رسالة مشتركة من الأمين العام للامم المتحدة ومفوضية الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان والمديرة العامة لليونسكو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 2001م اليوم العالمي للصحافة ثمرة نبتة تفتقت عنها قبل عشرين عاماً بصائر ورؤى لفيف من الصحفيين اجتمعوا في ويندهوك بناميبيا وتوافقوا على صياغة إعلان، عُرف بإعلان ويندهوك، كان بمثابة نداء ودعوة لرص الصفوف وتشمير السواعد من أجل حماية المبادئ الأساسية لحرية التعبير التي جسدتها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وكان أيضاً نذيراً تدق أجراسه عبر العالم منبهة إلى أن ساعة التغيير قد حانت. وها قد مرت عشرون عاماً على الإعلان وتغيرت ملامح المشهد الإعلامي بلا رجعة، ولكن هدفنا بقي راسخاً كالطود لم يتغير ألا وهو: تعزيز حرية التعبير بوصفها الأساس الذي ترتكز عليه كرامة الإنسان وحجر الزاوية الذي يستند إليه صرح الديمقراطية. ونقف اليوم شهوداً على مفارقة كبرى ينطوي عليها زماننا. فمن جانب، تفتحت أمامنا أبواب ومنافذ لم نعهدها من قبل تبيح لنا حرية التعبير بفضل التكنولوجيات الجديدة والتطور غير المسبوق في وسائل الإعلام. وصار الناس يدخلون أفواجاً أفواجاً في هذا الفضاء الجديد غير المتناهي لينهلوا ما شاءوا من المعلومات والمعارف ويتبادلوا الآراء ووجهات النظر. وكل هذا تربة صالحة لنمو الإبداع وازدهار مجتمعات صحية واستيعاب الجميع تحت مظلة أشكال جديدة من الحوار. ومن جانب آخر، بدأت تتصاعد مخاطر جديدة تتماهى في خضم تطور متسارع مع أشكال قديمة من القيود والكبت لتطرح من ثم تحديات هائلة أمام حرية التعبير. فباتت تظهر كل يوم إجراءات جديدة لحجب المعلومات وترشيحها وتكييفها ومراقبتها. ولهذه التحديات وجوه مختلفة، إلا أنها تشترك كلها بوجه واحد هو انتهاك حق أساسي من حقوق الإنسان. إن الأممالمتحدة عازمة كل العزم على جعل الإنترنت مصدراً عالمياً متاحاً ومباحاً للجميع حتى يصير بمقدور كل فرد أينما كان أن يجد فيه ضالته كمنبر للتعبير عن نفسه وإسماع صوته والتجاوب مع أصوات الآخرين. وهو أمر يؤكد على جدوى وجودة المضامين ويحتم ضرورة العمل من أجل الدفاع عن سلامة وأمن الذين يستخدمون الإنترنت واسطة للتعبير والنشر والتواصل. فكل مبادئ حرية التعبير ينبغي أن تُطبق في عالم الإنترنت. وينبغي حمايتها وحماية من يتمتعون بها. فخلال العقد المنصرم، فقد أكثر من 500 صحفي حياته أثناء تأديته لواجبه المهني. وقُتل 60 منهم في عام 2010 وحده في شتى بقاع العالم. ولا يمضي أسبوع دون أن يتوالى المزيد من التقارير التي تُخبر عن معاناة الصحفيين والمدونين وما يتعرضون له من ترهيب وعنف. إن انتهاكات حقوق الإنسان أمر لا يمكن السكوت عنه. وينبغي على السلطات الحكومية ألا تألوا جهداً ولا تدخر وسعاً من أجل ملاحقة ومعاقبة الجناة والتصدي لثقافة الإفلات من العقاب والعمل على ضمان أمن وسلامة الصحفيين. وسوف تعيش في ذاكرتنا أبداً شجاعة الصحفيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن يكفلوا لنا حقنا في أن نعلم، وحقنا في أن نطلع على ما يدور في عالمنا. لقد فتحت الثورة الإعلامية الباب لنقاشات جديدة بشأن حرية التعبير، وطبيعة الضبط والتنظيم، والتوازن بين حرية التعبير والمسؤولية. وكلها أمور ينبغي أن نتوقف عندها وأن لا نتردد في الغوص فيها واستكشاف كافة جوانبها. ويجب علينا جميعاً أن نواجه التحدي ونقبل مسؤولية التغيير. بعد مرور عشرين عاماً على اجتماع ويندهوك، تثبت الأحداث كل يوم أن حماية حرية التعبير وتوطيدها أمر لم يفقد أهميته وضرورته قيد أنملة. وعلى ذلك، ننتهز مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة لندعو كافة الحكومات إلى وضع يدها بيد الأممالمتحدة والعمل سوية من أجل ضمان حرية التعبير في الكلمة المطبوعة والمنقولة عبر الأثير وعن طريق الإنترنت والعمل على ترسيخها في كل هذه المجالات. بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة نافي بيلاي، مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو