ان الازمة الاتحادية بدات مع الزعيم اسماعيل الازهرى لان القيادة الاتحادية لم تستطيع قرأة الواقع الاجتماعى الذى بدا يتغير و بدات الحركة الوطنية تتصاعد وتيرتها فى منذ عقد العشرينات حتى عقد الستينات من القرن الماضى ان الخطأ فى القرأة هو الذى ادى الى تراكم الاخطاء فى مسيرة الحركة الاتحادية و بدانا نستبدل الخطاب النقدى الذى بدا يتخلق فى فترة مؤتمر الخريجين الى خطاب تبريرى يتجاهل الاخطاء متعللين باشياء غير منطقية لذلك لكى نحافظ على قدسية الرمز ابتعدنا عن نقد القيادة فى فترة الزعيم الراحل اسماعيل الازهرى الامر الذى ادى الى تراكم الاخطاء. فى بدايات القرن الماضى بدا لصراع السياسى فى السودان يفرز ادواته و عناصره الوطنية و العناصر المضادة للتغيير ثم بدات قضية الديمقراطية و الحرية تحتل مكانها فى الخطاب السياسى حيث بدا المد الوطنى يتصاعد و فى ذلك الوقت تتشكل ملامحه و يفرز تبايناته و اخلافاته المنهجية و الفكرية و من خلال هذا التباين فى الخطاب استطاع السودان ان ينتزع استقلاله و قبل ذلك جرت انتخابات عام 1953 التى فاز فيها الحزب الوطنى الاتحادى بالاغلبية الامر الذى ادى الى تفجير التناقضات التى كانت داخل تلك الاحزاب حيث بدات الطائفية تكشف عن قناعها حيث عملت الطائفة و المناصرين لها من اجل استيعاب الحزب الوطنى الاتحادى و السيطرة عليه بشتى الطرق فكان خروج بعض الوزراء فى حكومة الازهرى الاولى بزريعة ان الازهرى تنكر الى وحدة وادى النيل الشعار الذى كان يرفعه الحزب الامر الذى ادى الى اول انشقاق فى الحزب عام 1956. كانت هناك غفلة من الرئيس اسماعيل الازهرى و خطأه السياسى انه لم ينتبه الى مؤامرة الطاائفية و عملائها داخل اروقة الحزب الذين اشاعوا ان الازهرى ضد وحدة وادى النيل الامر الذى دفع الازهرى يصعد من خطابه ضد هولاء و من الخطاب تجاه الوحدة مع مصر حيث اخذت تلك التصريحات تصعد شقة الخلاف و فى ذات الوقت تغضب القيادة المصرية فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر الامر الذى ادى الى ان توعز القيادة المصرية الى محمد نور الدين بمعارضة سياسة الرئيس اسماعيل الازهرى و احداث الانشقاق الثانى بعد الاستقلال لم ينته الزعيم الازهرى الى الاسباب الحقيقية للانشقاق و اعتقد ان سببها هى قضية وحدة وادى النيل رغم ان الاسباب هى فى تصاعد دور المتعلمين و المثقفين بعد ثورة 1924 الذين بداوا فى البحث عن مواقعهم فى الخريطة السياسية و خاصة فى حزب الوسط. كان من المفترض ان ينتبه الزعيم اسماعيل الازهرى الى ان الائتلاف الذى حدث بعد اسقاط حكومته بين حزب الشعب الديمقراطى الذى اصبح يمثل طائفة الختمية و حزب الامة الذى يمثل طائفة الانصار بداية لتطور جديد فى الساحة السياسية حيث اصبحت قوى شبه الاقطاع فى جانب و القوى الحديثة فى جانب آخر و كان على الازهرى و رفاقه ان يعتبروا هذا الفرز هو نتاج طبيعى جدا من اجل المصالح و بالتالى يتعاملوا مع الطائفة بانها احد المؤسسات الاجتماعية التى تشكل عائقا كبيرا امام التطور السياسى و الديمقراطى فى البلاد لان التحالف الطائفى الذى تمثل فى " لقاء السيدين- السيد على الميرغنى و السيد عبدالرحمن المهدى" كان تحالفا ضد القوى الجديثة الناهضة و التى تعتبر هى قوى التنوير و الوعى. استمر التراشق بين الحزب الوطنى الاتحادى و الشعب الديمقراطى حتى جاءت انتخابات عام 1958 حيث نال الحزب الوطنى الاتحادى 44 دائرة و نال حزب الامة 63 دائرة و حزب الشعب الديمقراطى 29 دائرة الامر الذى مكن السيدين من الاستمرار فى تحالفهم هذه المرحلة كان من المفترض ان تشكل حدا فاصلا فى تفكير الزعيم الازهرى و ان يلتفت الى القوى الجديدة الصاعدة و لكنه فضل تجاهلها و خاصة الجيل الثانى للحركة الاتحادية الذى كان يمتلك رؤية لتطوير و تحديث الحزب الوطنى الاتحادى و الابتعاد النهائى عن الطائفة حيث بدا عددا من القيادات تنادى بعملية التغيير السياسى و بناء مؤسسات الحزب و العمل وسط قطاعات المتعلمين و المثقفين و المزارعين و العمال و الراسمالية الوطنية و كل القطاعات الحديثة باعتبار انها هى التى تشكل الضمانة الاساسية للنظام الديمقراطى و فى ذات الوقت هى القوة القادرة على محاصرة الطائفية و كان يتطلب ذلك توسيع مواعين الحزب و تفشى الديمقراطية فيها لكى يتم افساح المجال للتفاعل بين الافكار و الاجيال و لكن كان الازهرى يريد ان يجرى اية تغيير تحت سيطرته الكاملة الامر الذى خلق نوع من الوصايا على مجهودات الاخرين و ارائهم . ان عتزاز الزعامة بدورها و محاولة ان تشغل نفسها بموقعها و المحافظة عليه جعل بصيرتها ضعيفة فى استيعاب المؤامرات التى كانت تحاك من قبل الطائفة ضد النظام الديمقراطى و تسليم السلطة للفريق ايراهيم عبود و صحبه لان الطائفة شعرت ان التحولات التى بدات تحدث فى المجتمع و تمدد القوى الحديثة سوف يحاصر دورها السياسى و كان امامها خيارين اما تسليم السلطة للقوات المسلحة ثم تتحالف مع العسكر لكى تعيد مكانتها او ان توافق لاحداث تغييرات جوهرية فى مؤسساتها وذلك ايضا سوف يعجل بنهايتها فى خضم ذلك ايضا لم يدرك الزعيم الازهرى طبيعة التحولات الجارية لانه كان يراهن على السلطة و ليس استمرار النظام الديمقراطى حتى وقع انقلاب الفريق عبود الذى سلط جام غضبه ضد القوى الحديثة و المؤسسات التى تمثلها خاصة الحزب الوطنى الاتحادى فكان الموقف المبدائى للحزب الوقوف ضد النظام العسكرى بينما ذهب حزب الطائفة فى اتجاه اخر هو تأييد الانقلاب العسكرى. تأييد الطائفية لانقلاب الفريق ابراهيم عبود وفرت له الغطاء الشعبى الذى يريده النظام ثم انخرطت مشاركة فى مؤسساته و بدا النظام يقيد الحرية السياسية و مطاردت الوطنيين و ايجابية التحالف بين الطائفية و المؤسسة العسكرية انها فتحت منافذ لصعود القوى الحديثة و التفاعل فيما بينها فى كيفية تصعيد النضال ضد المؤسسات الديكتاتورية المتحالفة مع بعضها البعض لذلك ظهر دورا كبيرا للنقابات العمالية و المهنية بان تاخذ موقعها فى قضية النضال من اجل الديمقراطية و ظهور النقابات رغم انه اظهر دور القوى الجديدة لكنه فى جانب اخر اضعف عملية بناء المؤسسات السياسة التى بدات تعتمد بصورة اكبر على النقابات. بعد ثورة اكتوبر عام 1964 نقل الصراع على السلطة وفق معطيات و مستجدات جديدة حيث ظهرت قوى سياسية جديدة هى جماعة الاخوان المسلمين بقيادة الدكتور حسن الترابى ثم صعود دور الحزب الشيوعى بقيادة سكرتيره العام عبدالخالق محجوب ثم تيارات القوميين العرب هذا الحراك السياسى الجديد ادى الى تنوع و اختلاف كبير فى الخطاب السياسى الذى شكل تحدى كبير للقوى السياسية التى كانت تسيطر على السلطة عقب الاستقلال خاصة حزب الوطنى الاتحادى و حزب الامة و حزب الشعب الديمقراطى كان يجب على القيادة الاتحادية فى ذلك الوقت ان تعيد قرأة الواقع السياسى و الاجتماعى و تنظر الى التحدى باستراتيجية جديدة تعيد فيها اعادة النظر فى مؤسسة الحزب المهترئة و التى بدلا من الاتجاه الى احتضان القوى الجديدة الصاعدة انها بدات تفكر فى كيفية رجوع جماهير الطائفة للحزب. نواصل zainsalih abdelrahman [[email protected]]