"كنت أنوي السفر إلى زوجي في الأمارات، لكن مرض ابنتي المفاجئ أخرني للأسبوع التالي" )، بهذه الكلمات ختمت أم رنا مكالمتها من جهازها الجوال مع قريبة لها، كانت تحادثها - في مركبة الموصلات- عن مكوث ابنتها التي تدرس في مرحلة الأساس بالصف الثاني بإحدى مدراس بري، في أحد المستوصفات الطبية، نتيجة تسمم غذائي تعرضت له أثناء وجودها بالمدرسة، واتضح بعد سؤالي لها عن سبب تسمم ابنتها، أن الابنة تناولت "سندويتش" طعمية ابتاعته من بوفية المدرسة. وقصة رنا تشبه عشرات القصص التي تحدث بصورة متكررة في مدارس أساس الخرطوم، نتيجة لخلل الصحة المدرسية، وغياب الرقابة على ما يتناوله الصغار من مأكل ومشرب، يفتقد شروط السلامة الصحية، فضلاً عن غياب مرشد الصحة في مدارس الأساس. وتنتشر في مدارس الأساس على باب كل مدرسة تقريباً باعة الأطعمة والمثلجات والمشروبات، وحتى أكياس البطاطس المصنعة( الشيبسي)، دونما أن يكون هناك حسيب ورقيب لما يتناوله الأطفال، وأضحت ثقافة الإفطار بالبطاطس المصنعة مع مشروب غازي، ثقافة منتشرة وسط أطفال المدارس دون معرفة لعواقبها الصحية. وفي مدرسة نور الإيمان بالمعمورة يبين مشرف الطلاب، الأستاذ أحمد علي موسى، أن انتشار ظاهرة الإفطار وسط التلاميذ بالشيبسي مقلقة لإدارة المدرسة، ولم تكن لدينا من المعرفة ما نقنع به التلاميذ بخطورة الاعتماد على المواد الغازية و(الشيبسي) ، إلا أن تزايد حالات الإمساك وآلام البطن بصورة متكررة بين الطلاب، مع شكوى أولياء الأمور من هذا الأمر، جعل إدارة المدرسة تتحرك نحو وقف هذه الظاهرة. حيث شدد الخبير بجمعية حماية المستهلك ونائب الأمين العام بالجمعية، دكتور إبراهيم محمد أحمد، على ضرورة عدم اعتماد الأطفال بالمدارس على المشروبات الغازية والشيبسي، لاحتواء المشروب الغازية على مادة (الفسفور أسد) الذي يسبب هشاشة العظام، فضلاً على أن المشروبات الغازية تعمل على فقد الشهية وتصيب المعدة بالكسل، الأمر الذي يجعل الصغار ليس لديهم شهية مفتوحة لتناول الطعام بالمنزل. ويؤكد إبراهيم" أن الشيبسي يحتوي على زيت مقلي بدرجات حرارة عالية، ويحتوي على دهون مشبعة، ربما تترسب في الأوعية الدموية وتتسبب في أمراض تصلب الشرايين وأمراض القلب، إلى جانب ما يحتويه الشيبسي من كميات الملح والمواد الحافظة التي لها تأثير سلبي على الصحة العامة". بيئة سالبة ويؤكد مدير إدارة الصحة المدرسية بوزارة التربية الدكتور عبد الهادي دياب، أن البيئة بمدارس الأساس تواجه إشكاليات تؤثر سلباً على الصحة المدرسية، كاكتظاظ الفصول بأكثر من 50 تلميذاً، وعدم وجود مشرفين صحيين في المدارس، وابتياع الأطعمة بصورة عشوائية على أبواب المدارس، وعدم توفير وجبة الإفطار للتلاميذ في المدارس التي تقع في المناطق الفقيرة والنائية، بالإضافة إلى مشكلات نقص المياه في بعض المناطق، وغياب التثقيف في التعامل مع الحمام وغسل الأيادي. وينصح إبراهيم المدارس بالاهتمام بالصحة المدرسية وتعيين مشرف صحي لمراقبة وإرشاد التلاميذ في النواحي الطبية والصحية والبيئية المختلفة، فإن تعذر تعيين المشرف الصحي المتخصص فيمكن أن يستعاض عنه بمعلم، للقيام بهذا الدور على أقل تقدير، بجانب حرص المشرف على رقابة البوفيه والتأكد من النظافة وتغطية الطعام المعروض للطلاب، والتشديد على عدم تكرار استخدام الزيت في الأطعمة المقلية، مع ضرورة وضع مبرد ماء بصنبور أو حافظة كبيرة، واستخدام كل تلميذ لكوب خاص منعاً لانتقال العدوى بأمراض الالتهابات والنزلات المعوية التي تنتشر في الأماكن العامة مثل المدارس. hyder mohammed [[email protected]]