السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريمه قتل قديمه فى امدرمان ..... بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 16 - 08 - 2010


فى الكرسى الساخن فى سودانيات وجه لى هذا السؤال .
(( أول سؤال تم توجيهه للاستاذ شوقي بدري في هذا البوست جاء من الدكتورة احسان فقيري عن ملابسات مقتل ابراهيم سند التي كتب عنها عمنا شوقي بدري في كتابه حكاوي امدرمان وفي كتابات متفرقة اخرى. وبالفعل, فقد مثل موت ابراهيم سند المأساوي صدمة كبيرة لاسرته ولمجتمع امدرمان بصفة عامة في ذلك الوقت, وظل الغموض يكتنف تلك الحادثة. بالطبع لم أكن موجودا في هذه الدنيا في ذلك الزمان. ولكن كجزء من اهتمامي بالتاريخ, فقد كنت مهتما بتلك الحادثة.وأذكر ان مقتنيات ابراهيم سند كانت مخزنة في "القاطوع" في البيت الذي نشأ فيه حتى وفاته, والذي أصبح فيما بعد بيتنا, وأذكر انني قد قمت باخراج كراسي القماش والمقاعد خاصته والتي كانت لا تزال بحالة جيدة وحرصت على وضعها بصالون البيت وفاء لذكراه.
قبل فترة جآءت والدتي الحاجة آمنة حسن جميل لزيارتنا هنا في امريكا, وهي سيدة حكّاية ولها ذاكرة ممتازة, وقد حاولت أن استخلص منها بعض التفاصيل عن مقتل ابراهيم سند. حسب روايتها -باختصار-, ان إ سند الذي كان يعمل وكيلا بالبوستة قد كان يتمتع بقوة جثمانية فوق العادة, وقد كان يرهب فتوات امدرمان في ذلك الزمان ويقف لهم بالمرصاد,ولهذا فقد كان بينهم عداء أدى الى رحيله المأساوي, ونتيجة لقوته الخارقة, فقد عمد اعداؤه الى دق المسمار على رأسه على حين غفلة منه حتى يشلوا حركته.
المعلومة الجديدة بالنسبة لي ان قاتله قد تم اكتشافه بعد سنوات طويلة بالصدفة والذي كان يدعى ب "كبس الجبة"- ما عارف هل كتبتها صاح- وكبس الجبة هذا كان من فتوات امدرمان الشهيرين, ويقال انه كان يترصد بمناسبات الافراح وفي لحظة معينة يقوم باطفاء الرتينة حتى يستولي على الاموال التي كانت تجمع للعريس, وفي واحدة من مداهماته تلك أصابه رجل أعمى مما أدى وفاته لاحقا, ويقال أنه قد أبدى غضبه وحسرته وهو على فراش الموت, أن تكون نهايته على يد أعمى وهو الذي قتل ابراهيم سند!,,,, القصة تبدو مثل حكاية عنترة بن شداد,,, ولعل التاريخ قد أعاد نفسه.
وهنا أسأل عمنا شوقي بدري, ماذا يعرف عن كبس الجبة هذا, وماذا يعرف عن هذه الواقعة التي أدت الى نهايته )),,,
الابن / معروف سند لك التحية ..
وفاة الخال ابراهيم سند شغلت الرأي العام في امدرمان لفترة طويلة. و لا يزال الناس يتحدثون عنها خاصة اهل بيت المال و لا تزال المأساة عالقة باذهان الكثيرين. و هناك عشرات القصص عن سبب موته مثل القصة التي اوردتها والدتك لان القاتل لم يوجد. و سأحاول هنا ان اساعد في كشف بعض الاسرار.
الحقيقة ان ابراهيم سند كان شابا قويا و وسيما و معتدا بنفسه. الشباب كانوا يبحثون عن مجالات اللهو والمرح و النساء. منطقة بيت المال و امدرمان القديمة كانت قديمة و مؤسسة، و الناس يعرفون بعضهم البعض و كل الاسر متداخلة و يجد الانسان نفسه بانه داخل المنظومة و عليه ان يحمي حلته و بنات حلته و اولاد حلته . كما قلت ان امدرمان خرجت من عباءة بيت المال و امدرمان القديمة. و الاطراف في امدرمان كانت في الاربعينات و الخمسينات تعتبر مناطق جديدة. و كان كثير من النازحين لا يعرفون بعضهم البعض و كانت اماكن اللهو و الشرب و السهر في هذه الاطراف هذا اذا استثنينا منطقة وسط امدرمان (فريق جهنم) و منطقة العباسية كانت مناطق يتواجد فيها الخمر و النساء مثلها مثل بعض الاماكن الاخرى.
مشكلة ابراهيم سند انه كان خارج منظومة عباسية-موردة و ارتبط بالخالة سالمة التي كانت شابة طويلة حسناء ممشوقة القامة، صارت جارتنا في "العباسية فوق" في بداية الستينات و كانت تخطو نحو الاربعين، كان لسالمة في شبابها كثير من المعجبين و كانت ترتدي عادة الجميل من الثياب و تبدو كأمرأة معتدة بنفسها و تحسن التصرف كانها سيدة بحق و حقيقة. و كانت عندما تحضر لمنزلنا للتحية تتطرق للخال ابراهيم سند و تحكي عنه و تتحسر لموته، و تعتذر لامي لانها تربطها علاقة بآل سند و هي من سكان بيت المال، كما تربطنا قرابة بالدكتورة احسان فقيري . و ابراهيم سند رحمه الله فاز بقلب سالمة و لم يعجب هذا البعض، و الذي قتل ابراهيم سند كان من المعجبين بسالمة و القتل لم يكن بسبب المال او الذهب او اي شيئ كهذا.
كانت الغيرة و التفرقة الاثنيكية، في ذلك الزمان كانت سالمة (خادم) او بقايا الرقيق، و كانت تقول انها على صلة بآل ابو العلا، و هذه مخلفات الرق الكريهة، و سند كان يعتبر (ود عرب) و لقد تعدى حدوده، و كان يحضر من بيت المال الى العباسية و الموردة و اخيرا فاز بقلب احدى الحسان. موت ابراهيم سند كان بواسطة مسمار غرز في رأسه، و كان الناس يبالغون و يقولون انه مسمار مراكب كبير دق في رأسه بمطرقة ثم القي به في خور ابو عنجة. و لكن القصة الحقيقية كانت مختلفة قليلا، فموت ابراهيم سند لم يكن مباشرة بل اخذ ابراهيم سند عدة ايام قبل ان يموت. و الامر كان معركة اصيب فيها، و سبب الموت هو انه لم يعرض على طبيب. و كانت سالمة و بقية سكان المنزل يتوقعون ان يشفى سند الذي كان يأن و يتألم و "يقنت" و كان الجيران يسألونها و تقول "غنمايتنا بتلدي"، و وجود غنماية كان يعني ان المنزل لم يكن منزل دعارة مفتوح مثل "فريق جهنم" عندما يدخل الناس و يخرجون في دقائق، بل ان اهل المنزل كانوا يعيشون حياة عادية او شبه اسرية. و كان كثير من المنازل في منطقة العباسية و الموردة يقدمون المشروبات البلدية الروحية، و قد تجالس صاحبات الدار و بعض الفتيات الزباين في السمر، و قد تستلطف صاحبة الدار و فتياتها بعض الزوار و من يأتي بالهدايا و يحيطونهم ببعض الاهتمام، و سالمة و ابراهيم سند كانا في حالة حب او استلطاف و هذا هو سبب قتل سند.
و عندما توفي سند لم تعرف الفتيات كيفية التصرف و اخذوا جثته و تركوها بخور ابو عنجة .. و كان قد حدث ان بعض الرباطين قد اعتدوا على بعض الناس في خور ابو عنجة. و كان النهب يمارس في امدرمان حتى نهاية الستينات و بداية السبعينات، و يحدث هذا في القماير و منطقة كلية التعليم بو دنوباوي و المساحة الخالية بين امدرمان و امبدة، و لكن تبقى منطقة خور ابو عنجة هي مركز الرباطين. ولم يكن كل الرباطين باشرار و لكنه نوع من الفتونة و الرجولة و لم يعتبروا عملهم اجرامي، بل كان امتدادا لروح البادية و الهمبتة، و كان هؤلاء الرباطين اول من يهبون للنجدة و اكرم الناس. و هناك قصة الفنان عبيد الطيب له الرحمة، الذي كان آتيا من بانت بعد حفلة فاوقفه الرباطون، و عندما شاهدوا العود طلبوا منه ان يغني لهم، وتسامروا معا في انس و متعة و تقاسموا صندوق السجائر الكبير الذي اهداه له العريس و اكملوا السهرة الى الفجر، ثم ودعوه و وعدوا ان يحموا حفلاته و قد كان.
الغرض من ترك جثة ابراهيم سند في خور ابو عنجة هو تضليل البوليس بان العملية و الجريمة قام بها الرباطون، و لكن امدرمان كانت صغيرة و اشارت اصابع الاتهام الى سالمة، و اعتقلت لفترة طويلة و وقتها لم يكن يسمح بتعذيب المتهمين، و كانت تقول ان آل ابو العلا حموها، و قد قال لها مدير السجن "و الله ما شفت لي مسجونة نظيفة و قيافة و ممسحة زيك، و العواميد و البستلات داخلة و مارقة بالاكل". و لم تعترف سالمة و ربما خوفا من ما قد يحدث لها او لاهلها، و قد نصحت بان لا تورط نفسها او اي انسان آخر . الا انها كانت متأثرة حتى بعد سنين عديدة بموت ابراهيم سند ..
قصة ان كبس الجبة قد قال في موته و افتخر بقتله سند، هذه قصة ليس لها اي نصيب في الحقيقة. فكبس الجبة قتل برصاصة في الرأس بمسدس العم خاطر، في حادثة فرتكة حفلهم ببيت المال كعادة الفتوات و مات مباشرة. و كما اورد الاستاذ الاخ هلال زاهر الساداتي فان شقيق كبس كان يقول "كبس لم يكن ليموت الا بالرصاص لانه مافي شي بوقفه" . و كبس لم يكن بلص او سارق او من ينهب و ياخد "ختة العريس". و كما ورد انهم كانوا يطفأون الرتينة ثم يسرقون "النقطة" ، عندما قتل كبس كانت البيوت تضاء بالكهرباء ، و منزل آل خاطر كان محاطا بالزينة و الانوار الملونة، و عندما اطلقت النار على كبس كان يحمل كرسي خيزران و يحاول قطع سلك الزينة ، و السبب انهم قد منعوا من ان ياخذوا شبال من البنات الراقصات في الحفل، و كان مع كبس مجموعة من الاشداء اولهم احمد عبد الفراج، رحمة الله عليه، و هو خال الفنانة حنان بلوبلو، و عرف في امدرمان ب "قدوم زعلان" و شقيقه خضر كرموش و معهم دغماس و راس الميت، واسم راس الميت اتى من ثقافة السينما، حيث كان هناك كاوبوي يرتدي قبعة عليها رسم جمجمة. برأت المحكمة العم خاطر و محامي الدفاع كان محمد احمد المحجوب، رئيس الوزراء فيما بعد، و دفاعه سبب شرخا في علاقة الناس في امدرمان، فقد سأل احد الشهود و الذي قال انهم لم يقصدوا شرا في الحفل، فسأله المحجوب انتوا منو ؟؟ فقال له انا و المرحوم كبس، و قدوم زعلان، و دغماس، و راس الميت، فقال المحجوب للقاضي بطريقة مسرحية : سعادتك دي اسامي ناس اولاد ناس ما عاوزين مشاكل و جايين من الموردة !! ...
وجد اهل الموردة و العباسية صعوبة في تقبل الامر، بالرغم من ان المحجوب كان من مجموعة الهاشماب مثل الادباء محمد و عبد الله عشري و هؤلاء من الشلك، و ان الامر هو عبارة عن حيلة محاكم، و لكن الامر حز في نفس الكثيرين، و اعتبرت براءة العم خاطر نوع من العنصرية و بالرغم من ان كبس الجبة كان لاعبا في فريق الهاشماب كذلك.
لسؤ الحظ كان مقتل ابراهيم سند ينظر اليه بنظرة عنصرية، و ظهرت هناك اغنية شعبية تتطرق للجريمة و فيها بيت يقول "حلتكم بعيدة و بخاف انا من عبيدها" . كبس لم يصطدم بابراهيم سند، و كبس و مجموعته كانوا صبية في الجيش فيما يعرف ب "نص تعيين" ، و هؤلاء الصبية يدربهم الجيش كي يصيروا ميكانيكيين، نجارين، تفشكية (يصينون و يصلحون الاسلحة)، و بنايين، و عندما يكملون الثامنة عشر يصيرون جنودا يصرف لهم الزي الكامل و هو عبارة عن جبة و تكون واسعة يأخذونها للترزي للتقييف، و لكن كبس بسبب التمارين الرياضية و الاكل المتوفر كبس الجبة و هذا سبب تسميتة. اشتهر كبس كملاكم ولم يستعمل اي سلاح في معاركه بل يده فقط، و عندما كان الشاويش الانجليزي الضخم يدربهم على الملاكمة، صرعه كبس بلكمة واحدة. اشترك كبس في معارك و مشاجرات كثيرة و سجن بسببها لانها كانت عنيفة و دموية.
بعد الحرب العالمية الثانية سرح كثير من الجنود و احيلوا للاستيداع، و تطوع كبس و مجموعة للحرب في فلسطين بتشجيع من العم زاهر سرور الساداتي، و رجعوا محبطين بسبب الهزيمة و اعتقال قائدهم زاهر سرور الساداتي. و التفرقة العنصرية و الاهانة التي وجدوها في احيان كثيرة من من ذهبوا ليدافعوا عنهم. و هذا العنف و عدم الانضباط يمر به الجنود بعد الحروب، مثل محاربي فيتنام في اميركا، و لفترة كان كبس يدير الشادوف او النبرو الذي كان يسقي حديقة برمبل او الريفيرا بالقرب من الطابية، و هذا لتخفيف عقوبة السجن عليه .
قصة سالمة و ابراهيم سند هي قصة حب و غيرة، و القتل كان بسبب الغيرة، و المنطقة التي كنا نسكنها في "العباسية فوق" و التي جاورتنا فيها الخالة سالمة ضمت انماط مختلفة من البشر، اشهر البيوت ما عرف بحوش البقر، و هو حوش كبير يسكنه عشرات الناس و يستأجرون غرفا و صاحب المنزل محمد خير و زوجته زوهرة و من سكانه ام سعيد و ابنها سعيد و بعض الفتيات، فاطمة مسمار النص و لونها فاتح، و كانوا جيراننا المباشرين من ناحية الغرب، و كانت هنالك فضل الساتر جارتنا من الجهة الشمالية، اخصائية القام زوت ، و اليمني علي ابن علي صاحب الدكان و متزوج سودانية، و كانت هنالك بت احمد صاحبة احسن عرقي في السودان، و جارتنا كذلك حواء كلاب اشهر بائعة عسلية في امدرمان، و يعم دارها نخبة مجتمع اهل امدرمان من افندية و صنايعية و يحجز الانسان مكانه و شرابه ليوم الجمعة مسبقا، و كانت هناك شخصيات اخرى مثل عيسى بن مريم و كاسترو من النجارين، و في نفس هذا الزقاق عام 1963 اشتبك الدابي و علي عليليبة جزار الكيري و انتهت المعركة القصيرة بان فتح علي عليليبة بطن الدابي بسكينه و الدابي يحمل عصا، و حدث هذا امامي و امام بابنا و السبب كان الغيرة، و حكم القاضي محمد صالح عبد اللطيف زوج اختي، و الذي كان يسكن معنا، حكم بالسجن 12 عاما على علي عليليبة بتهمة القتل العمد و ليس القتل العمد مع سبق الاصرار و الترصد، التهمة التي تؤدي الى الاعدام. هذا يؤكد ان الغيرة كانت السبب في موت ابراهيم سند.
في نهاية 1995 و في بداية الشتاء شاهدت رجل يحمل ملامح اهل جبال النوبة، و يرتدي فنيلة صوف و بنطلون انيق في السردارية بين منزل آل ابو سنينة و آل البيلي يتسرب الدم من ثقب صغير في الجانب الايسر من جبهته و هو يترنح، و لحق به العم تمتام و رجل آخر و ارجعوه الى منزل العم تمتام، و عرفنا من ابن العم تمتام الذي يصغرنا قليلا ان حامد ضربه بخشبة فيها مسمار، و حامد من ابناء الحي و شقيق صديقي عبد الرزاق اسحاق "ابو رزقة" و عبد العزيز اسحاق حلاق الموردة المشهور، و عرفوا باولاد اساغة "الاشارة لتوضيح ان الاخ حامد ينتمي لغرب السودان و دفاعه عن ابنة تمتام الذي ينتمي لجبال النوبة كان بمفهوم الشجاعة في ذلك الوقت ، و حامد لم يكن ضخم الجثة و لكن كان يدافع عن ابنة الحي بغض النظر عن اصلها" و اولاد اساغة تميزوا بحسن الخلق و الادب، و حامد صار مسؤولا عن توزيع المواد التموينية في عهد مايو. و امتاز فى آخر ايامه بالتدين و مساعدة اهل الحي و تحمله للمسؤلية. سبب ضرب حامد للرجل ان المصاب أساء التصرف مع احدى بنات تمتام و حامد تصرف طبيعيا كأبن الحي بالرغم من ان العم تمتام كان يبيع العرقي في منزله في حي السروجية .
تعرفت بالمصاب فيما بعد و صرت اجالسه في مقاهي امدرمان، و هو عبد العزيز جهاز، سمي بذلك لانه كان يردد دائما جملة " انعل د.. اي جهاز و ك.. اي جهاز" ،و كان من الممكن ان يتسبب الضرب لموته اذا كان المسمار اطول. و قد قام العم تمتام بتعويضه مبلغا محترما، و لكن عبد العزيز الجهاز تنازل و لم يذهب للبوليس ...
بعض المعارك خاصة في بيوت العزابة حسمت بزجاجات العرقي الفارغة . أو بالشماعة التي تعلق في الجدار لتعليق الملابس وتثبت بمسمارين ستة بوصة . أحد الإخوة في العباسية وفي حالة دفاع عن النفس انتزع الشماعة وانتهي الامر بالمسمار ستة بوصة مغروسا في كتف الآخر . ومن الممكن أن المسمار الذي انغرس في رأس المرحوم ابراهيم سند كان مسمار شماعة ستة بوصة . ولكن هذا لا ينفى اى احتمالات اخرى . والعادة ان من يستعمل السكين أو الزجاجة الفارغة هو من خسر المعركة وتصرف بيأس ..
و لك التحية ..
شوقي بدري
ع.س

Shawgi Badri [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.