بسم الله الرحمن الرحيم أصبح سيف المحكمة الجنائية مسلطا على رقابنا كلما لاحت أي مفاوضات سلام أو نفذت القوات المسلحة هجوما لأحد الفصائل المتمردة أو تم تنصيب الرئيس السوداني لفترة رئاسية ثانية . ويتم ذلك لصالح مؤامرة تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية باستهداف زعامته مستخدمة مجلس الذي لم يحول أي قضية إلى المحكمة إلا السودان . جمعينا يدرك أن مبرر وجود المحاكم الدولية هي العدالة وحماية الضعفاء ومبرر وجود مجلس الأمن الدولي هو حفظ السلم والأمن الدوليين ولو طبقت المعايير التي أنشئت من اجلها هذه الأجهزة لأصطف كل عقلاء العالم حولها . لكن بكل أسف أصبحت المحكمة الجنائية أداة صراع موازين القوى لوجود فارق كبير بين المشروعية المستمدة من النظام الدولي ونظام الهيمنة المطبق حالياً على الدول الضعيفة لإذلالها مما أدى إلى تشابك بين العناصر السياسية والقانونية وازدواجية المعايير وبالتالي خضوع المحكمة الجنائية لمجلس الأمن الذي يتعارض مع مبدأ استقلالية وعدالة المحكمة . من المعلوم أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت بموجب اتفاقية دولية تسمى اتفاقية روما وتعتبر منظمة قضائية دولية مستقلة عن الأممالمتحدة بهدف تحقيق العدالة وذلك بمحاكمتها للأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان . فهي بذلك تختلف عن محكمة العدل الدولية التي هي ذراع تابع للأمم المتحدة تهدف لحل النزاعات بين الدول . ولا يخفى على أحد أن مذكرة الاعتقال التي صدرت في مواجهة الرئيس السوداني بناءً على إحالة مجلس الأمن الأوضاع في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية باعتبارها تهديداً للسلم والأمن الدوليين تمت دون مراعاة لمبادئ القانون الدولي المقررة في ميثاق الأممالمتحدة والذي صادق عليها السودان وأصبح عضواً بمنظومة الأممالمتحدة منذ استقلاله . ويمكننا سرد مبادئ القانون الدولي في النقاط التالية : - - جميعنا يدرك أن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت بموجب اتفاقية دولية وان السودان قد وقع على اتفاق روما الذي أنشئت بموجبه المحكمة ولم يصادق عليه وبحسب الدستور السوداني الذي يعتبر المصادقة شرطاً أساسيا للالتزام بأحكام الاتفاقية إضافة إلى أن المحكمة عند إصدارها لمذكرة الاعتقال لم تحتكم في نصوصها لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات التي تعتبر المرجعية ومذكرة تفسيرية لكل المعاهدات الدولية التي تبرم بين الدول . وقد نصت اتفاقية فيينا باحترام سيادة الدول وان المصادقة على نصوص أي اتفاقية يتم وفقاً للدستور الداخلي لكل دولة وفقاً لمبادئ حرية الإرادة وقاعدة العقد شريعة المتعاقدين المعترف بها عالمياً . - ومن مبادئ القانون الدولي المقررة بميثاق الأممالمتحدة يتمثل في الحقوق المتساوية وتقرير الشعوب لمصيرها والمساواة في السيادة ووحدة أراضيها واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وينعقد لمجلس الأمن الاختصاص للتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وفقاً لميثاق الأممالمتحدة عند وجود تهديد للسلم والأمن الدوليين ومن ثم رفع الحالة للمحكمة الجنائية الدولية فينعقد لها الاختصاص التكميلي بناءً على شروط محددة في ميثاق اتفاقية روما والمتمثل في انهيار النظام الداخلي للدولة او عدم رغبة الدولة في محاكمة مجرميها . وأود تحليل الوقائع بإقليم دارفور ووضعها في الإطار القانوني المناسب وصولاً لعدم اختصاص المحكمة : المحكمة الجنائية الدولية ليست من أجهزة الأممالمتحدة حتى يحال إليها حالة عضو بالأممالمتحدة وكنت قد ذكرت بأن السودان عضواً بمنظومة الأممالمتحدة وليس عضواً بالمحكمة الجنائية الدولية فأصبحت بذلك المحكمة خاضعة لمجلس الأمن وهذا يتعارض مع مبدأ الاستقلالية وعدالة المحكمة والنزاع في إقليم دارفور ينحصر بإقليم محدد ولم يمتد أثره لبقية الأراضي السودانية ناهيك عن امتداده لخارج نطاق السودان وبذلك لم يشكل تهديداً للسلم والأمن الدولي لم تستطيع المحكمة الجنائية إثبات انهيار النظام القضائي السوداني. وقد زار وفد من كبار المسئولين في المحكمة الجنائية الدولية وزير العدل ورئيس القضاء وتأكدوا من كفاءة الأجهزة العدلية وتفاعلها مع القضايا . وخيراً ما فعل المشرع السوداني عند نصه في قانون القوات المسلحة لسنة 2007م والتعديلات التي أدخلت في القانون الجنائي لسنة 1991م على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية . وليت المسئولون العرب والزعماء السياسيين يستطيعون قراءة الأحداث فيلتحمون بشعوبهم ليكونوا قوة لا يستهان بها حتى لا نشارك بخضوعنا لكل ما يحدث لنا والله الموفق .