إبعاد يوسف علي من مباراتي مورتانيا وجنوب السودان    المريخ يكثف تحضيراته بالاسماعيلية ويجري مرانين    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقدم فواصل من الرقص الهستيري على أنغام أغنية الظار السودانية (البخور طلقو لي لولا) وساخرون: (تم تهكير الشعب المصري بنجاح)    ضربات جوية مُوجعة في 5 مناطق بدارفور    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    عضو مجلس السيادة نائب القائد العام الفريق أول ركن شمس الدين كباشي يصل الفاو    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا اضرب اطباء السودان ... بقلم: د. أحمد عبد الله خلف الله
نشر في سودانيل يوم 07 - 06 - 2010


حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء
كان الأطباء حتي منتصف السبعينات أو ما بعدها بقليل علي رأس الهيكل الراتبي للدولة ، بل كانوا خارج الهيكل الوظيفي لسائر الموظفين حيث كانوا يسمون بالكادر المميز ، نظراً لطبيعة عملهم المختلفة تماماً عن أية مهنة أخر ي من حيث تعاملها المباشر مع صحة الإنسان ، وعدم إرتباطها بساعات عمل محددة كسائر المهن الأخري ، إذ أن متوسط عمل ساعات الطبيب ( علي سبيل المثال : الأمتياز ونائب الأخصائي ) يبلغ حوالي 78 ساعة في الإسبوع ، في حين لا يتجاوز عمل أي موظف آخر 40 – 48 ساعة . في أواخر السبعينات تم إدخال الأطباء ضمن الهيكل الراتبي لسائر الموظفين ، وكانوا في البداية علي قمة هذا الهيكل ، ثم بدأ التدحرج حتي وصلوا إلي دركه الأسفل الذي يقبعون فيه حالياً ، حيث أضحي مرتب الطبيب يتراوح من 570 جنيه لطبيب الأمتياز إلي 900 جنيه للإخصائي في أكبر فضيحة لم يكتشفها الرأي العام إلا مؤخراً عقب سلسلة إضرابات الأطباء الأخيرة .
ومن دون الخوض في أسباب هذه المرتبات المخجلة – والتي يتحمل الأطباء دوراً كبيراً فيها بسكوتهم وصمتهم وربما خوفهم – فقد رفع الأطباء عام 2003 م مذكرة للسيد رئيس الجمهورية في هذا الخصوص إضافة إلي مطالبهم بخصوص العلاج والسكن والترحيل والتدريب وغيرها مما وفرته إتحادات ونقابات (عدا التي تدعي تمثيل الأطباء ) لمنسوبيها ( المحامين والصحافيين علي وجه المثال ) ، فاستجاب سيادتهُ مشكوراً و وجه حينها بزيادات فورية تمت بعد مماطلة من وزارة المالية والصحة والتي وضح عدم إهتمامها بأوضاع منسوبيها رغم إهتمامها الجزئي بالمباني والآلات علي حساب الإنسان فتدهورت حالة المباني والمعدات ولم ينصلح حال الإنسان الذي هو أساس التنمية ، أما بخصوص التدريب فقد كان مسار الطبيب وإلى زمان ليس بالبعيد واضحاً ومعروفاً وكانت وظيفة الطبيب دائمة إذ يأتيه خبر إبتعاثه حسب أسبقيته وإن كان في أقاصي البلاد حيث ينال تدريباً وافياً وشهادات رفيعة من الخارج تؤهله لخدمة وطنه ومواطنيه بكفاءة وحرفية عاليتين . أضحي التدريب الخارجي الآن محصوراً علي نفرٍ معين ( قرابات ومعارف وعلاقات ) وليست له أسس واضحة .
أما حال التدريب الداخلي فلا يختلف كثيراً ، حيث تتغير السياسات والضوابط سنوياً بإختلاف الأشخاص المشرفين عليه مما خلق للدولة أزمات ( الدفعة 24 مثلاً ) ، وأضحي مجلس التخصصات جابياً همه جيوب النواب ( رسوم بطاقة دارس ، رسوم مكتبة ، رسوم إستخراج شهادة ، رسوم اطروحة ، رسوم شهادة خبرة ... إلخ ) ، أضف إلى ذلك غياب المدربين الأكفاء حيث يتم توزيعك إلي أخصائي كان معك قبل سنة متدرباً ، إضافة إلي عدم تواجد الأخصائيين المدربين معظم الوقت فأصبح المتدرب يتعلم من المتدرب الذي سبقه ولو بقليل .
أما عن حال المعدات والأجهزة وعموم التجهيزات التي يحتاجها المتدرب فلا دخل لمجلس التخصصات بها ، وإنما بعض إجتهادات الوزارة وبعض إدارات المستشفيات، تصيب حيناً وتخطئ أحاييناً ، وما ملف ما سُمي بتوطين العلاج بالداخل عنا ببعيد !!
سكت الأطباء كثيراً على أوضاعهم المزرية إلي أن بلغ بهم الحال أنهم لا يستطيعون إكمال منتصف الشهر أو أقل من ذلك بمرتبهم الضئيل وحوافز مستشفياتهم الفتات والتي هي أقل في أغلب الأحيان من حوافز الكوادر المساعدة ( الأدني منهم ) ، مما ألجأ الكثيرين للعمل الخاص حتي في زمن الدوام الرسمي ، وبزيارة واحدة لأي مستشفي فإنك لن تجد أغلب الأخصائيين ، بل وحتي النواب والعموميين وربما الإمتياز يتحينون الفرص للعمل في المراكز الصحية والمستشفيات الخاصة بإجور هي أيضاً زهيدة وتأتي علي حساب تحصيلهم العلمي وعلي حساب أجسادهم التي أضناها الجوع والسهر ، ولكنها بطبيعة الحال أفضل من الأجور الحكومية الأكثر ضآلة وزهادة . ومن الغرائب أن الطبيب وأسرته إذا مرضوا لا يعالجوا داخل أي مستشفي حكومي إلاّ كأي مواطن عادي وفي عنابر الدرجة الثالثة ، رغم ما يُزعم عن التأمين الصحي للأطباء وأُ سرِهم والذي لم يعد مطبقاً إلاّ في مستشفي شوامخ فقط علماً بأنها لا تحوي جميع التخصصات .
والحال هذه كان لابدّ للأطباء أن ينفضوا عنهم الغبار لأنهم أحسوا أنهم إلي تلاشٍ وزوالْ إذا استمر الحال علي ما هو عليه . فبدأت تحركاتهم عبر اللجنة الدائمة لنواب الأختصاصيين السودانيين التي تم إنتخابها من كل فرعٍ من فروع الطب وكان ذلك في إكتوبر 2009م ، بدأت اللجنة أعمالها بملف علاوة التدريب الموحدة التي صدرت بقرار من السيد رئيس الجمهورية في إكتوبر 2007 م ، علي أن يبدأ تطبيقها في يناير عام 2008م وكانت حينها تصرف عبر المجلس القومي للتدريب ، لكن وزارة الصحة ألحقتها بميزانيتها وهنا حدث الخلل الكبير حيث أن هذه العلاوة حسب منطوق القرار الجمهوري كان يجب أن تدرج في بند الأجور وتأتي مع أو قبل المرتب ، لكن الوزارة ماطلت وسوّفت حتي تراكمت المبالغ فأضحت الوزارة مدينة لكل نائب بما لا يقل عن 5000 جنيه ( خمسة آلاف جنيه ) ، وكلما راجعها النواب ردتهم بغليظ القول وسوء اللفظ والمعاملة مع منسوبيها حتي بلغ السيل الزُبي وأَعطي النواب مهلة لوزارة الصحة لسداد ديونهم عليها ، وانتهت المهلة ولم تف الوزارة كعادتها بوعدها ، فقام إضراب النواب الشهير والذي نُفذ بنسبة 100% ، وعندها بدأت الوزارة تصحو من غفوتها ، ووقعت مع النواب إتفاقية رعتها لجنة وساطة مكونة من د.يوسف الأمين عبدالقادر ( مهندس الوساطة ) كبير أخصائيي التخدير ، و ب.عثمان طه رئيس مجلس التخصصات الطبية ، و ب.زين العابدين كرار رئيس المجلس الطبي ، اشتملت علي سداد الوزارة لديون النواب عليها علي ثلاثة أقساط وزيادة حوافز المستشفيات (العامة والنوبتجيات ) ، وتوظيف نواب الدفعة 24 ( وهؤلاء أمضوا أكثر من 7 أشهر يعملون دون مرتب) وسداد متأخرات مرتباتهم .
وكذلك أن تسعي الوزارة لدي جهات الإختصاص العليا لمتابعة مذكرة النواب التي رفعوها للسيد رئيس الجمهورية في 17 يناير 2010م لتحسين أوضاع الأطباء ، والذي استجاب مشكوراً ووجه وزارة الصحة بإعداد تقرير متكامل لتحسين أجور وأوضاع الأطباء وكان ذلك في فبراير 2010م وقد شكلت وزيرة الصحة لجنة برئاسة وزير الدولة بالصحة بروفيسور حسن أبو عائشة وعضوية آخرين من ضمنهم ممثل لجنة النواب لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي وكان ذلك في 14 فبراير 2010م وحددت لها إسبوعين لرفع تقريرها . وكان أول إجتماع للجنة يوم 20 فبراير 2010م بعد أن بادرت لجنة النواب بتحريك هذا الملف وملاحقة الوزارة لعقد اجتماع اللجنة ، ثم بدأ التسويف والمطل حيث انتهي شهر فبراير دون أن ترفع اللجنة توصياتها .
وإلي شهر مارس وحتي السابع منه لم تجتمع اللجنة لتجهيز تقرير اللجان الفرعية التي أكملت إعداد التصور النهائي لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي بعد أن استمعت لآراء من أسمتهم بالخبراء ( الأمين العام – المجلس الأعلي للأجور وديوان شئون الخدمة ومستشارين من وزارة العمل ). وفي ذات الوقت نكصت الوزارة عن وعدها بسداد القسط الثاني من علاوة التدريب وكذلك وعدها بصرف العلاوة الشخصية مع المرتب للدفعات التي تصرفها بصورة منفصلة ، كل ذلك مقروناً بعدم رفع مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي لمجلس الوزارء أو لرئاسة الجمهورية حسب توصية وزيرة الصحة ومن قبل توجيه السيد رئيس الجمهورية ، أدّي ذلك إلي المزيد من عدم الثقة بين الأطباء ووزارة الصحة ، فدخل الأطباء جميعاً ( حيث أن المذكرة تشملهم كلهم بكافة قطاعاتهم ) في إضرابٍ آخر لمدة ثلاثة أيام ، ثم لمدة إسبوع ، ثم دخلوا في إضرابٍ مفتوح ، نشطت في أثنائه عدة وساطات كان من ضمنها لجنة أسمت نفسها مؤخراً لجنة الحكماء ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ) والتي لم يكتب لها التوفيق لأن طبيعة تكوينها كانت لا تسمح لها أن تمضي قُدماً في حل إشكالات كان العديد من أعضائها هم طرف في خلق تلكم الإشكالات وكان الآخرون ذوي نوايا حسنة لكن يفتقرون إلي الرؤية المتكاملة لحل المشكلة ، كان كل همهم رفع الإضراب ، لذا ماتت هذه اللجنة وعمرها لم يتجاوز ال 24 ساعة . ثم أتت لجنة أخري برئاسة ب.محمد سعيد الخليفة و د.زيدان عبده زيدان و د.الطيب العبيد و م.محمد الأمين و د.يونس وآخرين ، بدأت أعمالها بصورة جيّدة وأسهمت في تصحيح الكثير من المفاهيم الأمنية المغلوطة عن لجنة إضراب أطباء السودان ، ووصلت لجنة الإضراب معهم إلي كثير من النقاط المشتركة ، لكنها اصطدمت بجهات لا تريد ولا تسعي للحل بل تسعي للمزيد من التعقيد والتصعيد . ثم ظهرت مبادرتان في وقت متزامن : الأولى إبتدرها ب.عبدالله عبدالكريم جبريل رئيس إتحاد أطباء ولاية الجزيرة بما له من قبول وسط جموع الأطباء وبما يكنون له ويحفظون له من حسن سيرة وسلوك ، وقام بجمع لجنة الإضراب مع إتحاد الأطباء ومن ثم مع إتحاد نقابات عمال السودان ، وبعد مفاوضات مضنية توصل الطرفان لإتفاق يقضي بزيادة مرتب الطبيب بنسبة تتراوح ما بين 70 – 80 % من إجمالي المرتب ، وهي بالأرقام ( 680 جنيه للأخصائي ، 580 جنيه لنائب الأخصائي ، 680 جنيه للطبيب العمومي ، 430 جنيه لطبيب الإمتياز ) وقد أخطرنا حينها رئيس اتحاد نقابات عمال السودان ب.إبراهيم غندور بأن هذا الإلتزام شخصي منه ، وأنه قد حصل علي تفويض من رئاسة الدولة بالوصول إلي حل معنا ، وأن هنالك لجنة رباعية مكونة من الصحة والمالية وإتحاد العمال وجهة رابعة أجازت هذا المقترح ، علي أن يبدأ تطبيقه من أبريل 2010م كما أن رئيس إتحاد الأطباء ب.عبدالعظيم كبلو أخطرنا بأن المقترح ( في ذلك اليوم 31 مارس ) في طاولة نائب رئيس الجمهورية للإمضاء الأخير ، وأنه إذا لم يزد عن تلك النسب فإنه لن ينقص عنها !!! علماً بأن هذه الأرقام لا تعادل إلاّ 20 % مما طالبنا به في مذكرتنا لتحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي .
أما المبادرة الثانية فكانت عبر لجنة الجهود الخيّرة والتي ضمت عدداً من الشخصيات القومية برئاسة ب.سليمان صالح فضيل ( العَلَم المعروف ) وعضوية ب.حسين سليمان أبوصالح وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب وحدة وادي النيل ، و ب.الطيب حاج عطيّة ( الأستاذ بجامعة الخرطوم ) ، و ب.عبدالله إدريس عميد كلية القانون بجامعة النيلين ، و ب.علي شمّو الإعلامي المعروف ، و أ.محجوب محمد صالح الصحفي المعروف صاحب الأيام ، وقد توصلنا معها في لجنة الإضراب إلي إتفاق ( راجع نصه ) قضي برفع الإضراب ورفع ماترتب عليه من كل العقوبات ، ثم إجازة مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي علي مستوي الوزارة فوراً ورفعها لمجلس الوزراء للإجازة النهائية علي أن تطبق بأسرع ما يتيسر . وكذلك تناولت المبادرة موضوع علاج الأطباء وأسرهم وحماية الأطباء وتأهيل وصيانة الميزات وتهيئة بيئة العمل والتدريب ، ومتابعة تنفيذ اتفاق وزارة الصحة السابق مع النواب ، ووضع تصور للوظيفة الدائمة للطبيب أُسوة بزملائه من فروع الخدمة المدنية الأخرى ، ومتابعة وضع الأطباء بالتعليم العالي والإهتمام بالتدريب الداخلي والخارجي .
بناءً علي هاتين المبادرتين قررت لجنة إضراب أطباء السودان رفع الإضراب فوراً وكان ذلك في مساء الأربعاء 31 مارس 2010م في مشهد تاريخي غير مسبوق قديماً ولا حديثاً محضور من معظم أعضاء المبادرتين وبشهود معظم الأطباء والرأي العام .
وبعد رفع الإضراب اجتمعت لجنة تحسين شروط الخدمة للعاملين بالحقل الصحي برئاسة ب.حسن أبو عائشة بتاريخ 4 أبريل 2010م وأجازت المذكرة – في أجواء ودّية بعد حذف البنود التي تمت إجازتها سلفاً ضمن اتفاق اتحاد نقابات العمال واتحاد الأطباء منعاً للتكرار الذي قد يؤدي للإلتباس لدي الجهات المختصة ، وكان يفترض بعدها أن ترفع الوزيرة المذكرة لمجلس الوزراء . ومضي شهر ابريل 2010م ووزارة الصحة تؤكد علي أنها ملتزمة بالإتفاقين ، بل وذهب وكيل الوزارة إلي أن إلتزام اتحاد العمال كان في مكتبه وأنه هو الذي كتبه ، وامتلأت الصحف بالبشارات بإتفاق لم نكن راضين عنه إلاّ أننا رأينا فيه بداية لتصحيح أوضاعنا كأطباء إلي حين أن تجاز مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي التي أجازها ب.أبوعائشة ولجنته ولكن ... آه من لكن !!
أتي شهر مايو 2010م موعد تنفيذ الإتفاق الأول مع اتحاد العمال واتحاد الأطباء بالأرقام المذكورة آنفاً ، وللأسف لم يتصل بنا أحد ليوضح لنا لماذا لم ينزل المرتب كما ذكروا هم ( للعلم فإن الأرقام الواردة في اتفاق اتحاد العمال هم الذين كتبوها وأقروها ولسنا نحن في لجنة الإضراب ) ، ونظراً لإحساسنا بمسئوليتنا تجاه الأطباء وتجنباً لأي مواجهة أو تصعيد قد يؤدي لأضرار بالغة في الحقل الصحي فقد بادرنا نحن بالإتصال بهم سواء في إتحاد الأطباء أو إتحاد العمال ، أو حتي لجنة الجهود الخيرة ، وكان إتحاد الأطباء والعمال يؤكدون أن المسألة مسألة زمن وأنهم ملتزمون بالإتفاق ، واطلعنا علي مكاتبات بين وكيل الصحة والمالية ومجلس الوزراء بنفس الأرقام التي وردت في الإتفاق . فوجئنا كما فوجئ الكثيرين في منتصف مايو برئيس إتحاد الأطباء يعطي بشارات بمكاسب كبيرة للأطباء علي صفحات الجرائد ، وأخطرونا بعدها بيوم بإجتماع يضم رئيس إتحاد نقابات عمال السودان ورئيس إتحاد الأطباء وأعضاء آخرين من الإتحاد . فوجئنا بالأرقام التي ذكروها وقالوا أن المالية رفضت أن تعطيهم ما اتفقوا معنا عليه ، علماً بأن حديثهم السابق كان عن أنهم أخذوا ضوءاً أخضراً في كل البنود والأرقام التي أتونا بها من قبل ، والأرقام التي أتونا بها في الإجتماع كانت الآتي :
1) الأخصائي : 150 جنيه فقط عبارة عن بدل وجبة ، أما علاوة المؤهل فلم تصادق وزارة المالية عليها حسب ما قالوا وأن الوكيل سيعطيها لهم كحافز بالمستشفي .
2) النائب : 150 جنيه بدل وجبة ، 300 جنيه منحة دراسية ، ليصبح مجموع ما يتقاضاه النائب 450 جنيه .
3) العمومي : 150 جنيه بدل وجبة ، 500 جنيه خدمة ريفية للأطباء العاملين بالريف فقط ، رغم أن الإتفاق كان أن تشمل هذه العلاوة كل الأطباء العموميين .
4) الإمتياز : 150 جنيه بدل وجبة ، 250 جنيه مكافأة تدريب أي المجموع 400 جنيه
وهنا وضح التنصل التام عن الإتفاق الذي شهد عليه الرأي العام وكل الأطباء والمواطنين .
وإلي هنا لم تنته القصة فقد نشر السيد رئيس اتحاد الأطباء أرقاماً مغايرة في صبيحة اليوم التالي للقائنا معه فأعلن عن أن الزيادة هي للإمتياز 300 جنيه وللعمومي 310 جنيه ولنائب الإخصائي 402 جنيه وللأخصائي 500 جنيه ( عبارة عن حافز يصرف من المستشفي ) وفي هذا خداع واضح للأخصائيين فهذه ال 500 جنيه وردت بعد إتفاق الوزارة السابق مع النواب وحينها حددت الوزارة الحد الأدني لحافز الأخصائي بالمستشفي ب 500 جنيه ، وحتي هذه لم تصرفها المستشفيات للأخصائيين وكررتها الوزارة الآن كأنها أتت بجديد ، وهذه عادة الوزارة في خداع وتضليل الرأي العام ، بل وحتي تضليل الأطباء وخصوصاً الأخصائيين .
وبعد يوم آخر أعلن رئيس إتحاد الأطباء أن بدل الوجبه هو 60 جنيه فقط رغم من أنه ذكر قبل يومين أنه 150 جنيه . أسفي عليك يا كبلو ، والله إني لأرثي لحالك بدلا من أن أنقم عليه !! وهكذا أصبحت زيادات الأطباء مقدارها ألعوبة في يد كبلو ، بل الحقيقة في يد من وراءه لأنه اتضح تماماً أنه لايملك شيئاً ، ولو كان يحترم نفسه ومكانته لقدم استقالته إحتجاجاً علي نقض الإتفاق الذي وقعه معه أولياء نعمته.وكما أسلفنا فقد كان الإتفاق يقضي بأن يتم تنفيذ المرتب الجديد اعتباراً من أبريل 2010م ، لكنهم قالوا أنه سيتم اعتباراً من مايو 2010م وأن المالية رفضت طلبهم في هذا الخصوص .
وكأن المالية أصبحت إله السودان الأعلي !!
أو أن وزيرها هو قارون هذا العصر !!
أما مذكرة د.أبوعائشة فلم يعد يُعرف مصيرها ، فإن كان هذا مصير الإتفاق الصغير الضئيل الذي لا يتجاوز ال 20% من مطالب الأطباء فياتري ماذا سيكون مصير مذكرة تحسين شروط خدمة العاملين بالحقل الصحي ؟.
والحالة هذه فقد اتجه الأطباء واجتهدوا في أن يوصلوا هذه الحقائق كاملة غير منقوصة للسيد رئيس الجمهورية ولقادة المجتمع ورموزه ولعموم المواطنين أملاً في الوصول إلي وضع يحقق العدل والإنصاف لهذه الفئة التي أعطت وما استبقت شيئاً .
وستسلك قبيلة الأطباء كل المسالك التي من شأنها أن تعيد الحق لأهله بكل ما يمكن أن تعنيه تلك المسالك
سأضرب في طول البلاد وعرضها أنال مرادي أو أموت غريباً
وإن تلفت نفسي فلله درها وأن سلمت كان الوصول قريباً
ومن الغرائب التي نهديها لكبلو ما علمناه عبر الصحف أن نقابة العاملين بوزارة التخطيط العمراني والبني التحتية قد إفتتحت مستشفي لعلاج العاملين في الوزارة وأسرهم يسمي (مستشفى التروية ) لا أدري إن كان كبلو قد سمع بتلكم النقابة ومستشفاها أو ربما كان هو أحد الأخصائيين الذين يعملون به ..
لا أدري ماذا أقول لك يا كبلو غير : سحقاً ، سحقاً ، سحقاً ، تباً لك تباً كذاك الذي لإبي لهب .
مفارقة :
نسيت أن أشير إلي المفارقات في أجور الأطباء التابعين لوزارة الصحة مقارنة برصفائهم في الأمن والجيش والشرطة وليس خارج البلاد يا عبدالرحمن الخضر .
مخصصات الطبيب :-
1) السلاح الطبي : تتراوح من 2000 جنيه – 5000 جنيه .
2) الشرطة : 2000 جنيه – 5000 جنيه .
3) مستشفي الأمل الوطني التابع لجهاز الأمن : 2000 جنيه – 6000 جنيه .
إضافة للإمتيازات الأخري حيث السكن والعربات والمواد التموينية وغيرها .
4) وزارة الصحة : ( أخرجها الله من وهدتها ) : 570 جنيه – 900 جنيه .
أي أن يوم الطبيب في وزارة الصحة يتراوح ما بين 15 – 30 جنيه ( أي أن عامل اليومية دخله أعلي من طبيب وزارة الصحة ) و الخادمة في المنزل لا ترضي بمرتب الطبيب علي قول د.كمال عبدالقادر وكيل وزارة الصحة .
أخيراً أشير إلي أن هذه هي حكايتنا معهم من الألف إلي الهاء وليس الياء ولبقية الأحرف حكاية نرويها قريباً إن شاء الله .
( والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
وليحقنّ الله الحق ولو بعد حين .
د.أحمد عبدالله خلف الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.