نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    بالفيديو.. شاهد أول ظهور لنجم السوشيال ميديا الراحل جوان الخطيب على مواقع التواصل قبل 10 سنوات.. كان من عشاق الفنان أحمد الصادق وظهر وهو يغني بصوت جميل    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    هل انتهت المسألة الشرقية؟    صندل: الحرب بين الشعب السوداني الثائر، والمنتفض دوماً، وميليشيات المؤتمر الوطني، وجيش الفلول    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    تقارير تفيد بشجار "قبيح" بين مبابي والخليفي في "حديقة الأمراء"    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    لأهلي في الجزيرة    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منطلقات السياسة الغربية تجاه الإسلاميين علي ضوء ثورات الربيع العربي. بقلم: د. المعتصم أحمد علي الأمين
نشر في سودانيل يوم 28 - 11 - 2011

جامعة إفريقيا العالمية : مركز البحوث والدراسات الإفريقية
منطلقات السياسة الغربية تجاه الإسلاميين
علي ضوء ثورات الربيع العربي
د. المعتصم أحمد علي الأمين*
مقدمة:
تميّزت علاقات الإسلاميين مع الغرب بالصعود والهبوط والتحالف الهش أحياناً والعداء بين الطرفين في الربع قرن الأخير علي الأقل من القرن العشرين .
ولايخفي علي أحداً أن الإسلاميين بمختلف مشاربهم يتهمون الغرب بأنه وراء دعم العلمانيين والتغربيين الذين هيمنوا علي السلطة غداة رحيل الاستعمار عن العالم الإسلامي ، وأن هؤلاء صنيعتهم المباشرة بعد أن وضعتهم في قلب السلطة لضمان ديمومة السياسات الاستعمارية التي تود الحفاظ علي المصالح الغربية وإلحاق العالم الإسلامي كتابع بالتجربة السياسية الغربية بغرض طمس الهوية الإسلامية التي ظلت تشكل مصدر تهديد للغرب منذ قرون طويلة إستطاع فيها الإسلام أن يغزو أوربا في عقر دارها مرات ومرات (1) .
والغرب من جهته ينظر إلي الإسلاميين بتخوف باعتبار أنهم يسعون إلي إعادة بناء النموذج الإسلامي الجهادي الذي يسعي لإعادة انتشاره على مستوي العالم ، ويعني ذلك التناقض مع الافكار الغربية في رؤاها ومصالحها المختلفة ، كما أن الغربيين بدورهم تأثروا بافكار الحروب الصليبية وكتابات المستشرقين عن الإسلام التي شكّلت خلفية مرجعية لمعظم صنّاع القرار في العالم الغربي(2) .
ولكن ومع زيادة حدة المواجهات مع الإتحاد السوفيتي السابق وكتلته الإشتراكية بعد الحرب العالمية الثانية 1945م وحتي انهياره نهائيا في 1990م إحتاج الغرب إلي معاونة الإسلاميين الجهاديين من أجل استنزافه(الاتحاد السوفيتي ) بعد دخوله افغانستان في 1979م ، وقد زاد من إغراء دعم الإسلاميين السنة حدوث الثورة الإسلامية في إيران في نفس العام أي 1979م فبدأ منطقيا تقوية المذهب السني في المنطقة لمواجهة المذهب الشيعي المنتصر في إيران من اجل خلق مواجهة تقعد بالطرفين في المستقبل القريب بعد مواجهة الإتحاد السوفيتي واضعافه(3) .
وبالتالي تعتبر التنظيمات الإسلامية الجهادية الحديثة في معظمها وليد شرعي لتحالف الإسلاميين السنة مع الإستراتيجية الغربية لمواجهة المعسكر الإشتراكي في أيامه الأخيرة .
بيد أننا لانستطيع أن نقول أن الجهاديين الأسلاميين عملاء للغربيين وينفذون سياستهم وإستراتيجيتهم العامة بقدرما يمكن القول أن كلا الطرفين وجد مصالحه مع الطرف الآخر ، وكانت أهداف كثيرمن الإسلاميين الذين جاهدوا في أفغانستان بغرض مناصرة الشعب الأفغاني ضد الاجتياح السوفيتي ولم تكن نياتهم تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية التي وعاها البعض ولم يوعها البعض الآخر .
وفيما يبدو أن الغرب كان يعتقد أن مواجهة الإسلاميين والروس في أفغانستان سوف تأخذ وقتا طويلا وتُحدث خسائر فادحة في كلا الطرفين بحيث لايستطيع الطرفان بعد نهاية الحرب أن تقوم لهم قائمة بسبب الأجهاد الذي أصابهما في هذه الحرب المدمرة .
إلا أن سرعة إنهيار الإتحاد السوفيتي فيما يبدو قد فاجئت الغرب وأسقطت في يده نتيجة لوجود ملفات معقدة لم يتم النظر فيها بعد مثل التعاون المستقبلي مع دويلات الإتحاد السوفيتي ، وملفات الإسلاميين الجهاديين في افغانستان ، وحلفاء الإتحاد السوفيتي في قارات العالم المتعددة .
بيد أن سرعة توالي الاحداث ونشوة النصر علي الكتلة الشرقية جعل من تناول بعض هذه القضايا ارتجاليا وآنيا . وفيما يختص بملف الجهاديين في افغانستان فيُعتقد انهم تركوا لحلفاء الغرب للتعامل معهم أمنيا حين رجوعهم لبلدانهم الأصلية . حيث تم استيعاب البعض وتسكينه ، وتم طرد وسجن البعض الآخر ، كما أن الأسلحة الحساسة التي أعطيت لهم مثل صواريخ ستنجر حاولت أجهزة المخابرات الغربية جمعها منهم باسرع ما تيسر .
ومن هنا يمكن القول أن عملية التعاون قد انتهت بين الطرفين غداه انهيار الإتحاد السوفيتي السابق وبدأت حقبة جديدة مشحونة بالعداء بعد ذلك لعدة أسباب لعل من أهمها شعور الجهاديين الإسلاميين أنهم قد تم الغدر بهم بعد مجاهداتهم في افغانستان من قبل أنظمة الحكم العربية المحلية كما في حالة الخليج العربي ومصر وسوريا والجزائر وليبيا والمغرب وبالتحالف مع الغرب . كما أن هؤلاء الإسلاميين شعروا انهم يستطيعون التغيير داخل مجتمعاتهم المحلية بعد أن دُربوا جيدا علي إستعمال السلاح في مسرح افغانستان ، وأن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لايختلفا كثيرا عن الإتحاد السوفيتي في سعيهم لسرقة الموارد الإسلامية ، كما أن نظام الحكم في أفغانستان يختلف كثيرا عن الأنظمة العربية الموجودة بين ظهرانيهم ، ومن هنا دخلت العلاقات المشتركة في طور جديد إمتد لأكثر من عقدين من الزمان وإتسم بقدر هائل من العنف والدمار .
الإسلاميين والغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر
لايمكن معرفة الإستراتيجية الغربية تجاه الإسلاميين بعد ثورة الربيع العربي 2011م مالم يُسلط مزيدا من الدراسات حول الفترة التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م ، فهذه الحقبة تُشكل منعطفا هاما في العلاقة بين الطرفين وسوف يكون لها صديً واسعاً ربما لعشرات السنين القادمات بسبب المواجهة المباشرة بين الطرفين والعنف الرهيب الذي حدث فيها ، وغزو أكثر من بلد إسلامي بسبب هذه الأحداث ، وتصدي الإسلاميين الجهاديين للمقاومة ونجاحهم جزئيا في إلحاق خسائر مقدرة في الجانب الغربي للدرجة التي دفعته الرحيل عن العراق أخيرا بالرغم من الاحتياطات المهولة من النفط وانقسام المجتمع العراقي إلي ثلاثة طوائف أساسية هي السنة والشيعة والاكراد مما يسهل عملية إدارته والسيطرة عليه وإستنزافه إقتصاديا بسبب هذا الإنقسام الواضح لكلا الأطراف، وبالرغم من ذلك إنسحبت القوات الأمريكية والغربية بضغوط جماهيرية محلية بسبب مُجاهدات الإسلاميين وإستعدادهم لبذل التضحيات اللازمة للتصدي للغرب. كذلك حدث نفس الأمر ولكن بصورة مُصغرة في أفغانستان وهاهم الغربيين يستعدون لاخلاء افغانستان كذلك .
وبالتالي يمكن القول أن حِقبة المواجهة المباشرة والغزو خلقت عدة قوانين ومعادلات لايمكن تجاوزها وهي علي الجانب الغربي تتمثل في إستحالة بقاء قوات إحتلال غربية في العالم الإسلامي دون ترضية السلطات الحاكمة وطائفة واسعة من الناس لتحقيق مصلحة من المصالح في البلدان التي توجد فيها مثل هذه القواعد كما في حالة قطر والبحرين وجيبوتي ، وأن حِقبة الإحتلال والإستعمار الخشن والواضح قد وّلت للابد ولايمكن ان تتكرر في العالم الإسلامي بسبب إستعداد الإسلاميين التضحية بانفسهم من أجل أهلاك هذه القوات. وعلي الجانب الإسلامي عنت هذه الحقبة إنتهاء أساليب الخداع الإعلامية التقليدية لشعوب المنطقة الإسلامية ، وأنه لم يعد بقدرة الغرب المراهنة علي ِخداع العالم الإسلامي وإستغلال تناقضاته من أجل البقاء والسيطرة، وأن وعي الشعوب الإسلامية صار أكبر مما يمكن الإحاطة به باساليب الدعاية القديمة عبر تسليط أجهزة أعلامية وتلفزيونية ووكالات أنباء عالمية من اجل تمرير السياسات الغربية في المنطقة أو الإنتصار دون حرب كما كان يحدث من قبل ، بيد أن السلاح الإعلامي لازالت أهميته موجودة ولكن يحتاج لتدبيرات وخطط أخري وإسترتيجيات موازية من اجل اعادة تفّعيله .
وعلي جانب الرؤية الإسلامية كذلك فقد كانت أبرز القوانين المستقاة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر تتمثل في ضرورة الإبتعاد عن إستهداف الاراضي الغربية بصورة مباشرة لتنفيذ أعمال جهادية طالما ظلت الحرب بين الطرفين بالوكالة ، وتبدو حربا إستثنائية كما في الحالة الليبية الأخيرة علي سبيل المثال ، وذلك لأن الإسلاميين وعوا أن المقارنة بين المعدات العسكرية الغربية والإسلامية واسعة للغاية ، وأنه بإمكان الغرب أن يُلحق أضراراً هائلة بالعالم الإسلامي لو قرر الغرب إستعمال كل ترسانته من اسلحة الدمار الشامل ، ولعل من حسن الحظ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن البريطانيين الذين تحالفوا مع الامريكيين اقنعوا بعض السياسيين الامريكيين الذين كانوا فيما يبدو يستعدون لاستعمال أسلحة دمار شامل ضد بعض المناطق الإسلامية يومئذٍ بأن لايفعلوا وأن يكتفوا بإستعمال الاسلحة التقليدية! وإلا لكانت خسائر العالم الإسلامي فادحة، ولا ننسي أن قطاعات كبيرة من الشعب الامريكي يومئذٍ كانت لا تمانع في اللجوء لهذا الخيار بعد التعبئة الإعلاميية الهائلة ضد العالم الإسلامي في أجهزة الأعلام التي يهيمن عليها الموالون للوبي الإسرائيلي في أمريكا (4) .
ولعل فهماً مثل هذا دفع ببعض إسلاميي السودان بسرعة التعاون مع الأمريكيين عقب الاحداث مباشرة لتجنب انتقام الامريكيين الذي يمكن ببساطة أن يشمل استعمال اسلحة دمار شامل !!.
ومن هنا يمكن القول أن أحداث الحادي عشر من سبتمبرقد أوضحت قوي الطرفين والحدود التي يمكن أن يصل إليها الصراع بحيث لايستطيع أحداً تجاوزه لأنه لو تم تجاوزه من قبل الأمريكيين أو الغربيين بصورة عامة فإن الإسلاميين يمكن أن يتحملوا أي خسائر بشرية أو مادية في سبيل القضاء علي الوجود الغربي في المنطقة ، كما أن الإسلاميين علموا أن صور التفجيرات والدم والأشلاء يمكن أن تؤثر في حظوظ الأحزاب السياسية الغربية ويمكن أن تتطيح بها في ظرف أربع إلي ثماني سنوات ولا بأس من صبر هذه المدة الزمنية في سبيل إخراج الغرب من المنطقة الإسلامية ، كما أنهم تعلموا أيضا أن الاقتصاد الغربي هش بأكثر مما يبدو وأن الأزمات السياسية حتي في الدول النامية التي تمتلك مورداً يعتمد عليه مثل النفط تستطيع أن تُزعزع الاقتصاد الغربي الذي يؤدي ضُعفه مباشرةً إلي تغيير الحكومات الغربية في ظل مثل هذه الأوضاع . كذلك عرف الإسلاميين أن المواجهة المفتوحة مع الغربيين يمكن أن تكون عواقبها وخيمة بسبب عدم وجود تكافوء في القدرة العسكرية بين الطرفين أو قوة ردع متبادلة، وأن الغربيين يمكن أن يستغلوا مثل هذا الأمر وأن يلحقواخسائر فادحة بالعالم الإسلامي يمكن أن تصل إلي مرحلة إستعمال سلاح دمار شامل .
هذه هي أبرز القوانين غداة حدوث الثورات العربية في المنطقة التي شملت حتي الآن تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن والبحرين .
ومما لاشك فيه أن الغربيين قد وضعوا إستراتيجية ما للتعامل مع العالم الإسلامي غداة إستخلاص هذه القوانين عقب إنتهاء الفصل الاول من الحرب ضد الإرهاب بزعامة جورج بوش الإبن، وان الفصل الثاني بدأ فعليا مع إنتخاب الرئيس باراك أوباما ولكن ربما بوسائل أكثر سلاسة ونعومة عن سابقه .
خسائر الغرب جراء سقوط الانظمة الموالية :
مما لاشك فيه أن الغرب أصابته خسائر فادحة جراء سقوط بعض الانظمة الموالية له في المنطقة وعلي راسها مصر وتونس بدليل تردد ورفض دولتي فرنسا في الحالة التونسية والولايات المتحدة في الحالة المصرية التغيير الثوري في بداياته خوفا علي هذين النظامين الموالين لهما ، ولم يُعلن علي الإطلاق تأييد الثورة إلا بعد أن تبين للجميع قُدرة الثورة علي النجاح ، وأن الأحداث قد تجاوزت مرحلة التغيير حينها فقط دعا الغرب الحكومات الديكتاتورية إلي الإستجابة لأصوات الجماهير وكان ذلك علي إستحياء ورغبة في تسجيل موقف لكي يحفظ للغرب خطوط إتصاله مع الثوار الجدد لحين إنشاء إستراتيجية جديدة في المنطقة ، وكان في البال والخاطر رفض التغيير الثوري في إيران في 1979م من قبل الغرب وحدوث قطيعة شاملة معه منذ ذلك التاريخ وحتي يوم الناس هذا بسبب عدم تأييد الثورة الشعبية في إيران والتصدي لها من بعد ذلك (5) .
ربما كانت أول الخسائر الغربية تتمثل في فقدان حالة المطاوعة السياسية من قبل الانظمة العربية البائدة لتنفيذ المخططات الغربية في المنطقة ، وعلي رأسها إدماج إسرائيل في المنطقة عبر إتفاقيات ثنائية مثل إتفاقية كامب ديفيد 1979م ، وإتفاقية الاردن واسرائيل بوادي عربة، وحتي إتفاقية السلطة الفلسطينية مع اسرائيل في أوسلو 1993م . وهذه الإتفاقيات كما يعرف المتابعون بها هضم واضح للحقوق الفلسطينية والعربية وإستلزمت تقديم تنازلات كبيرة لإسرائيل مقابل السلام، وعلي الرغم من ذلك (ولقدر إلهي فيما يبدو) رفضت إسرائيل التسوية النهائية التي عرضتها الجامعة العربية في 2002م ، وظلّت تصر علي تحقيق إستراتيجيتها الخاصة التي تنص علي أن حدود إسرائيل من نهر الفرات إلي نهر النيل كما يبدو ذلك واضحا في العلم الإسرائيلي وأمام مدخل الكنيست الإسرائيلي .
وظلّت هذه الأنظمة الموالية للغرب تنفذ إستراتيجية الغرب في المنطقة بسبب رغبتها في إستدامة الحماية الغربية لها أولاً ورغبتها في تنفيذ سياسات خاصة بها مثل توريث الحكم وعدم مهاجمتها إعلامياً وغيرها لكي لاتجد معارضة من قبل الغرب أو المنظمات والوكالات التابعة له والتي بالرغم من إستقلاليتها الجزئية إلا أنها لا تعمل إلا في ظل إستراتيجية واضحة تدافع عن المصالح الغربية وتنحاز له.
ولعل أهم إستراتيجية غربية تنفذها هذه الأنظمة محاربة التنظيمات الإسلامية وخصوصاً المتشددة في المنطقة وعدم السماح لها بالوصول إلي الغرب، وحتي تلك الجماعات الإسلامية التي وصلت تأثيراتها وقياداتها إلي الغرب كانت تُعاد بإستمرار إلي الدول العربية بغرض التحقيق معها بصورة عنيفة من أجل الاعتراف بكل مخططاتها المزعومة تجاه الغرب سواء كان ذلك التهديد محتملا أو حقيقيا ، وقد وصلت هذه السياسات أقصي حدودها بُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وإستمرت من بعد ذلك لسنوات ربما حتي نهاية عهد الرئيس الامريكي جورج بوش الإبن في 2008م(6) .
كذلك عملت أنظمة الموالاة العربية علي إستمرار التفوق الغربي من خلال السماح له بالتحكم في النفط والغاز العربي وأسعاره العالمية لتحجيم المنافسين له على مستوي العالم مثل الصين والهند وروسيا والبرازيل وغيرها من دول ، ففي حالة رغب الغرب في تحجيم النشاط الاقتصادي الصيني كان يرفع من سلعة النفط العربية إلي مستويات قياسية وصلت في أحداها إلي أكثر من مائة وثلاثين دولارا أمريكيا للبرميل الواحد ، في حين كان يشتري نفس البرميل من الدول العربية باسعار متدنية للغاية بسبب العقود طويلة الأجل والمحددة بسعر ثابت للبرميل لايتجاوز العشرين دولارا ! ، أما إذا أراد تحجيم الممانعة الروسية فقد كان يخفض سعر برميل النفط العربي لأقل سعر ممكن لأن روسيا من المنتجين الكبار للنفط ، وقد وصل سعر البرميل في إحدي هذه المرات لثماني دولارات أمريكية فقط للبرميل ! ، وفى كلا الحالتين كان الغرب يسترجع أمواله من خلال إلزام بعض الدول العربية علي شراء سلاح بعشرات المليارات من الدولارات أو سلع إستهلاكية لا تسهم في مسيرة التنمية الفعلية ! . وقد إحتذت إسرائيل بهذه السياسة عندما إستفادت من الغاز المصري باسعار متدنية بسبب العقود طويلة الأجل التي ربما تكون مدتها أكثر من خمسين عاما ! لا لأن الخبراء المصريون لايعرفون ذلك ولكن تواطئاً من الحكومة على إتخاذ مثل هذا القرار (7) ،وبذلك تكون خسائر الدول الغربية جراء الثورة كبيرا في حالة عدم إعتراف أو مطاوعة الأنظمة العربية الجماهيرية الجديدة بالإستراتيجيات والمصالح القديمة التي افادت الغرب بأكثر مما يتوقع البعض من المطلعين .
وفيما يبدو أن التعاون مع الغرب والخضوع لرغباته لم يكن ينتهي عند ذلك الحد وإنما كان مُتجذرا وشمل مجالات أخري كثيرة ربما كان من أهمها فتح الاسواق العربية أمام السلع الغذائية الغربية مثل القمح والارز والعدس وغيرها وذلك بأسعار متدنية حتي قامت بضرب الإنتاج المحلي وحولته إلي محاصيل أخري مثل قصب السكر والقطن وحتي الزهور لكي تكون شعوب هذه الدول رهينة للمواد الغذائية الأساسية القادمة من الخارج ، ويمكن أن يحدث لها تهديد خطير في أمنها الغذائي في حالة إمتناع الدول الكبري عن تزويد الشعوب بهذه السلع الحيوية ، ولقد رأينا جانبا منذ ذلك عندما حدث ُشح في سلعة القمح في روسيا وأوقفت تصديره مما أحدث فجوات غذائية وحالة هلع إنتظمت العالم واسميت بازمة الغذاء العالمي ، وكل ذلك بسبب عدم الإصرار والتصميم المحلي علي ضرورة تخصيص مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية لسلع الامن الغذائي ، وعادة ما يكون ذلك نتيجة لضغوطات غربية وخبراء غربيين .
والاستغلال الغربي للأنظمة العربية كبير وقد تناولته كثيراً من البحوث والدراسات الموثقة ولعل هذا التناول أدي في نهاية الامر إلي قيام الثورة بعدأن بلغ السيل الذُبي ورفض الكثير من المثقفين هذا الاستغلال الواضح من قبل الغرب جراء هيمنته علي هذه الأنظمة الموالية ، لذلك من المعتقد أن يستمر هذا الاستغلال لأوقات قادمة بسبب الضُعف الشديد الذي تمر به الشعوب العربية بعد عقود من التخريب الذي مارسته الانظمة الموالية في هذه البلدان ، ولعلنا رأينا طرفا من ذلك أيضاً بعد طلب السلطات الليبية الجديدة لحلف شمال الأطلسي ان يظل في ليبيا حتي بعد مقتل العقيد القذافي بسبب عدم مقدرتهم علي حفظ أمن الحدود الطويل مع البلدان الإفريقية التي تقدر بأكثر من ثماني آلاف كيلومتر مربع تمتد في الصحراء الكبري، ولا نندهش لو علمنا أن هذا الطلب كان بايعاز من حلف شمال الأطلسي بنفسه للسيطرة علي الاسلحة الليبية ومنعها من التسرب إلي تنظيمات إسلامية متشددة في المنطقة وربما في خارجها.
إلا أنه من المتوقع من جهة أخري أيضا أن يطول التغيير بعض المكتسبات الغربية في المنطقة وربما كان علي راسها سحب جزء من الاموال العربية التي تقدر بالمليارات من البنوك الغربية بغرض إحداث تنمية حقيقية بعد أن أصبحت الشعوب مُراقبا حقيقيا لحركة أمواله ولم تعد في أيدي أفراد يتصرفون فيها كما يشاؤون ، وهذا التوجه بدوره أيضا يمكن أن يفيد الغرب في حالة التعاقد مع الشركات الغربية لإعادة البناء والتنمية ، أما إذا دخلت شركات أخري من تركيا ومن جنوب شرق أسيا ومن أمريكا الجنوبية ، فإن سحب هذه الأموال سوف يُضر بالاقتصاد الغربي ألا ان هذا الاحتمال بعيد وخصوصا علي مستوي دولة ليبيا بسبب الدور الذي لعبه حلف شمال الأطلسي في القضاء علي نظام العقيد معمر القذافي .
كذلك من المتوقع ان يحدث تغييراً فيما يختص بسياسات التقارب العربية بعد الثورة وخصوصا وان الإسلاميين ربما يشكلون مصدر قوة كما أظهرت الإنتخابات التونسية الأخيرة وبالتالي سوف تكون هناك حالة تعاطف ورغبة في الوحدة خصوصا بين تونس وليبيا ومصر وربما حتي السودان ، وهذا ما يخشاه الغرب ويتحسب له كثيرا وسوف يتصدى له كذلك ، وكان هذا الجانب في السابق مفقوداً بسبب شكوك الأنظمة العربية في بعضها البعض بالرغم من رفع شعارات الوحدة ، وكان ذلك فيما يبدو للإستهلاك المحلي والإقليمي وصرف الانظار بعيداً عما يدور في الساحة الداخلية من تجاوزات .
ملامح الاستراتيجية الغربية في المنطقة
الاستراتيجية الغربية تجاه العالم الإسلامي مُتجددة بحسب المتغيرات التي تطرأ علي الحياة السياسية في هذه المنطقة ، وهذا فيما يبدو من أسباب نجاحها مع وجود مُوجهات عامة ثابتة تحكم هذه الاستراتيجية وتدلها علي الطريق الذي يجب أن تسير عليه دون أن تختل . وهذه المُوجهات دائمة ولا يطرأ عليها التغيير مهما كانت الظروف السياسية ، ويمكن أن نقول أنها تتمثل في ضمان دائم لزيادة قبضتها وسيطرتها الاقتصادية والعسكرية علي العالم الإسلامي، وإستخلاص الموارد الاقتصادية ، وضمان أمن اسرائيل ،وحرية الحركة والمرور وعدم تكوين مراكز قوي إسلامية تستطيع أن تهدد الغرب بفقدانه السيطرة علي هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وتتمثل ربما الاستراتيجية الجديدة في السماح أخيرا للإسلاميين بالوصول إلي السلطة عن طريق الديمقراطية ، لا حبا في الإسلاميين انفسهم ولا دفاعا عن الفكرة الديمقراطية ربما ولكن رغبةً في أخذ طريق جديد للتعامل مع الإسلاميين، لعل ذلك يفت من عضضهم علي المستوي البعيد ويفقدهم السيطرة علي الشارع العريض بعد أن ظلوا ممسكين به ربما منذ نهاية ستينيات القرن العشرين أي بعد هزيمة يونيو 1967م ، وقد كانوا من أسباب رفض الشارع الإسلامي للسياسات الغربية في المنطقة (8) .
ولعل الذي دفعهم إلي هذا الإتجاه أن التعاون بينهم وبين بعض الدول العربية والإسلامية التي تُحسب من ضمن الدول ذات التوجه الإسلامي مثل السعودية ودول الخليج كانت العلاقة بينهم جيدة ومستقرة ربما لأكثر من خمسين عاما بالرغم من الشعارات الإسلامية التي تُرفع ويدار من خلالها الحكم . بيد أن تجربة علاقة الغرب ودول الخليج العربي تبدو إستثنائية بسبب الارتباط العميق بسلعة النفط ، حيث ترك الخليجيون للشركات الغربية الإستفادة القصوي من النفط من دون منافسة بينما ترك الغربيون للخليجيين وخصوصا السعودية أخذ الطريق الذين يريدونه في خيارات الحكم وغالبا نتيجة لتوفير الاستقرار السياسي الذي يودونه.
ومن هنا ربما رأي البعض انه من الممكن للإسلاميين في بعض الدول الأخري الوصول للسلطة ومساعدتهم في ذلك حتي يتوصلوا إلي نفس المعادلة التي توصلوا لها مع الخليج العربي ، ولأن من شأن تجاهل رغبات الإسلاميين حدوث ثورة شعبية يقودها الإسلاميون كما حدث في إيران وبالتالي تحدث حالة مواجهة شاملة مع الغرب بسبب تحالفه مع السلطة الديكتاتورية التي كانت تقمع الإسلاميين، وبالتالي لايعد من الممكن إصلاح العلاقات مرة أخري في المدي القريب ، وكدليل على ذلك توتر العلاقات الغربية الإيرانية لأكثر من ثلاثين عاما ولايزال التوتر علي أشده حتي الآن بالرغم من المصالح الاقتصادية والنفطية الهائلة التي تحوز عليها إيران .
لذلك ربما دعت الإستراتيجية الغربية في مرحلة من المراحل إلي عدم مقاطعة الإسلاميين كليا ومحاولة تقسيمهم إلي معتدلين يمكن التفاهم معهم ومتشددين تجب محاربتهم ، مع دعم الأنظمة القمعية المناهضة لهم في المنطقة ما داموا قادرين علي السيطرة على الإسلاميين ، مع إستعداد تام للقفز من مراكبهم الغارقة متي مادعت الضرورة والالتحاق بالإسلاميين والثوريين الآخرين وبناء علاقة حذرة معهم وعدم مقاطعتهم ومحاربتهم كليا كما حدث مع إيران لحين رؤية إتجاهاتهم في السلطة والحكم .
وربما كان من سُوء حظ السودان أنه صُنف في مرحلة من المراحل على أنه من الدول التي يُسيطر عليها المتشددون ، وهي فرصة طيبة للغرب لمعرفة كيفية التخلص من الأنظمة الإسلامية التي قد لا تتفق معهم ، لذلك فيما يبدو ان القرار تجاه السودان إسقاط نظامه دون تدخل مباشر وجعله عبرة وعظمة لكل الحركات الإسلامية التي تصل إلي السلطة دون تنسيق كامل مع الغرب .
ومن هنا رأينا مسالة الحصار الاقتصادي المتشدد ، والإيحاء لبعض الدول المجاورة بمحاربة السودان في مرحلة مادلين أولبرايت ، ودعم معارضيه مع حملات إعلامية قاسية لتشويه صورة الحكم متمثلة في خطوط عريضة تشمل قصف المدنيين وشن الحرب علي الأقاليم التي ترفض هيمنة المركز ، وممارسة الرق بواسطة القبائل التي تؤيدها السلطة ، وممارسة الإضطهاد الديني ونهاية بممارسة التطهير العرقي (9) .
وبالرغم من تلك الإتهامات الغليظة التي ربما تستند علي أخطاء حقيقية إلا أن النظام صمد لكل تلك الحملات لعوامل خارجية ربما ليس له بها دخل في أغلب التحليلات مثل إنشغال الغرب بالحرب ضد العراق وأفغانستان والحرب ضد الإرهاب ، وإندلاع الحرب الاريترية الإثيوبية 1998م ، وتخوف الدول الإفريقية من الإنفصال في جنوب السودان ، والأزمة الاقتصادية العالمية والحرب ضد ليبيا.
أما بخصوص الدول التي يري الغرب أن إسلاميها يُمكن التفاهم معهم بسبب عدم لجؤهم للعنف وإستعدادهم للتعايش مع العلمانيين وإعترافهم بإسرائيل فقد أخذ يدعمهم في الخفاء ويسهل عليهم الوصول إلي السلطة ، ولعل تجربة تركيا خير مثال لذلك عندما أخذ الغرب يضغط علي الحكومات العلمانية الكمالية المتعاقبة وقيادات الجيش والاحزاب السياسية العلمانية بضرورة إدخال إصلاحات ديمقراطية شاملة والسماح للأحزاب ذات التوجه الإسلامي بالمشاركة خوفا من الإنفجار الذي حدث في إيران وكلا الاتجاهين بغرض زيادة قبضة الغرب على العالم الإسلامي.
وقد أدت الضغوط الغربية والطمع في إستيعاب تركيا في منظومة الإتحاد الأوربي وهو الحُلم الذي ظل ُيراود العلمانيين الأتراك منذ إنشاء دولتهم في عشرينيات القرن العشرين بالسماح للإسلاميين بدخول الحياة السياسية الرسمية (وكانوا نشطاء في الخفاء) ومن ثم وصول الإسلاميين لأول مرة إلي سدة الحكم مع نجم الدين أربكان وخليفته البارز رجب طيب أوردوغان .
بيد أن هذه الإستراتيجية التي أتُبعت تجاه إسلامي تركيا تواجه مخاطر كبيرة وإنتقادات مريرة بسبب خروج الإسلاميين الأتراك عن الخط الذي رُسم لهم بإعادة فكرة إحياء دولة إسلامية كبري وهذا ما يخشاه الغرب كثيرا .
وأول مظاهر تراجع الإسلاميين الأتراك في نظر الغرب عن الإعتدال تمثل في عدم المشاركة في غزو العراق أو حِصاره في السنوات التي سبقت غزوه في ابريل 2003م ، مع رفض الأتراك كذلك إستعمال قاعدة انجرليك الجوية أو الاراضي التركية لتكون منطلقا للغزو .
وثانيها وهي الطامة الكبري للغرب الموقف التركي من إسرائيل ودعم الفلسطينيين عبر مراحل متعددة بدأت بالتنديد بالهجوم العسكري الإسرائيلي علي لبنان أولا في 2006م وعلي قطاع غزة 2008م ، ومحاولة إيصال مساعدات تركية للفلسطينين بالرغم من معارضة إسرائيل ، وضرب أسطول الحرية وقتل أكثر من عشرة اتراك في عرض البحر ، ومن ثم إيقاف التنسيق والتدريب العسكري المشترك، وأخيرا طرد السفير الإسرائيلي من أنقرة ، وقد وصلت الأزمة قمتها بإعلان رجب طيب اردوغان أنه كاد أن يعلن الحرب علي إسرائيل غداة قتل المواطنين الأتراك علي متن السفينة التركية مرمرة .
وبالتالي فمن هنا ربما توصل المخططون الغربيون إلي أن تقسيم التيار الإسلامي إلي معتدل أو متشدد ربما يكون خاطيء لذلك يجب وضع الجميع في سلة واحدة ، وهذا ما سوف يواجه التيارات التي سوف تصل إلي السلطة غداة ثورات الربيع العربي ويَعتقد البعض منها أنها سوف تستطيع أن تعقد هُدنة مع الغرب لإعادة بناء الدولة بعد عقود طويلة من الديكتاتورية والفساد السياسي .
مرتكزات الاستراتيجية الجديدة :
لعل أهم المرتكزات التي سوف تستند إليها الاستراتيجية الغربية بعد أن تبين لها خطل تقسيم الإسلاميين إلي متشددين ومعتدلين سوف تقوم علي إعادة النظر في تحالفها القديم مع العلمانيين وأن تحاول أن تبث فيهم رُوحا جديدة بعد أن نزع تأييد الشارع العريض من الإسلاميين عبر مراحل متأنية تتمثل بإثارة المصاعب أمام الإسلاميين بنعومة حتي تكفر الأغلبية الشعبية بتوجهات الإسلاميين الإدارية، ولعل لها في التجربة الإيرانية والسودانية وربما حتي الافغانية والصومالية إسوةً كبيرةً في هذا المجال.
لذلك من المعتقد أن تكون المقاطعة الإقتصادية أول مراحل التصدي للإسلاميين وليس ضروريا أن تُعلن ذلك كما حدث في السودان ولكنها سوف تعتذر بظروفها الاقتصادية الضاغطة والأزمة الاقتصادية العالمية ، وبالتالي تُشدد من حصارها علي هذه الدول قبل أن يشتد عودها وتخرج عن طوع الغرب كما فعلت تركيا من قبل . والحصار الاقتصادي والمقاطعة سلاح قديم خبره المسلمون ربما منذ حصارهم في ِشعب أبي طالب في الاعوام الاولي من بعثة النبي الكريم، وهو سلاح خطير سوف لن يتخلي عنه الغرب مهما كانت الخسائر التي سوف تطالهم! بيد أننا نُرجح أن المقاطعة هذه المرة سوف لن تكون مقاطعة شاملة كما حدث مع إيران والسودان بحيث سُمح لهذه البلدان بالاعتماد علي نفسيهما باكرا وإختيار بدائل أخري قبل أن تشتد الازمات ، وسوف يكون حصارا ذكيا يفرغ الدولة من قدراتها الاقتصادية من الداخل ويجعلها عرضة لسخط الشارع العريض قبل أن تتبين أن هناك مخططا ما يود تشويه صورتها امام الجماهير ، وقد لا تنتبه لذلك إلا بعد أن تثور هذه الجماهير عليها وتكفر بسياساتها المختلفة .
أما المرتكز الثاني فربما يتمثل في الرهان علي خلافات الإسلاميين انفسهم لأن التجربة والمراقبة الغربية قد علمتهم أن الخلافات بين الإسلاميين قاسية ومن الصعب ترميمها ، وأن بأسهم بينهم شديد ، وأن الخلافات إذا ما أندلعت بينهم فمن الصعب إصلاحها، ولعل الصراع المرير بين فصائل المجاهدين الأفغان قبيل وصول حركة طالبان للحكم خير شاهد لذلك ، فبعد خسارة الإتحاد السوفيتي الحرب وإنسحابه من افغانستان تحول المجاهدون إلي ضرب رقاب بعضهم البعض بعد ان نشبت بينهم الفتنة حتي كفر الكثيرين بمجاهداتهم السابقة وعلي راسهم حركة طالبان التي ازاحتهم عن دست الحكم.
والمثال الثاني كذلك الصراع الواسع في السودان بين المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المعارض وكلاهم جاء من مصدر واحد ، ولم ينتهي الخلاف فيما بينهم بعد أكثر من عقد وقد تطايرت الاتهامات ، حتى إن أحد اسباب مشكلة دارفور التي شغلت العالم لحين من الدهر أصلها نابع من الصراع بين العدوين التقليدين (10) .
كذلك الصراع بين المجاهدين الصوماليين الذين طالما حاربوا مع بعضهم البعض سرعان ما تحول قسم منهم لمحاربة الجميع بقيادة طاهر أويس وتحول قسم آخر إلي دست الحكم بتعاون وثيق مع الغرب وقوات حفظ السلام الإفريقية بقيادة شيخ شريف شيخ أحمد !.
والامثلة علي ذلك كثيرة كما أيضاً في حالة ماليزيا بين مهاتير محمد وانصاره وأنور إبراهيم وأنصاره ، والتي تطايرت فيها الإتهامات السوداوية التي تطعن حتي في تدين قيادتها العليا ، وإلي يوم الناس هذا ظلت أخبار صراعات الإسلاميين مع بعضهم البعض مادة دسمة للصحافة العالمية، ولعل آخرها الخلاف بين حزب النهضة بقيادة الشيخ راشد الغنوشي وحزب العريضة الشعبية بقيادة الدكتور محمد الهاشمي الحامدي والتي أدت إلي إحراق مدينة سيدي بوزيد مهد الثورة العربية ، وكلاهما ينتمي إلي نفس التوجه وماكادوا يفرغون من التخلص من ديكتاتورية زين العابدين بن علي القاسية وقبيل أن يعودوا إلي أوطانهم من منافيهم البعيدة حرقت ألسنة النار واللهب كل آمال الشارع الإسلامي بأن الإسلاميين وعوا الدرس الآن وسوف تتحد كلمتهم ، بيد أن كل المؤشرات كانت تنافي ذلك . أما في مصر فالخلاف الباطني واضح للعيان داخل كتلة الأخوان المسلمين التي عرفت السجون والتعذيب والقتل أكثر من خمسن عاما متتالية وبالرغم من ذلك وحتي قبيل الإنتخابات وقعت الفتنة بين حزب العدالة والتنمية الأخواني وبين أنصار عبدالمنعم أبوالفتوح القائد الإخواني البارز الذي تحدي قرار الحزب برفض الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية بالرغم من الفرص السانحة .
ومن هنا يمكن أن نقول أن الاستراتيجية الغربية سوف تراهن كثيرا علي خلافات الإسلاميين التي بدأت واضحة للعيان منذ الآن .
أما المرتكز الثالث فهو مرتكز تقليدي إلا أنه هام ويتمثل في اصطياد اخطاء الإسلاميين في السلطة وتضخمها اعلاميا باستمرار، ولو زاد ذلك الإستهداف والإنتقاء علي الخمسين عاما متتالية حتي تتمكن من النصر في آخر المطاف، وسوف تستفيد من ذلك من تجربتها الإعلامية مع الإتحاد السوفيتي السابق الذي إنهار وسقط بالإعلام والدعاية ودون حرب حتي أسمي احد قادة الولايات المتحدة كتابه ( نصر بلا حرب ) وهذه الاستراتيجية سوف يدعمها تضامن قوي وتنسيق مع الأقليات الموجودة داخل هذه الدول مثل الاقباط واليهود والبربر والأكراد والزنوج، وليس بالضروري أن تتآمر كل هذه الجهات علي أنظمة الحكم الشرعية في بلدانها ولكن سوف يجدون من هو علي إستعداد من هذه الجماعات علي تأييد قضيتهم والإنخراط فيها وربما نجحوا في اختطافها نهائيا كما حدث للأكراد أبان سيطرة صدام حسين علي السلطة في العراق 1979م – 2003م .
أما المرتكز الرابع فربما يراهن علي أن الإسلاميين في حالة وصولهم إلي السلطة عن طريق الديمقراطية ربما لايسلموها مرة أخري إلي جهات معارضة لهم عن طريق الديمقراطية في حالة تأكدهم من وصول هؤلاء إلي سدة الحكم بعد خسارتهم الانتخابات وذلك إستنادا إلي تجارب بعض الإسلاميين وخصوصا جبهة الإنقاذ في الجزائر التي أعلن أحد قادتها الكبار ( علي بالحاج) إن هذه آخر انتخابات ديمقراطية بعد تأكد فوز حزبه حزب النهضة في 1992م ، وكان ذلك التصريح سبباً في الإطاحة بالجبهة بواسطة العسكر والعلمانيين والدعم الخارجي باعفاء ديون الجزائر المتراكمة لدي فرنسا والإتحاد الأوربي . وأمر مثل هذا حدث في السودان عندما نمت وترعرعت الجبهة الإسلامية القومية أبان حقبة الديمقراطية الثالثة 1986- 1989م إلا أنها سرعان ما إنقلبت علي الديمقراطية من بعد ذلك وسيطرت علي الحكم ولاتزال بعد ربع قرن من آخر تجربة ديمقراطية حقيقية.
لذلك ربما يعتقد الغرب أن السماح للاحزاب السياسية الإسلامية بالوصول إلي الحكم عن طريق الديمقراطية ربما يجعلها تنقلب علي عقبيها حين تمكنها في الحكم وترفض الديمقراطية وبذلك تمنح المعارضة أكبر فرصة لدحض مساعيها لتطبيق تجربة ديمقراطية حقيقية . ومع الضغوط الإعلامية والاقتصادية والرجوع عن الديمقراطية التي أوصلتهم للحكم يمكن الإطاحة بالأحزاب الإسلامية ربما لعشرات السنوات دون التجرؤ مرة أخرى علي دعوة الناس إلي الإحتكام إلي الشارع العريض كما كانوا يفعلون في الماضي.
خاتمة :
مما لاشك فيه أن الإسلاميين في الثلاثة ارباع قرن الماضية قد تعلموا الكثير من أجل إنجاح تجربتهم الخاصة ، كما أنهم خاضوا تجارب مريرة مع أنظمة الحكم الديكتاتورية والقومية والاشتراكية وحتي الملكية ، ويمكن أن تكون هذه التجارب خير معين لهم في بناء فكرة سياسية إسلامية جديدة تتجنب أخطاء الماضي وتصححها لمستقبل واعد لفكرة الحركة الإسلامية .
ربما كانت أهم الدروس المستخلصة تتمثل في عدم التأثر بالاحزاب السياسية الإشتراكية والقومية التي طالما خاضوا الصراع معها ، إلا أنه وللأسف الشديد إستطاعت هذه الأحزاب أن تؤثر في بناء الحركة الإسلامية وأن تجعل منها نُموذجا شبيها بنموذج هذه الأحزاب ، ويتمثل ذلك في الصفوية والفوقية وحتي الجهوية والمناطقية التي وصمت بعض الأحزاب السياسية القومية والاشتراكية في العالم الإسلامي ، كما أن الإعلاء الشديد وتقديس قادة الحركات الإسلامية جعل منهم في بعض الأحيان كائنات فوق المحاسبة والمساءلة مما خلق كُتلة متحدة من قادة الحركة الإسلامية إحتكروا معهم كل صلاحيات الحركة الإسلامية الجماهيرية وصاروا المعبرين عن أفكارها وخياراتها وإتجاهاتها المختلفة دون كثير نقد ، والاسوأ من ذلك أن البعض منهم تعرض إلي إنحرافات وفتن كما يتعرض كثير من الناس إلي هذه الإنحرافات إلا أن مسألة المحاسبة كانت غائبة عن بعض الحركات الإسلامية مما جعل البعض ينتقد هذه الحركات التي لاتري إعوجاجا في قيادتها العليا.
وهذه ثغرة مهمة يمكن أن يستغلها الغرب والعلمانيون في المدي المتوسط والبعيد من أجل خطف الشارع العريض من أمام الحركات الإسلامية.
كذلك علم أنصار الحركات الإسلامية أن اللجوء إلي العنف الفردي أو حتي الجماعي يمكن أن يكون له نتائج عكسية علي مستقبل التيار الإسلامي ، وقد أدي العنف الفردي إلي الزج بقيادة أكبر حركة إسلامية وهي حركة الأخوان المسلمون إلي السجون الناصرية ربما لأكثر من عشرين عاما متتالية وكان يمكن أن تتطور فيها الحركة الإسلامية خطوات واسعة للأمام ، إلا أن ذلك الأمر لم يتحقق لأن البعض تعجّل تحقيق الهدف من خلال عمليات الاغتيال وتشكيل النظام الخاص الذي كان يتصرف ويتحرك بمنأي عن مجلس شوري الجماعة الإسلامية مما حمّلهم تبعات كبيرة فيما بعد(11) .
وهذا الأمر شبيه بما حدث من أعمال عنف تجاه الغرب وعلي رأسها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م حيث لم تضُر بالغرب كثيرا بقدرماوفرّت له الغطاء المناسب من أجل السيطرة علي النفط وطرق المواصلات في قلب العالم الإسلامي ، ولايزال العالم يدفع حتي هذه اللحظة فاتورة هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، ولولا الصمود المنقطع النظير لبعض الجهاديين في افغانستان والعراق لكانت الخسارة أفدح ولإستمر الوجود الأمريكي في المنطقة ولربما توسع في مناطق أخري كانت مستهدفة. كذلك تعلمت بعض الاحزاب السياسية الإسلامية أن مسألة الوصول إلي السلطة ومباشرة التغيير ليست الهدف النهائي كما يعتقد البعض ، ولكن الهدف النهائي يتمثل في النجاح في إدارة شؤون العباد والبلاد حتي بعد سنوات من الوصول إلي الحكم ، وهذا لايمكن أن يتأتي ما لم تمارس الاحزاب السياسية الإسلامية الديمقراطية الحقيقية والشفافية داخل صفوفها أولا قبل أن تنادي بضرورة تطبيقها في بلدانها التي تود حكمها ، لأن من شأن الشفافية والديمقراطية أن تفصل ما بين الحزب السياسي وأفكاره المعلنة واخطاء بعض قادته الذين يديرون الحزب ، حيث من الممكن أن يحاسبها عند أول بادرة إنحراف وضُعف وأن يكون ذلك الأمر دعما للحزب السياسي لا أن يكون خِصما عليه في حالة عدم معالجة الإنحراف بشفافية كاملة ، وهذا ديدن الأحزاب الديمقراطية، التي إستمرت تجربتها بنجاح منقطع النظير ربما لأكثر من مائتي عام في الدول العريقة في التجربة الديمقراطية .
ولعل هذه الفكرة التي عناها الرسول الكريم بأننا قد جئنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأعبر وهو مجاهدة النفس .
وأخيراً فإن علاقة هذه التوجهات بالإستراتيجية الغربية تجاه العالم الإسلامي تتمثل في أن الغرب غالباً ما يستغل نقاط الضعف في الأحزاب السياسية الإسلامية ويحاول أن يستفيدمنها في بناء إستراتيجية مضادة لزيادة نفوذه وهيمنته الاقتصادية في المنطقة ، وأنه لا يمكن مواجهته إلا بعد تطهير صفوف الحركات الإسلامية ، وأن تسير على الصراط المستقيم ، ومن هنا يعجز أي مُستهدف على تحقيق إستراتيجيته الخاصة طالما إلتزم الجميع الصواب والحذر في تعاطيهم السياسة الوطنية وشؤون العباد.
مصادر الدراسة :
1-برتراند رسل ، حكمة الغرب – عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي ، سلسلة عالم المعرفة رقم 364، الكويت 2009م ، ص 249.
2- محمد الخير عبدالقادر ، الإسلام والغرب – دراسة في قضايا الفكر المعاصر، الدار السودانية للكتب ، الخرطوم 1991م ، ص 32.
3-د. جلال أمين ، عصر التشهير بالعرب والمسلمين – نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2011م ، دار الشروق ، القاهرة 2004م ، ص 19.
4-بولي فندلي ، من يجرؤ على الكلام ، ط ثامنة ، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر ، بيروت 1992م ، ص 178.
5-د.حسن مكي ، حركة البعث الإسلامي في إيران ، بيت المعرفة للإنتاج الثقافي، أم درمان السودان 1990م ، ص 165.
6-جوناثان راندل ، أسامة ، ط ثالثة ، دار الشروق ، القاهرة ، 2008م ، ص 341.
7- فهمي هويدي، إستجابة لرغبة الإسرائيليين ، مقال بصحيفة بوابة الشروق المصرية اليومية ، صفحة الرأي ، 12 فبراير 2011م.
8-فؤاد عبدالرحمن محمد البنا ، الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر، إصدار مركز البحوث والدراسات الإفريقية ، جامعة إفريقيا العالمية ، بلا تاريخ ، ص 197.
9- أ. عوض الكريم الريح بلة ، العولمة والسياسة الخارجية للسودان ، إصدار مركز الراصد للدراسات والإستراتيجية ، شركة مطابع السودان للعملة المحدودة، السودان 2011م ، ص 180.
10- د. عبدالرحيم عمر محيي الدين ، الترابي والإنقاذ صراع الهوية والهوي ، الناشر دار كاهل للدراسات والطباعة والنشر المحدودة ،الخرطوم ، 2009م، ص 665,
11-فؤاد عبدالرحمن محمد البنا ، الإخوان المسلمون والسلطة السياسية في مصر، مصدر سابق ، ص 345.
Matasm al-ameen [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.