قبل أيام بدأت سفن أسطول الحرية تتجمع في أطراف البحر الأبيض المتوسط من مختلف دول العالم في محاولة إنسانية شجاعة لكسر الحصار الجائر على قطاع غزة ذلك الحصار الذي يُعتبر بكل المقاييس أكبر جريمة حرب وأكبر جريمة ضد الإنسانية في العصر الحديث! فجأة ودون سابق انذار شنت إسرائيل هجوماً عنيفاً على اسطول الحرية رغم أنه كان ما يزال متواجداً في المياه الدولية وارتكبت محرقة جديدة بحق القانون الدولي عندما قتلت تسعة عشر من أنصار اسطول الحرية واقتادت معظم سفن الاسطول إلى السجون الإسرائيلية! من المؤكد أن أسطول الحرية رغم عدم تمكنه من كسر الحصار الجائر على قطاع غزة إلا أنه قد لقن إسرائيل دروساً سياسية قاسية حتى بعد جرجرته إلى داخل السجون الإسرائيلية ، ولعل المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بعد وقوع حادثة القرصنة الدولية الاسرائيلية أكبر دليل على ذلك ، فقد تجلى المشهد الأول في اتساع رد الفعل العالمي الأولي على المجزرة بشكل غير مسبوق فقد هاجت معظم مدن العالم واجتاحتها مظاهرات عارمة حاصرت السفارات الاسرائيلية وهتفت ضد المحرقة الجديدة التي مارستها إسرائيل في عرض البحر الابيض المتوسط ضد أسطول الحرية لأن الاعتداء لم يكن على شخصيات عربية أو إسلامية فحسب بل طال أيضاً شخصيات غربية من بينها سفير أمريكي سابق! أما المشهد الثاني وهو أن الاعتداء على سفينة مرمرة التركية قد تم تفسيره من جانب تركيا على أنه استفزاز عسكري مقصود وصرحت حكومة تركيا على لسان أكبر قيادييها السياسيين بأن تركيا لن تسمح للحادث بأن يمر مرور الكرام ، هذا الموقف التركي المتفجر يأتي خصماً على التحالف الاستراتيجي بين تركيا وإسرائيل المدعوم بغطاء أمريكي! أما المشهد الثالث فقد أعلنت مصر فتح المعابر يومياً في أوقات محددة إلى حين إشعار آخر ، هذا المشهد يُعتبر لطمة قوية في وجه الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة ويُعتبر بداية واقعية لكسر الحصار لأن كل من هبّ ودبّ يعرف أن حصار إسرائيل لغزة سيفشل حتماً إذا فتحت مصر معبر رفح مع القطاع بشكل دائم! أما المشهد الرابع فهو وصول دول العالم الثالث إلى قناعة سياسية دولية راسخة بعدم جدوى وجود مجلس الأمن الدولي الذي صار وجوده عبئاً ثقيلاً على العدالة الدولية بسبب وقوعه في براثن الفيتو الأمريكي الذي يُستخدم دائماً لصالح إسرائيل، فكيف يكون مجلس الأمن الدولي مسؤولاً عن حماية القانون الدولي ثم يقوم باصدار قرار دولي ضعيف لا يُحمل إسرائيل المسؤولية القانونية عن محرقة القانون الدولي التي ارتكبتها في المياه الدولية تحت سمع وبصر مجلس الأمن وإنما يعزوها إلى أفعال أدت إلى وقوع كارثة إنسانية؟! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر