غابت الحكومة ولم يحس مواطن بانها غير موجودة أكثر من شهر لم تكن هناك حكومة ولم يحس بغيابها احد حتى تساءل الكثيرون عن مبرر وجودها ولما عادت بعد مخاض طويل غلبت عليه مواذنات ليس فيها هموم الوطن وبلغ عدد وزرائها سبعة وسبعون وزيرا و جاءت لتطرح السؤال الكبير: كم كان سيكون عدد الوزراء فى الحكومة المركزية لو لم يكن النظام فدرالذى ينتشر فيه 26 والى كل والى منهم له حكومة لا تقل عددا من الوزراء ولايعرف بعد عددالمشتشارين على المستوى الإتحادى والولايات ثم كم هم اعضاء المجالس البرلمانية المركزية والولائية والإستشارية واعضاء مجالس الإدارات فى المؤسسات الإتحادية والولائية و كل عضو فيها يتقاضى الوف الدولارات وكم عدد العربات والمنازل التى يشغرها هذا الجيش الجراروكم هى عدد المنازل التى يملكونها بقروض من الدولة مؤجرة فى سوق المواسير وكم هم عدد الحراس والعاملين فى خدمة هذا الحشد الذى لا يحصى وكم هى المخصصات المختلف الوانها خاصة ما يرتبط بالأسفار والترحال. لنغض الطرف عن الحديث عن الفساد المستشرى وعن تعيين المحاسيب من الأهل والمعارف ومايتمتع به هئولاء من مخصصات. حاولت ان امسك بورقة وقلم لإحصهم عددا ولكن المهمة تبدو مستحيلة ولعل إحصاء هذا العدد وتكلفته المادية على دولة من افقردول العالم واكثرها إستنزافا للمواطن من جبايات وضرائب وعوائد ونفايات وفاتورة مياه غير صحية تبلغ المائة جنيه شهريا فى بعض الحالات وفواتير كهرباء وغيرها من الإلتزامات التى يصعب حصرها وبدا لى الأمر فى النهاية انه امر يستحق ان يصدر فيه كتاب اسود ولكن من يهتم بإصداره وكبرى الأحزاب يتسابق قادتها بحثا عن نصيب فى الكعكة وعن التعويضات الخ والتاريخ لا يعفيهم من المسئولية.. اما عدد المنظمات شبه الحكومية من طلاب وشباب ونساء التى اصبحت عبئا على الدولة لها ميزانيات وإستقطاعات وغيرها من (إبداعات) هذا الزمان ومن كوادر تدير الحزب الحاكم وما تستنزفه مؤسساته من ميزانيات لاتقل عن الحمل الثقيل لجهاز الدولة الرسمى إن لم تزيد عنها. ثم ام البدع هذه المنظمات الطوعية التى لم تترك مصطلحا خيريا ودينيا الا وتصدر لوحاتها التى اصبحت نفسها مصدر إستنزاف لموارد الدولة خاصة كلما كانت المؤسسة الخيرية يقف على راسها من هو اقرب فى الحسب والنسب. اما الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروؤة المسخرة فهى لا تقل إستنزافا لخذينة الدولة حيث اصبحت مصدر غير مباشر وغطاء لصب الملايين فى جيوب من يدعمون هذا الواقع بالكلمة والصوت والصورة حتى ان المرء يسمع احيانا مرتبات أرقام فلكية يصعب تصديقها ولكنهاحقيقة فهناك من لم نسمع به فى ساحة الإعلام خاصةفى الصحافة يتقاضى فى الشهر ما يزيد عن مرتب عشرة صحفيين وربما يكون له مرتب فى اكثر من جهاز إعلامىفى وقت واحد. واقع مؤسف يدفع بالمواطن الأغبش المغلوب على امره ان يتحسر على الإستعمار الإنجليزى والذى يسجل له التاريخ انه كان يدير الدولة بتسعة محافظين يقف كل محافظ منهم على رأس مديرية يساعده مجموعة من ضباط المجالس البلدية والريفية وجهاز للخدمة المدنية غير مطلق اليد كما هو الحال اليوم.فالعربات تحت سيطرة النقل المكينكى وبضوابط لا يجرؤ احد على الخروج عنها واثاثات المكاتب تحت سيطرة مصلحة المخازن ولا زلت أذكر ذلك اليوم عندما تمت ترقيتى لدرجة مفتش فصرحت لى المخازن (بتربيزة )مصنعة فى المصلحة وليس من محلات الإثاثات الفاخرة ويميزها عن التربيزة السابقة فى الدرجة كيو انها بدرج وكرس لضيف واحد فى عهد الإنجليز لا تجد اكثر من ثلاثة سكرتيرين على الأكثر الوكيل ونائبه ومساعده(والوزير) فى بداية الحكم الوطنى إن وجد والأن يوازى عددهن عدد الموظفين وفى مكاتب لم يكن يتمتع بها وكيل الوزارة. واهم من هذا خلف الإنجليز قانون خدمة وتوظيف لايعرف المحسوبية فى التعيين والترقية ولجنة شكاوى تلغى اى تجاوز للوائح الخدمة تابعة لديوان الموظفين. كما تركوا نظام مالى لايقبل توريد اى مال لايدخا الخذينة ويخضه لإوجه الصرف حسب الميزانية ولا مجال لفتح الخذينة فى مكتب كل مسئول يتبرع بها كيفما يشاء ولا تخضع التبرعات لمراجعة.. ليس هناك مايمكن قوله عن هذا الواقع المؤسف ولولا الحياء ولولا الخوف من تهمة العمالة لقلت ياليت عهد الإنجليز يعود إذا كان المعيار العدالة والمساواة بين المواطنين والإنضباط المالى على كل المستويات وإذا كان المعيار التمتع بكافة الخدمات الضرورية بالمجان خاص التعليم والعلاج ولكن خرجنا يوما نهتف يسقط يسقط الإستعمار ولا اعرف من هو الذى سقط فى النهاية. لا انسى فى نهاية هذه المقالة ان ابعث بالتحية لقادة احزابنا السياسية حاكمة ومعارضة فالحال على بعضه هذا ما يقوله المواطن الغلبان حتى لو كانت هناك فوارق نسبية بين عهد وعهد وحتى لو كان عهد الإنقاذ هو الأسوأ فى تاريخ السودان.(معليش حتى الأن) alnoman hassan [[email protected]]