تعشمنا خيرا في حكومة الجمهورية الثانية ولكن عادت ذات الوجوه الصدئة لتجسم على صدورنا مرةً أخرى !!!عادت رغما عنا فحواءنا قد عقمت بعد ولادة عبد الرحيم وبكري والمتعافي الذي ما تعافت الخرطوم منه فأوهن زرعنا وأرضنا بتقاويه الفاسدة وتجارته الرابحة ! ظللت أعلل نفسي بالآمال أرقبها بغدٍ أكثر إشراقا وأنا أستبشر خيرا في إنتظار القادة الجدد عسى ولعل!! فإذا بي أشاهد ابني السيديْن في القصر وقد جاء بهما حسبهما ونسبهما لا كسبهما وبذلهما ولتفقأ الآهات والأنّات والعذابات أعين أهلنا الغبش البسطاء في عد الفرسان وتلودي وباو والمحيريبة وطوكر والفششوية وجبل دود وودعشانا والغابة (وليتهم جميعاً يدخلونها)! تلفتُّ يمنةً ويسرةً وأنا أسائل نفسي من يكون هذا الجعفر الصادق الذي لا يعلم الفرق بين النيل الأبيض والنيل الأزرق ويحسب أن الحلو تمرد على حكومة شمال كردفان، وكيف يعلم وهو لا يسمع "غنانا" ولا يعرف شيئا عن وجداننا وأحزاننا! وتحاملت على نفسي وحدثتها إن هي إلا مناصب شرفية لا تسمن ولا تغني من جوع و حدّثت الأمّارة بالسوء أن تمهلي !! وتمهّلت حتى رأيت بأم عيني كما رأت الأمة خواء أهل الوطني وتخبطهم وتذكرت مقولة خالي الحانق "ديل جماعة كيسهم فاضي". إني أسألك سيدي الرئيس بلسان حال البسطاء من أهلي والمطحونين قبل أن يسألك الواحد الديّان: ما هي صفات القوة والأمانة في من أعدت إستوزارهم على أعناقنا لأجل غير مسمى ؟ ما كسب عبد الرحيم وبكري والمتعافي وكرتي وعلي محمود وما هي إنجازاتهم حتى تعيد توزيرهم علينا ؟ الناس - وأعني عامة الشعب والبسطاء- يستقبلونكم يا بشير لأنك واحد منهم وقد تشبههم ببساطتك وعفويتك ، ولكن هل سألت نفسك يوما أو أحد بطانتك الأقربين ما هو رصيد هؤلاء من حب الجماهير ؟ هذا الحب سيدي الرئيس هو المؤشر الوحيد لنجاح المسؤول ولا أعلم سواه حقيقة ويقينا ولعلك تذكر كيف هتفت لك جماهير الجزيرة محيية ومؤازرة إبان إحدى زياراتك ثم إلتفتت في ذكاء شعبنا المعهود لتهتف مطالبة بإقالة الشريف - وقد كان وقتها والياً - قبل الخريف ، هكذا هو نبض الجماهير التي تقيِّم في صبر وتحلِّل في أناة ولكنها حينما تتشكل قناعاتها تخرج لتعلِّم الأمم والتاريخ والدنيا. قد نفهم إعادة السمؤل ودوسة في الثقافة والعدل لا بل قد نرحب بها لما أحدثاه من حراك كلٌ في مجاله رغم قصر فترة كلٍ منهما السابقة ولكن العجب يهزم فينا آخر ملاذات الصبر ونحن نرى شحيحي العطاء والعاطلين عن الإبداع يعاد تعيينهم رغماً عنّا وقد شارف بعضهم على حوليته ربع القرنية ينثر الفشل وبؤس العطاء متنقلاً بين وزاراتنا بأمركم وتقديركم لا بمشورة الحكماء ولا بأصوات البسطاء التي اعتليت بها سدة الحكم!!! ما جريرتنا التي تعاقبنا بها بمثل هؤلاء وقد نضب معينهم - إن كان أصلاً به سقاء - هل تكافيء المستضعفين في بلدي على إعادة إنتخابك وصبرهم على كل مكاره تنظيركم الإقتصادي والسياسي المتواضع بتعيين من يديرون شركات العقار والإنتاج الزراعي والتجارة العامة من فوق كراسينا ولا يطرف لهم جفن حين يخرجون على رؤوس الأشهاد ليقروا بأنهم يتاجرون في سوق الله أكبر !!!! هلا جلس أحدهم في بيت أبيه وأمه أينظر يباع له أم لا؟؟ أبناء هذه البلاد الطيبة - من أهل مؤتمركم ومن خارجه، من أهل الرأي الآخر أو من المبرأين من علل التحزُّب - من الخبراء الأنقياء الخيِّرين النافعين المخلصين المؤمنين داخل الوطن وفي المهاجر يسدون قرص الشمس ، ولكنك ما وجدت فيهم ومنهم من يخلف (عمداء الإستوزار) الأجلاء الذين استطاب لهم المقام فأبت أنفسهم إلا أن (يسلِّموها لعيسى)!!! سيدي الرئيس ،،، أكتب إليك ولست منتمياً لأي حزب ولا تنظيم في هذا البلد ، أكتب إليك من بين الصامتين الذين هم سواد أمتنا الأعظم وقد أعياهم الصبر في إنتظار تغيير حقيقي بعد أن ملّوا هذه اللعبة البائسة وأنتم تكافئون الفاشلين ! إنها الأمانة أن نناصحك وإنه الواجب أن تسمع منا، فنحن شعب معلم لا يثور للجوع والفاقة والعوز وقلة المال ، ولكنه يثور عندما تملؤه غبينة الإستخفاف بأشواقه والإستحقار برأيه ومطالبه ، يثور ولا يأبه بربيع العرب ولا شتاء وول إسترييت فقد فعلها حينما كان العالم بقطبين ولم تكن فيه الجزيرة ولا العربية ولا مفوضية حقوق الإنسان ، فعلها في الستينيات عندما كان (جوز الحمام فيهو تلاتة حمامات اتنين بقرش وواحدة مجانا)، وفعلها مرة أخرى عندما (استهبلته) مايو وبدأت تتخبط كما السكارى ،، وقد يفعلها للمرة الثالثة لا استجابةً لدعوات شيوخ المعارضة الخواء ولا لصرخات عرمان الغبية ولا لتوسلات أبو عيسى العميلة ولكنه قد يفعلها لأنكم قد سددتم عليه أفق الأمل ومنعتم عنه مسارب الضوء. إبتلي هذا الشعب البطل سنين عددا فصبر معكم وهو يهمهم "إنشاء الله خير" !! صبر على قلة الحيلة وغلبة الديْن وشح الدرهم والدينار ولكنه لا ولن يصبر على قهر الرجال لأنه شعب عريق أصيل لا يأتمر بحاجات البطن ورغائب النفس وصغائرها بل بوجدان نقي صادق يقدر الاشياء حق مقدارها في الزمان والمكان المناسبيْن ، صبر وخرج رغم جوعه يهتف لكم ولقططكم السمان حينما يتعلق الأمر بشأن قومي تعلو فيه قيمة الوطن على حاجات النفس ، صبر وما استبقى شيئاً فكان الجزاء ما يرى اليوم ويسمع! رفقاً بنا يا بشير فنحن شعب عريق يا سيدي و نستحق أفضل من هؤلاء !! اللهم هل بلغت اللهم فاشهد !!!! Eihab A. Ahmad [[email protected]]