مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مايو الشاهد والضحية: الحلقة الثانية .. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 07 - 12 - 2012


رتبت اول لقاء بين الاستخبارات السوفيتية ومايو
منذ دخلت القيادة العامة فى اليوم الثانى للانقلاب بقيت مرابطا يوميا طوال الايام الاولى للانقلاب وبصفة خاصة مع المكتب التنفيذى لمجلس الثورة والذى كان يشرف عليه النقيب عمر محقر والنقيب ابوبكر بشارة وتواصلت مهمتى حلقة وصل بين المجلس والحزب الشيوعى مجموعة عبدالخالق التى انتمى اليها وكان ثانى عمل قمت به بحكم هذه المسئولية ان طلب منى الحزب ان ارتب لدخول مندوب بعث به الحزب الشيوعى السوفيتى من رجال الاستخبارات والذى وصل السودان فور فتح المطار وكان قد حضرتحت غطاء صحفى بصحيفة البرافدا وبالفعل صحبت المستر بنلايف وكان هذا اسمه لداخل القيادة العامة حيث التقى برئيس واعضاء المجلس اكثر من مرة ووقف على افكار قيادة الانقلاب واطمان اليها وكان سعيدا بما لمسه لديهم من رؤية حتى ان موقفه هذا انعكس على موقف السوفيت من الانقلاب لما تصاعدت الجفوة بين الحزب مجموعة عبدالخالق والانقلاب فلم يكن السوفيت سعيدين بتصعيد الخلاف بين المجموعة وقادة الانقلاب وكان توجههم دعوة مباشرة للحزب لتهدئة الاوضاع وتحسين العلاقات مع قادة الانقلاب خوفا من ان يؤدى هذا لانتكاسة الانقلاب وكانهم يومها سبقوا الاحداث بقراءة الخطر ومخاوفهم من ان يؤدى الخلاف بين مجموعة عبدالخالق التى يراهنون عليها ويعترفون بها الممثل الشرعى للحزب الشيوعى ان يؤدى لانحراف الثورة نحو اليمين وهذا ما اثبتته الاحداث والثورة لم تكمل عمرها الثالث. حيث ان الاحداث اثبتت صحة مخاوفهم عقب انقلاب 19 يوليو وما ترتب عليه من تحول فى الثورة من اليسار لاقصى اليمين والذى انتهى بوقوع النظام فى احضان امريكا
وللتاريخ اؤكد هنا انه ليس صحيحا ما اورده النميرى فى كتابه( النهج الاسلامى لماذا) بانه اكتشف ان بعض رفاقه من اعضاء المجلس من غير الشيوعيين كانو على صلة بالحزب الشيوعى والسوفيت من خلف ظهره والحقيقة انه كان اكثر حماسا ويسارية من رفاقه اعضاء الثورة يؤكد ذلك خطبه السياسية فى ذلك الوقت وبصفة خاصة خطابه فى دار اتحاد العمال بالخرطوم بحرى عندما صور نفسه اكثر التزاما بسياسة اليسار الشيوعى من عبدالخالق الذى اتهمه بتراجعه عن مبادئ الحزب لوقوفه يومها ضد المصادرات بالرغم من انه عاد نفسه بعد ان انقلب على اليسار ليتهم الحزب بانه المسئول عن المصادرة وما ينفى ما ادعاه النميرى اننى شخصيا صحبت اعضاء المجلس (غير الشيوعيين) وكان النميرى على راسهم صحبتهم للسفير السوفيتى بمنزله فى الاسبوع الاول للانقلاب وبعربة رتب لها ان تدخل منزل السفير من باب االجراش الذى كان مفتوحا لاستقبال العربة التى حملتهم حتى لا يلحظ احد دخولهم المنزل حيث استقبلهم السفيروتفاكر معهم حول احتياجات الثورة وكان الطرفان سعيدين بذلك وقد ترتب على هذا خطوات هامة سياتى ذكرها كان اهمها تغيير المهمة التى كان مكلفا بها وفد الجيش السودانى الذى كان متواجدا بموسكو عندقيام الانقلاب مفاوضا باسم الجيش لجلب اسلحة للسودان
وقد عجل هذا الموقف بتعيين سفير السودان مع بداية الاسبوع الثانى للثورة حيث تم تعيين احمد سليمان وهو التعيين الذى لم يجد ترحيبا من الحزب وبسبب هذه المخاوف كلفت من الحزب وبترتيب تم مع المستر بنلايف ان اسافر انا لموسكو فى نفس الوقت لامثل وجهة النظر الاخرى وذلك بالتنسيق مع المستر بنلايف وبالفعل سافرت على نفس الطائرة التى حملت احمد سليمان السفير وهو لايعلم عنى شيئا الى ان التقينا فى موسكووبهذه المناسبة فان صلة قربى ونسب تجمعنى به بحكم اننا من سلالة واحدة تجمع اسرته من البشاقرة واهل توتى والتى يجمع بينهم الانتماء لاسرة الشيخ ارباب العقائد رحمة الله عليه بجانب صلة القربى التى تجمعه مع اسرة زوجتى وفوق كل هذا كان صديقا شخصيا لوالدى رحمة الله عليه.
هنا لابد ان اشير لواقعة هامة وقفت عليها عند وصولنا لموسكو وفى غاية الاهمية فلقد التقى احمد سليمان الزعيم عبدالناصر رحمة الله عليه فى القاهرة قبل ان نغادر لموسكو على الطائرة الروسية من مطار القاهرة لعدم وجود طيران مباشر وقتها من الخرطوم وان عبدالناصر نصحه بان يترك السودان الفرصة للسوفيت ليقرروا له تحديد احتياجات الجيش السودانى لخلق جيش قوى تحت مسئوليتهم وحذر من ارتكاب الخطا الذى اوضح ان القيادة المصرية ارتكبته عندما لم تترك الامر للسوفيت لتحديث الجيش المصرى تحت مسئوليتهم لانهم اخطأوا حسب ما قاله عبدالناصر عندما حددوا هم مايطلبونه من احتياجات الامر الذى كان سببا فى اخفاق الجيش المصرى فى مواجهة اسرائيل فى حرب 67 .
بهذا الفهم وعند وصولنا موسكو والتى كان الوفد العسكرى المفاوض قدغادرها بعد الانقلاب اراد احمد سليمان ان يتراس التفاوض مع السوفيت باسم الجيش السودانى وفق ما تلقاه من توجيهات عبدالناصر وللتاريخ اقول ان رايه هذا قوبل برفض مطلق من الملحق العسكرى فى ذلك الوقت محمد عثمان هاشم الذى رفض رفضا قاطعا ان يفاوض السوفيت مدنى باسم الجيش وانه هو الاولى بالمهمة وكان قويا صلبا فى موقفه. حتى ان السوفيت وقفوا مكتوفى الايدى فى مواجهة اصراره
لم يكن هناك مفر من ان تستفتى الخرطوم فى هذه الازمة التى اوقفت المفاوضات واستقر الراى اخيرا على ابلاغ مجلس الثورة بالمشكلة بسرعة وتم اعداد برقية بهذا المعنى ولكن السوفيت تحفظوا فى ارسال البرقية لان وسيلة الاتصال كانت تتم يومها عن طريق لندن وان الانجليز سيقفون على محتوياتها لانهم يعلمون الشفرة فكان الحل من هذه الورطة ان اعود انا للخرطوم فورا واحمل الرسالة لمجلس الثورة فوصلت الخرطوم وفى نفس اليوم توجهت من المطار للقيادة العامة وكان الوقت صباحا وابلغت المجلس بالرسالة وبعد ان تفاكر اعضاء المحلس فى الامر استقر الراى بان يسافر عضو من مجلس الثورة ليقود المفواضات فى موسكو واذكر يومها ان النميرى اعلن انه سيسافر ويتولى المهمة ولكن استبعدت الفكرة لانه لايمكن لرئيس الثورة ان يسافر والانقلاب لم يكمل اسبوعه الثانى فتم الاتفاق على سفر عضو المجلس خالد حسن عباس ولم يكن يومها يحمل جواز سفر فتم استدعا مصور من وزارة الاعلام وتم استخراج اول جواز دبلوماسى فى نفس اليوم ليسافر فى نفس اليوم ليتولى المفاوضات ولم يكن بيد الملحق العسكرى ان يعترض بعد ان وصل عضو مجلس ثورة يحمل على كتفه الاشارة الحمراء الخاصة باعضاء المجلس من الضباط.
وهكذا انتهت مهمتى تلك بسفر خالد.
كان موكب 2يونيووالذى نظمه الحزب الشيوعى بقيادة منظماته الجماهيرية وعلى راسها اتحاد العمال واتحاد الشباب السودانى والاتحاد النسائى بمشاركة قيادات الحزب كان بمثابة اكبر خطوة تصالحية بين الانقلاب والحزب بل كان لفضل هذا الموكب الذى حقق ثقلا جماهيريا لم تعرفه البلد فكان سببا فى ان ينتقل بالانقلاب لثورة لما عكسه الموكب من قبول جماهيرى واسع للانقلاب ولم يحشد له المشاركون وانما تدافعت نحوه قوى الشعب من مختلف طبقاته ليمثل مبايعة شاملة للانقلاب اخرست كل المشككين فيه يومها قبل ان تدور الايام ليخرج ذات التجمع فى تظاهرات ابريل 85 ولكن هذه المرة لاسقاط الثورة التى بايعها فى 2يونيو69 .
فى ذلك اليوم التاريخى بميدان عبدالمنعم لم يخلو ذلك الجمع من طرفة لا يعرفها الا قادة اتحاد الشباب السودانى فعندما صعد الفنان الثورى رحمة الله عليه محمد وردى تصحبه فرقته الموسيقية ضاق بهم المسرح المعد للحفل تحت اشراف اتحاد الشباب حيث اهتز المسرح فجأة واصبح ايلا للسقوط بمن عليه وارتبك قادة الاتحاد لحظتها وسط مخاوف انهيار المسرح فيفسد تلك الليلة التاريخية ولكن فجأة ظهر رحمة الله عليه عبداللطيف عباس الرياضى الشامل وكان مشرفا على الرياضيين بنادى الخريجين من فرق الملاكمة ورفع الاثقال وكانت تجمعه باتحاد الشباب توامة فنهض عبداللطيف بسرعة وصرخ باعلى صوته ينادى( خريجين الى المسرح)وفى لحظة تجمع كل شباب الخريجين من ملاكمين وابطال مصارعة ورفع اثقال وامرهم بالزحف تحت المسرح ليرفعو الحمل عن الاخشاب الايلة للانهيار وبسرعة كان جمعهم يحمل المسرح فوق كتوفهم وسارع الشيوعيين من سكان المنطقة ولجمع اكبر عدد من البراميل وكان موقفا غريباوطريفا كلما وضعوا برميلا يخرج من تحت المسرح شباب الخريجين الين حملو المسرح فوق كتوفهم واكتملت العملية دون ان يحس بها احد حتى الفرقة لم تعلم بها الا بعد نهاية الفاصل.
وهكذا مثل ذلك اليوم تلاحما على ارفع المستويات ولم يكن احد يخطر بباله ان هذا التحالف سينتهى لماساة خسر فيها الحزب والثورة باحداث 19يوليو اكبر الغاز مايو وهو ما سافرد له حلقة خاصة بجانب ضرب الجزيرة ابا والتاميم والمصادرة وغيرها من القضليا التى اشرت لها فى الحلقة الاولى.
ولكن وقبل ان اتناول هذه الموضوعات فهناك محطة هامة ارتبطت بالايام الاولى للثورة وهى محكمة الشعب وبصفة خاصة واحدة من اهم هذه المحاكمات التى استحوذت على اهتمام الراى العام وهى التى كانت فى مواجهة رحمة الله عليه الدكتور احمد السيدحمد وزير التجارة ذلك المناضل الوطنى الغيور والزعيم الذى كان يتقدم الصفوف ويعتلى اكتاف المتظاهرين يقود هتافاتهم بينما ينزوى الكثيرون من القيادات السياسية خلف المنازل يزايدون بالمواقف ولا يشاركون الجماهير همومها فى التظاهرات وتعرضها للقمع كما كان يفعل هو ورحمة الله عليه الشيخ على عبدالرحمن وكلاهما يسجل له التاريخ مشاركة الجمهور تظاهراته.
وثانيا لان هذه المحكمة ارتبطت بنقابة مفتشى وزارة التجارةوالتموين والتى كانت يومها فى مسرح الاحداث وبى شخصيا بصفتى سكرتيرا للنقابة وليس بصفتى مفتشا بالوزارة. فمحكمة الدكتور المناضل انعقدت بناء على موقف النقابة قبل الانقلاب والاضراب الشهير لشهر وبناء على مذكرة النقابة للجان التحقيق ولكن ما يجهله العامة وساعد على تشويهه مسار المحكمة بسبب القائمين عليها فان مذكرة النقابة لم تكن فى مواجهة الدكتور الوزير فى شخصه حيث لم تتضمن المذكرة اى اتهاما له بالفساد لان النقابة كانت تعلم نقاء الدكتور خاصة وان الدكتور كان اهم حلفاء الحزب الشيوعى والاقرب لهم من كل القيادات السياسية ولكن النقابة وجهت اتهاماتها للنظام الحزبى السياسى حيث ان كل ماورد من ممارسات كانت ذات طابع حزبى بسب هيمنة بعض التجار على مفاصل الحزب الاتحادى الذى يمثله الوزير وكان الثمن المقابل كما حددته النقابة ان الوزارة اصبحت اسيرة لطبقة معينة من التجار الذين كانوا الممولين للحزب الاتحادى فى ذلك الوقت ومن هنا كان توجه النقابة ادانة لهذا السلوك الحزبى وليس ادانة الدكتور فى شخصه لانه كان ينفذ سياسة حزب وليس لتحقيق مصلحة لشخصه وانا اقول هذا وسبق ان قلته اكثر من مرة واشهد الله عليه ونحن الان امام توثيق للتاريخ فلقد كانت هذه هى الحقيقة واصحابها احياء ولكن المحكمة بسبب اندفاع القائمين عليها انحرفت نحو الوزير كمتهم فى شحصه ولم تعد محكمة سياسية وتجاهلت راى النقابة حتى ان النقابة لم تخف يومها للقائمين على المحكمة وجهة نظره ان تقتصر ادانتهم على السلوك الحزبى وليس الوزير فى شخصه لثقة النقابة انه لم يكن صاحب مصلحة فى سلوكيات الحزب ولهذا السبب كان تمسك الحزب عندما يشارك فى السلطة بان ياتى بالوكيل من كادره الحزبى من خارج الوزارة ليضمن تنفيذ سياساته الموالية لتجار الحزب خاصة وان الوكيل فى ذلك الوقت كان يتمتع بسلطة مستقلة عن الوزير نفسه مستمدة من قانون الخدمة المدنية لهذا لو انه لم يكن كادر حزبى يملك ان يحول دون انحياز الوزارة لتجار الحزب وكان معروفا يومها ان حزب الامة تحكمه مصلحته فى ان يهيمن على الحكم المحلى والوزارات المرتبطة بالمشاريع الزراعية حتى اصبحت هذه المواقع حكرا لكل حزب متى شارك فى السلطة.
وعندماتم استدعائى يومها للشهادة فاننى لم اكن متطوعا بارادتى للادلاء بشهادة امام المحكمة كما توهم البعض وانما كانت بامر المحكمة وامرها ملزم قانوناوكان استدعائى بصفة منصب السكرتارية بعد ان تم اعتقال رئيس النقابة الاخ احمد التجانى صالح القيادى بجبهة الميثاق الاسلامى لهذا لم تكن شهادتى بصفة مفتش بالوزارة او بسبب اى ارتباط بالمخالفات وانما ممثلا للنقابة التى تعتبرها المحكمة الشاكى الذى انعقدت المحكمة بموجب مذكرتها التى رفعتها للجنة التحقيق.
يومها عندما وقفت شاهدا لم يصدر عنى اى اتهام للدكتور احمد السيد فى شخصه وانما كان فى الشان الحزبى و ما لايعلمه البعض فاننى على المستوى الشخصى كنت فى غاية الحرج لان الدكتور صديق شخصى لوالدى الذى كان زميلا له فى الحزب وعضوا معه فى الهيئة الستينية لحزب الشعب اليمقراطى لما انشق عن الحزب الوطنى الاتحادى.
وما لايصدقه البعض اننى بعد المحاكمة ظللت من الاقربين للدكتور لم تهتز شعرة فى علاقاتنا الشخصية وطوال اقامتنا فى القاهرة ويعرف هذا كل من كان فى القاهرة وعلى راسهم الاخوة السرقدور والدكتور الباقر احمد عبدالله وبكرى النعيم حيث كان الدكتور يقضى اغلب وقته بمكتبى شخصيا بل اتخذمنه مكانا لمواعيده فالدكتور لمن لا يعلم كان ولى امر اسرتى طوال اغترابى فى السعوديةواسرتى معه بالقاهرة فى توافق اسرى كل ذلك لانه يعلم اننى لم اوجه له اتهاما واحدا على المستوى الشخصى.
يومها الذى اثار بعض الضبابية حول علاقتى بالدكتور يرجع الى ان المحكمة شهدت موقفا لايخلو من طرفة كان السبب فى هذه الضبابية محامى الدكتور احمد السيد عبدالوهاب بوب الذى لجأ لاسلوب المحامين المعهود باستفزاز الشهود والتقليل من مفتشى الوزارة الذين كانت نقابتهم السبب فى تفجير القضية عندما تعرض فى خطبته الختامية وهو يهدف استفزاز مفتشى الوزارة لانهم وقفوا خلف هذه المحكمة فاشار فى خطبته التى استهدف بها هجومه على المفتشين فاشار بالاسم لى ولزميلى حاتم عندما قال فى هجومه على مفتشى الوزارة (مفتشى الوزارة الذين يصاهرون التجار من امثال حاتم والنعمان ) هكذا حدد ان مفتشى الوزارة يصاهرون التجار الذين يتهمونهم فى المحكمة والسبب فى اختباره لنا بالاسم هو ان الاخ حاتم كان قد عقد قرانه فى تلك الايام على ابنة التاجر سعد الشيخ تاجر الروائح الشهير اما اختياره لى شخصيا يرجع الى ان الورق اختلط عليه فلقد كنت متزوجا من ابنة رحمة الله عليه محمود احمد مالك فحسبه يومهامن العائلة الراسمالية الشهيرة (آل مالك) ولم يكن يعلم انه تشابه اسماة وان والد زوجتى الذى يحمل اسما مشابها لهم عامل بالنقل النهرى وانه تشابه اسماء.
ويالها من مفارقة فمع اننى عندماوقفت شاهدا امام تلك المحكمة لم يكن يجمعنى والدكتور حزب واحد بل كنت عضوا فى الحزب الشيوعى لهذا فان وقفت فى مواجهته فهذ مبررطالما ان لكل حزبه ولكن المفارقة اننى عندما عدت للحزب الاتحادى فى عام 86 ارتفعت اصوات بعض الاتحاديين تعايرنى بتلك الشهادة بينما الذين يعيروننى يصمتون امام قيادات الحزب التى وجهت اكبر طعنة وخيانة لتاريخ هذا الرمز المناضل عنماعايروه بانه سدنة لمايو لمشاركته وزيرا فيها بالرغم من تاكيده بانه شارك بامرمن الميرغنى الذى شارك فى تهميش الزعيم المناضل فى الوقت الذى كان شقيقه رحمة الله عليه عضوا فى المكتب السياسى لمايو وجاؤا به رئيسا لمجلس السيادة بينما رفضو للدكتور ان يصبح عضوا بهذا المجلس لما اسموه ارتباطه بمايو وذلك استجابة لاعتراض السيد الصادق المهدى عليه باعتباره سدنة لمايو مع ان الصادق نفسه تصالح مع مايو و عضوا فى المكتب السياسى فكانوا هم الذين طعنوا اشرف الرجال عندما كالوا فى حقه بمكيالين ويستحقون هم المعايرة بسبب موقفهم المتناقض وان وجدنا يومها مبررا للصادق لرفضه الدكتور لانه يعلم قوة شخصيته ولكن كيف كان موقف الميرغنى منه فمن الذى ظلم الدكتور هل هو انا الذى لم يكن يجمعنى به حزب واحد ام الميرغنى الذى يجمعه بالدكتور حزب واحد بل سكرتيره.
والى الحلقة القادمة مع احداث الجزيرة ابا والتاميم والمصادرة
alnoman hassan [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.