حول دعوة قطب الإتحادي الديمقراطي ونائب رئيس الحزب "علي محمود حسنين"، لتشكيل جبهة عريضة لأسقاط نظام الإنقاذ مقدمة، من حيثيات الدعوة فهي موجهة لكل أفراد الشعب السوداني وبما لا تستثني قواه السياسية!. فهل هي دعوة قابلة للتطبيق؟. وهل يتيح الوضع السياسي والإجتماعي الراهن! أن يجيش شعب السودان وراء دعوة حقٍ من أجل هذا الوطن؟؟. أولاً،يتبدى لنا إنها دعوة خارج إطار الحزب الإتحادي الديمقراطي بمختلف إنقساماته، حيث حتى المعارض منها يهادن نظام الإنقاذ ويدعو لإصلاحه من الداخل، بل ولم يبخل أي فصيل من هذا الحزب في مد يد الدعم والعون للمؤتمر الوطني الحاكم رغماً عن ما عاناه الحزب بمختلف فصائله من مهزلة التزوير التي سادت الإنتخابات العامة تلك!. وهذا ما يذهب بنا للقول إن الحزب الإتحادي الديمقراطي غير معنيٌ بدعوة نائب رئيسه لإسقاط نظام الإنقاذ..!. ثانياً،يتضح إنها دعوة مفارقةٌ لكل الأطر الحزبية التي تعمل وفق مظلة العمل السياسي الجاري اليوم في السودان.! حيث لا يعقل أن يكون لأي حزب ما! دار ونشاط،( في سودان التوالي بمفهوم سلطة الإنقاذ وسودان التحول الديمقراطي بمفهوم الواهمين - الحالمين بتغير في عقلية إنقلابي الإنقاذ)وفي ذات الحين يشارك في عمل يهدف لإسقاط النظام الذي يمنحه هذا أو ذاك القدر! من حرية الحركة داخل مؤسسة دولةٍ سودانيةٍ محروسةٍ بأجهزة أمنية وعسكرية غير مسبوقة في تأريخ السودان..!. صاحب الدعوة، نذهب مع القائلين بأنها دعوة صادقة وجادة! من قبل نائب رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي، وهو يسعى حقاً، وقد سعى، لبتر شافة هذا الذي إستأسد على الكل في الخرطوم!. لكن من أين يمكن أن يبدأ الداعي؟، وما هي موجبات دفعه لشعب السودان حتى ينخرط في عمل لن يجابه به نظام الإنقاذ فقط!، بل يتعدى ذلك إلى مواجهة قد تشمل نظام عالمي لا يبحث عن مصالح الشعوب!، بل عن إستقرار عالمي يكفل لهم نهب الشعوب المستضعفة والتي نشكل إحدى ركائزها المهملة!!. ومن ثم،كيف يطلب من أبناء وبنات السودان أن يلقوابثقلهم وراء زعيم يمثل قمةَ تنظيمسياسي موالياً لنظام الإنقاذ في الخرطوم! وبدعوى لإسقاط ذات النظام!؟.وكيف يستقيم عقلاً الجمع بين نقضين!؟، إحداهما يسعى لإصلاح ما إفترض أنه معوج! وثانيهما يهدف لطمر ما أبان الزمن قبل الفعل عدم صلاحه..!. لا يتقبل العقل أن يظل نائب رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي متمسكاً بحزبه ويدعو في ذات الوقت لتدمير حليف حزبه! الذي يقود سلطة القهر في الخرطوم.!، وهنا لا يسعنا سوى القول بإن ذاك لا يستقيم إلا بخروج للحزب الإتحادي الديمقراطي من مظلة السلطة الإنقاذية والإلتحاق بهذا الركب الذي يدعونا له نائب رئيسه، وإلافي مقابل ذلك يفترض على الأستاذ علي محمود حسنين أن ينأى بنفسه عن علاقة تربطه بحزب يعلن على الملأ بتواليه مع سلطة الإنقاذ المتأسلمة في قلب ديارنا..!. الحق يقال،لا أحد منا يجادل في مواقف للأستاذ علي محمود حسنين في مواجهة نظام الإنقاذ، لكن صدق الدعوة يجب أن ينبع من مواقف تتسم بالوضوح! ولا يشبوها أي غموض!!، فشعب السودان قد إكتوى كثيراً، ولن يكون أخر ما إكتوى به دعوةٌ من الحركة الشعبية لسودانٍ جديد!!، لم نجني منها سوى وطن مقسم، نذير شؤمه يوم التاسع من يناير القادم..!. فكيف يمكن للداعي أن يقنعنا بوجوده في موقعين متناقضين!، ودعونا نتسآءل إن ستتغلب دعوتهلإسقاط نظام المؤتمر الوطني في الخرطوم!!؟، أم سينجرف وراء سعي حزبه لإصلاح ذات البين من داخل أروقة النظام؟. وهل إن تمدد حزبه وأمسك ببعضٍ من مفاتيح السلطة سيظل في دعواه هذه لإسقاط النظام؟، أم ستلحق الجبهة العريضة لأسقاط نظام الإنقاذ بمقولة السودان الجديد!!؟. المدعوين، من يمكن له أن يشارك في هذا العمل؟. الإجابة البديهية والمنطقية! كل أفراد المجتمع السوداني الذين سامتهم عصبة الإنقاذ عذاب الدنيا قبل أن تسترخي أجسادهم.!!. ولكن..!هل بوسع جبهة كهذه أن تستقطب أفراد الشعب السوداني متجاوزة لهياكلهم السياسية؟، وفي ظل ظروف معيشية تفنن نظام الإنقاذ أن يضعهم بين فكيها بحيث لا يستطيعون معها حراكاً.!. بدءاً، منتسبو القوى السياسية التي إرتضت أن تعمل من داخل دولة الإنقاذ لن يغامروا بإدارة رؤسهم لهياكلهم السياسية سعياً وراء هيكل لم تتحدد معالمة، وأن إرتضت فئة منهم فهم حتماً هاربون من جحيم داخلي..!. منسبو القوى السياسية الذين يتوقع أن تدغدغ أفكارهم دعوة الجبهة العريضة هم من القوى الراديكالية، وهم في ذات الحين أكثر القوى إلتزاماً بمبدأ العمل الجماعي والإنصياع للقرارات التنظيمية، وهو ما يقول بعدم إندفاعهم لهذا الجديد قبل أن يتبينوا ما به ومآلاته!!. وأن لم يستطع الداعي أن يحسم موقفه ما بين رفع راية للعصيان أوالإنصياع لدعوات حزبه!، فكيف لهؤلاء أن يحسموا أمرهم وينخرطوا في هذا الجديد..!!، أما أولائك الناشطون من القوى التقليدية فلن يكن لهم من وجود إلا من وصل به المقام! لمقام الداعي، وهم من وحي إلتزاماتهم الحزبية لا يخوضون حروباً إلا أن دثرها قادتهم بأثواب دينية أو طائفية..!، وهو أمرٌ بعيد المنال على الأستاذ على محمود حسنين! في خلافه مع الزعيم الطائفي الذي ينتمي له! أو ذاك الذي لا يرى فيه سوى خصمٌ أشد نِكالاً من نظام الإنقاذ..!. غير أن الدعوة تجد لها صدىً عند من يحملون بنادقهم مقارعةً لنظام الإنقاذ المتأسلم في الخرطوم! وبخاصة الداعين لحل مشاكل البلاد بدءاً من سيطرة المركز!!. وهؤلاء لن يأتوا فراداً لهذا العمل الجبهوي رغماً عن أنه يصب في أهدافهم التي أعلنوها، كما ولن يدفعوا بسلاحهم ليصبح تحت إمرة من لا تستبين خباياه على المدى القصير والبعيد. وهم وإن إنخرطوا في هذا العمل الجبهوي فلا بد من أن يحقق أهدافهم وطموحاتهم، وفي سبيل ذلك يكون من الخطأ المميت ترك أمر قيادة تحركهم لمن لم تنجبه بنادقهم..!. إن كانت الدعوة موجهةٌ لتلك الصفوة التي إستمرأت الترزق على موائد مأسى شعب السودان.!،فلن يكون نصيبها بخير من تجمع وطني ديمقراطي ذبح على مشارف وعود سلطة الإنقاذ بسودان ديمقراطي تبينت ملامحه وإنتخابات مهزلة تأريخنا السوداني في أبريل 2010م. أما إن كانالمقصود بهذه الدعوة قوى تقارع نظام الإنقاذ من وحي فوهة بنادقها! فعلينا إعادة قراءة الإنقسامات التي شرذمت حركات دارفور. ولنرقب ذاك التململ، الذي يصيب من يحملون السلاح، حين يرمقون أفواه لا تحسن شيئاً سوى مزيداً من التصريحات التي تروى بأجهزة تكيف ترطب فنادق العواصمالغربية..!. وكيف يمكن لمن لم تضغط يده زناداً أن يطرح نفسه موجهاً لحراك ثوري يفرض التغير بشكل يومي..!؟. تحتاج حركات دارفور دعماً سياسياً من قوى المجتمع السوداني في مواجهتها لنظام الإنقاذ، وقد أبانت ذلك صراحة حركة العدل والمساواة حين دعت القوى السياسية وقوى المجتمع المدني للإنخراط في هيكلها التنظيمي. وهي وإن لم تحقق النجاح الذي ترجو من وراء دعوتها تلك!!، فقد يعود ذلك إلى إن دعوتها قد حسبت محاولةًإحتواءأو إلغاء للآخرين..!. وهاهي الفرصة تطرق بابها من خلال دعوة الأستاذ على محمود حسنين!!،وهي فرصة للعدل والمساواة أن تطرح نفسها حركة لكل السودان وليس لغربه المنكوب فقط.!!. وذلك لن يتأتى إلاإذا إرتضت تنازلنا عن قدر كبير من إستقلالية حركتها، ولربما إعادةٍ لتوجه يربطها دوماً بقوى الأسلام السياسي في السودان.!. إن أفلح الأستاذ في دعواه وجذب أهل العدل والمساواة، وقد قطع شوطاً مقدراً في هذا الإتجاه!، فهو هنا يكتبأول فصل في دثر هذه الجبهة العريضة التي يدعو لها!!. ولن يكن له من مجالٍ سوى القناعة بتحالف سياسي عسكري يجمعه وحركة العدل والمساواة!، في حين يكون قد إغلق الباب عملياً أمامقوى دارفورية أخرى دون أن يقصد. وبالرغم من أن هذا لن يقدح في مصداقية جبهته وقدراتها إذا وضعنا إعتباراً للثقل النوعي و العسكري التي تمثله العدل و المساواة، إلا أنه لن يزيد قضايا السودان سوى فصيل آخر لن يكن بمقدوره حلحلت إشكالات مستعصية تحيط بالوطن أبان الأستاذ معارجها حين طرح دعوته لقيامالجبهة العريضة لإسقاط نظام الإنقاذ في السودان.!. والآن،هل يستطيع الأستاذ على محمود حسنين تحريك الشارع السوداني داخل المدن دون الركون لقوى مجتمع السودان السياسية!؟. أمرٌ يبدو بعيد المنال وأبعد منه قبول أي من هذه القوي الإنخراط في هذا العمل الجبهوي الذي يدعو له!،في ظل قوانين أمنية تحكم الشارع السياسي، ولا تتورع سلطة الإنقاذ من إستخدامها حتى حين تلجأ للتستر على إحدى فضائحها التي لا تحصى ولا تعد..!. لم يتبقى للجبهة العريضة الوليدة!سوى التحرك وسط المنظمات الجماهيرية والنقابات العمالية والمهنية، وإن كانت سلطة الإنقاذ تحكم سيطرتها على الحركة النقابية وتلجم قادتها الشرعيين من خلال قوانين أمنها، فإن المنظمات الجماهيرية أضحت في زمان الإنقاذ العدمي عنوانٌ للفشل! ومرءآة لقوى سياسية تفننت في إبتداع تنظيمات تعج بها ساحة العمل الوطني ونتاجها خواء!، وهو ما يجعل التحرك الجبهوي في هذا المجال أمرٌ صعب المنال..!. أَوجب التصدي لنظام الإنقاذ ضرورة وجود منافذ حركة نحو دول الجوار، واليوم مأساة قائد حركة العدل والمساواة دليل على تأثير تلك المنافذ، فهل لنا من منفذٍ لهذا الجبهة الوليدة والسودان محاط بدولٍ تحركها مصالحها مع عصبة الإنقاذ قبل تفكيرها في مأساة أهل السودان..!. الأستاذ على محمود حسنين له علاقات خاصة والجارة في الشمال مصر، وهي أي مصر سبب كل البلاء الذي حل بالسودان ماضياً وحاضراً وهاهي تعد لنا حفلة التشرذم الآتي في يناير القادم.!. وأهل العدل والمساواة سحبت من فوق رؤوسهم مظلة تشادية كانت تقيهم بعضاً من شواظ نظام الإنقاذ!!، وهاهو قائدهم، في غياب العمق التشادي، بين يدي هذا الذي جُبلَ على بيع كل شئ في سبيل مطامحه الذاتية.!. فهل ستسبح هذه الجبهة داخل حدود الوطن دون بحث عن مرتكزات إنطلاق من دول الجوار!!؟، وقد أغلق نظام الإنقاذ منافذ الشرق!، ووضعت الحركة الشعبية ذاتها! جداراً فاصلاً بين الشمال المنكوب وجارات كانت تحسب في الجنوب..!. في الختام، إن كانلهذه الجبهة الوليدة من عمل فلن يكون سوى تزاوج في بيتنا السوداني، بين عمل عسكري قد تكون بوابته حركة العدل والمساواة أن إسقطت وجهها الجهوي، وحراك إجتماعي لن يجد له منفذاً سوى العمل من خلال قوى الشارع السوداني بمنظماتهالشبابية والنسائية والطلابية، ودفع لتمثل حقيقي للعاملين من خلال هيئات نقابية تعبر عنهم، لا هذه الأصنام المفروضة عليهم من قبل سلطة المركزالمتأسلم في الخرطوم.!. فهل بمقدور الإستاذ على محمود حسنين أن يقود هذا الصراع الإجتماعي وهو من إسترضع القوى الطائفية.!؟. وهل بمقدور الأستاذ نزع عباءة العمل الموجة من قبل الزعيم الأوحد!، والعمل من خلال مشورةٍ تضع الجميع على قدر المساواة، وهو ما لن يرتضي بأقل منهأبناء وبنات شعب ذاق الضيم طوال خمسة عقودٍ وتزيد.!؟. وهل بمقدور حركة العدل والمساواة إشراك الآخرين في عملها العسكري، وإيجاد منفذ تُزاوج بين عمل عسكري وآخر سياسي في ظل هذه الإنقسامات التي تهددها كل يوم.!؟. نأمل أن تحقق لشعب السودان، إطروحة الأستاذ على محمود حسنين ما فشلت فيه قوانا السياسية طوال أكثر من عقدين من الزمان، وأن يبدو لنا رهانه على ما ليس في متناول يده!!، إنتظاراً لآخرين لا يدري أي مقدارٍ من الشوط هم سائرون في ركب هذا الذي يدعو إليه!. وهم في ذات الحين يتوجسون مما يحمله لهم مقبل الأيام والليالي..!. كلمة أخيرة، رغماً عن تقديرنا لمواقف الأستاذ على محمود حسنين ومناهضته لنظام الإنقاذ، فإن عهد القائد الذي تلتف حوله الجموع قد ولى!، وما على الأستاذ إلا أن يقدم لنا دفعه الجماهيري لهذا الذي دعى!!أن أراد للجموع أن تنجرف وراءهسعياً لبناء سودانٍ جديد!!الكل يتوق ليوم مولده.!. [email protected]