لعل كثير من السودانيين قد لاحظوا أن بعض السودانيين ، الذين يتم تصوير أعراسهم عبر برنامج أفراح أفراح الذي تبثه قناة النيل الازرق السودانية ، قد أخذوا يتباهون بتقديم طقوس الزفة المصرية المصحوبة بأغنيات السلم السباعي المصرية والعربية البطيئة الايقاعات في حفلات أعراسهم كبديل لطقوس الزفة السودانية المصحوبة بأغنيات السلم الخماسي السريعة الايقاعات التي تجسدها أغاني الدلوكة أو أغاني السيرة السودانية المعروفة، كذلك يُلاحظ أن بعض الفنانين السودانيين ، وبالذات المقيمين في بعض البلاد العربية ، قد درجوا على إظهار حبهم لمغنين عرب عبر ترديد مقاطع من الأغاني العربية ذات السلم السباعي ، وأخيراً نلاحظ أن الفنان عاصم البنا قد أعلن عبر تلفزيون جمهورية السودان عن مشروعه الغنائي الجديد وهو الغناء بالسلم السباعي مدعماً توجهه بقوله إن من حقه أن يغني بالسلم السباعي لأنه يشكل جزءاً من مكونات هويته السودانية المشكلة من شقين أفريقي وعربي وعلى أساس أن السلم السباعي ليس غريباً على السودان بدليل أنه موجود في الأغاني السودانية الكردفانية. من المؤكد أن أي سوداني ، سواء أكان مستمعاً أم فناناً ، يتمتع بحق انساني عام وبحرية مطلقة في اختيار أغاني السلم السباعي العربي وتبنيها والتغزل فيها وتقليد أدائها في الأفراح والليالي الملاح وله أن يربط وسطه ويرقص عشرة بلدي إذا أراد ذلك ، ومن حق الفنان عاصم البنا أو غيره أن يخرج علينا بمشروعه السباعي ولكن من حق غالبية السودانيين أيضاً أن يدلوا برأيهم في هذا التوجه السباعي في الساحة الغنائية الخماسية السودانية والذي بدأ يتخذ الطابع الشعبي والرسمي وإن جاء ذلك بشكل محدود في أغلب الأحيان. لا أريد أن اتحدث بإسم أي سوداني ولكن كثير من السودانيين ، سواء في داخل السودان أو خارجه ، يقولون إن محاولة بعض السودانيين إنجاح مشروع الغناء بالسلم السباعي في بلد يغلب عليه السلم الخماسي هو أشبه بمحاولة تربيع الدائرة ، فالمزاج والذوق الغنائي السوداني الغالب يقوم على الايقاعات والالحان السريعة وهو ما يُعرف موسيقياً بالسلم الخماسي ولذلك فإن مشروع تسبيع الخماسي عبر ترويج الغناء بالسلم السباعي وسط السودانيين هو مشروع محكوم عليه بالفشل الفني، كذلك فإن مشروع تخميس السباعي عبر ترويج السلم الخماسي وفرضه على نمط الغناء الخليجي السباعي، هو مشروع محكوم عليه بالفشل الفني أيضاً وعلى حد علمي فلم يقم أي فنان عربي أو خليجي بالتصريح بأي مشروع من هذا القبيل! من المؤكد أن الأذواق الفنية للشعوب لا تقبل التجارب العلمية ولا تقبل التجريب الاعتباطي كذلك لأنها أذواق وليدة البيئة المحلية ومرتبطة بالتراث المحلي وستبقى هكذا حتى لو تأثرت بشكل أو بآخر بأي نوع من الأذواق الغنائية الأجنبية ولهذا يقول الكثيرون إن السلم الخماسي سيظل خماسياً والسلم السباعي سيظل سباعياً وإن مشروع تربيع الدائرة لن ينجح بأي حال من الأحوال لا في السودان ولا في أي دولة أخرى. من المؤكد أن أغلبية الموسيقيين والفنانين السودانيين يقولون ، عبر تمسكهم بتقديم أغاني السلم الخماسي ، إن المشروع الغنائي السوداني الأصيل هو مشروع السلم الخماسي السوداني والذي لا يطعن في خماسيته الزعم بأن الغناء الكردفاني يرتكز على السلم السباعي لأن الغناء السوداني الكردفاني في واقع الأمر أقرب إلى السلم الخماسي في سرعته وحرارة ايقاعته ولا يمكن وصفه بالسلم السباعي الصرف بأي حال من الأحوال فشتان ما بين الغناء السوداني الكردفاني السريع الايقاعات والغناء العربي الشرقي البطيء الايقاعات! وأخيراً يحق لنا ، كمستمعين سودانيين، أن نقول لكل الفنانين السودانيين الشباب ، عضوا على سلمكم الخماسي السوداني المحلي بالنواجز ، اسمِعونا ودعونا نستمتع بأغاني سلمنا الخماسي السوداني المحلي الجميل وأعلموا أن الطريق إلى العالمية لن يمر إلا عبر التمسك بالسلم الخماسي السوداني المحلي الرائع وتقديمه للعالم بأجمل الأشكال دون التفريط في محليته الجميلة ولا تتفلسفوا علينا بمشاريع تسبيع الخماسي أو تربيع الدائرة فأذاننا ليست ملكاً لكم بأي حال من الأحوال وبإمكاننا متى شئنا إن نغلق التلفاز أو الراديو بمجرد سماع أي أنغام أو ألحان ممطوطة على طريقة آه، ياليل أو مجرجرة على الطريقة السباعية التي نحترم من يحبونها ولكننا، في واقع الأمر ودون أي مجاملات، لا نستمتع بسماعها بأي حال من الأحوال . فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر sara abdulla [[email protected]]