قُتل 5 أشخاص غرقاً وتم إنقاذ 11 آخرين إثر غرق عبارة نهرية قبالة برج الفاتح قادمة من توتي ، وقد أكد الناطق باسم الشرطة أن قوانين المواعين النهرية تحتاج لمراجعة لتطابق المواصفات النهرية والتأكد من صلاحيتها ! ، وأصدر معتمد محلية الخرطوم على الفور قراراً يقضي بإيقاف كل المركبات واللنشات العاملة على مجرى النهر حفاظاً على أرواح المواطنين !! فضلاً عن تصريحات أخرى لآخرين ! .. وحيث أنني كنت قد دخلتُ هذا الفيلم من قبل في سبتمبر 2009 ، فإنني أعتقد أنه من المناسب إعادة نشر مقال كتبته في ذلك الزمان . ! لقي أحد عشر مواطناً سودانياً حتفهم غرقاً في منطقة الجزيرة اسلانج شمال الخرطوم ، وبحسب تفاصيل الخبر فإن 37 مزارعاً كانوا يستقلون على النيل مركباً صغيراً ( فلوك) ، لا يسع بالكاد لأكثر من 20 شخصاً، مما تسبب في انقلابه وغرقه وسط النيل، وغرق من لا يجيدون السباحة ! وبحسب التقارير الصحفية فقد خف إلى مكان الحادث السيد والي الخرطوم ومعتمد كرري وقوات الدفاع المدني التي باشرت عملية انتشال الجثث ، ووفقاً للأستاذ محمد الحسن الأمين نائب رئيس المجلس الوطني فإن عدد الركاب الكبير كان سبباً في غرق المركب ، وأنه يجب وضع تراخيص ومقاييس للمواعين النيلية في السودان !! السودان ربما يكون البلد الوحيد الذي تموت به هكذا أعداد من البشر من حين لآخر ، قضاءً وقدر !، من دون أن يكون ثمة مسؤولية جنائية أو أخلاقية أو أدبية ، ومع كل حادثة يهب المسؤولون والضباط سراعاً لمكان المجزرة – من يعنيهم الأمر ومن لا يعنيهم – لالتقاط بعض الصور والتصريح بما تجود به نفوسهم من وعود بالإصلاح ومعالجة الأخطاء ، وإن كان الحدث كبيراً فلا بأس أن يتم تشكيل لجنة تحقيق ريثما تهدأ النفوس ويعود الناس إلى بيوتهم – وحليمة إلى قديمها – ولا أحد يستقيل أو يقال ، والحق أقول .. أنا لا أعرف إلى اليوم نتائج التحقيق النهائية في عمارات الداخلية المنهارة أو الاثنين الأسود أو السبت الحزين ! هذا الحادث الأليم لم يكن الأول ولن يكون الأخير .. أحد عشر بيتاً تنصب فيها سرادق العزاء لأن الجهات المعنية لم تعين من يحدد ويراقب حمولة هذه المراكب الصغيرة والمواعين النيلية ! من البشر والبهائم والمحاصيل ،وأنا لا أشك إطلاقاً في أن صاحب هذه المركب قد سدد لسلطات المحلية والدفاع المدني والنقل النهري وشركة نظافة الولاية ! سدد كل ما عليه من رسوم وتراخيص (إن كان ثمة ترخيص) ، بل والمزارعون المنكوبون سددوا ما يمليه عليهم سلطان المحلية ، لكن .. الجميع أخذوا حقهم كاملاً وتركوا المواطنين المساكين لمصيرهم المحتوم . ما زلت أفكر وأتساءل منذ غرق معدية الشهيدة سلمى والأطباء ، كم هي قيمة سترة النجاة الواقية من الغرق ؟ ربما عشر أو عشرين دولاراً ، تصوروا !! ماذا يضير الجهات المعنية لو ألزمت كل المراكب والمعديات في السودان بتوفير هذه السترات بعدد يوازي العدد المسموح للمركب بحمله ؟ وإذا كان السفر عبر الماء كالسفر عبر الفضاء – من حيث الخطورة والانقطاع عن اليابسة – فما هي الجهة التي تقوم بفحص هذه المراكب لتحدد صلاحيتها وحمولتها ؟ ثم .. هل حصل سائقو هذه المراكب على تدريب أو استخرجوا رخصاً تؤهلهم للعبور بهذه الأرواح إلى بر الأمان ؟! شرطة المرور أعلنت أنها دشنت مشاركة ثلاثة آلاف شرطي يتخفون بالملابس المدنية ، يركبون المواصلات العامة لضبط مخالفات السائقين من سرعة زائدة أو عدم ربط الحزام ! أو ترك باب الحافلة مفتوحاً ! وهذا إجراء يعتبر من الكماليات في بلد ما يزال الناس يموتون فيه بالعشرات ، لأسباب تافهة وواضحة ، لكن .. أليس الدفاع المدني يتبع للشرطة ؟ أليس مستقلو المراكب النيلية مواطنون يحتاجون لمن يحميهم ؟ ضعوا قانون لمخالفات نيلية ورجال شرطة بالملابس المدنية واحموا هؤلاء المزارعين البسطاء! ، ما هي مهمة الدفاع المدني غير انتشال الجثث ؟ بل ما هو دورهم على البر ؟ وما هي شروط السلامة التي يتم تطبيقها في الأسواق والمحال التجارية ؟ وأين هي حملات السلامة والتوعية والإرشاد المستمرة ، والتي هي أساس عمل الدفاع المدني في كل الدنيا ( إلا السودان) ! رحم الله الشهيدة سلمى وإخوانها ، ورحمة الله على غرقى الجزيرة اسلانج ، ففي زمان الإنسانية وحقوقها ما زلنا في السودان نموت موت الضأن ،ثم .. رحم الله الأستاذ حسن ساتي ، فقد مات هؤلاء الأبرياء سمبلا . mogahid taha [[email protected]]