بريطانيا .. (سيدى بى سيدو)    كريستيانو يقود النصر لمواجهة الهلال في نهائي الكأس    المربخ يتعادل في أولى تجاربه الإعدادية بالاسماعيلية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    دورتموند يسقط باريس بهدف فولكروج.. ويؤجل الحسم لحديقة الأمراء    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    واشنطن: دول في المنطقة تحاول صب الزيت على النار في السودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصور.. المودل والممثلة السودانية الحسناء هديل إسماعيل تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة بأزياء قوات العمل الخاص    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    طبيب مصري يحسم الجدل ويكشف السبب الحقيقي لوفاة الرئيس المخلوع محمد مرسي    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    الى قيادة الدولة، وزير الخارجية، مندوب السودان الحارث    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فلوران لم يخلق من فسيخ النهضة شربات    رئيس نادي المريخ : وقوفنا خلف القوات المسلحة وقائدها أمر طبيعي وواجب وطني    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نَزيفٌ مِنْ جِرَاحِ الآخَرين!: ضيف على الرزنامة ... بقلم: عالم عباس محمد نور
نشر في سودانيل يوم 06 - 07 - 2010

تسألينني عما كتبت؟! حسناً! لم أكتب شيئا ذا بال .. وهيهات! النظر في مجمل الحال محبط، وهوَّة الاغتراب تتسع، والأطفال يكبرون، ونحن نشيخ، وفي روحنا خبَت نار الجسارة، والحماسة، والوطن، وآآآه من الوطن! نتمزق، صباح مساء، ونتآكل، وينخر دواخلنا اليأس، وما من صلاح يلوح في ما تبقى من حياتنا الدنيا، ونعجب، مع المتنبي، "لِمَنْ له حَدٌّ وقدٌّ/ ويَنبُو نَبْوَة القضِم الكَهَام"!
الوطن؟! ها أبناؤنا لا يحلمون إلا بالهجرة خارج (أسواره)! حين كنا في مثل يفاعتهم كانت جامعة الخرطوم أغلا أمانينا، لكن سنام أمانيهم، الآن، الخروج للتغرب في أصقاع العالم، للعلم، من استطاع إليه سبيلا، أو للوتاري الأمريكي، أو ما شابه! صرنا مضغة في أفواه الأمم! تفتك بأهلينا المجاعات والحروب، وما زال بعضنا يلوك سيرة (توجُّهنا الحضاري) و.. هلمَّ جرَّا!
الأبشع أنك، بكل ما لديك من طاقة أو علم أو تجربة، مكبَّل، مكمَّم، ينتاشك من ينتاشك، حكومة ومعارضة، ومركولٌ، يا ولدي، مركولٌ، مركول! لا تستطيع حتى أن تقنع ابنك الذي يحسُّ، في اغترابه، بالذلِّ وقصور الانتماء، بأن له وطناً! فهو، أوانَ المواجهة، والتصارح، والأسئلة الكبرى، يقول لك: "ما هذا الوطن الذي تتحدث عنه، فأنا لا أحسُّه! ربما لك الحق في التحدث عن ماض عشته، وعن طن عرفته، أما نحن فلا نعرف (وطنك) هذا، وإن كنا ننتمي إليه إسماً، فمن المسؤول عما حاق به وبنا؟! لسنا نحن المسؤولين، فمن فضلكم لا تحمِّلونا أوزار خطاياكم؟! ثم ما هي الفرصة التي ستمنحوننا إياها لنصلح ما خربتموه، إن كان علينا أن نفعل ذلك حقا؟! دعونا نرحل في بلاد الله، غداً نبدل أحباباً وأوطانا! كفروا أنتم عن خطاياكم بإخلاء سبيلنا، هذا أقصى معروف تسدونه إلينا في حالكم الراهنة .. وكفى تعامياً ودفناً للرؤوس في الرمال! أعطونا حرية أن نحيا حياتنا نحن، ونرتكب أخطاءنا نحن، ولا تكبلونا بعجزكم وخطاياكم! أنتم جيل ميئوس منه، حالة على وشك الانقراض، فافتحوا أعينكم على سعتها، ولا تجرفونا معكم إلى الهاوية! أنتم لا أمل لكم أو فيكم، فاخرجوا من حياتنا، واخرجونا من حياتكم، فلربما ستكون هذه فضيلتكم الوحيدة إن قدِّر أن تبقى لكم فضيلة"!
أمام محاكمة كهذي كيف لا أغتم؟! كيف أكابر والأشياء كلها تتخثر من حولي؟! كيف والإخفاق ضارب أطنابه، حقاً وفعلاً، في كل مكان؟! ومع ذلك ثمة من يطالبني بأن أكوِّر عمامتي، وأن أذرع الأزقة الترابيَّة أنشد: "وَهَبَّتْ يَقظة كبْرَى أطاحَتْ بالسَّمَادير"!
الثلاثاء
الشهر الماضي نظرت محكمة حقوق الملكية الفكرية بالخرطوم قضية سرقة أدبية مريعة محلها كتاب المدعى عليه د. عبده مختار (دارفور من أزمة دولة إلى صراع القوى العظمى)، وقضت بإثبات حق المدعي، الباحث عبد العزيز محمود، فضلاً عن الاعتذار له، وتعويضه مالياً!
أصل الحكاية أن (الدكتور) مختار انتحل في كتابه المذكور فصولاً بأكملها من بحوث عبد العزيز محمود التي اعتمد فيها على مشاهدات ميدانية، ومعلومات موثقة، ومقابلات مع قادة في الحكومة والحركات المسلحة، حول الصراع في دارفور بين 2005 -2008م. وقضى الحكم بأن يدفع المدعى عليه للمدعي مبلغ 7000 جنيه تعويضاً مادياً، وبأن يصدر طبعة ثانية من الكتاب تشمل هوامش بالمادة المأخوذة من المدعي، بجانب الاعتذار له في صفحة منفصلة تسبق المقدمة. وفور صدور الحكم خاطب المدعي مدير (مركز الجزيرة للدراسات) لسحب الكتاب من موقعهم الإلكتروني، والاعتذار له، وتعويضه مالياً (الأحداث، 14/6/2010م).
هذا الخبر مرَّ، للأسف، بلا تعليق، ولم يُثر الاهتمام الذي يستحقه من الوسط الثقافي، رغم أن ظاهرة السرقات الأدبية تفشت، مؤخَّراً، وبشكل حاد، بين كتاب (مشهورين)، وحملة شهادات عليا ك (الدكتوراه) و(الماجستير)، بل ولقب (البروفيسير)! والأخطر أنهم (يدرِّسون) لأبنائنا قواعد (الأمانة العلمية)، و(مناهج) البحث، و(الاقتباس)، وتوثيق (المصادر)، و(الإشارات)، و(الإحالات)، و(المراجع)!
شئ بشع، بحق، أن يقوم أكاديمي حائز على شهادة محترمة ب (السطو)، في وضح النهار، على عمل غيره، حتى يُقبض عليه بالجرم المشهود، فتجبره المحكمة على رد (المسروق)، وتعويض (الضحية) مالياً، والاعتذار علناً عن فعلته القبيحة! إن هذا ليجعلنا نسأل عن معايير الانضباط (الأخلاقي) في مؤسساتنا التعليمية، وبخاصة، إذا كان مِن هؤلاء مَن يدرِّس فيها! فبأي وجه يلاقي طلابه؟! وماذا سيقول لمن يسلك مثل سلوكه؟! ثم ما هي، أصلاً، الإجراءات التي تتخذها هذه المؤسسات، إزاء مثل هذه الممارسات، لحماية سمعتها، وسمعة منتسبيها، أساتذة وطلاباً؟!
ويبدو أن (القلم) ليس وحده الذي لا يزيل (البَلم)، إذ أن (ادعاء التديُّن)، أيضاً، قد لا يعصم من الوقوع في المحظور! فقد اطلعت، أيضاً، على فضيحة (سطو) أخرى تولى كشفها ونشر تفاصيلها الموثقة موقع (لصوص الكلمة) على الشبكة العالميَّة (http://eyoon.com/sites/30572.html) بعنوان )فضيحة الشيخ)! ذلك أن (الشيخ) حامد العلي، الكاتب مشهور، وأحد غلاة السلفيين في الكويت وفي العالم الإسلامي، نشر مقالة من خمسة أجزاء في صحيفة (الوطن) الكويتية، بعنوان (المحافظون الجدد: القصة الكاملة)، لكن سرعان ما تبيَّن أن الجزء الأول منها، والمنشور بتاريخ 10/8/2003م، مسروق بكامله من أربعة كتاب لم يذكر اسم أي منهم، وهم: د. جيمس زغبي (كيف يعمل المحافظون الجدد؟)، وقد نشرت مقالته في صحيفة (الوطن) العمانية بتاريخ 30/6/2003م؛ وكمال الجزولي (لاهوت البيت الأبيض)، وقد نشرت مقالته في صحيفة (الرأي العام) السودانية بتاريخ 7/4/2004م؛ وإبراهيم وردة (لا سلام قبل عودة المسيح المنتظر)، وقد نشرت مقالته في (موقع مجلة "المجتمع" الكويتية على الشبكة العالمية) بتاريخ 29/3/2003م؛ ومحمد ماضي (هيمنة المحافظين الجدد)، وقد نشرت مقالته في (موقع "وكالة الأنباء السويسرية swissinfo" على الشبكة العالمية) بتاريخ 12/7/2003م. وقد علق الموقع على هذه (الفضيحة) قائلاً: "لقد بلغ السطو الأدبي بالشيخ حامد العلي درجة أن المصادر التي وضعها لفقراته (الواشنطن بوست، البي بي سي، القدس العربي) جاءت مطابقة تماماً للمصادر التي وضعها كمال الجزولي، سواء في تشابه اختيار الاقتباسات، أو تشابه ترتيبها، أو تشابهها حتى في سياقها للموضوعين"!
أعزِّي صديقي كمال فيما تعرض له من سطو على بنات أفكاره، وعصير إبداعه، مؤكداً على أن كتابات كثيرة، وجهداً فكرياً أنتج بمعاناة ودأب، جرى ويجري السطو عليه، هنا وهناك، بغير حياء! لكن الأوخم أن يحدث ذلك من (علماء) نأتمنهم على من ندَّخر للمستقبل من شباب، فهذا هو المخيف إلى حد الإفزاع!
الأربعاء
تأخرت رسائلي عليك بسبب الحمى! هل أحدثك عن الحمى؟! إنها ليست تلك التي تبلغ درجة حرارة الجسم فيها التاسعة والثلاثين أو الأربعين، فيتصبب عرقا، ويقشعر من البرد (الحمى ام برد)! وليست كحمى الملاريا، أو كما وصفها الشنفري "كحمى الربع أو هي أثقل"! لا، إنها الحمى التي أعرفها كما لا يعرفها غيري، والتي لا تتجاوز فيها درجة حرارة الجسد السادسة والثلاثين، لكنك تحس بغليان في الشرايين، وحريق يبدأ في الأطراف ويسري! حمّى داخلية تتلظى، لا يحسها أحد سواك! غليان .. ثم يبدأ الأرق والهستيريا والهلوسة!
طيف من تحب يأتيك بسيف مسلول، وخناجر من كل نوع وصنف، وأنت مسمر يتآكل فيك الحريق، مشلول القوى لا تحرك ساكناً، والخناجر تنتاشك، والسهام تخترق قلبك، وعيناك مسمرتان في عيني طيف حبيبك القاتل! ترتجف، تتعرَّق، والنيران داخلك في كل جانب، وهلوستك تشتد، والقلق يستبد بك، تقوم، وتقعد، والحريق مستعر! يسألونك ما بك؟! لا ترد. تقوم، تخرج، تعود، تقعد، تمسك بالقلم، تكتب، تخربش، تكشط، تتأوّه، تنفض عن الورق يديك، تنهض من كرسيك، كأنك على الشوك جالس، على الجمر! تستلقي وفي أعماقك، أعماق أعماق قلبك، حكّة تود أن تهرشها، ولكن أين وكيف؟! تتقلب، يسألونك ولا تجيب!
تراها رأي النائم اليقظان، فلا هي تتركك لتنام، ولا هي تتركك لتصحو، تنام نومة الفهد "يَنامُ بإحدى مُقلتيْهِ ويَتقِي/ بأخرى المَنايا فهو يقظان هاجعُ"! وليتها كانت حمى المتنبي، ف "زائِرَتِي وليسَ بها حياءٌ/ تعاودُ في الضِّياءِ وفي الظلام"! تخرج الآهة حرَّى، متقدة، حين أناجي الطيف الشرود، الطيف نفسه، لكن، ياللقسوة والجبروت، "حتى الطيف رحَل خلاني ما طيَّب لي خاطر"! و .. "لستُ أدري وقد تطاوَلَ ليلي/ وتقلبَتْ ليلتي في فتون/ لستُ أدري أعَنْ هوىً طالَ ليلي/ أم بَرَانِيَ البَاري قصيرُ الجُّفون"! و .. "في الليل عُمْقٌ، وفي الدُّجَى نفقٌ/ لو صُبَّ فيه الزَّمانُ لابتلعَه"!
الخميس
قلت لمحدثي الشيخ الوقور: أنتم، أهل الفاشر، معروفون بالفقه والعلم، واشتهرتم بأقوال جرت مجرى الأمثال: "الما يحفظ متن ابن عاشر ما يقدل في الفاشر"، و"الما يحفظ الصفتي في الفاشر ما يفتي"! رأى بعض الغرباء سوقكم لا يفتح إلا بعد الضحى، فنعتكم بالكسل، وهو لا يدرى أنكم تصلون الفجر في المسجد الكبير، ثم تتحلقون حلقاُ حول أعمدة المسجد، خياطين، وتجاراً، ومتسببين، ونجارين، وحدادين، وبيطريين، ونقلتية، تتدارسون التجويد، والتفسير، وفقه العبادات، والمعاملات، ثم، بعد ذلك، تنتشرون في الأسواق. وقد ضمت حلقاتكم تلك، ذات يوم، الإمام عبد الماجد إبراهيم، إمام السلطان علي دينار، وتلاميذه من أمثال الشريف كرار، ومحمد الأمين كرار، والفكي سليمان، والشيخ سوار، والشيخ محمد سلمى، والشيخ عبد الله البنجاوي، ومحمد والتجاني عبد الماجد، وصالح أبو اليمن، وعبد الله الكتبي، وحامد بدين، وحسب النبي يوسف، والفكي بشير، وغيرهم ممن لا يُنكر علمه أو فضله. بل ولا يُعدّ تاجراً، في الفاشر، مَن لا يتقن فقه المعاملات على مذهب الإمام مالك! قلت له: فكيف جاز لكم أن تقعوا في فخ (سوق المواسير) هذا، وأنتم مَن أنتم في التقى والورع؟!
قال: يا بني هي نكبة عظيمة أصابتنا لم ينج منها إلا القليل، إضافة إلى المعلوم من جور الحاكمين، ومن ابتلاءات ومحن وتقتيل، نسأل الله أن يرفع غضبه عنا، ويبدلنا خيراً مما نحن فيه، إنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم أخذ نفساً عميقاً، ومضى يشرح لي ما جرى، قال: هي بلوى لن يدركها إلا من عاشها! فالمدينة اكتظت بأهل القرى ممن شردتهم الحرب، وامتلأت الأسواق بوجوه غريبة، وعادات وأخلاق وأموال لم نعهدها من قبل، وصار هؤلاء هم الذين يديرون الأمور! وهاجر إلى العاصمة، بل وإلى خارج البلاد، كل من استطاع، لتردي الأحوال من صحة وتعليم وأمن، فلم يبق من أهل الفاشر الذين تعرفهم إلا أقل القليل، مقهورين مغلوبين على أمرهم! ثم اجتاحت المدينة حالة من الهلع والجشع، وتواطأ بعض الأئمة مع بعض أهل السلطة، في أعلا المستويات، وزينوا للناس أمر (سوق المواسير) حتى أسموه (سوق الرحمة)، وبشروا بنعيمه في المساجد، وفي برامجهم الانتخابية، فاجتاحت المدينة حالة من الهوس والجنون، حيث لم يقتصر الأمر على العقارات، والسيارات، بل دخلت، أيضاً، المحاصيل، وذهب النساء، وحتى الأواني المنزلية، والفحم، والحطب، والبصل! وإزاء الكساد المستفحل، والدعاية العارمة، والحرب النفسية، وتردي الأحوال المعيشية، وضغط الأبناء والعائلات، لم يعُد، أمامنا، غير (سوق المواسير)، فتراجع فقه المعاملات المالكي، وأسقط في أيدينا، وأعيتنا المقاومة، ورويداً، رويداً .. انزلقنا!
هكذا دخلناها، يا بُني، وإنْ على خوف واستحياء، وإنْ بإحساس، في قرارة أنفسنا، بأن في الأمر شبهة خداع، رغم الفتاوى التي بررتها، وغررت بالكثيرين منا! إنها فتنة كبيرة، ولعنة حلت بنا أجمعين، وأكثر من تراهم، الآن، يجعجعون إنما هم متورطون بدرجات مختلفة! وأهل الرزانة، أنفسهم، انغمس أكثرهم في هذا الأمر، إلا من عصم الله، غير أنهم صمتوا على مصابهم، وصبروا، وكتموا، وقليل ما هم! لكن البلاء عظيم، والمصيبة كبيرة! يابني إن حالنا كحال أشعب حين أراد أن يخدع الناس، مرة، ، فقال لهم: إن في الشارع المجاور وليمة تقام، فلما رأى الناس يهرولون إلى حيث أشار، قام، من فوره، مهرولاً معهم، فسألوه: ولِمَ ذلك؟! فقال: ومن يدري؟! ربما كان الأمر، بالفعل، كذلك!
الجمعة
نقعة الفاشر. صباح يوم بهيج بُعيد انتصار ثورة اكتوبر المجيدة. ممثل جبهة الهيئات بالمدينة فرغ من إلقاء كلمته، وغادر المنصَّة، ليعلن عريف الاحتفال أن الكلمة التالية للحزب الشيوعي يقدمها الأستاذ صديق محمد البشير .. واشرأبت الأعناق! صعد إلى المنصة، بسمرته العميقة، وقامته المديدة، ووسامته البائنة، وسترته ناصعة البياض، يشعُّ أناقة، ووقاراً، وهيبة.
كانت تلك هي المرة الأولى التي يرن فيها اسم الحزب الشيوعي، جهاراً نهاراً، في الفاشر. قبل ذلك كانت هناك الجبهة المعادية للاستعمار، انتظم فيها بعض ابناء الفاشر، كصديق محمد البشير، وموسى عمر، وبعض موظفي البريد، والنقل الميكانيكي، والأشغال، ومجموعة مدرِّسين، خصوصاً في المدرسة الأهلية الوسطى. أيامئذٍ كان بعض خصوم الشيوعيين يرددون اسم هذا الحزب السوداني، في أوساط البسطاء، مرادفاً للكفر والإلحاد! لذا كان وقوف صديق مجاهراً بزعامته لشيوعيي المدينة، موضع دهشة عظيمة من مروجي تلك الأكاذيب، فقد عهدوا صديقاً، خريج معهد الفاشر العلمي، مواظباً على صلواته، ومناسك دينه، بصرامة، لم يشغله عنها شاغل، ومثالاً للسلوك الشخصي المنضبط، والسمو الأخلاقي بعيد الشأو، وكان تأثيره عميقاً في كل من حوله.
استهل صديق حياته العملية ب (مكتبة النهضة الثقافية) لصاحبها فضل محمدي، ولما أختلفا بعد حين، أسس (مكتبة الجماهير الثقافية)، فاحتدم التنافس بينهما، مما تذكر أجيالنا لا تزال. وكانت تلك الخصائص الشخصية النبيلة هي رأس مال صديق الأساسي، فضلاً عن ثقافته الموسوعية. وكانت ثمة لافتة معلقة، داخل برواز أنيق، في مكتبته، تحمل عبارته الشهيرة (أنا غنيٌّ بأصدقائي)! وقد استثمر تلك العلاقات، بالفعل، أفضل استثمار. برز ذلك بوضوح في تواصله مع أكبر المكتبات ودور النشر العربية، وافتنَّ زبائنه في تنويع طلباتهم من الكتب والمطبوعات، وأتقن هو تلبيتها خلال أزمنة قياسية. فإذا أخذنا في الاعتبار فترة الستينات التي شهدت ازدهاراً مشهوداً للثقافة في الفاشر، بل وفي السودان بعامة، فلا مجال للدهشة، إذن، أن ترد إلى المدينة، وقتها، مجلة (الآداب) البيروتية، ومطبوعات تلك الدار المرموقة، وصحف ومجلات (الحياة)، و(السفير)، و(الصياد)، و(الهلال)، و(المصور)، و(آخر ساعة)، ودواوين نزار قباني، ومؤلفات كولن ويلسون، وروايات ألبير كامو، وإحسان عبد القدوس، ويوسف السباعي وهلمَّ جرَّا.
كان صديق نفسه قارئاً ممتازاً، ومراسلاً موثقاً. كان يقتطع، بحرص، ما يعجبه من المقالات والمواضيع في الصحف اليومية، ويكتب على هوامشها أسماء تلك الصحف، وأرقام أعدادها، وتواريخها، ليرسلها إلى بعض أصدقائه الأثيرين في أصقاع العالم المختلفة. وصديق جامع تحف من طراز رفيع، فكنت تجد لديه أنواعاً من علب الكبريت الملونة، وقوارير العطر النادرة، والطوابع المختلفة، ينسق ذلك كله، بصبر، ودأب، ودقة، في ألبومات ومكانز خاصة، إضافة إلى مجموعة من الصور النادرة. وكان يهوى، أيضاً، زراعة الزهور، وكان بيته تحفة، هو الآخر، تشجيراً، وتنظيماً، وأناقة.
كان صديق محط الأنظار، دائماً، حين يحضر إلى بعض أمسيات الفاشر الساهرة، بصحبة أصدقائه، خصوصاً محمد نور الكرف، وجعفر محمد عبد الرحيم، وحيدر كوكو، فكنت تراه في أناقة تضاهي منصور خالد في زمانه! كان يرتدي أفخم البدل، وأشيك القمصان، وأرقى الأحذية. وصديق ذو خط جميل جداً، ولا يكتب رسائله إلا بالحبر السائل (الباركر الأصلي)، وأكثر أحبار رسائله باللون الأخضر، على ورق الرسائل الفاتح الزرقة، كما كان يكتب اقتباساته باللون الأحمر. وكنت ستعرف رسائله، منذ الوهلة الأولى، حين تأتيك من البريد في المظروف فاتح الزرقة أو الوردي، وعليه العنوان بالأزرق الغامق، ثم الاسم بالأخضر، ولا يحب استعمال القلم الجاف إلا مضطراً فهو يرى أن الحبر الجاف به شيء من جفاف العاطفة، فلا يحبه! وكان يحتشد للكتابة، ويترك أفكاره تنساب بتلقائية حميمة، ونادراً ما ترى كشطاً في رسائله التي لا تقل الواحدة منها، عادة، عن صفحات أربع، كلوحة فنان مقتدر، تؤنس وتبهج!
في منتصف الستينات قررنا، نحن طلاب الثانوي، ومعنا طلاب الجامعة من أبناء المدينة، أن نعد لمهرجان من بين فقراته مسرحية (هاملت) لشكسبير. كان بيننا، من طلاب تلك الأيام، البروفسير سليمان فضيل، طالب الطب بجامعة الخرطوم آنذاك، والأستاذ المرحوم علي آدم محمد صديق، ومولانا الطيب عبد المجيد، والأستاذ عبد الباقي محمد علي أبو سم، ومولانا عبد الحميد أحمد أمين، ود. محمد أحمد بدين، والمرحوم الأستاذ مختار محمد علي، وآخرون، وانضم إلينا صديق محمد البشير ليؤدي دور والد هاملت، وقد أديت أنا دور أوفيليا، إذ لم يكن ممكناً أن تقوم به فتاة آنذاك!
الحديث عن شخصية صديق محمد البشير الآسرة يطول ويحلو ويمتد، فقد كان نسيج وحده، سابقاً لعصره، ونموذجاً فريداً في الفكر، والنضال، والإنسانية، ونرجو أن نفرغ يوماً للكتابة عنه بما يليق. أنزل الله على قبره شآبيب رحمته.
السبت
هاأنذا جالس إلى الورق أشكو إليك أوضار الأيام الماضية وقسوتها في غيابك. أدران تراكمت على عقلي وقلبي، وأمشاج مما لا قبل لي به. ظننتها محض سحابة لا لبث أن تنقشع بقليل من الصبر، فإذا بها ريح صرٌّ فيها عذاب شديد! إن "بي نزيفٌ مِن جراح الآخَرين"، كما قال النور عثمان أبكر، والقتامة تزداد، وليس في الأفق ما يبشر بخلاص وشيك، و"الليلُ ينيخ على أفق مدينتنا والمَغربُ مربد/ ماذا تلِدُ الهرَّة سوداءُ الأبَويْن سِوى هرٍّ أسْوَدْ!"، أو كما قال جيلي عبد الرحمن. وهاأنذا إليك أشكو، ولمن غيرك؟! فهذا مغتسل بارد وشراب، فهل أجد عندك ما عهدت من أحلام سحرية تهدهدني بالدفء؟!
يوم أن بلغتُ القمة العشرين، كنت منتشياً بانتصاري. ومن شدة الانبهار آثرت أن استريح قليلاً، استمتع ببعض ما تحقق، والتقط أنفاسي للقمم التالية. لم أدر أني، مثل جواد المتنبي، "أضرَّ بنفسهِ طولُ الجمَام/ فأصبحَ لا يُطالُ له فيَرْعَى/ ولا هو في العليق ولا اللجَام"؛ أفلا يحق له أن يحمم وأن يمرض؟ على أني، وبك "فإنْ أحمم فمَا ... وإنْ أمرض فمَا .."!
كان غيابك كثيراً عليَّ، والأعجب أني كنت، حينئذٍ، تمنيته،لأسباب أغلبها معلومة لديك، إما لفطنتك التي تعدل بلداً بحاله، أو بحسك الأنثوي الذي لا يخيب. وما تبقى، وهو أقلُّ القليل، فلأنك أنت أنت! أما أقل القليل هذا، فلأني ظللت أبلو نفسي أمام الظروف التي تعرفين، وبعض الحصار الذي أحس أنني محاط به "رقيب واحد تنغيص عيش/ فكيف بمَن له ألفا رقيب"؟!
مع ذلك كان لابد لي، مهما يكن، من أن أتصل، وبالوسيلة الوحيدة المتاحة، إذ الهاتف محط الأنظار، وربما الاستفسار، فيضيق صدري ولا ينطلق لساني، ويتردد قول عبد الصبور "ما يُولدُ في الظلمَاتِ يُفاجئه النورُ فيُعرِّيه"! وآهٍ .. آهٍ لو أعود بالزمان القهقرى! "هَنيئاً لأهْل العَامِريَّة نشْرُها اللذيذ وريَّاها التي أتذكرُ"! و .. "يا أعدَلَ النَّاس إلا في مُعامَلتِي"! و .. "يا أجْمَلَ النَّاس وأبْهَاهُم وأنبَلهُم"! و .. "يا نَبْعيَ الفيَّاض ومَنْهَلِي العَذبِ"!
لو أن المعين نضب، فقد نضب فيك، ولو أن شأواً يمكن بلوغه في الهوى، فلعل أحداً لم يسبقني، ولكنه بحر بلا ساحل، ولو أن أحداً أوتي معجزة المسيح، فلعله ليس سواك مَن يعيدني إلى هذه الفانية، وإن عدت فلست في غيرك أفنى، ولكن "قلبي يُحدِّثني بأنك مُتلفِي، رُوحِي فِدَاك"!
هل نفد رصيدي من العواطف؟ إن كان قد حدث فقد أنفقته فيك! وابتغاء مرضاتك أشقى وأسعد "سِرْ أو أقِمْ، وقفاً عليك مَودَّتي .."! ولكن هَبْ أنه نضب فمن سواك يعيد للأيام نضارتها، وللأنداء غضارتها، وللملهوف ماءه و رواءه، من سواك يسعف، "يا خَيْبَة المَسْعى إذا لم تسْعِفِ"!
حِرصٌ أم لهفة؟ خوفٌ أم رجاء؟ وحينما تنبهم السبل، وتعمى الطرقات، وتعيي الحيل، فإن العقلاء، ولستُ منهم، يعودون إلى حيث البدايات الأولى، يستبينون السبيل، فإما إلى هدى، وهو المبتغى، وإما إلى ضلال جديد!
المَحْلُ الذي أصاب وادينا (أزوم) أنبأه بأن دوام الحال من المحال، فتعلم حكمة الصبر والصمت، وتعلم أن نفور الأحباب، سيما أيام المَحْل، لإلى حين، ثم ما يلبث أنهم يعودون، من بعدُ، إلى حضنه، باللهفة كلها، ف (أزوم) حليم، و(أزوم) وافٍ في سرائه وفي ضرائه!
أما والأمر سراب نحسبه ماء، فماذا نفعل في صحراء البُعد، والنسيان، والظمأ القاتل، وهجير هجر الأحباب، إلا أن نلهث خلف ما نظنه ماءً؟!
وأما الرضا، فهيهات، هيهات! كيف أرضى، ولست (المجنون)؟! أوَ ليس هو القائل: "وإنِّي لأرْضَى مِنْ بُثينَة بالذي/ لو ابصَرَهُ الوَاشِي لقَرَّت بَلابله/ بلا وبأن لا أستطيعُ وبالمُنى/ وبالأمَل المَرْجُو قدْ خَابَ آمِله/ وبالنَّظرةِ العَجْلى وبالحَوْل تنقضي/ أوَاخِرُه لا نلتقِي وأوائِله"؟! هو، وأيم الحق، إما (مجنون)، على الحقيقة، أو زاهد، ولست أياً منهما! وإذن، فلا أرضى حتى أفنى فيك، نتلاشى معاً كياناً واحداً، يصرخ من يصرخ، ويعوي من يعوي، لكنني لا أحسُّ بأهل ولا بلد، ولا والد ولا ولد، ولا صديق ولا أحد!
أعود إليك منك بك، "وَكَمْ هاربٍ مِمَّا إليهِ يَؤولُ"، ولم أبرح مكاني، بعدُ، فيك! فحدثيني عن كل جميل كان في متناول أيدينا وافتقدناه! لا حسرة، ولا ندامة، ولكنه مستحيل امتلكناه، ولعظمته يستحيل تكراره، عليه نحيا، ومن أجله نموت، إن لم نكن قد متنا بعد! إن أجمل ما عشناه كان هناك، خلفنا، هو هو، يكفي أني عندئذٍ، كنت بقربك، والآن تمتد آلاف الفراسخ بيننا، تشتط، تفرقنا، ولا تقربنا إلا هذه التقانة المدهشة، وهي من نعم الله الجليلة، ولكن كيف، وهيهات، وأنَّى لي بقربك القريب؟! أراك فأرى، وأسمع، وأشم، وأحسُّ، وأتأنسن، ثم إذا بي أتمثل ملكاً سويا! أين مني أريجك تنتشي به روحي، وتمتلئ به حواسي، ويملؤني جمالك، حتى أمشي في الشوارع فيغازلني الناس، أو كما قال بشرى الفاضل!
أين مني مجلس أنت به؟! "إنِّي لأفتحُ عَيْنِي حِينَ افتحُها/ على كثير ولكنْ لا أرَى أحَدا"! أبحث عن أريجك فتمتلئ رئتي بغبار المسافات، وتعمى عيوني من التحديق في فضاء لا تنيره ابتسامتك، ولا تصطبغ شمسه بإشراقك، ولا يموسق صباحه رنين ضحكتك!
الحاضر والمستقبل نختصرهما في أيام معدودات انتزعها كل عام، أشد بها الرحال نحو دياركم "ومَا حُبُّ الدِّيار شَغَفن قلبي"! وحتى هذه الهنيهات، تسرقها منا الترهات، ويا لسذاجتنا! نظل نتشاغل عنها بمعاذير نذرفها في ما لا طائل وراءه من تلاوم وتدلل، فلا نحسن حتى التعامل مع أيامٍ هي أندر من لبن الطير، وإذا بنا، في نهاية المطاف، كالقرية التي كفرت بنعمة الله فأذاقها لباس الجوع و الخوف! ألا ما أخوفنا حين نلتقي كما الطريد الذي إذا رأى غير شيء ظنه رجلاً!
ما جفَّ معين الكلام، بعدُ، ولا نضب، وما أكثر الكلمات التي تحترق في أتون الانتظار! إن في القلب حاجات، وفيك! لقد صدَقْتِ، معي لا مفر من أن تصطلي بنار جحيمي، فإن محبتي باهظة الثمن، إنها عبءٌ ثقيل! لك السلام!
الأحد
قال الأصمعي: سمعت أعرابياً، في فلاة الأرض، يقول في بعض دعائه:
"اللهم إن استغفاري إياك، مع كثرة ذنوبي، لَلؤم، وإن تركي الاستغفار، مع معرفتي بسعة رحمتك، لعجز. إلهي كم تحبَّبْتَ إليَّ بنعمتك، وأنت غنيٌّ عنّي، وكم أتَبَاغضُ إليك بذنوبي، وأنا فقير إليك. فسبحان من إذا توعَّد عفا، وإذا وعد وَفى".
Kamal Elgizouli [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.