وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسنجي بنالو بيت، طمعنجي سكنلو فيهو!! . وقصة أغرب من كل خيال!! .. بقلم: ابوبكر يوسف إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 15 - 02 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بلاغ للناس
إستدراك: أولاً أشكر القاريء الأخ حامد الريح الذي اتصل ليلفت نظري لما وقعت فيه من خطأ غير مقصود ومرجع ذلك شدة انفعالي لذلك العنوان المستفر لعمود جاري اللدود صاحب الاستفهامات؛ فقد سقط جزء مما كتبت فحدث الخطأ الجسيم ؛ ومن حق القاريء الكريم عليّ أن أقر بالخطأ وأن اعتذر عنه على رؤوس الاشهاد ؛ ومع ذلك فكل ابن آدم خطاؤون وخيرهم التوابون ؛ كما جاءتني مكالمة من الصحفي الدمث الخلق الأخ/ التيجاني عبدالباقي الذي بعيناه أرى أخطائي وأقر بها واعتذر عنها دون كبر كما أعترف له بالفضل ؛ فقد كان متحرجاًَ لعدة عوامل منها احترامه لفارق السن بيني وبينه ؛ وثانتها أنني لاحظت تردداً نكشفه نبرات صوته للدخول في الموضوع فنجدته وأقررت له بخطئي وأعترفت به حتى أرفع عنه التحرج .. فشكراً للجميع وبارك الله فيمن أهداني خطئي.
والنص كما كتبته بخط يدي كان كما سيأتي ولكن عند التعامل مع لوحة المفاتيح تحدث الكثير من الكبوات وأنا مقرٌ بها فارجوا من القاريء الكريم أن يجد لي بدلاً من العذر سبعين عذراً إذ أكل الدهر عليّ وشرب وأصبحت من رهط آل زهايمر وعزائي أن العطار لا يفسد ما أفسده الدهر .. أكرر اعتذاري عن الخطأ . كما لا يفوتني أن جاري اللدود صاحب الاستفهامات قد استثارني بعنوانه الذي رفع داء ضغط الدم عندي إلى 195/88 ولي عليه دين أن يدعو لي الله على ظهر الغيب أن يقيل عثرتي الصحية التي تسبب هو فيها دون أن يقصد .. فالشكر للقراء ولحامد والتيجاني وموصول أيضاً إلى ألاخ أحمد المصطفى.
التص:أبدأ اليوم بما جاء في الأية من قول المولى عز وجل ( ربنا افتح بيمما وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين).. الآية ؛ وأبدأ وأنهي بآخر ما جاء بالدعاء (اللهم إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) ..الاية ؛ . والآن نعود إلى موضوع اليوم.
" فلسنجي بنالو بيت ، طمعنجي سكنلو فيهو"!! .. وقصة أغرب من كل خيال!!

اوفت الانقاذ بوعدها وطبقت الفيدارلية ؛ وعمّ السرور البراري والهضاب والسهول حتى بلغ القرى والحضر ، وتم لنا ما انتظرناه منذ الاستقلال .. فذاك حكم انتظرناه طويلاً .. طويلاً!! ؛ فعوض الله صبرنا خيراً ؛ ولكن اتضح لنا فيما بعد ما ينطبق عليه المثل ( فلسنجي بنالو بيت طمعنجي سكنلو فيهو) . بُحّ صوتنا نطالب بقسمة السلطة والثروة ؛ فتحققت الأولى ، أما الثانية فحدث العكس ؛ فالمحليات والمعتمديات والولايات قامت بهذا الواجب خير قيام إذ رأت تمويل هذا الحكم الولائي بمعتمدياته ومحلياته من جيوب الغلابة التي هي أصلاً فارغة على عروشها وهي أفرغ من فؤاد أم موسى ؛ فؤادها الذي لا يستحي " ابوالنوم" ليعشعش فيه . لذا تفتقت قرائح دهاقين المكر والدهاء الذين يعرفون كيف "" يحلبون النملة "" فشرّعوا في مجالسهم التشريعية قوانين للجبايات نتاجاً لقدح " المخيخ " واستعير عبارة " المخيخ من حديثٍ لسيدي ومولاي الامام الحبيب في أحد خطبه الضافية في أحد الندوات المتلفزة لقد بلغ الأمر بالغلابة والغبش والشماسة أن لعنوا اليوم الذي طالبوا فيه باقتسام الثروة التي جاءت وبالاً عليهم بالجبايات لم يعهدوها ؛ فانعكس ذلك على تكلفة " حلة الملاح " والتي انقرضت حالياً في كثيرٍ من البيوت كنتيجة لارتفاع تكاليف المعيشة ؛ فالجبايات أفرغت الجيوب لدرجة أن الكثيرين نسوا شكل العملة ، فإن مطلب اقتسام الثروة كان وباءً كداء "الجمرة الخبيثة " ؛ أو أقرب الوصف أن نقول عنه إن السحر انقلب على الساحر؛ فبهت سحرة فرعون وكانتاقسام الثروة كعصاة موسى التي انقلبت حية ولقفت ما في الجيوب !! . لقد أصبح في كل طريق قومي أو ولائي (كمين) يكمن لأصحاب الشاحنات والحافلات والسيارات وجباة عتاة غلاظ يفعلون ما يؤمرون فيجبون ما في اجيوب الغلابة وهم صاغرون مما يحملون من قليل مدخر ( للزوادة) ولا تترك لهم حتى" ابو النوم " ليعْمُر جيوبهم وأقسم لي أحدهم أنه " زاغ" بسيارته " المهكعة في البرية ثم عاد عبر برجليه ليستري طعاماً فاستوقفه الجباة أهل الكمين وارغموه بأن " يدفع بالتي هي أحسن" وإلا سيرى والسلام ؛ فدفع صاغراً ما كان سيشتري به وجبة تقيل جوعاً يعيشه وكان يعقد الآمال في أن تكسو تلك الوجبة عظامه لحما! ؛ فالحمد لله على كل حال!! .
سأروي لكم واقعة عشتها شخصياً منذ عقدٍ من الزمان؛ ففي عام 1997 قابلت رجلاً في منتصف العقد السادس من عمره يومها أما مطار الخرطوم إذ كنت يومها مسافراً ؛ ذاك شيخ تبدو على قسماته أنه صاحب نعمة زالت فبدت عليه علامات المعاناة والبؤس والفقر ؛ وكان يحدق في بشدة ؛ فقلت في نفسي ربما أن الرجل يشبهني بشخص يعرفه ؛ وما زال هو على هذه الحال ؛ حتى توجهت اليه أسأله إن كان يعرفني فأجابني : لا والله لا أشبهك بأيٍ ممن أعرف ولكنها تحديقة إنكساري ومذلتي لمن يعرف أقدار الرجال ؛ لقد كنت يا أخي ملء العين والبصر ؛ لي تجارة وكنت سنداً لأهلي وعشيرتي ولكن أرادة الله أن أفلس في أعوام العسرة حيث تدهور حال تجارتي وكسدت لكثرة الجبايات . فاعطيته كل ما تبقى لدي من العملة الوطنية وكان مبلغاً طيباً من فضل الله ؛ واستحلفته أن يبدأ نشاطاً غير الذي كان يعمل فيه ؛ وقلت له إن كان حقاً ما قاله لي بأنه كان السند الوحيد القادر لأهله وعشيرته فليبدأ فأن الله وعد بإطالة عمر ورزق من يصل الرحم ثم افترقنا وأن ذاك الحديث بيني وبينه استغرق أقل من ربع ساعة .
وفي 2/4/2010 وأنا في طريقي من الخرطوم إلى مسقط رأسي لتلقي العزاء في شقيقي – عليه رحمة الله –توقفنا في قرية من قرى الطريق قبل مدينة " الدويم " ؛ وإذا بشيخ ستيني تبدو عليه علامات النعمة يحدق فيّ ملياً ؛ أي تكرر المشهد الذي مضى عليه إحدى عشر عاماً ؛ فاتجهت إليه إن كان يشبّني؟! فأجابني بالايجاب وسألني أليس أنت صاحبنا الذي قابلته في يوم كيت وكيت أمام مطارالخرطوم؟ حقيقة أنا نسيت ذاك الحدث تماماً وعندما أنعش ذاكرتي تذكرت أيضاً أنني لم افصح له يومها عن اسمي. فقلت له ربما تشابه عليك عيون البقر فأجابني: لا والله فهذا صوتك ذاك الصوت نفسه و " إنت ما بتغباني" ، أنت نفسه وأن قلبي دليلي عليك ؛ ثم بدأ يستحلفني فأجبته حتى أريحه من كثرة الالحاح. فابتهج وسرَ أيما سرور ؛ والله لم أشهد مثله في أهل الوفاء على الاطلاق، وأمسك بي من يدي وأصر أن أذهب معه ؛ قلت إلى أين قال لقرية إسمها (مروة) تبعد 35 كيلومتراً من هذا الطريق . قلت له: أنا مسافر لعزاء وعندما أعود انشاء الله سأزورك ؛ فقال: لا بل سآتي معك لتتقبل العزاء عود بك فقط أمهلني أحضر بعض " الخلقات" هكذا كان تعبيره فانتظرته قرابة الساعة فعاد ومعه بعض الشباب في سيارة لا ندكروز. أصرّ أن أركب معه في سيارته وأترك النسوان في سيارتي وما هي إلا لحظات إلا وجاءت مجموعة سيارات لأهله لتصحبنا وقد عرفني بهم واحداً تلو الآخر ومدى القرابة بينهم ؛ تركنا تركت شقيقتاي وابن اختي في سيارتنا وركبت معه نزولاً عن رغبته .
عندما عدنا من العزاء ووصلنا للمكان الذي القيته فيه أول مرة توجه إلى زراعي يحازي النيل الابيض ثم وصلنا وتوقفنا عند قرية غسمها ( مُرُوَّة) ؛ قرية صغيرة ليس بها غير القليل من المنازل ومسجد ومسيد وبعض الحوانيت وطاحونة.!! .قال لي يشهد الله أنني غادرت في ذاك اليوم الذي التقينا فيه بالخرطوم وقررت أن أذهب باتجاه " جبل الأولياء" حيث القرية التي شهدت ميلادي ؛ وبدلاً من أن أذهب باتجاه قريتي وعشيرتي كانت نفسي تجادلني في أن كيف أذهب لهم وأنا الذي كنت أمد لهم يد العون فأرى في عيونهم رثاء حالٍ قد تبدل ؛ ما كنت أود أن افصح لهم عن انكساري لثقتي وايماني العميق بالله الذي يرزق ويمنع وكنت متقبللاً لقضاء الله ولكني كنت أحمل هم عشيرتي التي كنت دوماً أحمل همها ؛ ولا أدري وعلى غير وعيٍ مني جاءت حافلة متجهة نحو الدويم ركبتها على غير هدى وفي منتصف الطريق توقف سائق أمام كمين جباية فقلت في نفسي هؤلاء من كانوا سبباً في افتقاري وها هم مستمرون في ( تشليح العبا) ؛ فو الله الذي نفسي بيده ارتعدت أوصالي و:انني مقادٍ للمقصلة ؛ فترجلت منها واتجهت هائماً على وجهي على غير هدى وإلى أن توقفت أمام " قطية بها راعٍ له غنيمات ونعاج بفحولهما . فاستضافني وسألني عن حالي وأحوالي فأخبرته بكل ما كان وجرت به الاقدار؛ وقلت له دلني على عمل استثمر فيه هذا المال القليل ؛ فقال لي اعمل بمهنة النبي وأرعى الغنم ففيها خيرٌ كثير ؛ ثم قال له الراعي : أبيعك نعيجاتي وقطيتي التي أسكن فيها ففي المكان الكلأ متوفر وماء النيل على مرمى عصا كما ترى ؛ إذ أرغب في العودة لعشيرتي في (دار صعيد) بعد ثلاثة أشهر حيث يبدأ فصل الخريف ؛ واصدقك القول أنني فارقت الديار والاهل مغاضباً ؛ فارقتها ردحاً طويلاً والآن أود العودة حتى إن جاء أجل الله أن أكون بينهم ؛ ولكن لي شرط أن أظل معك هذه الثلاث أشهر استطعم فيها من حليب ما إياه وأساعدك وأعلمك تربية ورعاية الحلال ؛ فوافقت بلا تردد ؛ فوجدت فيه الصحبة النقية والطهر .
شاء الله أن تتوالد الغنيمات والنعاج وتصبح ثروة حقيقية ، فبنيت هذا المسجد الصغير كما ترى وبنيت هذا المسيد وأوكلت أمره إلى رجل هو في الحسبة جدٌ لي أتيت به من مسقط رأسي ؛ وجمعت للمسيد أبناء القرى المجاورة أتكفل بطعامهم وسكنهم وكسائهم وأوقدنا نار القرآن ؛ وبعد ذلك أرسلت لوالديَّ وهما طاعنان في السن ويحتاجان رعايتي ، وأتيت بأهلي وأبناء عمومتي فاصبحنا شبه قبيلة ، وقد أطلقت على القرية اسم " مروة " عرفاناً للموقف الذي كان بيننا يومذاك أمام مطار الخرطوم وأن أدعو الله أن يهيء ليلقائك ثانيةً . وبحمدلله لا نغادر قريتنا إلا قليلاً حتى لا يتعرض لنا الجباة فما يجبونه أولى به هذا المسيد . قال لي الرجل والله الذي نفسي بيده ما ذكرت هؤلاء الجباة إلا وارتعدت فرائصي وأحسبل أنني اقتيد إلى حتفي ؛ وكلما أراهم أتذكر ما آل إليه حالي من بؤسٍ وفقر وأشهد الله أنني لم أدعو الله عليهم لينتقم لي منهم ؛ لأنني كنت أومن بأن المال مال الله وهو الواهب العطّاي؛ ولكن حنقي كان يعود لما كانوا يأتوا به من أفعال باسم الدين ؛ وفي مظهرهم التدين والتعقل وغطلاق اللحى ولكنهم يتغافلوا أن الدين المعاملة وأن هناك فقر ، وفقر مدقع.. لقد شادت كيف نشوه سماحة الدين ؛ وكيف يهون علينا ديننا مقابل عرضٍ دنيوي زائل .. وكانت دهشتي أكبر عندما سمعت اثنان من الجباة يتحاوران في ما ستؤول إليه حوافز كلٌ منهما لأنهما بالنص من العاملين عليها؟!!
والله أنا أروي هذه القصة وهي قصة حقيقية ؛ وحقيقية كل الحق ومن يريد أن يصدقها فليصدق ومن أراد يكذبها فهو حر؛ ولا حجر على حرية الرأي ؛ ولكن رويتها وما كان ينبغي لي؛ ولكن أرويها فلعل القائمين على أمر الجباة أن يخففوا من قبضتهم ورفع كمائنهم من عباد الله الغلابة الذين أفلس كثيرٌ منهم .. فالرحمة فوق العدل . أيضاً رويتها لنتعلم منها العبر ؛ أولها أن هذا الرجل كان ميسوراً مغداقاً على أهله وعشيرته فأفقرته الجبايات والجباة ( الجمرة الخبيثة) فبدلاً من اقتسام الثروة صودرت ثروته فأي عدالةٍ هذه؟! ؛ أليس في هذا عكس ما أوصى به نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة والسلام حين حدث : (يسروا ولا تعسروا)!؟ . ثانياً أن المروءة لم تنعدم بين أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم عليه. ثالثاً إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً فهل رأينا كيف أن الله أخلف عليه من عبدٍ آخر رزقه الله ليمتحنه إن كان يشكر نعمائه؟! . العبرة الرابعة؛ بأن هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ؛ أفلا يكون المرء عبداً شكوراً ؟! فالرجل أحيا أرضاً بوراً وعمر مسجداً ، وعلم القران وتكفل بحفظته ورعايتهم ؛ ثم آوى إليه والديه وأهله من حوله؛ أي أنه وصل رحمه . لقد نسيت أن أقول أن الرجل قد عرفني بوالده ووالدته ؛ فقد كنت حريصاً للتعرف عليهما ؛ولا أخفيكم أن حرصى كان له دافع إذ أني كنت أود أن أسألهما عن حال ابنهما معهما ؛ فربما كانت هذه هي حاجتي التي في نفس يعقوب ، وما أن إلتقيتهما حتى سألتهما كيف حاله معهما فقالا : جمل شيل ومرضي والدين ونحن دايماً ندعي ليهو ونسأل الله أن يسعدو ويريح بالو ويطول لينا في عمرو ويجعل يومنا قبل يومو ؛ وندعي ليهو ونشاء الله يمسك التراب في ايديهو يبقى دهب.!!
بعد أن نلنا تناولنا وجبة الغداء مع الحفظة في المسيد ونلنا قسطاً من الراحة ؛ قال لي: أريد أن أريك شيئاً قد لا تصدقه له علاقة بدعوة والداي ؛ وعقب د صلاة العصر ركبتنا أنا وهو فقط السيارة واتجهنا خارج حدود ( مُرُوَّة) وإذا بي أرى مجموعة من الشباب من أقربائه يعملون لحسابه في استخراج الذهب من التراب وقد وفقه الله في ذلك .. قلت في نفسي : سبحان الله والدا هذا الرجل اللذان في اواخر السبعينيات من عمرهما يسآلان الله أن يحول التراب في يدي إبنهما إلى ذهب ؛ فاستجاب الله لدعائهما .!! إن رحمة الله قريبة ؛ فها هو التراب يتحول في كفيه إلى ذهب.!! .
المهم أرجو من قيادة الدولة في بلادنا أن تعيد النظر في هذه الجبايات التي انهكت العباد وحولت الأعزة إلى أذلة والبعض منهم يتعفف وهو في غاية الحاجة والحوجة . الغلابة جاؤوا يطلبون اقتسام الثروة فشاركتهم الدولة في بضع جنيهات هي كل ما جمعوا لتقتاد بها أسرهم رغبةً في الستر وحتى لا ينكشف حالهم ؛ فالمتعففين من بني شعبنا كثرٌ فأرجو أن لا نمعن في اذلالهم أكثر.. وفعلاً صدق المثل ( طمعنجي بنالو بيت فلسنجي سكنلو فيهو) .. هل ممكن نتنازل عن مطلب اقتسام الثروة مقابل إزالة الكمائن ومنع الجباة من تشليحنا؟! .. أعلم أن الأمر يحتاج لاجتماع المحلية ثم تصعيد الأمر للمعتمدية ثم تصعيد ذلك للولاية ثم لديوان الحكم الاتحادي وحتى يُبت في الأمر تكون المقابر إمتلأت بالغلابة الغبش والشماسة المهمشين .. والله المستعان على ما نعاني " والشكية لي أبو إيداً قوية) !!

abubakr ibrahim [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.