بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    مدير شرطة ولاية الخرطوم يدشن مشروع اضاحي هذا العام لمنسوبي قوات الشرطة وأسر الشهداء    برئاسة كابو بعثة المريخ إلى تنزانيا مساء الغد    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    المريخ يوالي التدريبات وابراهومة يصحح الأخطاء    الرسوم العالية التي يفرضها المسجل التجاري للشركات التي ترغب في العمل في السودان أمر محير ومحبط    مزمل أبو القاسم: الحاقربك في الضلام يحدرلك!!    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده    الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في دراسة الدكتور هاني رسلان: السياسة المصرية تجاه السودان ... بقلم: زين العابدين صالح عبد الرحمن
نشر في سودانيل يوم 08 - 12 - 2010

قرأت دراسة الدكتور هاني رسلان رئيس تحرير ملف الأهرام الإستراتيجي و رئيس برنامج دراسات السودان و حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات و نشرت الدراسة و التي بعنوان " السياسة المصرية تجاه السودان" في العدد الثاني من سلسلة "بدائل" التي يصدرها مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية بالأهرام في سبتمبر ، 2010 و قبل الخوض في التعليق علي الدراسة أريد أن أكد أن الدكتور هاني رسلان احد النخب المصرية الذي أصبح معروفا بنشاطه و متابعته للشأن السوداني إضافة لإنتاجه الغزير حول قضايا السودان ورصد الأحداث فيه بتفاصيل دقيقة جدا تدل علي المتابعة و الرصد المستمر و الاطلاع علي نشاطات كل القوي السياسية السودانية المختلفة ، كما يعتبر الدكتور هاني أحد النخب الأكاديمية المصرية التي اهتمت بدراسة الشئون السودانية بكل تفاصيلها ومنهم ايضاً "الدكتور السيد فليفل و الدكتور إبراهيم نصر من مركز الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة" و " الدكتورة أماني الطويل و السيدة أسماء الحسيني من مؤسسة الأهرام" و كل هؤلاء لهم اهتماما خاصا بالسودان و لكل منهم له جانب خاص في تناول زوايا القضية و لكن الدكتور هاني يأخذ منحي الدراسات السياسية التحليلية و بعض المرات تأخذ دراساته منحي " "Essayلذلك يعطي احتمالات متوقعة لخلاف الرأي و قرأت الدراسة مرتين للتعرف علي السياسة المصرية تجاه السودان و قد ركزت الدراسة علي قضية العلاقة الإستراتيجية بين السودان و مصر.
ركزت الدراسة علي محاور عديدة، و تناولتها بالرصد ثم التحليل لكي تلقي الضوء علي التطور السياسي في السودان عقب اتفاقية السلام الشامل التي وقعت بين الحكومة السودانية التي يسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية التي أمنت لها الاتفاقية حكم الجنوب و المشاركة في الحكومة الاتحادية بنسبة 28% ، و هو ما تسميه المعارضة السودانية ألاتفاقية الثنائية التي كفلت توزيع السلطة علي الشريكين لذلك نجد أن الدراسة حاولت في مقدمتها أن تعطي القارئ نبذة عن الأحوال السياسية في السودان من خلال عناوين " الأوضاع الحالية – الصراع بين الشريكين – الانتخابات السودانية و إعادة إنتاج الاستقطاب – الموقف من الوحدة و الانفصال و في هذه الفقرة ركز الباحث علي البعد الدولي في القضية خاصة أن البعد الدولي و أصابعه هي التي أصبحت مؤثرة جدا في تطور الأحداث و إدارتها ثم عرج الباحث للفت النظر للتداعيات التي تنجم عن انفصال الجنوب ثم افرد المساحة لازمة دارفور و المجهودآت المصرية في حل مشكلة دارفور إضافة لمشاركة مصر في القوات الدولية و كان الباحث أيضا تحدث عن الدعم المصري للجنوب الذي تمثل في إعطاء الجنوب 300 منحة دراسية و تأسيس فرع لجامعة الإسكندرية في الجنوب و غيرها من المساعدات.
أنتقل الباحث بعد استعراض الموقف و التطورات في السودان إلي قضية مهمة جدا هي تداعيات تلك المشكلة علي الأمن القومي المصري الذي وضع له عنوانا جانبيا " السودان و الأمن القومي المصري" و أشار الباحث أن تجزئة السودان سوق يقود إلي إعادة صياغة التوازنات الإستراتيجية في المنطقة الممتدة من الحدود الشمالية للسودان مع مصر و ليبيا و هذه لها أيضا انعكاساتها التي تتمثل في تهريب الأسلحة لمصر – ظهور حركات تتأثر بما يحدث في السودان مثل حركة " كوش" التي تنادي بتحرير أرض النوبة – زيادة النزوح الجماعي الشرعي وغير الشرعي ( و هو الذي بدأ يحدث في هجرة لمصر من قبل سودانيين وغيرهم ثم تجد طريقها إلي إسرائيل هذه من عند كاتب المقال ) ثم تحدث الباحث عن القضية التي تؤرق مضاجع مصر و هي " ملف مياه النيل" و خلص الباحث إلي أهمية وجود سياسة مصرية فورية و مبادرة تجاه السودان لدرء المخاطر و التهديدات و التي تتطلب شراكة إستراتيجية بين مصر و السودان يجب أن تنهض علي أساس اقتصادي.
حقيقة أن الدراسة ممتازة حيث أنها استعرضت الأوضاع السياسية في السودان و تطوراتها و مآلاتها في مستقبل السودان و كيفية مواجهة تلك التهديدات من خلال بناء علاقات إستراتيجية سودانية مصرية لمواجهة تلك المخاطر و المهددات و قد كنت أعتقد أن مراكز البحوث و الدراسات في السودان و خاصة التي تهتم بقضية الدراسات الإستراتيجية أن تهتم بالدراسة و تحاول أن تخضعها لنقاش و تحليل و تقدم دعوة للدكتور الباحث هاني رسلان لفتح حوار إستراتيجي يتناول مستقبل العلاقات الإستراتيجية بين السودان ومصر خاصة كما ذكرت الدراسات أن انفصال جنوب السودان سوف يقود إلي إعادة صياغة العلاقات الإستراتيجية في المنطق و بالتحديد في مناطق" شرق و وسط إفريقيا – القرن الإفريقي – منطقة البحيرات" و هي مناطق تتأثر بها الدولتان و رغم أن الدراسة قد نشرت في عدد من الصحف السودانية و عدد من المواقع السودانية الالكترونية إلا أنها لم تجد حظها في النقاش ذو البعد الإستراتيجي.
لذلك نحاول في " مركز أبحاث الديمقراطية و الدراسات الإستراتيجية" أن نتعرض إلي الورقة بدراسة نقدية تفتح أفاق رحبة لحوار إستراتيجي بين النخب في كل من السودان ومصر يقوي تلك العلاقة و يخرجها من دائرة الحساسية المفرطة التي تعيق تطور العلاقة خاصة أن النخب السودانية و في فترات تاريخية مختلفة استطاعت أن تتناول تلك العلاقة بقدر عالي من العاطفة و قليل من الدفع الأكاديمي و البحثي مما حدي بعدم تطور العلاقة لكي تأخذ بعدها الإستراتيجي خاصة في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة العربية و الإفريقية كما يجب أن نعترف إذا أردنا للعلاقة أن تأخذ مساراتها الصحيحة مثلا في ظل حكم الرئيس جمال عبد الناصر الذي شهد تراجع للحزب الوطني الاتحادي عن شعاراته لوحدة وادي النيل حيث اتجهت النخبة السياسية السودانية خاصة التي كانت تؤمن بالوحدة مع مصر نحو استقلال السودان دون أن تقدم أية تبريرات موضوعية لتحولاتها عن الشعارات التي كسبت بها انتخابات 1953 هذا التحول خلق نوع من الجفوة بين التيار الاتحادي و السلطة المصرية و التي اتجهت في دعم طائفة " الختمية" علي حساب التيار الاتحادي و في عهد الرئيس النميري و الرئيس المصري أنور السادات عادت العلاقة لقوتها و بدأت تظهر أصوات تنادي بوحدة وأدي النيل ألمر الذي أدي للتكامل بين مصر و السودان و لكن كانت العلاقة أيضا تتأثر بمجريات الأحداث الإقليمية و الدولية مما يؤكد أن العلاقة لم تبني علي أسس سليمة أنما فرضتها الضرورات خاصة أن نظام نميري في فترات كان يعاني من العمل العسكري الذي اتجهت له المعارضة السودانية و فتح معسكرات لها في كل من إثيوبيا و ليبيا لذلك سعي من أجل توقيع معاهدة دفاع بين البلدين تحميه من تلك المخططات خاصة كان هناك قطيعة بين مصر و ليبيا و أيضا عندما وقع الرئيس السادات معاهدة " كامب ديفيد" و تعرضت مصر لمقاطعة عربية شبه كامل كان نظام الرئيس نميري هو النظام الذي لم يقطع علاقته مع مصر لذلك كان السادات محتاج لتلك العلاقة و لكن في عهد الرئيس الحالي حسنى مبارك أن كان في عهد النظم العسكرية " نميرى – الديمقراطية الثالثة – الإنقاذ كلها شهدت فتورا في العلاقات بين البلدين تصاعدت في عهد الإنقاذ حتى وصلت لمرحلة القطيعة و المصادرات ثم بدأت تعود بعد أحداث شرخ في بنية نظام الإنقاذ و خروج الترابي من السلطة.
الدراسة تعرضت فقط لما يحدث في السودان و انعكاساتها علي العلاقة بين البلدين و لكن لم تتحدث عن تطور السياسة المصرية في الفترة المعاصر منذ استقلال السودان حتى النظام الحالي و الأسباب التي أدت لتدهور العلاقات في الفترات المختلفة خاصة أن الدولة المصرية في ظل حكم الرئيس حسني مبارك كانت تعتقد أن حماية المصالح المصرية أن كانت في المنطقة العربية أو الإفريقية لا تحتاج إلي علاقات إستراتيجية مع دول المنطقة أنما هي تحتاج لبناء علاقات قوية مع الولايات المتحدة و الدول الغربية و علاقة مع إسرائيل ليس فيه شيء من الاستفزاز يجعل العلاقة تقف علي مستوي معين لا تتعداه ليس مبدئية من النظام في تطوير العلاقة مع النظام الصهيوني و لكن لا تريد استفزازا للمواطن المصري الذي يملك موقف واضحا و مبدئيا ضد النظام الصهيوني. ومن خلال تلك العلاقات المصرية مع الغرب و الولايات المتحدة تستطيع مصر حماية مصالحها في كل تلك الدول لأنها هي التي تحتاج لمصر و ليس العكس و بالتالي مصر تستطيع بما تملك أن تؤثر في تلك الدول هذه النظر التي تبنتها كل المؤسسات المصرية الرسمية و شبه الرسمية هي التي أدت لفتور في العلاقة بين السودان ومصر و عندما جاءت الإنقاذ و خاصة بعد محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك و توترت العلاقة بين البلدين صادرات الإنقاذ عدد من المؤسسات المصرية في السودان كان الهدف منها هو تجفيف كل البؤر الإستخبارتية المصرية في البلاد و بالتالي قطع الطريق لآية محاولة مصرية يمكن أن تستهدف النظام و في ذات الوقت احتضنت مصر المعارضة السودانية و ظلت العلاقات تأخذ طريق التصعيد بين البلدين حتى دخل النظام في نزاع مباشر مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس بل كلينتون و صرحت الإدارة الأمريكية أنها بصدد إسقاط النظام في السودان و بالتالي لم يجد نظام الإنقاذ سوي كيفية استعادة العلاقة مع القاهرة في أواخر عقد التسعينات بعد إبعاد الترابي و محاولة تطوير تلك العلاقة في اتجاه يضمن سيادة تيار الحوار علي التصعيد أذن هبوط و صعود العلاقة السودانية المصرية تاريخيا تحكمه ظروف خارجية تدفع بالتقارب في فترات محددة.
أغفلت الدراسة الأسباب السلبية التي تتحكم في السياسة المصرية تجاه السودان و لم تدفع بتلك السياسة في بناء علاقات إستراتيجية بين البلدين و إذا نظرنا لمستوي العلاقات نجد أن هناك تحفظا من قبل مصر في تطوير العلاقات بين الجانبين لتصل مرحلة العلاقات الإستراتيجية و ربما يعتقد البعض أن بناء الثقة مازال في طور التأسيس خاصة أن العلاقة قد شهدت توترا و تدهورا في مراحل تاريخية مختلفة و ما تزال تشكل عائقا في تطوير العلاقة الإستراتيجية رغم التحديات التي تواجهها الدولتان خاصة أن هناك بعض المحللين السياسيين المصرين يعتقدون أن السودان يمر بمرحلة تحول خطير تزعزع عملية الاستقرار فيه كما أن النزاعات في الأقاليم المختلفة هي أيضا تعد أسبابا لعدم تطور العلاقة لمستوي العلاقة الإستراتيجية و في ذات الاتجاه هناك بعض السودانيين المهتمين بدراسة القضايا الإستراتيجية في المنطقتين العربية و الإفريقية يعتقدون أن مصر تواجه تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط بعد ظهور للاعبين جدد تمددوا في المساحات التي كانت تشغلها مصر سابقا هذا التراجع في الدور المصري جعلها تعيد و تقيم علاقاتها في المنطقتين العربية و الإفريقية و لكن دون اتخاذ خطوات عملية لتطوير العلاقة لكي تصبح علاقة إستراتيجية أو ربما أن الحكومة المصرية حتى ألان غير مطمئنة لنظام الإنقاذ و تعتقد أنه يستخدم مبدأ التقية في علاقاته الخارجية التي تجعل البعض يتحفظ علي تطوير العلاقة معه.
أشارت الدراسة علي البعد الدولي في القضية السودانية و خاصة في قضية تقرير المصير القضية التي تطورت لكي تكون دعوة صريحة من قبل الحركة الشعبية لانفصال جنوب السودان و أن الحركة الشعبية استطاعت أن تستغل العلاقات المتوترة بين الخرطوم وواشنطن و حلفائها في العالم في إقناع عددا من صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية و عددا من منظمات المجتمع المدني في تلك الدول لكي تعاضدها في تحقيق أهدافها الداعية لتأسيس دولة جديدة و في ذات الوقت تحاول الحركة الشعبية أن تقطع الطريق علي نظام الإنقاذ لتجسير علاقته مع الولايات المتحدة و الدول الغربية الأمر الذي جعل العالم يسمع بآذن واحدة فقط و يمارس ضغطا مستمرا علي الحكومة و في ذات الوقت كانت الحكومة السودانية تعتقد أن علاقات بعض الدول العربية الجيدة مع الولايات المتحدة و الغرب و خاصة مصر تجعلها تلعب دورا مؤثرا و إيجابيا في القضية يسهل علي نظام الإنقاذ الحركة الدبلوماسية التي تجعله يدحض إدعاءات الحركة و لكن ذلك لم يحدث بالصورة المطلوبة و أن مصر خاصة لم تتحرك إلا بعد ما شعرت أن نتائج عملية الاستفتاء سوف تضر بمصالحها في المستقبل و هي أيضا القضية التي أغفلتها الدراسة خاصة أن الباحث ذهب في اتجاه يعدد ما قدمته مصر للجنوب و تحركها الذي بدأ مؤخرا في قضية دارفور ولم يتعرض بالنقد لتأخر مصر في حركتها لمعالجة قضايا كان يمكن أن تلعب فيها دورا محوريا.
التجاذب الذي حدث لمصر من قطبي السياسة في السودان حكومة الإنقاذ من جهة و الحركة الشعبية و المعارضة من جهة أخري هي التي جعلت مصر لم تحسم موقفها بشكل قاطع و جعلها تتردد في الإسهام بشكل إيجابي في القضية السودانية و أيضا أن إشهار الحركة الشعبية موقفها المساند للانفصال جعل مصر تعيد صياغة إستراتيجيتها في التعامل مع القضية السودانية و خاصة أن مصر لا تريد أن تزيد لدول حوض النيل المطالبة بإعادة توزيع حصص المياه عضوا جديدا لهم خاصة أن بعض القيادات الجنوبية بدأت تصرح بذلك علنا في أن مصر في حاجة إلي دولة جنوب السودان لكي تضمن حصتها من مياه النيل كان آخرهم تصريحات لوكا بيونق القيادي بالحركة ووزير شئون مجلس الوزراء.
أكدت الدراسة لوجوب شراكة إستراتيجية بين السودان ومصر علي أن تنهض علي أسس اقتصادية و لكن السؤال هل اقتصاد وحده عامل لبناء علاقات إستراتيجية بين بلدين مختلفين في نظامي حكمهما و الإيديولوجية التي تحكم النظامين؟
أعتقد أن العلاقات السودانية المصرية يجب أن تتقدم خطوات من أجل بناء شراكة إستراتيجية ليس لمصلحة الحزبين الحاكمين ولكن لمصلحة الشعبين الشقيقين و التي حاولت أن تباعد بينهما السياسية كما أن الشراكة الإستراتيجية سوف تعيد صياغة العلاقات في المنطقة كما ذكر الباحث في دراسته و ذلك يتطلب الأتي:-
أولا- إعادة الصياغة للعلاقات الإستراتيجية في المنطقة و خاصة بين النظامين و يجب أن تشمل تغييرات سياسية و جوهرية في النظامين لمصلحة الديمقراطية و الحرية التي تجعل التبادل السلمي للسلطة في كلا البلدين يسير بصورة سلسة و يضمن الاستقرار و السلام في البلدين.
ثانيا – أن المنطقة العربية و الإفريقية تشهد تحولات ببروز لاعبون جدد في المنطقة الأمر الذي جعل إعادة النظر في العلاقات القديمة قضية مهمة و محاولة أعادة بناء العلاقات بين الدولتين علي أسس جديدة تجعل للدولتين دورا بارزا و مقدرا في إفريقيا و المنطقة العربية و خاصة أن الإمكانيات التي تمتلكها الدولتين تكفل لهما العناصر المطلوبة لصناعة دولتين متطورتين.
ثالثا – أن إفريقيا سوف تشهد في العقدين القادمين صراعات إستراتيجية بسبب استثمارات الدول العظمي فيها إضافة للدول الناشئة مثل " الصين – الهند – البرازيل" خاصة بعد تصاعد الأزمة الاقتصادية في العالم و صعود عددا من الأحزاب اليمينية في أوروبا و إنشاء الولايات المتحدة إدارة عسكرية لها في إفريقيا " الفريكوم" تحسبا لمستقبل الصراع في إفريقيا كل تلك تحفز النخبة في البلدين لدراسة مستقبل القارة و دور البلدين فيها و تأمين مصالحهما.
رابعا – أن العقدين القادمين سوف يشتد الصراع علي المياه و أن الحديقة الخلفية للبلدين سوف لن تكون أمنة بل سوف تجلب تحديات تهدد مصالحهما في حصص المياه المطلوبة للتنمية و هي حاجة تتطلب تفاهمات إستراتيجية بين البلدين منذ الآن لحماية تلك المصالح و تأمينها مستقبلا.
خامسا - جعل كل ساحل البحر الأحمر في كل من مصر و السودان منطقة للتجارة الحرة لدول وسط وشرق إفريقيا و القرن الأفريقي إضافة للدول العربية المطلة عليه مما يؤدي إلي انتعاش التجارة بين تلك الدول.
سادسا – جعل منطقة جبل مرة ذات المناخ المتميز و الأراضي الزراعية الخصبة منطقة تجارة حرة للدولتين مع غرب إفريقيا و أن النشاط التجاري في تلك المنطقة سوف يجعل مساهمة كل الدول في تامين المنطقة و يساعد علي انتعاشها اقتصاديا و تتحول بسبب الانتعاش الاقتصادي لمنطقة استقرار بدلا من النزاعات القبيلة و عمليات السلب و النهب التي تجري فيها.
سابعا – انفتاح السودان ومصر ثقافيا علي دول وسط وشرق إفريقيا و القرن الأفريقي مع قيام مهرجانات ثقافية و فنية و معارض للإبداع و الفنون تخلق روابط قوية بين تلك الدول تسهم في التفاهمات السياسية و خلق علاقات إستراتيجية تؤمن الاستقرار و السلام الاجتماعي و تجعل ممر البحر الأحمر ممرا أمنا لمصلحة شعوب تلك المناطق.
ثامنا – خلق مشروعات زراعية كبيرة مساهمة بين الدولتين مصر و السودان خاصة أن هناك في السودان ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة التي لم تستغل بعد كما تهدف تلك الشراكة الزراعية الإستراتيجية لتأمين الحاجة للحبوب إستراتيجية التي يحتاجها الشعبين.
تاسعا – الاهتمام بصناعة التحويلية المرتبطة بالزراعة و الدواجن و المراعي و الاستفادة من الخبرات المصرية و الأيدي العاملة المصرية المتوفرة.
عاشرا – التوسع في الاستفادة من الطاقة الشمسية المتوفرة في البلدين في تأمين الطاقة لقطاع واسع من الصناعات الصغيرة و إنارة القرى القصية البعيدة من شبكات الكهرباء.
الحادي عشر – استفادة من حوض النيل في تربية الثروة السمكية و عمل مزارع لتربية الأسماك مفتوح للقطاع الخاص في البلدين.
أن علاقات الشراكة الإستراتيجية بين البلدين تحتاج إلي حوارات مفتوحة في كلا البلدين علي مستوي متنوع و مختلف من النخب السياسية و الأكاديمية و الثقافية و المبدعين إضافة إلي القطاعات المؤسسية و تهدف إلي أقناع الجماهير في البلدين أن الشراكة الإستراتيجية بين البلدين هي الحل الأمثل للمشكلة الاقتصادية التي تواجه البلدين وهى أيضا تحتاج إلي تشريعات تسهل عملية نقل رأس المال و حركته بين الدولتين و تحد من الإجراءات البيروقراطية التي تعطل الأعمال و الاستثمار .
و في الختام أكد أن الدراسة التي أعدها الدكتور هاني رسلان رئيس تحرير ملف الأهرام الإستراتيجي دراسة مهمة جدا و يجب أن تأخذ حقها في الحوار بين النخب السودانية والمصرية لكي تؤسس لعلاقة شراكة إستراتيجية بين البلدين تضمن لشعبي وادي النيل الحياة الأمنة المطمئنة و الاستقرار و السلام الذي يساعد علي التنمية و النهضة و خاصة أن الدولتين مجتمعتين تملكان المقومات التي تنهض بهما و تنتشل شعبيهما من حالة الفقر و البؤس الذي يعيشان فيهما و الله الموفق.
نقد مقدم لمركز "أبحاث الديمقراطية و الدراسات الإستراتيجية" "
www.sudandemocracy.org
zainsalih abdelrahman [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.