ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبريل باسوليه: في بلاد العميان ، الأعور يصير ملكا ... بقلم: ثروت قاسم
نشر في سودانيل يوم 05 - 06 - 2010


[email protected]
مقدمة:-
الوصول الي طريق مسدود في مشكلة دارفور , واتهام الدكتور خليل ابراهيم للوسيط الدولي جبريل باسوليه بانه ( غير نافع ؟ ) , دفعنا لاعادة نشر مقالة , تم نشرها أول مرة في يوم الاثنين الموافق 25 اغسطس 2008.
معالي السيد جبريل باسوليه:
في يوم 30 يونيو 2008 ، تم تعيين معالي السيد جبريل باسوليه ، كبير وسطاء الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقى لأقليم دارفور , ليحل محل تيم الوساطة الثنائي المكون من السويدي جان الياسون , ممثلا للامم المتحدة , والتنزاني سالم احمد سالم , ممثلا للاتحاد الافريقي . وقد بدأ معاليه عمله الرسمي من الفاشر في يوم الاثنين الموافق 25 اغسطس 2008.
قبل تعيينه لهذا المنصب المرسوق ، كان معاليه يشغل منصب وزير خارجية بلده بوركينا فاسو, فى غرب أفريقيا .
في هذه المقال نحاول أن نستعرض مؤهلات وخبرة معاليه, اللتين رشحتاه لهذه المهمة الصعبة ، متوخين الموضوعية ، ومصلحة ضحايا محنة دارفور ، الذين يعتمدون على معاليه لإنقاذهم من جحيم دارفور .
معاليه لا يجيد التحدث لا بالعربية ولا بالأنجليزية :-
قال معالي السيد جبريل انه لايؤمن كثيرا" بجدوى المؤتمرات ، والأجتماعات الموسعة لحلحلة مشكلة دارفور ، ويفضل اللقاءات الثنائية, لردم هوة عدم الثقة بين الأطراف كافه . ولكن للأسف معاليه يتحدث فقط اللغة الفرنسية ، ولا يجيد التحدث لا باللغة العربية, ولا باللغة الأنجليزية . وربما لاحظت ، يا هذا ، أنه يتحدث بمساعدة مترجم فورى ، من الفرنسية الى العربية وبالعكس .
ويحق لك أن تتسال: كيف يمكن لمعاليه أن يعقد لقاءات ثنائية, ويقيم علاقات شخصية ، وصداقات مع ممثلى حكومة السودان وزعماء المتمردين ، وهو يتكلم معهم من خلال مترجم فوري . ثم إن كل زعماء المتمردين يعيشون في الشتات, في بلاد الله الواسعة ، فى أوربا وافريقيا . وقطعا سوف يحتاج معاليه للتحدث معهم من خلال التلفون . فكيف يتم ذلك ؟
يتحدث المترجم الفورى مع الزعيم المتمرد ، ثم ينقل كلام الزعيم لمعاليه ، ثم يترجم كلام معاليه للزعيم المتمرد . بهذا نكون قد فقدنا خصوصية العلاقة بين معاليه والزعيم المتمرد .
المترجم الفوري يمثل حائطا" يفصل بين معاليه, والزعيم المتمرد أو ممثل الحكومة . الزعيم المتمرد لن يكون شفافا" ، ويفتح قلبه وعقله للمترجم الفوري . سوف يشعر الزعيم المتمرد ان المترجم الفورى شخص غيرمؤتمن , وربما كان جنجوديا" مزروعا" من قبل الحكومة . وقد رأينا كيف أغتال اللاجئون الدارفوريون بعض المترجمين ، خطأ ودون وجه حق ، أذ يعتبرونهم من الجنجويد . ولا يمكن أن تغير من مفاهيم هؤلاء القوم ، سواء اللاجئين في المعسكرات, أو زعماء الشتات ، مهما أوتيت من بلاغة وحكمة .
عندما يختلى المرء بزوجته ، لا يستطيع أن يفعل شيئا", مع وجود طرف ثالث عزول . المترجم الفوري هو ذلك الطرف الثالث العزول بين معاليه وزعماء المتمردين وممثلى حكومة السودان .
لن يستطيع معاليه أن يفعل شيئا ؟
وجود المترجم الفوري يلغى الخصوصية ، ويجعل المحادثات بين معاليه والإطراف المتحاربة ، محادثات رسمية ، جافة ، ليس فيها أخذ وعطاء ، وشيلنى وأشيلك ، وباركها يا حاج ، وعشان خاطرى ، وأنا زولك وصاحبك وعاوز مصلحتك فاسمع كلامى ؟ تصبح محادثات معاليه وكأنها مراسلات بريدية أو الكترونية ، وتفقد النكهة الشخصية, والحميمية اللازمة لنجاح مهمة معاليه .
أفريقيا حبلى بالوسطاء المؤهلين الذين يجيدون التحدث أما بالعربية أو الأنجليزية ، فلماذا الأصرار على أختيار معاليه ؟
الأجابة على هذا السؤال تجدها فيما بعد في هذه المقالة .
يمكننا القول بأن مهمة معاليه قد فشلت قبل أن تبدأ ؟ .
معاليه لم يتلق أي دراسات جامعية :
معالي السيد جبريل لم يتلق تعليما" جامعيا" ، فهو لم يدخل أى جامعة فى حياته ! كما أنه لم يتلق أى دراسات أكاديمية متخصصة مثلا" فى : حلحلة النزاعات أو منهجية الوساطات ، لتؤهله لموقعه الحالى .
ونحن نقر بأن التعليم الجامعى ليس شرطا" لازما" لوظيفة الوسيط الدولى ! ولكن يجدر بنا أن ناخذالأعتبارات الأتية فى الحسبان :-
أولا :-
التعليم الجامعى مفتاح للمعارف الأنسانية يوسع المواعين الضيقة ، وينمى حب الاطلاع والقراءة عند الخريج, فتتفتح مداركه، وتكون نظرته لمختلف الأمور أكثر شموليه ، مما يمكنه من تحديد المشاكل, ثم النظر فى أنجح الطرق لحلها . التعليم الجامعى ليس هدفا فى حد ذاته ، بل معبر ومفتاحا" لفضاء العلم الرحب الذى يرفد العقل ، ويغذيه, ويجعله قادرا" على استيعاب المشاكل , وابتكارا أنجح السبل لحلها .
ثانيا" : -
معظم زعماء المتمردين, وكل ممثلى حكومة السودان من الخريجين, بل بعضهم يحمل درجة الدكتوراة فى مجال تخصصه. وقد لا ينظرون بكثير من التجلة, والأحترام , والتقدير لوسيط دولى لا يملك على أبسط مقومات العلم, المتمثل فى الشهادة الجامعية . فيفقد الوسيط الدولى غير الخريج هيبته بين الأطراف المتنازعة, وتفشل مهمته .
ثالثا" :-
معالى السيد جبريل رجل عسكرى. وطبعا" يمكن للعسكرى الأستيلاء على السلطة فى بلده بقوة السلاح, وأن يفرض نفسه على شعبه من خلال فوهة البندقية ، ويصبح وزيرا" للخارجية , أو وزيرا " للأمن . يمكن للرجل العسكري أن يفعل ذلك في بلده ، وليس لدينا أي اعتراض على ذلك ، مادام كل ذلك يحدث داخل بلده . ولكن لايجوز للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي, أن ينزلا على دارفور وسيطا" عسكريا" بالبراشوت ، ويتم فرضه على الأطراف المتحاربة, وكأننا بصدد انقلاب عسكري . أذا لم يكن لحكومة السودان, أو الأطراف المتحاربة دور في الموافقة على الوسيط ، فعلى الأقل يتحتم على الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي اختيار الرجل المناسب لحلحلة هذه المحنة, التي لا يزال أوارها يستعر .
رابعا" :-
في الثقافة السودانية ، أوائل الطلبة يذهبون للجامعة بمختلف تخصصاتها ، ثم الحتالة تذهب للكلية الحربية . في الثقافة السودانية ، خريج الجامعة له مكانه أجتماعية خاصة ، لانه مفروض أن يملك على مفاتيح المعرفة والحكمة . ومن أوتى الحكمة فقد أوتى خيرا" كثيرا" . ولا عجب ففي السودان, وفى معظم البلاد الأفريقية , فأن ثورات التحرير من قبضة الاستعمار البغيض, قد قادها الخريجون, لأن التعليم الجامعي قد فتح بصائرهم, وأنار أمامهم الدرب .
وعليه فإن الجميع يتوقع من الوسيط الدولي أن يكون ذا عقليه مكنته من ولوج الجامعة, حتى يتمكن من تفهم مشكلة دارفور, وابتكار الحلول السياسية اللازمة لها .
العسكري مهمته حماية بلده من أي عدوان خارجي بقوة السلاح ، وليس بقوة العقل والمنطق والوساطة والحوار . ذلك متروك للساسة ، وعليه فإن الوسيط الدولي لدارفور لايحتاج لخبرته العسكرية لحلحه مشكلة دارفور السياسية .
نخلص من ذلك أن المؤهلات الأكاديمية الجامعية تضفى على الوسيط الهيبة اللازمة لنجاح وساطته ، وتجعل الأطراف المتحاربة تعطيه الاحترام, والتجلة بدلا" من النظر إليه نظرة دونية, متعالية مما يفقد الوسيط الدولي أبسط مقومات فرص نجاح وساطته .
أذا حدث, لا قدر الله, أى معوق وفشل فى المفاوضات, لأى سبب ، وهناك مئات الأسباب لذلك ، فإن هنالك شماعة جاهزة لتعليق هذا الفشل . وهى ان الأمم المتحدة والأتحاد الأفريقى قد أختارا وسيطا" غير مؤهل ، ولايملك حتى على شهادة جامعية ، للوساطه وحلحلة مشكلة دارفور .
معاليه لم يترشح لأى موقع أنتخابى :-
الحيوان السياسى المتمرس يعرف كيف يكسب أصوات ناخبيه فى دائرته الانتخابية, وإلا فعليه أن يلزم منزله . أنه يمشى بين الناس وفى الأسواق. يشاطر الناس أفراحهم وأتراحهم ، ويساعد الضعيف منهم والمسكين . يحس بنبضهم فيسرع لعمل مايلزم. باب مكتبه ومنزله مفتوحان 7/24 طيلة السنة . بهذه الصفات يكسب الحيوان السياسى المتمرس قلوب الناس ، فيهرعون إليه طلبا" للمشورة والنصحية . بهذه الخبرات التراكمية فى فن معاملة البشر ، من المفروض أن يكسب السياسى مقدرات خاصة للتوسط, والوساطة فى كافة المجالات, وعلى كافة الأصعدة .
للأسف فأن معالى السيد جبريل لم يترشح لأي موقع أنتخابى ، ولذلك لم يضطر لخطب ود الناس ، والتفاعل معهم .
حسب طبيعة وظيفته ، وهى بعد وظيفة مقدرة ومهمة فى مجالها ، كان معاليه يتلقى الأوامر من رؤسائه فينفذها ، وينتظر الأوامر القادمة لكي ينفذها ، كما يقول هو نفسه بذلك . أذن" سيرته الشخصية العسكرية التى تتدابر مع السياسة, لا تؤهله لكى يلعب دور الوسيط السياسى لحل مشكلة سياسيه بامتياز .
مشكلة دافور السياسية تحتاج لوسيط سياسى ، يطق الحنك مع عبد الواحد, مثلا" ، ويشعره أنه يرعى مصالحه, ومصالح شعبه فى دارفور .
هل سمعت ماقاله روبرت زوليك مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق, ورئيس البنك الدولي الحالي ؟ هل سمعت ماقاله زوليك لعبد الواحد, وهما فى غرفة عبد الواحد فى أبوجا, بعد أن رفض عبد الواحد ركوب قطار أبوجا, وحرن في العقبة :
أسمع يا عبد الواحد ، أنا صديقك وأريد مساعدتك ومساعدة شعبك ، فأذا قبلت ووقعت كما فعل منى أركوى مناوى, فسوف نلبى كل طلباتك ونضمن لك تنفيذ الأتفاق . أما أذا ركبت رأسك, ورفضت التوقيع, فلا تلومنى بعد ذلك . واعرف اننى صديقك اليوم, وربما لا أكون غدا" .
زوليك رجل سياسى بامتياز . فهو ورغم قوة الولايات التى يتوكأ عليها ، كان بأمكانه أن يكتفى بالأجتماعات الرسمية على طاولة المفاوضات . ولكنه لم يفعل ذلك ، بل تخطى الحواجز ، وذهب الى عبد الواحد فى غرفته ، وتكلم معه كلام الأربعة عيون .
هل يستطيع معالي السيد جبريل فعل ذلك ؟ الرجل العسكري يتعود ويعتاد وتصبح طبيعة في جيناته أن يذهب فقط إلى رؤسائه, وفقط عندما يطلبون منه ذلك. وأن يأتيه مرؤسيه عندما يطلب هو منهم ذلك . تلك هي طبيعة الرجل العسكري .
ثم كيف يمكن لمعاليه ولوج أبواب غرف المتمردين خلسة ، وحاجز اللغة, ثم حاجز المترجم الفوري, يقف سدا" منيعا" بينهم .
مشكلة دارفور ليست نزهة. ويحسن لمعاليه أن يتدبر مقوله شعبيه دارفورية تقول بأن الضفادع تتجنب المياه الساخنة .
( مى حامى ما شغل قعونج ) .
خبرة معاليه في الوساطة :-
رئيس جمهورية بوركينا فاسو رجل عسكري امضى في السلطة اكثر من عشرين عاما متواصلة ، واصبح من عمداء الرؤساء وشيوخهم في غرب إفريقيا . ثم انه الابن المدلل لفرنسا وصديق حميم للعقيد الاممي. فلا عجب إن يحاول كبير القوم حلحلة مشاكل جيرانه والوساطة بينهم بالخير.
وكانت هناك مشكلة في دولة توغو المجاورة. فأخذ رئيس جمهورية بوركينا على عاتقه التوسط فيها, ومحاولة حلها بالتي هي أحسن. وكلف فخامته معالي السيد جبريل بإدارة المفاوضات بين الاطراف التوغولية المتخاصمة في واقادوقو عاصمة بوركينا, وتحت اشراف فخامة رئيس الجمهورية المباشر . وبعد عدة اسابيع من المحادثات, وقعت الاطراف التوغولية المتخاصمة اتفاق سلام في واقادوقو في يوليو 1993 . بعدها عين فخامة رئيس الجمهورية معالي السيد جبريل ليمثل بوركينافاسو في لجنة الوساطة الاقليمية المكونة من عدة دول في غرب افريقيا, للتوسط في مشكلة الطوارق في دولة النيجر المجاورة . وجرت المحادثات في واقادوقو تحت إشراف فخامة رئيس جمهورية بوركينا فاسو المباشر ، وتوجت بالتوقيع على اتفاقية سلام في واقادوقو في ابريل 1995 . تم في واقادوقو في عام 2007 التوقيع على اتفاقية سلام بين رئيس جمهورية كوتديفوار الحالي ورئيس وزرائها الحالي (والذي كان وقتها زعيما لحركة متمردة تدعى القوات الجديدة) . تم توقيع هذه الاتفاقية تحت رعاية رئيس جمهورية بوركينا وبمساعدة معالي السيد جبريل .
أعلاه التجارب الثرة لمعالي السيد جبريل في الوساطة, والتوسط. ونورد هكذا تجارب حتى لا نبخس معاليه أشياءه . ولكن للأسف الامر في دار فور مختلف جدا . سوف يكون معاليه وحيدا. فلن يجد فخامة رئيس جمهورية بوركينا, لكي يزوده بالتعليمات كما في حالة توغو وكوتديفوار ، وليس هناك لجنة وساطة اقليمية, يكون معالية طرفا فيها من عدة اطراف كما في حالة النيجر .
ورغم ذلك نتمنى لمعاليه التوفيق في مهمتة الصعبة. ولانعرف كيف يستطيع النجاح في كسر شوكة هذه المشكلة, وهو مقيد بالسلاسل المذكورة اعلاة . على الأقل سوف يكون له اجر المجتهد..... ولكن على حساب التعساء من أهل دارفور .
ولكن معاليه رجل مسلم :-
ويقول قائل : ولكن معاليه رجل مسلم ، وترد فتقول أن المشكلة في دارفور ليست دينيه ، فالقوم كلهم مسلمون على السكين . ثم ما فائدة أسلام معاليه, إذا كان لايستطيع الاستشهاد بمحكم التنزيل, والحديث الشريف لعدم معرفته بلغة القران .
وقال أخر بأن معاليه يحفظ صم سورة التوبة, ويحفظ عن ظهر قلب كل آيات البراءة ? وقد أفحمنا هذا القول فلم نستطيع الرد عليه .
إستراتيجية معاليه لدارفور :
صرح معالي السيد جبريل عند وصوله الخرطوم لأول مرة, بأنة لم يرسم بعد استراتيجية لحل المشكلة في دارفور. وانه بعد بصدد دراسة المشكلة من كل جوانبها . وربما شعرت بالإستغراب وانت تسمع لهذا التصريح ، فقد كنت تتوقع من معاليه ،وقبل وصوله الخرطوم ، أن يكون قد درس ملف دارفور دراسة معمقه ، وألم بكل شاردة, وواردة فيه, بمافي ذلك السيرة الشخصية لكل زعيم من حاملى السلاح, ومطالب كل حركة ...... نعم كنت تتوقع أن يخبرك معاليه بأن عبد الواحد, مثلا"..... يفضل الشاي بدلا من القهوة, ويفضل البيبسى كولا بدلا من الكوكا كولا ، وانه يحمل معه دائما سبعة تلفونات محمولة نمرها كالاتى .........
ولكن للاسف اكتشفت أن معاليه خالى ذهن كالمرحوم النذير دفع الله مع حمودة ، وأنه يتوقع أن يدرس ملف دارفور من الأن فصاعدا ، ووقع فى حيرة أبى الطيب فى صحارى نجد :
وقد سالنا بنجد ونحن أدرى : أطويل طريقنا ام سيطول
ولكن من يهتم بذلك, وغير ذلك, مادامت مخصصاته مدفوعة, وبالكامل, والكل يقوم ويقعد معاه ، وحكومة السودان وحاملو السلاح مبسوطون 24 قيراط به ومعه .
ودور دور يا الوابورجاز ؟
سيرة ذاتية مختصرة لمعاليه :-
بعد دراسة عسكرية أولية فى بلدة كاديقو في بلده بوركينا ، تخرج معاليه من الأكاديمية الملكية العسكرية فى مكناس فى المغرب (1979 - 1982 ) ، ثم من الكلية الحربية فى ابيدجان فى كوت دى ايفوار (1982 -1983 ) ، بعد تخرجه التحق بخدمة بلاده كقائد للفرقة العسكرية في مدينة بوبو (1983 -1984 ) ، بعدها قائدا" للفرقة العسكرية فى وأقادوقو (1984 – 1987 )، بعدها تمت ترقيته قائدا للواء العسكرى الخامس فى وأقادوقو (1987 - 1995), بعد أن أبلى بلاء حسنا فى الانقلاب العسكري الدموي الذي قاده رئيس جمهورية بوركينا الحالى, ضد زميله , ورفيق سلاحه توماس سأنكره في 15 أكتوبر 1987 ، والذي انتهى باغتيال الرئيس سأنكره .
بعد انقلاب 1987 الناجح, توالت الترقيات بالعمود, والزانة, على معاليه فصار مستشارا" رئاسيا (1995 -1999 ) ، ثم في الفترة( 1999 -2007 ), وعلى التوالي قائدا" عاما" لجيش بلاده, ثم وزير دولة لشئون الأمن, تحت وزير الدفاع ، ثم وزيرا" للخارجية . الموقع الذي طار منه ليرك فى دارفور وسيطا" دوليا", ولم يبلغ سن الخمسين إلا مؤخرا" .
كيف تمكن معاليه من الحصول علي هذه الوظيفة ؟
الولايات المتحدة الأمريكية بلد اللوبيات بامتياز . ولم تنج سكرتارية الأمم المتحدة في نيويورك من هذه اللوبيات . بوركينا فاسو عضو غير دائم في مجلس الأمن لهذه الدورة ( عام 2008 ) . وسفيرها لدي الأمم المتحدة, الذي يمثلها في مجلس الأمن, قد عمل ( لوبي ) شديد, ليتم تعيين رئيسه معالي السيد جبريل , وزير الخارجية وقتها ، وسيطاً دولياً في دارفور.
أما في رئاسة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا, فأن رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي ووزير خارجية دولة الجابون السابق , السيد بنق ، صديق شخصي لمعالي السيد جبريل ، الذي كان من قادة الحملة الانتخابية, لانتخاب صديقه رئيس الاتحاد الأفريقي الحالي.
ولابد للأسانسير إن يرجع ......... ليحمل معالي السيد جبريل .
أو كما تقول الشائعات المغرضة في نيويورك وأديس أبابا ؟
خاتمة:-
البعض يصور معالي السيد جبريل وكأنه لا يملك في اياديه على غير شاكوش يتيم . ولذلك فسوف يتخيل كل مشكلة امامه وكأنها مسمار . اذ انه لا يستطيع استعمال شاكوشه اليتيم في اي ظرف اخر غير ضرب المسمار . قيدت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي معاليه وقذفت به في بحر دارفور المتلاطم, وقالت له إياك إن تبتل بالماء . ولكن القوم في الخرطوم, وحاملو السلاح في الشتات, جد سعداء بمعالي السيد جبريل .
فأين المشكلة ؟
يا ترى هل يرى القوم الحلاق وهو يحلق في رؤوس اليتامى ؟ يا ترى هل يرى القوم الفرعون العريان وهو يتبختر في شوارع السودان, ولا احد يرى عريه, إلا ذلك الولد الصغير الذي يكتب في هذه الحروف, التي لن يقرأها احد . القوم في السودان لايرون الفيل الذي في الغرفة . فقد ختم الله على قلوبهم, وعلى سمعهم, وعلى إبصارهم, غشاوة ، فهم لايبصرون . عمى فهم لايرجعون .
حقا وصدقا
في بلاد العميان............ الأعور يصير ملكا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.