ديمبلي ومبابي على رأس تشكيل باريس أمام دورتموند    عضو مجلس إدارة نادي المريخ السابق محمد الحافظ :هذا الوقت المناسب للتعاقد مع المدرب الأجنبي    لماذا دائماً نصعد الطائرة من الجهة اليسرى؟    ترامب يواجه عقوبة السجن المحتملة بسبب ارتكابه انتهاكات.. والقاضي يحذره    محمد الطيب كبور يكتب: لا للحرب كيف يعني ؟!    القوات المسلحة تنفي علاقة منسوبيها بفيديو التمثيل بجثمان أحد القتلى    مصر تدين العملية العسكرية في رفح وتعتبرها تهديدا خطيرا    إيلون ماسك: لا نبغي تعليم الذكاء الاصطناعي الكذب    كل ما تريد معرفته عن أول اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل.. كامب ديفيد    دبابيس ودالشريف    نحن قبيل شن قلنا ماقلنا الطير بياكلنا!!؟؟    شاهد بالفيديو.. الفنانة نانسي عجاج تشعل حفل غنائي حاشد بالإمارات حضره جمهور غفير من السودانيين    شاهد بالفيديو.. سوداني يفاجئ زوجته في يوم عيد ميلادها بهدية "رومانسية" داخل محل سوداني بالقاهرة وساخرون: (تاني ما نسمع زول يقول أب جيقة ما رومانسي)    شاهد بالصور.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبهر متابعيها بإطلالة ساحرة و"اللوايشة" يتغزلون: (ملكة جمال الكوكب)    شاهد بالصورة والفيديو.. تفاعلت مع أغنيات أميرة الطرب.. حسناء سودانية تخطف الأضواء خلال حفل الفنانة نانسي عجاج بالإمارات والجمهور يتغزل: (انتي نازحة من السودان ولا جاية من الجنة)    البرهان يشارك في القمة العربية العادية التي تستضيفها البحرين    رسميا.. حماس توافق على مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار    الخارجية السودانية ترفض ما ورد في الوسائط الاجتماعية من إساءات بالغة للقيادة السعودية    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    الدعم السريع يقتل 4 مواطنين في حوادث متفرقة بالحصاحيصا    قرار من "فيفا" يُشعل نهائي الأهلي والترجي| مفاجأة تحدث لأول مرة.. تفاصيل    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    كاميرا على رأس حكم إنكليزي بالبريميرليغ    لحظة فارقة    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    كشفها مسؤول..حكومة السودان مستعدة لتوقيع الوثيقة    يحوم كالفراشة ويلدغ كالنحلة.. هل يقتل أنشيلوتي بايرن بسلاحه المعتاد؟    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    صلاح العائد يقود ليفربول إلى فوز عريض على توتنهام    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة بحثية عن: أهمية التعاون الاقتصادي بين السودان ومصر بعد ثورة يناير. إعداد: عمر صديق البشير
نشر في سودانيل يوم 21 - 07 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة القاهرة
معهد البحوث والدراسات الأفريقية
مؤتمر حوض النيل الشرقي
تحديات التنمية ومستقبل التعاون المصري
ورقة بحثية عن :
أهمية التعاون الاقتصادي بين السودان ومصر
بعد ثورة يناير 2011
إعداد :
أ‌. عمر صديق البشير
صحفي وباحث استراتيجي في العلاقات الدولية
مقدمة
العلاقات السودانية المصرية علاقات قديمة حددتها عوامل الجغرافيا السياسية والإرث التاريخي المشترك والدين وترابط الدم، لذلك هنالك العديد من المصالح المشتركة في مختلف المجالات، وهي من الأهمية بحيث أنها تعمل على تعزيز علاقات التكامل بين البلدين.
وقد شهدت العلاقات السودانية المصرية تأرجحا مستمراً ، حيث تتطور العلاقات إلى أفضل مستوياتها ثم يبلغ التوتر فيها حد القطيعة ، إلا أنه بعد ثورة يناير 2011 في مصر والتي أحدثت تغيرات على الخارطة السياسية المصرية ، وأصبحت العلاقات السودانية المصرية تأخذ منحنى آخر وتسير نحو اتجاه التعاون وتوطيد العلاقات وأصبح ملف السودان يحظى بكثير من الاهتمام والأولويات .
وتناقش الورقة أهمية التعاون الاقتصادي بين السودان ومصر والضروريات التي تتطلب هذا التعاون بعد ثورة يناير 2011 ، ومن ثم مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكيفية تطويرها لتتحول إلى تكامل اقتصادي يعمل على تقوية التعاون في مختلف المجالات الإستراتيجية الأخرى بين مصر والسودان .
وتتناول الورقة المحاور الآتية :
1. طبيعة العلاقات السودانية المصرية قبل وبعد ثورة يناير 2011 .
2. أهمية التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان .
3. الاستثمارت المشتركة بين السودان ومصر .
4. مستقبل العلاقات الاقتصادية بين السودان ومصر .
طبيعة العلاقات السودانية المصرية قبل وبعد ثورة يناير 2011
تتسم العلاقات السودانية المصرية بصفات متميزة تجعلها تختلف بصورة كلية عن علاقات أي من البلدين بالدول الاخري قاطبة وقد لا نجانب الحقيقة ان قلنا ان ما يتوفر لها من الروابط المشتركة يندر وجوده بين اي دولتين علي مستوي العالم اجمع ولعل مبعث ذلك التميز والتفرد في العلاقات السودانية المصرية انها ذات تداخل متعدد المستويات والروابط (ومع أن التداخل السوداني المصري قديم إلا أن الذاكرة الفاعلة تتصل بالسودان المصري أو الكيان الذي أقامه أحفاد محمد علي وبرز هذا الكيان تحت اسم السودان المصري وبعد أن تم ضم دارفور الى سودان وادي النيل أو سلطنة الفونج ومناطق قبائل جنوب السودان وبرز الاعلان الرسمي في قرار رئاسي في عام 1894 اطلق فيه الخديوي اسماعيل اسم السودان المصري على هذا الكيان.)[1] ولعل هذا التاريخ الي ارتبط بتكوين او تأسيس الدولة السودانية الحديثة يمثل بداية العلاقات الثنائية بين الدولتين ولكنه لا يمثل تلك الروابط الازلية الممتدة بين الشعبين حيث(نسجت اعتبارات الجغرافيا ومسارات التاريخ وحركة البشر علاقة خاصة بين مصر والسودان ، على نحو ربما لم يتيسر لشعبين آخرين فى المنطقة. إذ أن هناك علاقة قوية بين الشعبين الشقيقين ، فهناك صلة النسب والمصاهرة والدم بينهم.) [2] ولعل الخلفية التاريخية التي تشكل طبيعة الادراك المصري لطبيعة العلاقات السياسية بين البلدين تضرب بجذورها في التاريخ منذ العهد الفرعوني مرورا بالعهد المسيحي ثم الاسلامي وصولا للعصر الحديث حيث تشكلت بصورة حديثة منذ ايام الحكم التركي المصري والذي يمثل بداية الدولة السودانية الحديثة ومنذ ذلك الوقت فقد (حظى السودان بأهمية خاصة فى العقل الرسمى المصرى ، وكانت السياسة المصرية تجاه السودان من بواكير السياسات الخارجية التى رسمها حكام مصر خلال العصر الحديث .وتعود جذور الإدراك المصرى لأهمية السودان الإستراتيجية فى العصر الحديث إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر منذ أن بدأ محمد على والى مصر فى بناء الدولة الحديثة .وفى عام 1820تقدمت جيوش الدولة المصرية لأول مرة لتقوم بلملمة أطراف المناطق الواقعة جنوبها ،ممثلة فى سلطنات وممالك وقبائل السودان ،لتصنع من كل هذا كيانا إداريا وسياسيا واحدا ،وهو الذى اصطلح على تسميته بالسودان )[3]ثم جاءت الثورة المهدية وقضت علي الحكم التركي المصري في السودان ولكنها لم تلبث كثيرا لتسقط بواسطة الغزو الانجليزي المصري والذي افضي الي مرحلة الحم الثنائي للسودان بواسطة انجلترا ومصر وقد استمر هذا العهد الي ان نال السودان استقلاله و (منذ استقلال السودان في مطلع العام 1956 والعلاقات المصرية السودانية تمر دوريا بحالات من المد والجزر، أو بدورات من الصعود والهبوط. وكان التحليل السائد لدى قطاع لا بأس به من السودانيين يعتمد مقولة أن مصر تفضل التعامل مع أنظمة الحكم العسكرية في السودان، وأن هذا يعد من بين أسباب بقاء هذه النظم في الحكم لفترات أطول. وقد أدى شيوع هذا "الانطباع" -فضلا عن أسباب أخرى سيأتي ذكرها لاحقا- إلى تدهور العلاقات المصرية السودانية خاصة في مرحلة "الديمقراطية الثالثة" ، التي عبرت عن نفسها من خلال إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك، وإلغاء اتفاقيات التكامل المصرى السوداني، وتعويضها بورقة فارغة من المضمون أسماها السيد الصادق المهدي (رئيس الوزراء المنتخب آنذاك) ميثاق الإخاء.[4] ثم جاءت فترة حكم الانقاذ والتي شهدت تحسنا ملحوظا في العلاقات السودانية المصرية في ايامها الاولي ولكنها عادت مرة اخري للتراجع و (في عقد التسعينيات من القرن الماضي تدهورت العلاقات المصرية السودانية بشكل غير مسبوق، وصل إلى مستوى الحرب الباردة الحقيقية، التى لم تتوقف عند حد التراشق بين الأنظمة، وإنما امتدت في الداخل السوداني إلى مدى أبعد عبر الشحن الإعلامي المستمر والتعبئة ضد ما كان يصور على أنه خصم خارجي، وهو ما أوجد جيلا في السودان ينظر إلى مصر بعين الريبة والتوجس.)[5]ولعل من اسباب سؤ العلاقات بين البلدين في تلك الفترة هو الشعارات الاسلامية التي طرحتها الحكومة السودانية وبسبب ذلك فقد ( دخلت العلاقات المصرية السودانية في منحي اخر اتسمت فيه بالتوتر الشديد ووصل الي حد الصراع في المحافل الدولية فقد تحالف البشير مع الدكتور حسن الترابي وتم فرض النظام الاسلامي واعلان الهوية الاسلامية السودانية وهذا ما ادي الي وقوف مصر في المواجهة ضد هذا النهج الاصولي ) [6]وذلك بسبب العداء المستحكم الذي كان يجسد العلاقة بين الحكومة المصرية والتيارات الاسلامية وهنالك سبب اخر اثر في تلك العلاقات عندما ( جاء الغزو العراقى للكويت والتأييد السودانى للعراق وهو ما مثل اختلافا رئيسيا مع التوجه المصرى، إضافة إلى ما سببه من حرج للقيادة المصرية التى قامت بجهد دبلوماسى سابق لإقناع دول الخليج العربية بالاعتراف بالنظام السودانى الجديد ليضع نهاية للمرحلة التعاونية فى نطاق العلاقات المصرية السودانية خاصة بعدما ترددت الأنباء عن نشر العراق لصواريخه فى السودان موجهة ضد مصر، الأمر الذى جعل الرئيس مبارك يهدد بضربها إذا ما ثبت ذلك) [7] وبعد ذلك شهدت العلاقات بين البلدين توتر اكبر بسبب تجدد النزاع الحدودي في حلايب ونتؤ وادي حلفا والذي وصل الي ان يجدد السودان شكواه الي مجلس الامن ولعل هذا النزاع الحدودي ظل يمثل عقبة في طريق العلاقات بين مصر والسودان( ومهما حاولت بعض الأقلام على الجانبين، بدافع من الأخوة وحسن الجوار، أن تقلل من أهمية هذه المسألة، تظل الحدود غير المستقرة بين الدولتين سببا أو وسيلة تستخدم لتصعيد بعض المشاكل الأخرى وقد أوكلت فيما مضى مهمة علاج هذه القضية إلى لجان مشتركة ثنائية لا تجتمع، وإن اجتمعت لا تفعل شيئا ومن ثم أتصور أن التحكيم الدولى يكون الوسيلة الحضارية المثلى التى تقدم حلا عادلا ودائما لقضية الحدود بين مصر والسودان، على أن يتفق الجانبان على قبول نتائج التحكيم بصفة نهائية)[8] ثم جاءت محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في اديس ابابا في العام 1995 والتي اتهمت مصر الحكومة السودانية بالضلوع فيها و ايضا وصلت الي مجلس الامن الذي اصدر عددا من القرارات ضد السودان ثم بدأت العلاقات بين البلدين تتجه الي التحسن التدريجي بسبب ان الحكومة السودانية قد اعادت صياغة مرتكزات سياستها الخارجية في عام [9]1997 بان جعلت الخطاب الايديولوجي المبني علي الاسلام شانا داخليا واتجهت الي بناء سياستها الخارجية وفقا للمصالح المشتركة ولذلك بادرت الي تحسين العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر (وقد استجابت القاهرة آنذاك لليد الممدودة تجاهها, إنطلاقا من تقديرات تتعلق بالمصالح الاستراتيجية للدولة المصرية. وتم تجاوز ملف التسعينيات الامني والسياسي, من أجل صفحة جديدة شهدت تطور العلاقات عبر توقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون بلغت19 اتفاقا, كما تم توقيع اتفاق الحريات الاربع عام2004, وتطورت العلاقات مع الوقت)[10]بصورة تدريجية ولكنها لم ترتقي الي ما كانت عليه من قبل بسبب عداء النظام المصري السابق للحركات الاسلامية والذي ظل يلقي بظلاله علي موقفه من العلاقات مع السودان في عهد الانقاذ وعليه فقد ظل السودان يواجه عداء مستمرا ومتصاعدا من الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها الذين كان نظام الرئيس المصري حسني مبارك يمثل طليعتهم في المنطقة العربية ولكن هنالك من يري ان توتر العلاقات بين البلدين يعود الي محاولة (الحكومة السودانية ان تتحرر من تبعية مصر في سياستها الداخلية والخارجية, وان تكون للسودان سياسته الخاصة به دون تدخل من السفير المصري في تعيين الوزراء والمسئولين السودانيين كما ذكر السفير المصري في عهد الديمقراطية الثالثة بانه يعين وزراء الدفاع والداخلية والخارجية في السودان)[11]ومهما يكن من امر فقد (اختلفت الرؤى السودانية المصرية لتقييم التاريخ وتقييم الاحداث وبينما تنظر النخبة السودانية لنفسها كند للنخبة المصرية الا أن الثانية تنظر للسودان كالشقيق الاصغر الذي عليه أن يكون في القاطرة المصرية يقف في محطاتها ولا يخرج عن مسارها [12]) و لعل تفسير هذه الاراء يرجع الي نظرية حق الفتح في دراسات العلاقات السودانية المصرية ومهما يكن من امر فقد (انخفضت اهمية السودان لدي السياسة الخارجية المصرية طيلة عقد التسعينات,سواء كان ذلك بسبب تزايد الدور الخارجي في المشكلة السودانية او توتر العلاقات بين مصر والسودان)[13]وانتهت بذلك فترة ما قبل ثورة 25 يناير المصرية التي تعتبر اسوأ الفترات في تاريخ العلاقات السودانية المصرية (وهذه المرحلة رغم سوداويتها كانت مفيدة، على الأقل، من ناحية استخلاص العبر لعدم الانزلاق إلى هذه الوهدة مرة أخرى، وأيضا من أجل إدراك حقيقة بسيطة هي أن مصر والسودان لا غنى لإحداهما عن الأخرى مهما كان اختلاف الأنظمة الحاكمة هنا أو هناك، وأن هناك ضرورات يجب أخذها في الاعتبار قبل الإقدام على أي فعل أو رد فعل.. وهي أن مصر والسودان باقيان في هذا المكان منذ فجر الخليفة وسوف يظلان كذلك، مهما كانت الأحداث أو التطورات في شمال الوادي أو جنوبه، وأن هناك تأثيرا وتأثرا متبادلين سوف ينتج أثرهما في كل الأحوال، ومن ثم فإن التعاون من أجل الصالح المشترك هو الأجدى والأكثر نفعا، وهو المنطق الطبيعي للأمور، وأنه مهما افترقت السبل فإنه ليس هناك مفر من العودة إلى التعاون والتفاهم والتنسيق من جديد.)[14] ولعل هذه الحقائق كانت ماثلة وحاضرة في صراعات البلدين حتي في اوقات التوتر والصراع الحاد ( ورغم التناقض الجوهري في الرؤى، والمواقف، والسياسات، إلا أن الطرفين استطاعا إدارة علاقات ظلت في حد أدنى ظلت متسمة بالهشاشة والاضطراب، وضاعت بسبب تلك الإدارة كثير من المقدرات الإستراتيجية القومية والوطنية عربيا ومصريا وسودانيا، وكان أفدح الخسارات انفصال جنوب السودان، الذي من أسبابه، كما يرى بعض المراقبين، غياب الدور المصري عن الفعل، على المستوى الإقليمي والدولي حيث كان من الممكن إن وظفت مصر وزنها السياسي المهدر الإبقاء على السودان موحدا. بل يرى كثيرون أن مصر اصطفت بقوة مع معارضي الإنقاذ دون التفريق بين خطر حكم الإنقاذ وخطر ذهاب الجنوب في تراجيديا سياسية كما حدث في الاستفتاء الذي اختار بسببه الجنوبيون الانفصال.[15]) ورغم ما اعتري مسار العلاقات المصرية من حالات المد والجزر او الصعود والهبوط فقد استمرت العلاقات المصرية السودانية ذات ارتباط وثيق وبُعْد عميق؛ على الرغم من أنها كانت ولا تزال في حالة مد وجزر؛ وذلك أن الحكومات المتعاقبة في البلدين لم تواجه ما يعيق استمرارها بالحل الشامل، واتخذت أسلوب التهدئة والتسكين للمشاكل العالقة بين البلدين؛ لإدراكها لأهمية هذه العلاقة للبلدين، وضرورة استمراريتا وتأكيدها والانطلاق بها إلى مراحل متقدمة؛ خوفاً من المواجهة التي قد تؤدي إلى انفصامها نهائياً أو الوصول بها إلى مرحلة الطريق المسدود.)[16]ورغم مافي ذلك من ايجابيات كثيرة تتمثل في تاكيد خصوصية العلاقات السودانية المصرية الا ان اكبر سلبياته هو انه كان يمثل ترحيل المشاكل العالقة بين البلدين الي المستقبل وعدم مواجهتها حبر الحوار والإرادة المشتركة لإيجاد الحلول الملائمة لها مما جعلها تراوح مكانها
الي ان قامت الثورة المصرية في 25 يناير 2012 والتي مثلت تحولا استراتيجيا علي الساحة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة و لذلك (لم تستطع الخرطوم إخفاء بهجتها بسقوط نظام الرئيس حسني مبارك، وقد سارع الرئيس عمر حسن البشير بزيارة القاهرة، -تعبيرا عن هذه الفرحة- إلى أن يكون أول رئيس عربي يزور مصر بعد نجاح الثورة. فالصفة التي لازمت العلاقات المصرية السودانية معظم سنوات حكم الإنقاذ هي السوء بدرجات ترتفع فيها وتيرته أحيانا لتبلغ مدى المواجهة العنيفة، وتخبو أحيانا أخرى. ولكن ذروة التوتر كانت منتصف تسعينات القرن الماضي حيث تبادلت الدولتان يومها طرد السفراء والمبعوثين الدبلوماسيين)[17] وهي سابقة لم تحدث في تاريخ علاقات البلدين منذ استقلالهما ولذلك مثلت ثورة 25 يناير في مصر طوق النجاة بالنسبة للعلاقات مع السودان لان (الثورة المصرية قد أعادت بناء الأولويات المصرية من جديد لا سيما على صعيد السياسة والعلاقات الخارجية وتجاه السودان بشكل أخص، فالسودان على أهميته الإستراتيجية بالنسبة لمصر إلا أنه لم يحظ إلا باهتمام ضئيل بالنسبة لصناع القرار في (مصر مبارك) خاصة، وكان الاهتمام به لا يتعدى في أحسن الأحوال الأبعاد الأمنية التي ترسمها وتحتكر صياغتها الأجهزة الأمنية والمخابراتية)[18]ولعل تلك الخطوات وذلك التقدم والاهتمام بالعلاقات بين البلدين من مصر الثورة لإعادة وضع علاقات البلدين في مكانها الطبيعي قد قابله قدرا مماثلا من السودان و(بعد ثورة 25 يناير بادر السودان إلى تقديم أشكال مختلفة من الدعم السياسي والاقتصادي للنظام الوليد في مصر وتم تبادل الزيارة بين الجانبين، وقد يؤدى تغيير النظام فى مصر الى تحقيق وحده بين الدول العربية عامة والسودان بصفة خاصة، لان الثوره فى مصر تعتبر ثورة تغير حقيقى والشعارات المرفوعة تكاملية، حيث عبر عن ذلك زيارة رئيس مجلس الوزراء المصرى عصام شرف إلى السودان فى 27 و28 مارس 2011 على رأس وفد ضم كل الوزراء في الحكومة الجديدة. حيث كانت أول زيارة خارجية يقوم بها بعد ثورة 25 يناير تأكيداً على العلاقات الأزلية التى تربط البلدين والشعبين، فى آطار المرحلة المهمة والفاصلة التى تشهدها المنطقة بأكملها والتى تحمل تحديات كبيرة وآفاق واسعة للتعاون فى المستقبل، حيث تمر مصر بمرحلة انتقالية هامة فى سبيل تحقيق الديمقراطية. كما يمر السودان بظرف دقيق وهو اعلان انفصال جنوب السودان .[19] ) ومما يجدر ذكره تلك الزيارة قد سبقتها زيارة الرئيس السوداني لمصر وتوالت الزيارات من المسئولين وقيادات الاحزاب السياسية في البلدين
مما يشكل نقلة نوعية في تناول موضوع العلاقات الثنائية بعكس ماكان شائعا في الماضي منحصر ذلك في التناول الرسمي الذي يتاثر وفقا لاهواء واراء الحكام بعيدا عن مصالح ورغبات الشعبين
مستقبل العلاقات الاقتصادية بين السودان ومصر .
من المتوقع ان تشهد الفترة القادمة تطورا ايجابيا في مستقبل العلاقات الاقتصادية بين السودان ومصر بعد ان زالت العقبات التي كانت تحد من ذلك ( في ظل الأهداف والمبادئ التي تنادي بها (ثورة 25 يناير) في مصر في مجال السياسة الخارجية لاستعادة دور مصر الريادي في الإقليم، والخروج من سلطان السياسة الأمريكية الصهيونية، التي أضعفت ذلك الدور وأضرت بالعلاقات المصرية العربية والإفريقية عموماً، وبالعلاقات المصرية السودانية على وجه الخصوص؛ وهو ما أثَّر على الأمن القومي المصري والأمن القومي السوداني، بل تأذى السودان كثيراً نتيجة لتلك السياسة في الأعوام السابقة، وستؤثر على مصر أكثر في المستقبل لتجاهلها للنظرة الإستراتيجية والاكتفاء بالحلول المرحلية والآنية، وبارتفاع شعار استعادة السيادة المصرية يُتوَقَّع أن تعود العلاقات المصرية السودانية إلى الوضع الذي يخدم كلا البلدين في كل المجالات؛ بما يحقق الأمن القومي لكليهما، فهناك كثير من الأهداف والمصالح المشتركة التي تفرض حتمية التقارب والالتقاء حولها، وتجاوز صراعات وخلافات الماضي.) [43] ولعل ذلك لايتم الا عبر التكامل الاقتصادي المنشود في ظل بيئة سياسية ملائمة وفي ظل توفر موارد اقتصادية ضخمة في كلا البلدين )والواقع ان توفر هذة الموارد للدولة يوفر لها الاساس المادى للنمو الاقتصادى ويمكنها من الدخول فى علاقات خارجية مكثفة )[44]يكون اساسها هو التعاون الاقتصادي وذلك لان مصر والسودان يمثلان معا قواسم مشتركة وعلاقات متفردة تجعلهما في في اطار القواعد السياسية التي تقول ان (المجتمعات التى تنتمى الى حضارة وثقافة عامة واحدة والتى تتحدث لغة واحدة وتتشابة فى نظمها السياسية والاجتماعية تتجة الى تطوير انماط من السياسات الخارجية التى تتسم بالتعاون وقد تتطور الي التكامل السياسى ونادرا ما تدخل فى حروب دولية ضد بعضها البعض وقد درج علماء نظرية التكامل الدولى على اعتبار التشابة بين المجتمعات احد المقومات الاساسية للتكامل بينهما 0))[45] ولذلك فان التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان في المستقبل لديه كافة العوامل التي تجعله اساسيا وضروريا لتطوير العلاقات بين البلدين في طريق التكامل الشامل حيث (تشير تقديرات المتابعين لتفاعلات العلاقات السودانية المصرية أن الحراك الذي انتظم العلاقات بين الطرفين خلال الأشهر القليلة الماضية يعبر عن مستقبل وآفاق علاقات البلدين والصورة التي ستكون عليها والمدى الذي يمكن أن تبلغه تلك العلاقات على ضوء التغييرات الجذرية التي طرأت على بنية النظام السياسي في مصر بعد ثورة 25 يناير.[46]) بعد ان كان النظام السياسي السابق في مصر قد سلك مسلكا عدائيا تجاه السودان وتسبب في ان تكون ( العلاقات الثنائية بين مصر والسودان غير متكافئة في طرفيها وتحتاج لإعادة نظر في كثير من بنودها خاصة ما يتصل بالشأن الاقتصادي في عمومياته وما يربط البلدين من اتفاقيات بعضها ثنائي والآخر متعدد الأطراف وهناك منافذ لتجارة الحدود )[47] بين البلدين التي تاثرت سلبا في الفترة الماضية بتردي العلاقات السياسية بين البلدين وعليه (من المحتمل أن تشهد العلاقات المشتركة بعد الثورة أنفتاحاً سياسياً كبيراً لعدة أسباب أهمها أن عوامل الثقة سوف تزيد بين الطرفين بسبب طي صفحة كثير من الملفات القديمة مثل دعم المعارضة المشتركة وذيول محاولة اغتيال الرئيس حسنى مبارك في أديس أبابا 1995م ، والتي لا تلبث أن تعود لتسمم العلاقة بين البلدين علي الرغم من الانطباع السائد بأن هذا الأمر قد تم تجاوزه عبر زيارات رئيس جمهورية مصر العربية السابق للخرطوم ) الا ان كثيرا من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين البلدين لم تجد حظها في التطبيق الكامل حيث تلكأ النظام المصري السابق في انفاذ ها وعلي راس ذلك ( إتفاق الحريات الأربعة وهي التنقل والعمل والإقامة والتملك وهو في تقديري يحمل كل الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات المصرية السودانية ، ظل متعسرا ولم يتم تطبيقه بالصورة التي تمكن من وضع العلاقات السودانية المصرية في خانة الإستراتيجية ، ويظهر أن الخوف النابع من دوافع أمنية ، والتعقيدات الناتجة من حساسية العلاقة، خاصة تلك المرتبطة بالمدركات هو أقوي الأسباب بجانب أسباب أخري [48]. ) سبق التطرق لها وكانت تقف في طريق تنمية التعاون الاقتصادي بين البلدين ولكن بعد الثورة المصرية وما احدثته من تطور في مستوي العلاقات بين البلدين ويتوقع للتعاون الاقتصادي ان يكون تتويجا
التعاون المشترك في مجال مياه النيل اجل تامين حصة البلدين من المياه، في ظل تهديد دول الحوض بإعادة النظر في الاتفاقيات حيث تشير كثير من الدراسات المستقبلية الي مفهوم حرب المياه والذي يتطلب سعي البلدين الي تطوير التعاون بينهما ومع بقية دول حوض النيل من اجل تنمية المصالح المشتركة ومن ناحية اخري فان التعاون المائي ضروري لإنجاح التعاون الزراعي الذي يحقق الامن الغذائي للبلدين ونسبة للتقارب السياسي بين البلدين فان لك يفرض (علي السودان الاستفادة من الواقع المصري الجديد والاستعداد لإرساء علاقة تتميز بالندية وتبادل المصالح المشتركة والمنافع بين البلدين، في ظل استعداد الجانب المصري في واقعه الجديد لتلبية هذا الشرط، إضافة للاستفادة من ترقية الجانب المؤسسي وضبط العمل في سياقه التنظيمي والقانوني المحكم والكف عن تكوين اللجان ومعالجة القضايا الأساسية عبر تصريحات المسئولين التنفيذيين لأجهزة الإعلام والتوسع في المهام الرئاسية في كل صغيرة وكبيرة.. ) [49] حتي لاتتكر تجربة التكامل الفاشلة في السابق كما ان فرص زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين من شأنها ان تساعد السودان في معالجة الاثار الاقتصادية السالبة لانفصال جنوب السودان و (القيادة المصرية الجديدة تعرف أن السودان ربما في الوقت الحالي في أشد الحاجة لنفوذها في المنطقة وقدراتها الإستراتيجية والدولية لمعالجة بعض القضايا الصعبة وعلى رأسها تداعيات انفصال جنوب السودان و إحتمالية إنفصال بقيته إلي دويلات عدة وخصوصاً في جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور وأخيراً شرق السودان ، وهذا الأمر محتمل للغاية لأن المجتمع الدولي وعلي رأسه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي ظل في حالة عداء سافر وفرض عقوبات علي السودان منذ أكثر من عشرين عاماً متصلة ، كما أن الدولة الوليدة في جنوب السودان بدرت منها عدة مؤشرات علي الاستمرار في محاربة الشمال.)[50]وقد بدات نذر تلك الحرب في احتلال الجيش الشعبي لمدينة هجليج النفطية مؤخرا والذي اوضح بان مصر تمتلك من العلاقات مع حكومة جنوب السودان ما يؤهلها للنجاح في التوسط بين السودان وجنوبه وهي تعمل حاليا لدفع الجهود من اجل المفاوضات بين البلدين وصولا لتحقيق التفاهم حول القضايا العالقة وفي ظل الظروف الحالية (فإن التربة مهيأة أكثر لتحالف أكبر بين مصر والسودان بسبب وجود تجربة إسلامية في الحكم يمكن أن تستفيد منها النخبة المصرية وخصوصاً الجانب الايجابي والسلبي منها علي وجه الخصوص حتى تتجنبه وتبني تجربتها علي أسس جديدة ومنح هذه التجربة عبر الحوارات و تلاقح الأفكار بعداً جديداً لإعادة نشاطها وحيويتها ومعالجة أخطائها بعد أكثر من عشرين عاماً في الحكم[51]) والتحالف بين البلدين لابد ان يقوم علي تعاون اقتصادي نابع من رؤية استراتيجية كلية لشراكة استراتيجية متكاملة تكون اطارا دروسا ومخططا لمتطلبات وخطوات مستقبل العلاقات بينهما و
(هذه الشراكة الإستراتيجية تستهدف في حدها الأعلى الوصول التدرجي إلى عملة موحدة وجواز سفر موحد (على غرار الاتحاد الأوروبى)، مع احتفاظ كل دولة بسيادتها ونظامها السياسي وأطرها الثقافية والاجتماعية الخاصة بها، على أن يكون دور الدولة على الجانبين توفير الحماية والرعاية وتذليل العقبات أمام انطلاق الحركة المتبادلة (في الاتجاهين) للأفراد والسلع ورؤوس الأموال.([52]وهي من شروط ومتطلبات انجاح التعاون الاقتصادي الكامل الذي يؤدي الي التكامل والوحدة علي قرار ماحدث في اوربا والذي تطور الي مرحلة قيام الاتحاد الاوربي والعملة الاوربية الموحدة و(يجب أن تنهض الشراكة الاستراتيجية على أساس اقتصادى وظيفى يسعى لإحداث تبادل اقتصادى وتجارى واسع النطاق يشمل كل مراحل العملية الإنتاجية والتنموية، ويسير وفى إطار تواصل مجتمعى على المستويات الثقافية والإعلامية والاجتماعية، بحيث تعود حركة التواصل بين البلدين فى الاتجاهين بما يخدم مصالحهما معا على أن يكون عماد هذه الحركة القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى.) [53]يعتبر ضروريا لتكامل كافة الجهود الرسمية والشعبية لإنجاح هذه الشراكة وذلك لايحتاج الي مجهودات كبيرة نظرا لطبيعة وخصوصية العلاقات بين البلدين ومن ناحية اخري فان ) الأساس القانوني لهذه الإستراتيجية موجود بالفعل في اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين، ومن ثم ليس هناك ما يعوق تنفيذ هذه الإستراتيجية، والمطلوب فقط هو الوعي بهذه الرؤية واتخاذها مرشدا وهاديا للعلاقات المصرية السودانية وشرحها والتبشير بها وجعلها على قمة ورأس الاهتمامات، ليس فقط لدى الأجهزة الرسمية والتنفيذية بل لدى النخب والرأي العام بمعناه الواسع والعريض، فالشعوب هي التي يجب أن تحمل هذه الرؤية، فهي التي سوف تقوم بتنفيذها، كما أنها هي صاحبة المصلحة الأساسية فيها.[54]ان الوضع الراهن الذى يعيشة البلدان والتحديات الدولية والاقليمية تفرض وبالحاح شديد على الجانبين اعادة النظر فى علاقتهما الثنائية وعلى وجة الخصوص الاقتصادية على اسس متينة قوامها الشفافية والمصداقية [55]
من اجل الوصول الي شراكة اقتصادية تشمل كل المستويات وعليه فان اهمية ذلك التعاون الاقتصادي والتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه البلدين تدعو الي الشروع الفوري في ترقية العلاقات الاقتصادية وذلك بمشاركة واسعة من المختصين والسياسيين عبر حوار شامل وعام من اجل الوصول الي اتفاق حول افضل السبل لتطويرها الي شراكة استراتيجية شاملة تضم كافة اشكال التعاون في مختلف المجالات الإستراتيجية الأخرى بين مصر والسودان .
التوصيات :
في ختام هذ الورقة التي تناولت أهمية التعاون الاقتصادي بين السودان ومصر والضروريات التي تتطلب هذا التعاون بعد ثورة يناير 2011 وناقشت مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكيفية تطويرها لتتحول إلى تكامل اقتصادي يشمل مختلف المجالات الإستراتيجية الأخرى بين مصر والسودان في ظل التحديات الانية والمستقبلية التي يواجهها البلدين وفي ظل مرحلة جديدة للعلاقات الثنائية في اعقاب الثورة المصرية التي اعادت ترتيب الاولويات المصرية وخاصة في مجال العلاقات الخارجية وبالاخص العلاقات مع السودان والتي عادت الي الصدارة في اهتمامات القيادات السياسية الجديدة في مصر واصبحت شانا يهم النخب السياسية والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وعليه فان الورقة تخلص الي التوصيات الاتية :
1. للمحافظة علي قوة وحيوية العلاقات الثنائية بين البلدين يجب ان صياغة استراتيجية متكاملة للشراكة بين البلدين علي ان تشارك كافة المنظمات والقوي السياسية بالبلدين في اقرار تلك الاستراتيجية وان تعرض علي المؤسسات الدستورية والتشريعية في البلدين لاقرارها والمحافظة علي ديمومتها وحمايتها من التقلبات السياسية وان تعطي الاولوية في اجهزة الاعلام وتوجيه الراي العام بالبلدين لترسيخها وشرحها حشد الدعم والسند الجماهيري لها.
2. الاهتمام بزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين لتكون المحرك الفعلي للعلاقات السياسية واساسا للتكامل العربي الافريقي المنشود.
3. الاهتمام بالتعاون الاقتصادي بين مصر والسودان ودول حوض النيل من اجل تامين المصالح المشتركة لدول الحوض وبناء تكتل اقتصادي اقليمي لمواجهة تحديات العولمة الاقتصادية.
4. العمل علي جلب الاستثمارات وخاصة من الدول العربية لتمويل مشروعات التعاون الزراعي والصناعي بين البلدين.
5. التطبيق الفوري وبصورة تامة لاتفاقية الحريات الاربع مع التنسيق الكامل بين البلدين لمعالجة أي اثار سالبة او مهددات قد تنشأ من جراء التطبيق.
6. العمل علي توحيد وتنسيق السياسات والمواقف الخارجية للبلدين علي المستويين الاقليمي والدولي عن طريق الحوار والتواصل الفعال بين المؤسسات الرسمية والشعبية في البلدين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.