عن طريق الحماية من عدوان خارجي أو التربع علي عرش السلطة التي لايستحقها المدنيين لابسي البدل والكرفتة والبنطال معتادي المكاتب " المكندشة " الذين لا يستطيعون مجابهة الصِّعاب كما يرى العسكر. أيضاً يجهل العسكر بحكم ما اشرنا إليه أعلاه من تربية سيئة بأن الوظيفة العسكرية لا تختلف في جوهر وطنيتها في الدولة عن وظيفة الأفندي ، الموظف ، المدرس ، العامل فى المصنع ، المزارع في المزرعة ..إلخ ، بإعتبار أن الدولة بنية عضوية تعمل عناصرها متحدة متكاملة أي خلل أو فقدان عنصر من عناصرها قد يشل من حركة الدولة في شكلها العام . من جهة أخري أيضاً فيما يخص العسكر وشعورهم بعلو مكانتهم ، ساعدهم علي ذلك في إعتقادي بقدرما ، مايحفل به التراث والأغاني السودانية في تمجيد العسكر سواء كان ذلك من خلال فرض فن بعينه أو كان فناً شعبياً تلقائياً ناتج عن مستوى شعوري فطير غير مدرك لمفهوم العسكر السلطوية في الحكم أو في السلوك العام للعسكر تجاه الجماهير. الجدير بالذكر فيما أعتقد ، يقابل ذلك نظرة دونية مستهجنة أيضاً من الإتجاه الآخر أي من قبل الكثير من المدنيين تجاه العسكر بإعتبارهم كائنات وحشية بربرية همجية لا يجيدون غير لغة السلاح والحرب والقتل ، أغبياء بلداء من مثل ما تعنيه بعض العبارات المشهورة المتداولة عند بعض الشعوب الأخري عن عقلية العسكر بأنهم لا يعرفون سوى الحرب الخمر والنساء . في واقع الحال قد لا يخفي علي أحد مابرز علي السطح في أوساط المدنيين وجماهير الشعب عامة ضد العسكر في حالتنا السودانية الراهنة والذي أُمٍيط لثامها جلياً بعد المجزرة البشعة الشهيرة وتلك الفعلة الوحشية اللا إنسانية التي يندى لها الجبين الحي . تلك الحادثة التاريخية التي شهدتها ساحة الإعتصام وما حدث فيها من ذبح وقتل وإغتصاب ورمي للجثث في النيل ، كل ذلك وغيره سواء كان بفعل العسكر من جيش وجنجويد وشرطة وأمن أو كان ذلك بفعل غيرهم ووقوفهم فرّاجة علي هذا الفعل ، في كلا الحالتين لا يغير من الأمر شيئاً في نظرتنا إلي هذا الموقف المخزئ. تلك الحادثة التي لازالت وستظل أثارها النفسية السيئة باقية إلي يومنا هذا بل ستظل بقعة سوداء قاتمة تلطخ تاريخ العسكرية السودانية والذي هو أصلاً ملطخ سلفاً كما أشرنا أنفاً ، لذلك نسمع كثيراً من عدم الثقة بل السخرية بالعسكر والتّندر المتكرر بهم من قبل شرائح معتبرة من الجماهير السودانية في كثير من المناسبات بذكر حلايب والفشقة كتنفيس عن السخط و نكاية بالعسكر. زياد علي ذلك فقد نما بين الجماهير قبل الثورة وبعدها إعتقادات وإنتقادٌات لاذعة متكررة بأن العسكر لا يعنيه أهمية الشعب السوداني من قريب أو بعيد بقدرما يعنيه خدمة بنود ومخططات جهات أجنبية خارجية كما كان أيضاً في عهد الحكم البائد وسياسة المحاور بعيداً عن أي ولاء وأهداف وطنية تحدد دور الجيش ومهامه في السلم والحرب وغايته القصوى في حماية الوطن والشعب من كافة الأخطار خارجية كانت أو داخلية. لذا نسمع كثيراً الإصرار والإلحاح في المنادة المتكررة بعودة الجيش السوداني "الجنجويد "من اليمن الذين تصفهم بعض الشعوب بالمرتزقة طلباً للمال الذي يصب في جيوب مستخدميهم أعني بايِعِيهم كما يشاع ويروي البعض وليس لأي سبب أخر غير ذلك . إلحاقاً للمشهد أعلاه ، رغم تشكيل الحكومة بشقيها المدني والعسكري وفق "الوثيقة الدستورية " المتجادل حولها والمغضوب عليها من قبل الكثيرين وما يعتورها من خلل وثغرات كما يري الكثيرون إضافة لما يشاع عن عدم الإنسجام بين الشقين المدني والعسكري ، مع إزدياد النشاطات العدائية المختلفة من قبل قوى الظلام من فلول الحكم البائد وأذيالها من المنتفعين وبشتي الأساليب والطرق البائسة لإسقاط (حكومة حمدوك) تأتي محاولة الإغتيال الفاشلة والتي يصفها أعداء الثورة وحكومتها غلوأ بالمسرحية المتعمدة تأتي هذه العملية الفاشلة تتويجاً لمحاولات فاشلة أيضاً كانت مستمرة ومتكررة تباعاً كخلق الأزمات المتعددة والمتتالية في وجه الحكومة بهدف إسقاطها. أستخلاصاً لكل ذلك وما أشرنا إليه أعلاه فيما يحظي به د. حمدوك من شعبية كاسحة ومن تنديد وإستنكار واسع محلياً ودولياً لمحاولة الإغتيال ، لنا أن نتساءل عن رأي الشق العسكري في الحكم ومايدور بخلدهم حول عملية الإغتيال هذه ، واضعين في الإعتبار ذكرى موقفهم السابق والمعلوم وملابساته ضد الثورة وعن عمليه فض الإعتصام ( حدس ماحدس ) وتحرياتها التي مازالت في رحم الغيب هل سيقول العسكر لقد حدث ماحدث لو نجحت عملية إغتيال د. حمدوك ؟ هل عملية الإغتيال الفاشلة لد. حمدوك (المدني ) تهمهم أو تعنيهم بشئ بحكم أنهم عسكر كانوا ضمن شلة الحكم البائد وما يعني ذلك بالنسبة إليهم ، إضافة لما يجدونه من تشببٍ غزلٍ صريح من بعض قوى الحكم البائد الذين لا زالوا يحلمون بعودة تاريخهم البائس التعيس ؟ إضافة أيضاً ما يمكن أن ينتج عن ذلك من غيرة سياسية عسكرية بسبب شعبية حمدوك مقارنة برأي الجماهير السالب تجاه العسكر وعدم الثقة بهم ؟ ماذا عن مسؤلية الشق العسكري فيما يخص الأمن حول عملية الإغتيال بإعتبارهم الجهة المنوط بها والمتعلقة بحفظ أمن الأفراد علي رأس الدولة أو عامة الشعب ؟ كيف النظر إلي عملية الإغتيال هذه في ظل سيطرة الشق العسكري وأدارته للحكم مع ضعف الشق المدني كما يري الكثيرون أن أدارة الدولة الأن في يد العسكر وليس الشق المدني سوى " تمومة جرتق" أو كومبارس يؤدون أدوار ثانوية رهن إشارة سبابة العسكر؟ هناك أسئلة كثيرة يجب طرحها حول عملية الإغتيال الفاشلة وغيرها في بلد ملبدة سماء مستقبله بالدكينات الركام من الأحداث القادم للموضوع بقية عوض شيخ إدريس حسن ولاية أريزونا امريكا عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.