بسم الله الرحمن الرحيم أزاح البيت الأبيض الأمريكى فى الرابع من أغسطس الجارى الستار عن سلسلة من الإجراءات الأمريكية للإستجابة للتهديدات الناتجة عن الأعمال الوحشية والإبادة الجماعية وذلك عن طريق إنشاء وكالة تحت مسمى (مجلس حماية الأعمال الوحشية) من أجل منع إرتكاب الأعمال الوحشية والإبادة الجماعية,كما أن هنالك إعلان رئاسى صدر لمنع المشاركين فى أعمال إبادة جماعية ووحشية من دخول الولاياتالمتحدةالأمريكية,ونظراً لما تحتويه هذه الإجراءات الأمريكية من محتويات مهمة تصب فى خانة حماية وصون الإنسانية من التعرض لأعمال وحشية وإبادة جماعية تهدف فى مجملها لعدم تعرض الحضارة الإنسانية بأكملها لخطر الزوال,عليه يجب على الولاياتالمتحدةالأمريكية كقوى فاعلة فى عالمنا المعاصر أن تلزم نفسها أولاً قبل أن تلزم الآخرين فى عدم التورط فى أعمال وحشية أو أى أعمال أخرى تقود لعمليات إبادة جماعية بطريقة مباشرة أوغير مباشرة وأن تلتزم الحياد وعدم التدخل فى شؤون الغير عسكرياً وأن توقف إسلوب الدعاية للعنف وممارسته عبر جميع أنواع إعلامها وخاصة هليود التى ساهمت بفعالية فى زرع ثقافة العنف والوحشية والتطرف من خلال أفلامها العنيفة الدموية التى لم تسلم من تأثيراتها كل الأجيال الحالية فى جميع ربوع العالم والتى يعتقد الكثيرين من الباحثين فى أنها أكبر بؤرة لتعليم ثقافة العنف والتطرف الفكرى والإجرامى,بالإضافة لذلك تشير كل الدلائل بنحو قاطع أن نهج الولاياتالمتحدةالأمريكية فى كل الحروب التى خاضتها فى تاريخها المعاصر فى الصومال والعراق وأفغانستان كانت تحمل فى طياتها إسلوب قهرى وحشى يرقى لمستوى الإبادة الجماعية حيث فقد الملايين من المدنيين أرواحهم فى كل من العراق وأفغانستان والصومال نتيجة للإستخدام المفرط للقوة العسكرية بجميع صنوفها وإستخدام أسلحة محرمة دولياً هذا بالإضافة للعمليات العسكرية عبر إستخدام الطائرات بدون طيار التى راح ضحيتها الآلاف من المدنين الأبريا فى باكستان والصومال وأفغانستان,بينما شكلت ظاهرة التعذيب للمعتقلين فى السجون الأمريكية فى أفغانستان والعراق ومعتقل غواتنامو ظاهرة غير مسبوقة من فظائع التعذيب وإهدار الكرامة الإنسانية,عليه يرجى أن يكون هذا الإعلان الأمريكى يعبر عن رؤية جديدة للولايات المتحدةالأمريكية ترتكز على نقد موضوعى على ما مارسته من عنف ووحشية فى العهود السابقة ضد دول كثيرة وإنطلاق رؤية جديدة لحماية الحضارة الإنسانية من الأعمال الوحشية والإبادة الجماعية عبر التعاون المشترك مع دول العالم الأخرى فى نشر ثقافة السلام ونبذ ثقافة العنف والترويج لها,كما يرجى أن لا يكون هذا الإعلان يعبر عن أحد الأدوات الأمريكية عن ممارسة الهيمنة والنفوذ فى إطار سياستها الرامية لتحقيق القوة والنفوذ عبر إفتعال نزاعات إثنية وعرقية فى بعض الدول ومن ثم إتهام هذه الدول بممارسة أعمال وحشية ومن ثم التدخل فى شؤون هذه الدول لفرض مزيد من الضغوط التى تساعد الولاياتالمتحدةالأمريكية من تحقيق هدف قومى أصيل يخصها,والمتابع لتاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية القديم والحديث والمعاصر يجد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ فجر ولادتها عقب إبادة معظم السكان المحليين من الهنود الحمر والتى وثقت لها أفلام الكاوبوى الأمريكية نفسها قد مارست صنوفا من الوحشية المبالغ فيها فى كل أنحاء العالم,والتاريخ لاينسى ذلك الإتصال التى تم بين العالم الألمانى اليهودى ألبرت إنشتاين والرئيس الأمريكيى السابق روزفلت فى أغسطس من العام 1939 م والتى أقنع فيه العالم الألمانى اليهودى ألبرت إنشتاين الرئيس الأمريكى السابق روزفلت بإمكانية صنع قنبلة نووية عن طريق إستغلال الطاقة الناتجة من تحطيم الذرة,حيث أمر الرئيس الأمريكى روزفلت بعد هذا الإتصال فى العمل فى مشروع القنبلة النووية تحت إشراف الجنرال الأمريكى (لسلى جروفز) وقد سمى مشروع إنتاج القنبلة النووية الأمريكى تحت إسم (المنطقة الهندسية لمنهاتن) حيث نجح المشروع فى تجربة تفجير أول قنبلة نووية أمريكية فى صحراء (الموجرادو) فى يوليو 1945 م,لقد أدى صنع هذ القنبلة النووية الأمريكية إلى إحداث أكبر عملية إبادة بشرية شهدها التاريخ البشرى الحديث حين أمر الرئيس الأمريكى السابق (ترومان) فى السادس من أغسطس من العام 1945 م بقصف مدينة هيروشيما اليابانية بقنبلة نووية محمولة على طائرة ب 52 تبعها فى يوم التاسع من أغسطس من نفس العام أى بعد يومين قصف مدينة نجازاكى اليابانية بقنبلة ذرية أخرى,لقد دمرت هاتين القنبلتين كل ماهو حى حيث راح ضحية هذا القصف النووى الأمريكى لمدينتى هيروشيما ونجازاكى حوالى 200 ألف نسمة من سكان اليابان بالإضافة للتشوهات الخلقية لمن نجا,وتدمير البئية النباتية والحيوانية نيجة للتلوث الذرى,لقد أصبحت الولاياتالمتحدةالأمريكية بهذا القصف الذرى لليابان من أكبر القوى المهددة للأمن والسلم العالمى ووجود الحضارة الإنسانية فى العالم,و قذف مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى ذلك الوقت لا يمكن وصفه بأنه إبادة جماعية فقط بل إعتبره العديد من المحللين أنه إتجاه لبداية تدمير الحياة الإنسانية على سطح الكرة الأرضية ليس فقط لما أحدثه من دمار هائل لا حوجة له فى ذلك الوقت بل أيضاً لما أحدثه من سباق لإمتلاك السلاح النووى من قبل القوى الأخرى مما وضع العالم بأكمله تحت تهديد الحرب النووية,ويتواصل العنف الأمريكى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عبر التدخل الأمريكى فى الحرب الكورية فى العام 1950 م الذى زاد من رقعة الحرب فى منطقة شبه الجزيرة الكورية وقد أدت تطورات الحرب الكورية إلى موت مئات الآلاف من المدنيين الكوريين كما هدد الرئيس الأمريكى الأسبق (فوستر دالاس) فى هذه الحرب بإستخدام القنبلة الذرية لإنهاء هذه الحرب,وقد ذكرت المصادر الأمريكية فى ذلك الوقت أن خسائرها فى الحرب الكورية بلغت حوالى 33,629 قتيلاً وحوالى 103,384 جريحاً و 4,753 مفقوداً بينما بلغ عدد الضحاية من المدنيين الكوريين حوالى نصف مليون كورى,أما التدخل الأمريكى فى فيتنام فى العام 1964 م والذى قامت فيه القوات الجوية الأمريكية بتوجيه ضربات جوية وحشية على فيتنام الشمالية راح ضحيته مئات الآلاف من من المواطنين الأبرياء,وفى هذه الحرب هددت الولاياتالمتحدةالأمريكية فيتنام الشمالية بإعادتها للعصر الحجرى حيث أرسلت فى عام 1969 م قوات إلى فيتنام وصل قوامها إلى أكثر من نصف مليون جندى حيث إشتركت القوات الأمريكية مباشرة فى معارك مع ثوار الفيتوكونج,أما فيما يخص الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فمنذ العام 1948 م عند إحتلال فلسطين من قبل الصهيونية السياسية وإنشاء دولة إسرائيل وإنتقال ملف دعم إسرائيل من فرنسا للولايات المتحدةالأمريكية نجد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر دعمها العسكرى اللا محدود للدولة الإسرائيلية بالأسلحة والعتاد الحربى والسياسى عبر حماية تصرفات الدولة الصهيونية العدائية ضد الفلسطنيين بالفيتو الأمريكى بالإضافة للدعم الإقتصادى الغير محدود أسهمت فى إطلاق يد إسرائيل فى قتل مئات الآلاف من الفلسطينين عبر العديد من المجازر البشرية الغير أخلاقية كما حدث فى دير يسن وصبرا وشاتيلا على سبيل المثال ناهيك عن الحروب التى قادتها إسرائيل ضد العرب فى 1948 م و1967 م والتدخل فى لبنان 1983 م و2006 والحرب على قطاع غزة والحصار المنافى للأخلاق الدولية لسكان غزة والهجوم على إسطول الحرية وقتل ناشطيه ومنع الأساطيل الإنسانية الأخرى من الوصول لقطاع غزة مما أدى إلى إزهاق مئات الآلاف من الضحايا العرب والمسلمين وكل هذا تم تحت رعاية وحماية الولاياتالمتحدةالأمريكية,بل بالرغم من الأعمال الوحشية التى ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين يستقبل رئيس وزراء إسرائيل بالتصفيق والوقوف فى الكنغرس الأمريكى وكأنما الكنغرس الأمريكى يقول له مزيداً من القتل نحن معك مما يوحى بسيطرة الصهيونية السياسية على النخبة المنتخبة للكنغرس ومنصب الرئيس عبر شراء ذممهم لخدمة مشروع عقدى يخصهم يريد أن يغوض السلام العالمى ويهدم التعايش السلمى بين البشرية لتخلو له قيادة العالم,والكل يعلم أن الشعب الأمريكى شعب محب للسلام ولكن النخب الحاكمة التى تعبر عنه تأتى للحكم عبر طرق إنتخابية خاضعة للوبيات مالية تخدم مصالحها دون مراعاة مصالح الناخب الأمريكى وهو ما يعرض دائماً شعب الولاياتالمتحدةالأمريكية للخطر,عليه إذا أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية وقف الأعمال الوحشية والإبادة الجماعية فى العالم عليها أن تلتزم هى نفسها بعدم إستعمال ثقافة العنف والترويج لها وأن تعتذر عن كل ما قامت به فى السابق من أعمال إبادة وعنف وأن توقف دعم النزاعات الإثنية ودعم الجيوش الإفريقية والأسيوية بالعتاد وتدريب القوات فى إطار حملتها فى مايسمى بالإرهاب والإنسحاب من العراق وأفغانستان ومراجعة عسكرة سياستها نحو القارة الإفريقية وأن تكون حيادية فى القضية الفلسطينية وكل القضايا الأخرى التى تتدخل فيها من أجل تحقيق السلام العالمى إذا كانت تنشده,من يريد تحقيق السلام يجب أن يلتزم به ومن يريد منع وإيقاف الأعمال الوحشية والإبادة الجماعية يجب أن يلتزم بعدم التورط او دعم الأعمال التى تقود للوحشية,والولاياتالمتحدةالأمريكية بحكم وضعيتها الدولية كدولة قائدة للعالم يجب أن تتعامل مع كل الدول بحياد حتى لاتفقد ما تبقى لها من مصداقية عبر السماح بممارسة الوحشية عبر قوتها العسكرية وقوة الدول الموالية لها ومنع الدول الأخرى من فرض سيادتها على أقاليمها عبر تصوير الصراعات التى تخوضها بانها وحشية وترقى لمستوى الإبادة الجماعية,والسؤال المركزى الذى يدور الآن هل الولاياتالمتحدة عبر تكوين مفوضية منع الأعمال الوحشية تهدف بمصداقية لصيانة الحياة الإنسانية أم هى تهدف لإستخدامها كأحد أدوات النفوذ وفرض الهيمنة؟أعتقد أن سياسة الولاياتالمتحدة فى الفترة القادمة سوف تجيب على هذه الأسئلة. عاصم فتح الرحمن أحمد الحاج باحث وخبير إستراتيجى فى شؤون القارة الإفريقية و متخصص فى شؤن القرن الأفريقى E-mail: [email protected]