ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل اثنين من سائقيه وإصابة ثلاثة من موظفيه في السودان    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    شاهد بالفيديو.. في مشهد خطف القلوب.. سيارة المواصلات الشهيرة في أم درمان (مريم الشجاعة) تباشر عملها وسط زفة كبيرة واحتفالات من المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء أثيوبية تخطف قلوب جمهور مواقع التواصل بالسودان بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها مع إبنها على أنغام أغنية وردي (عمر الزهور عمر الغرام)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا صديقي خضَ أسراب العصافير .. حجر ... بقلم: محمَد عبد اللَه الصَايغ
نشر في سودانيل يوم 02 - 07 - 2009


2 من 2
في خضمّ المنافي
اضاءه اولى
كان يركب معي في البص شخصان احدهما اسيوي الملامح يبدو في العقد الرابع من عمره اما الاخر فأمريكي ابيض كان ينظر من نافذة البص . سألت الاسيوي الى أيّة دولة ينتمي اجاب انه من فيتنام . تجاذبت معه اطراف الحديث ... قلت انكم امة عظيمه وبدأت في حماس واضح اتحدث عن بطولات الشعب الفيتنامي وقادته خلال الحرب الامريكيه الفيتناميه . . . لاحظت ابتسامه على وجه الامريكي وهو ما زال ينظر من نافذة البص وكأنه لا يعير اهتماما لحديثنا . وبعد ان فرغت من خطبتي "العصماء " وفرّغت دواخلي من شحنه انفعاليه عاليه قال لي الفيتنامي في هدؤ مستفز " ذلك هو السبب وراء فقرنا المستمر حتى الان
That's why we are very poor
لاحظت الابتسامه تتسع على وجه الامريكي وهو ، مازال ينظر من نافذة البص ، .
اضاءه ثانيه
سيّده تنتمي الى دولة من دول اميركا الوسطى الفقيره جدا ، زميلتي بالعمل ، لديها منزل جميل وتحرص على ان تكون سيارتها موديل السنه وبالغة الفخامه . سألتها خلال حديث كان يدور بيننا ما اذا كانت تزور بلدها الام في اجازاتها السنويه وتأخذ اولادها معها حتى يكونوا على صله ب "اصولهم وترابهم " . نظرت في امّ عيني وقالت " انني اكرهها " .
اضاءه ثالثه
كنّا مجموعة سودانيين جمعنا غداء في منزل احد الاصدقاء السودانيين والسيّده زوجته . دار بنا الحديث حول موضوعات شتّى وقادنا للوطن . تناول احد الحضور الحديث ، وهو شخص متأمرك للغايه ، يلبس الشورت والبيسبول هات .. ويحرص على ان تكون كل جزئيه من حياته فيها شيئ من طريقة الامريكان ولديه سياره فاخره جدا. قال انه لا يجد سببا واحدا يدعوه الى العوده للسخانه والتراب والكتَاحه والكهربا القاطعه والملاريا والتايفويد . صحت بوجهه " انه الوطن " قال " ببرود " أنّ الوطن لديه يعني المكان الذي يعمل فيه ومنه يتقاضى مرتبا يعيش منه وبالتالي فان " ولاءه " يكون لذلك المكان " وهذا هو كل شيئ "،العباره الاخيره قالها باللغه الانجليزيه ،
And that's it.
بداية اعتذر عن العنوان الذي اخترته لهذا الجزء الثاني من الموضوع . فهذه المهاجر للكثيرين وانا منهم ، ربما ، ليست منافي . وربما كان في العنوان ، على الاقل ، شيئ من العقوق وانكار لفضل هذه المهاجر في وقت عصيب تمثل في ظلم ذوي القربى وبالتالي استحالة الحياه الكريمه في الوطن . هذه المهاجر التي فتحت ذراعيها للجميع دون فرق ووفرت لهم فرص العمل الكريم والعيش الكريم والتعليم لاولادهم وتعاملت معهم كأفضل ما يكون ... اعطتهم الشعور بانهم بشر.. لم يسبّوهم في دينهم ولم يحظروا عليهم اقامة شعائره ولم يعيّروهم بلونهم .. لم ينظروا اليهم كجسم غريب غير مرغوب فيه .. لم تكن " بليلة مباشر" بقدر ما كانت " ضبيحة مباشر " .. شعور طالما اشتاقوا اليه .. وتمثلت العلهّ في انهم كانوا قادمين من اوطانهم ... من بيوتهم وهناك فقدوا كل ما وجدوه هنا . ولكني انما عنيت البعد عن الوطن بكل صوره .. الحرمان من الوجود بين ربوعه .. مراتع الطفولة والصبا والعطاء الثر المتبادل .. الحياه الاسريه العريضه ... الطرد من الخدمه في أوج سنوات العطاء .. الفقر والافقار المبرمجين للزج بالجميع تحت ذل الحاجه والمسغبه ثمَ عرقلة توظيفهم وحظره في كلَ المرافق ، حتَى ذات الطابع الخاص ، داخل الوطن ... التضييق على الجميع وترهيبهم وممارسة أقصى أنواع القهر والاذلال والتعذيب الذي وصل الى حدَ القتل ... ولم اجد ما امثّل به هذا البعد وذلك الحرمان .. لم اجد تعبيرا عن شعوري هذا الاَ من خلال ذلك العنوان الغليظ ... فمعذره .
... واتيت الى امريكا ومعي اسرتي بلغه انجليزيه جيده وشهادات فوق الجامعيه وارث غير قليل من خبره في المجالين العملي والعلمي . منَيت نفسي بمواصلة المشوار في مجال القانون عملا ودراسه وكان ذلك في صيف العام 2001 .
في مدينة " هرندون " كانت البدايه ، وهي مدينه صغيره في ولاية فيرجينيا بالقرب من مطار دلص واشنجطن . وبدأ مشوار البحث عن الوظيفه اذ ان الامر لا يحتمل ان تنتظر بدون عمل فالمتطلبات كثيره والصرف على اساسيات الحياه لا ينتظر وكل شخص غارق في نفس الجب وباختصار " تشيل شيلتك " . وسرعان ما تبخرت الامال العراض والتمنيات التي صبغت وسبقت ضربة البدايه .. فصار البحث عن اي عمل ايا كان نوعه حتى لا يتوقف دولاب الحياة عن الدوران . لم يعد هنالك غير الاعمال الهامشيه والتي يستوي في ادائها كل القادرين عليها بلا اي فرق في التعليم .. هنا تجد حملة شهادات عليا من جميع الاجناس يتزاحمون مع الاخرين اللذين لم ينالوا اي حظ من التعليم في كل المهن الهامشيَه .. والتعليم عند الامريكان يعني التعلم في مدارسهم والتخرج من جامعاتهم وما سوى ذلك نراهم يتعاملون معه بحذر .. ولكن تبقى كل المجالات مشرعه وسهله لكل مجتهد وباحث عن ترقية وضعه بالاستزاده من العلم بمختلف مجالاته والدروب لذلك سهله وميسَره ويشجَعها هؤلاء القوم . وعندما بدأت اغرق في اتون ذلك العمل تبدت لي صعوبة الاستزاده من العلم او السير في طريقه الى جانب عملين يأخذان حيّزا يبلغ ستة عشرة ساعة من ساعات اليوم ان لم يكن اكثر . اكتفت زوجتي بوظيفه واحده حتى نضمن بذلك حضورا فاعلا مع الاولاد خلال ساعات اليوم .
تحرك بنا بص العاملين من مطار دلص حيث اعمل . كان الوقت ليلا وكان من في داخل البص يمثلون كل دول العالم . رجالا ونساء من مختلف الاجناس والاعراق وكانت السمه الغالبه هي الصمت ... اجساد منهكه القى بها اصحابها عند اقرب مقعد ومن لم يجد مقعدا تجده يتأرجح يمنة ويسره وهو معلق على الشمّاعه . كانوا جميعهم قد غادروا منازلهم قبل ستة عشرة ساعه على اقل تقدير . العمل هنا محسوب بالثانيه ورب العمل لا يدفع سنتا واحدا الا مقابل عمل وجهد .. زمن الوجبه نصف ساعه .. ولكم ان تتخيلوا شخصا بهذا الكم من الارهاق هل يمكنه ان يلقي حتى السلام على اهله ؟ ، هذا اذا افترضنا انه وجدهم مستيقظين ، فهو مطلوب منه السؤال عن ابنائه .. دروسهم .. يومهم الدراسي .. كيف قضوا يومهم بالمنزل .. من خالطوا في يومهم هذا .. ما هي برامج التلفزيون التي شاهدوها .. هل ادَوا واجبهم المدرسي .. مجرد النظر الى كراساتهم .. والاجابه " كلا " ، فمع ان كل ذلك يشكَل أهميَه لاخلاف حولها ، يتحول المنزل الى مجرد سرير ينام عليه ليستيقظ مهلوعا على صوت " المنبَه " ليبدأ مشوارا اخرا من الّلهث ليوم جديد عباره عن نسخه كربونيه لما سبقه من ايام . وعلى هذا الاساس نجد ان محور الحياه ينحصر في المنزل كمكان للنوم ثم في العمل المرهق ولا شيئ غير وينتج عن ذلك ان الزوج قد لا يلتقي زوجته اللا بواسطة برنامج يجب ان يعدّ سلفا او عن طريق الصدفه احيانا .
وتجري الايام والاسابيع والشهور والسنوات وصورة الاب وصوته غائبين .. اما للاسباب السالف ذكرها واما لان الاب ، الى جانب ذلك ، قد بهرته الحياه في هذا الجزء من العالم فترك امر تربية فلذاته لمجتمع يطحن في رحاه اي نطفة تطالها مخالبه التي لا ترحم ... ابناء جمعتهم الحياة بابناء مهاجرين اخرين من مجتمعات اخرى وقطعا بسلوكيات تختلف .. بعالم اخف الاضرار فيه ترقى الى اسوأ ما لم نسمع عنه .. كل ذلك بدفاعات ضعيفه بحسب السن والبيئه السمحه التي كانت في الوطن الجميل والذي فيه يكون مربيا كل من يكون متواجدا بالشارع سيّده كانت ام رجلا ... وباشراف منعدم هم احوج ما يكونون اليه . ويتحدث الكثيرون انَ هذه الدول انَما تعنى أكثر بهؤلاء الاطفال وتهتم لهم اذ انَهم هم المعنيين بهذه الهجره .
اتَسعت عينا الطَبيبه التي كنت اجلس أليها ، وانا اوقَع على عدد من الاوراق قبل عملية اخراج كيس دهني صغير ، عندما اخبرتها بوفاة عشر سيَدات في عاصمة بلادي خلال اسبوعين أثناء الولاده باحد المستشفيات قبل أن يكتشف انَ غرفة العمليَات كانت موبوءه بالتتانوس .. وطفرت دمعة من عينيها وأنا أردَ على سؤال لها " أنَ أحدا لم يساءل يا سيَدتي .. كلَ ما هنالك أنَ ذويهنَ قاموا بدفنهنَ ... لم يحاسب أحد يا سيَدتي فنحن قوم نؤمن بالقضاء والقدر .. وعفا الله عمَا سلف .. "
. يؤمن هؤلاء القوم بالصراحه والوضوح في كل مناحي حياتهم وليس لديهم ما يخفونه عن الاخرين . يؤمنون بالاجابه الواضحه والمباشره حتّى على تساؤلات الاطفال ايا كان نوعها وفي اطار هذه الصَراحه يناقشون مشاكلهم .. يضعونها امام الرأي العام وتأخذها أجهزة الاعلام ليس على سبيل التشفَي او التشهير ولكن على سبيل المعالجه والمنع . لا يمكن ان تترك اية ظاهره سلبيه كانت ام ايجابيه لتمر دون ان تأخذها يد التحليل والغربله والدراسه الجَادَه والمتعمَقه بواسطة اختصاصيين وبصوره علميَه مدهشه . لا يسترون الامر ويتستَرون عليه خوف الفضيحه .. المجني عليهم او اهلهم نجدهم احرص على تقديم الجناه الى القضاء .. وهو قضاء يترجم العداله الى واقع ملموس .. كلَ شيئ في العلن وليس هنالك كواليس . ليس لدى هؤلاء القوم " عفا الله عمَا سلف " .. لا يمكن ان يترك أيَ مخطئ دون عقاب او محاسبه .. ليس لديهم " شمَاعة " القضاء والقدر يعلَقون عليها فشلهم او لحماية " قريب " مخطئ من عقاب .. فلا بدَ لكل فعل من سبب ولا شيئ يحول دون الوصول لذلك السبب .. هنا تملَك الحقائق للمواطن عبر أجهزة الاعلام بأنواعها .. واجب على كلَ مسئول أن يمثل أمام هذه الاجهزه ويجيب على الاسئله التي تطرح عليه .. لا يستطيع أحد الامتناع حتَى رأس الدوله فهو " خادم " لهذا الشعب وهو ، الشَعب ، قادر على الاطاحة به كيف لا وهو من اتى به ... فانظروا الى هذه العظمه .
ويبدأ تدريس الاطفال ما يوضح كيفية القدوم الى هذه الحياه في مراحل مبكره . شرح هذه المسائل يبدأ في استثارة تلك الادمغه الصغيره والتي توغل في انتباهها لتلك الاجزاء المستغلقه من الجسد يساعدها الجو المحيط وحرية الملابس خصوصا عند غياب الرعايه اللصيقه والرقابه من الوالدين . ولا بأس من التجربه .. وهنالك الكثير من حالات الحمل في تلك المراحل المبكره . السيده الامريكيه تعتقد ان بابنتها خلل نفسي و يقلقها كثيرا ان تكون الابنه قد وصلت الى مرحلة التعليم الثانوي ولا يكون لها صديق ويمكن ان تعرضها على الطبيب المختص جرّاء ذلك حيث يصنف ذلك في جانب السلوك غير الطبيعي .
الشرطه هنا تتدخل في حياة الناس بمهنيه عاليه وبدون خرق او تجاوز للقانون . يبدأ تنبيه الاطفال وتعليمهم كيفية الاتصال بالشرطه في سن مبكره . ولذلك دواعيه الكثيره والموضوعيه والمبرَره كالتفكك الاسري والادمان على المخدرات والخمروالجريمه بانواعها ومن خلال كلّ ذلك تحدث اعتداءات على الاطفال قد تصل الى حد الاعتداءات الجنسيه حتى من احد الوالدين ، الاقارب او الاخرين بسبب اهمال الوالدين . والمدرسه تراقب الاطفال وتهتم بأيّة تغيرات تطرأ عليهم نفسيا , سلوكيا او عضويا كل ذلك في اطار حماية هؤلاء الاطفال من اية اعتداءات ، اهمال او استغلال .. أمَا عن القائمين على أمر المدارس الابتدائيَه والتعليم قبل المدرسي فهم دائما من حملة الشهادات العليا بعد الجامعيه والمتخصصه في التربيه . والاهتمام به ناجم عن ان ذلك هو الاساس الذي ترتكز عليه اجيال المستقبل فان نشأ سليما استمرَ سليما ..
يقودنا الحديث الى اخذ الاطفال بالشدّه احيانا في التربيه الى حدّ يمكن ان يصل الى الضرب او " النهر " وهو امر وارد في ادبياتنا كسودانيين ولكنَه هنا أمر دونه خرط القتاد .. وفيما بين الكفتين ، ما نؤمن به وما هو سائد في المجتمع الامريكي ، فرق كبير اذ يعتبر اي ضرب للصغار في اطار الاستغلال وسؤ المعامله . اذ يمكن ان يفاجأ الاب او الام ، لافرق ، ذات يوم بعربة الشرطه امام المنزل ويتم دخول المنزل وعندها يدرك الاب ان ابنه او ابنته قد اتصلت بالشرطه يشكون من ضرب ، " نهر " او غضب من الاب او الام . لم لا ؟ الم يسمعا ذلك من الزملاء بالمدرسه ؟ الم تقم المدرسه بتكرار ذلك على اسماعهم ؟ ويسقط في يد الاب ... ومنها يتعلّم ويعلم ان لا سيطره كامله او منقوصه له على أبنائه ، الا بالَتي هي أحسن ، وذلك منذ ان وطئت قدماه التراب الامريكي ... و هنا اعني القصّر من ابنائه حيث ان البالغين لا يدخلون تحت مسمى السيطره من اساس الموضوع . وللذين يصرون على البقاء في هذه الانحاء يصبح الامر ضربا من الحظ مسنودا بعوامل اخرى مصاحبه كالتنشئه الصحيحه والاستقرار الاسري وجو الحب السائد بين الوالدين والوقت الكافي الذي يقتطعه الوالدان لابنائهما ولو على حساب المعيشه اذ ان الحياه تعني بجانب العمل باشياء اخرى لا تقل اهميه . ويعني الاهتمام بشئون الابناء متابعة أحوالهم في المدارس والتوصل لمشاكلهم اولا باول وحلها والاجابه على تساؤلاتهم ومراقبتهم في اختيار اصدقائهم والوجود اللصيق الذي يمكّن الاب والام من ادراك ايّ تغيرات تطرأ على الابن او الابنه في السلوك العام والذي يمكن ان يندرج تحت طائلة تعاطي المخدّرات او البدء في ذلك التعاطي والذي له مؤشرات عضويه او سلوكيه . هذا الوباء بأنواعه المختلفه موجود بكثره وفي متناول يد من يطلبه او لا يطلبه وتشكّل الجرعه الاولى منه حالة الادمان عليه حتى يصبح المتعاطي الجديد رقما جديدا في صف مستهلكيه كما يريد المروجون له والّذين يسهل الوصول لهم .
. ولكم ان تتخيلوا مهاجره قادمه من بلادنا الى هذا الجو والذي يمتهن بمفهومنا كل التقاليد والارث الصارم ويقتل الافكار التي توارثناها وحفرت دواخلنا بقيمها الساميه وانشأنا عليها ذرياتنا .. تخيلوا معي منظر تلك الفتاه وهي ترى الجنس امامها في سلوك الاخرين شيئا عاديا مثل الذهاب الى قاعة الدرس او تناول وجبة الافطار او الذهاب الى دورة المياه .. لا فرق . ترى كل زميلة لها تغادر المدرسه بصحبة صديقها الى حيث لا يعلم الا الله .. وربَما تسمع في اليوم التالي ادقّ التفاصيل .. تخيلوا الجو النفسي والتناقضات .. اين الخطأ واين الصواب .. هل طبيعي ما نشأت عليه ام انَ الطبيعي هو ما تراه امامها ؟ وكيف يصنّف تقوقعها و انزواؤها داخل حيرتها و ملابسها والتي تبدأ من غطاء الرأس نزولا حتّى اخمص قدميها ؟ كيف تردّ على حالات التقرب منها او على مناوشات الاخرين ؟ هل حياتها هي الطبيعيه ام الحياة التي تراها امامها ؟ ... وفي النهايه هي وحيده في ذلك الجو الغامر من الحياه المفتوحه والمتحلله من كل قيود .. وهي قليلة التجربه قليلة الخبره وهنا يأتي دور الاسره . الاسره التي تقف بصلابه خلف تلك الفتاه هي طوق النجاه الوحيد .. الاسره التي تهتم .. المتمسكه اولا بفضيلة الدين والاخلاق في سلوكها .. البيان بالعمل لهؤلاء الابناء والبنات .. الاسره التي تقتتطع الوقت الكافي ،على غلاته ، لتتدبّر امرهم وارشادهم وتقويم ما خرج من سلوك واعادته الى حظيرة الامان والسلامه بالتي هي أحسن وليس عبر الهياج والتحلل من نعمة العقل . الاسره التي تغرس في ابنائها قيم الاعتماد على النفس " والثقة بها " وان ديننا و قيمنا وتقاليدنا لا يعلى عليها ومتابعة ذلك في غير ما ملل لحين الخروج من السن الخطره الى بر الامان . المبادره في غرس " الثقه " بنفوس الابناء والبنات قطعا هو الحل بجانب اقامة العلاقات مع الاسر المسلمه والحرص على اقامة الصلوات بالمنزل وقراءة القران والذهاب الى المسجد لصلاة الجمعه . فرص التعليم في هذه البلاد عظيمه ، ومن تلقى تعليمه هنا فقد كسب كسبا عظيما فيجب حضّ الابناء على ذلك وتشجيعهم بتوفيرالجو المناسب وعدم البخل بالمال لذلك الغرض اذ ان البعض منهم وخاصة الذكور يجنحون الى العمل اكثر من جنوحهم للعلم وفي هذ تضيع عليهم فرصا لا تعوّض . الجميع يخافون على البنات ويهملون الاولاد الذكور وهو امر قد يكون منطقيا ببعض المفاهيم ولكن يلمس الجميع ان تربية البنت اسهل من تربية الولد لان البنت دائما ما تتقيد بالقوانين المنزليه ولا تخرج عن الطوع ابدا بعكس طبيعة الولد . ترك الحبل للاولاد لكونهم اولاد يؤدّي لاوخم العواقب ، فهم الاكثر تعرّضا لتجار السموم وعصابات الاجرام والتي لا تريهم الا ما ترى . القانون في هذه الانحاء لا يرحم وليس فيه " ادونا فرصه " ومن خلال ذلك يمكن ان يفاجأ الجميع ان الابن امام مشكله قد تستغرق كل ما تبقّى له من عمر لا سمح الله وهو ما سيؤدّي حتما الى تحطم الاسره ويصعب عليها القيام من بعده فالوقايه خير من العلاج والانغماس في أتون الحياه والجري وراء المال ليس هو الحياه وانما الحياه هي اعطاء الوقت اللازم والكافي لكل جوانبها والتي من أهمَها التربيه في جوّ اسري سليم .
ان قضاء اجازات بالسودان هو امر هام للغايه . يجب التقيَد به ، ما أمكن ، . ربط الابناء بالوطن امر حيوي وله نتائجه الحميده والتي قطعا سوف تنعكس ايجابا على الابناء . وهنالك الكثيرون الذين يؤمنون بضرورة العوده الى السودان عندما يبلغ الاطفال مرحله عمريه معينه وهو رأي قد يكون صائبا في تقديري اذا بقي الاب والام معهم بالسودان وليس في تركهم للاقارب والعوده الى هذه البلاد . الابناء حتى في الوطن يحتاجون للابوين ، و ما حكّ جلدك مثل ظفرك ، وكلّ الافات التي توجد في كل مكان في الدنيا لم يعد الوطن الام بمنأى عنها والجميع مشغولون في الّلهث للصعوبات التي باتت معروفه للجميع .
اذا وضعنا نصب اعيننا ان مهمتنا في هذه الحياه هي اخراج ابناء اصحاء يحملون راية الفضيله والدين والاخلاق والتعليم الجيد ويشكلون امتدادا طيبا لاهلهم في المجتمعات التي سوف يعيشون فيها وسعينا في ذلك الدرب فلا بد اننا واصلوه . اللهم انعم على الجميع واحفظهم وقهم العثرات ووفق ابناءنا وبناتنا لما فيه الخير ابدا . واخيرا ارجو ان اكون قد وفقت في طرحي وساهمت في هذا الامر بما ينفع الناس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.