لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    لأول مرة منذ 10 أعوام.. اجتماع لجنة التعاون الاقتصادي بين الإمارات وإيران    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول نذر الصراع بين الصوفية وأنصار السنة في احتفالات المولد النبوي الشريف. بقلم: سليمان صديق أحمد
نشر في سودانيل يوم 14 - 01 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
حول نذر الصراع بين الصوفية وأنصار السنة في احتفالات المولد النبوي الشريف (1)
حتى لا تتحول إحتفالات ذكرى المولد إلي معركة بالوكالة في غير معترك
زرت أنا و صديق لي معرضاً أقامه طلاب جماعة أنصار السنة بجامعة الخرطوم فوقفنا أمام خريطة للسودان تبين المواقع بالإضاءة بالضغط على مفتاح كهربائي فضغطت عليه فأنارت في الخريطة مواقع كل القباب و الأضرحة المشيدة في السودان فهمس صديقي في أذني قائلاً : الجماعة خلاص حددوا أهدافهم الإستراتيجية . لم أورد ذلك إستهانة بمظاهر الشرك والوثنية في المجتمع السوداني ولا استخفافاً باهتمامات جماعة انصار السنة المحمدية فقد كنت وأنا طالب في المدرسة الثانوية أواظب على الصلاة خلف المرحوم الشيخ محمد الحسن عبد القادر وأتحين ندوات الشيخ مصطفى ناجي عندما يزورنا في كسلا وتعلمت منهم الاهتمام (بالنص و الدليل) و مصادر الشريعة الإسلامية في السنة و القرآن وزيادة ( الترتيب المعكوس هنا منهجي ومقصود ) و تحرير هذه المصادر مما ران عليها من أقوال الرجال إلا قليلاً ( و القليل هو أقوال الرجال من السلف الصالح في القرون الثلاثة الأولى من الهجرة إستناداً على اثر يفيد التوالي في الصلاح ولا ينفي سنة الله في صعود الحضارات و هبوطها) و قرأت من كتبهم الكثير و من بينها كتاب (صفة صلاة النبي) للشيخ الالباني الذي ما احتجت بعده لأستزيد كثيراً في فقه صفة الصلاة و لكني أعيب عليهم اخطاء في منهج ترتيب الأولويات و التحسب للمآلات و تقدير المصالح و في ذاكرتي هدم طالبان لتمثال بوذا - الذي لم يهدمه السلف الصالح عندما فتحوا افغانستان - ورد الفعل من الجماعات البوذية على ذلك تنكيلاً بالمسلمين في الصين و بورما و أواسط آسيا كلها عدواً بغير علم فقد زين الله لكل أمة عملهم . و في ذاكرتي أيضاً ما قامت به جماعة التوحيد و الجهاد و جماعة أنصار الدين من هدم للقباب الأثرية في تمبكتو المدينة التاريخية في مالي و شارة دخول الحضارة الإسلامية إلى ورمز هوّية المسلمين الأفارقة وفيها الإعتداء على ضريح الشيخ حمد أيضاً واحداث الإحتفال بالمولد العام الماضي في الخرطوم و السجالات التي تدور هذه الايام بين انصار السنة و الصوفية حول إحتفالات المولد التي على الابواب و خوف الكثيرين من (المعركة ) القادمة
و حتى لا تنشغل الجماعات الإسلامية بالمعارك الجانبية التي تخوضها بالوكالة عن أعدائها و تقع ضحية لمخططاتهم كنت قد كتبت مقالاً في صحيفة الصحافة عن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة الإرهاب و ما تطلق عليه الأصولية الإسلامية وقد ورد في تقرير لمعهد راند - القريب من الإدارة الأمريكية – أن الأصولية التي قسمها إلى حرفية نصية و ثورية - تشمل الثوار الإيرانيين و جماعة (الوهابين) السعوديين و طالبان و حزب التحرير وعدد كبير من الحركات الإسلامية الراديكالية :
)scriptural fundamentalists. This group includes most of the Iranian revolutionaries, the Saudi-based Wahhabis, and the Kaplan congregation of Turks. The radical fundamentalists, in contrast, are Al Qaeda, the Afghan Taliban, Hizb-ut-Tahrir, and a large number of other Islamic radical movements and diffuse groups worldwide belong to this category.(
ولا أظن أن الولايات المتحدة الامريكية نسيت أن ما تسميه الأصولية الإسلامية و الإسلام العسكري السياسي كان قد خرج على حلفائها الأوربيين من قبل من خلاوي و مسايد الطرق الصوفية ليواجه جيوش الإستعمار ولا أظن أنها نسيت السنوسي و عمر المختار و عبد القادر الجزائري و محمد أحمد عرابي و صولات وجولات الإمام محمد أحمد المهدي و مشائخ الطرق الصوفية الذين قاتلوا معه يكفي شارة على ذلك أن معظم الطرق الصوفية لا زالت تحتفظ حتى اليوم بأداة التعبئة الجهادية ( النحاس ) حتى اليوم
تكلمت الإستراتيجية التي قررت اللعب على الخلافات الإسلامية- الإسلامية بين الطوائف و التيارات الموجودة في العالم الإسلامي – كما أوردها معهد راند – عن خمسة اعمدة رئيسية منها دعم الجماعات الإسلامية التقليدية الإصلاحية و الصوفية :
( Support the traditionalists enough to keep them viable against the fundamentalists (if and wherever those are the only choices). Among the traditionalists, the West should embolden those who are the relatively better match for modern civil society: the reformist traditionalists. The West should support the traditionalists against the fundamentalists)
( Where appropriate, educate the traditionalists to debate the fundamentalists. Fundamentalists are often rhetorically superior, while traditionalists practice a politically inarticulate "folk Islam." In places such as Central Asia, traditionalists may need to be trained in orthodox Islam to be able to stand their ground against fundamentalists.)
(Encourage the popularity and acceptance of Sufism, a traditionalist form of Islamic mysticism that represents an open, intellectual interpretation of Islam.)
يأتي في أطار هذه الإستراتيجية ( الخبيثة ) الزيارات التي قام بها ممثلو الإتحاد الأوربي و السفارة الأمريكية و السفارات الأوربية لقيادات الطرق الصوفية و الجماعات الإسلامية في السودان الأسابيع الماضية و أهتمامهم بالصوفية في إفريقيا التي تم اختيارها مسرحاً جديداً للحرب ضد الإرهاب بعد أن صعدت معظم الحركات الإسلامية فيها إلى الحكم و ادركت الشعوب مخططاتها في المنطقة لإثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين و مواطنيهم المسيحين و بين الطوائف الإسلامية فيما بينها و الفتنة العرقية بين السكان من أصول عربية و إخوانهم من أصول إفريقية في كل الحزام السوداني من السودان إلى مالي و موريتانيا
يقول الله تعالى معلماً المسلمين الأدب في حضرة النبي (ص) : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)) و قد كان الصحابة و التابعين و علماء الأمة الإسلامية يتحرون هذا الادب في مسجد النبي (ص) حتى بعد وفاته فلماذا نسيئ إلى الرسول (ص) ونجعل مناسبة ذكرى مولده (ص) ساحة للإشتجار و رفع الأصوات بالسباب و الايدي بالأذى على بعضنا البعض ؟
يقول تعالى :( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) فهل من الحكمة و الإيمان أن نجعل من مناسبة ميلاد النبي (ص) و بعثته التي كانت توحيداً للمؤمنين و حكماً بين الناس مناسبة للإختلاف فتصبح رسالة التوحيد ذاتها - بالبغي - مادة لهذا الإختلاف بين المسلمين ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
حول نذر الصراع بين الصوفية و أنصار السنة في إحتفالات المولد النبوي الشريف (2)
هل كان ميلاده (ص) حدثاً عادياً
تعودنا كلما مرت علينا ذكرى ميلاد النبي (ص) أن تتجادل الطوائف الدينية حولها وتتشعب الآراء بين طائفة تدعي مشروعيتها وتقيم السرادق والموالد وأخرى تقول بعدم مشروعيتها وتزعم أنها بدعة منكرة لم يعمل بها ابوبكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الجيل الاول من التابعين ولا يقتصر الحديث على طريقة الاحتفال وطقوسه وإنما يرفض الفكرة من أساسها و يقول هؤلاء أن ميلاده (ص) كان حدثاً عادياً ولا عبرة ترتبط بالرسالة فيه وفى حياته قبل البعثه وتراهم يجتهدون فى تفنيد الأخبار التى وردت عن بعض الأحداث غير العادية التى سبقت أو صحبت ميلاده أو حدثت فى حياته (ص) قبل البعثة كرؤيا جده عبدالمطلب للسلسلة الفضية التى خرجت منه ، ورؤيةٌ المرأة السعدية لنور النبوة فى وجه أبيه عبدالله ، ومالم تجده أمه أثناء حمله كما تجد سائر الحوامل من المشقة ، والخبر عن النور الذى رأته أمه عند ولادته ، وما روى من أنه ولد مختوناً مقطوع السرة ، وقصة مرضعته حليمه السعديه وما طرأ على حالها وحال اسرتها من يسر بعد عسر وذلك بعد قبولها أن تكون مرضعته وأخذها له إلى ديار أهلها وما يروى عن إخماد نار فارس ، وإهتزاز عرش ملك الروم ، وغوران بحيرة طبرية عند ولادته ، وحديث حسان بن ثابت عن مقالةٌ اليهودى يوم ميلاده عن ( طلوع نجم أحمد ) ، وقصة أم معبد ، ونبوءة بحيرا الراهب ، وما كان يراه ميسرة غلام خديجة بنت خويلد ، وما راه شقيقه فى الرضاعة ، وفى قصة شق الصدر الأولى قبل البعثه وخاتم النبوة والغمامة التى كانت تظلله ، وغيرها من القصص وما ورد فى أرهاصات النبوة فى كتب السيرة والتاريخ . أما الفريق الآخر فيتوسع فى رواية مثل هذه الأخبار .
ليس من بأس فى أن نحاكم هذا الأخبار من حيث الرواية والمتن بما يحاكم به علماء الأحاديث الإخبار ولكن الخطأ فى أنكارها مطلقاً وإنكار أن تكون هناك بعض الأمور غير العادية التى صحبت ميلاده (ص) وحدثت فى حياته قبل البعثة لأن القرآن الكريم يقص علينا مثل ذلك كثيراً فى قصص الأنبياء السابقين فقد حكت لنا الآيات (23 -49 ) من سورة آل عمران والآيات الأولى من سورة مريم كيف ( أن الله إصطفى أدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) . وتابعنا مريم وهى نذر فى بطن أمها وكفالة زكريا – عليه الصلاة و السلام - والعناية الالهية التي كانت ترعاها وقد إصطفاها الله وبشرها بعيسى - عليه الصلاة والسلام - الذى لم يكن ميلاده أيضاً عادياً إذ ولد من غير أب وكان يكلم الناس وهو طفل فى المهد , وان سلام الله عليه يو يوم ميلاده و يوم موته ومبعثه ( الآيات 16-33 من سورة مريم ). وكذلك حكت لنا الآيات عن ميلاد سيدنا يحيى عليه السلام الذى كان من أب بلغ سن الشيخوخة وأم عاقر ،وأن سلام الله كان عليه يوم ميلاده ويوم موته (الآيات 1-15 من سورة مريم)، كما أن الآيات ( 14 - 30 ) من سورة الذاريات حكت لنا كيف أن ميلاد سيدنا اسماعيل وإسحق كان من أم عجوزِ بلغت سن الياس وأبِ كبيرِ . و تطوفت بنا الآيات الأولى من سورة القصص مع أم سيدنا موسى عليه السلام إذ ألقته في اليم بامر الله ووعده وإلتقاط فرعون له وتربيته في قصره و قصته مع الرجلين الذين يقتتلان وفراره إلى مدين وهى كلها قصص قبل بعثته عليه السلام وكذلك التفاصيل في سورة يوسف التي وردت عن قصته قبل أن يبعث نبياً وأن هذه القصص جميعاً تحوي مدلولات تتعلق بالرسالة
ولعل الإختلاف حول الاحتفال بالمولد يرجع أيضاً إلى أن طائفة من المتصوفة والشيعة يرون أن النبوة اصطفاء محض ليس فيها كسب لذلك يتوسعون فى رواية مثل هذه الأخبار ويذهبون إلى أبعد من ذلك عندما يشعبون الحديث حول بعض الأخبار الواردة عن الرسول (ص) قبل ميلاده أو وهو فى عالم الذر وليست مقالة الرسول (ص) التى قال فيها : ( كنت نبياً وآدم مجندل فى طينته ) - أن صحت - إلا حديثاً عن تقدير الله للإقدار كلها يوم خلق آدم . كما يرى بعض المغالين أيضاً فى الطرف الآخر من أن النبوة كسب محض والحقيقة أن النبوة إصطفاء أيدته كثير من الآيات القرآنية التى أشرنا إليها وبعض الأحاديث ولكنها كسب أيضاً من حيث أن أحداً لم يدع أن الأنبياء ليسوا بشراً كسائر الناس أوجبلوا على الطاعة فهم يجاهدون ويجتهدون فى العبادة ويخطئون فى غير ما كبيرة والوحى يصححهم ويعصمهم ويطلعهم على بعض أخبار الغيب وقد وردت آيات كثيرة فى القرآن الكريم ترىنا فيها كيف أن العناية الآلهية كانت تتكفل الأنبياء بالرعاية والإعداد والعصمة من الإنسياق وراء الهوى
ويأتى الإختلاف أيضاً من باب أن بعض طوائف المسلمين من أهل السنة والسلفيين يحاولون تجريد الرسالة من شخص الرسول (ص) وهم يقفون فى وجه بعض مظاهر الوثنية التى بدت من بعض الطوائف الإسلامية الآخرى من الشيعة والمتصوفة الذين غالبهم من الشعوب غير الناطقة باللغة العربية فى أواسط آسيا وأفريقيا والذين يدفعهم حب التدين مع حاجز اللغة إلى التعلق برموز الدين البشرية والمادية بعيداً عن التعمق فى علومه وهديه ( هذا فى متأخرة الصوفية على خلاف المتصوفة الاوائل الذين كانت حركتهم تجديداً لمعانى التدين وإنقلاباً على وثنية الطقوس والاشكال و حرفية التمسك بظاهر النص) ولكن النظرة الموضوعية لاتجرد الرسالة عن شخص الرسول (ص) بل تصل تعاليم الشريعة الاسلامية ما بين الإيمان بالله والايمان بالرسول ويجعل الله سبحانه وتعالى الرسل شهداء على الناس يتأسون بهم وبسنتهم والنموذج العملي الذي يقيمونه لقيم الدين وتعاليمه و يحكي لنا القرآن كثيرأ من التفاصيل عن حياة الرسول (ص) الخاصة و العامة حتى الحديث الذي يسر به إلى بعض أزواجه و فصلت السنة في ذكر صفاته الجسدية و الخلقية و المعنوية ويجعل القرآن الكريم له مكانة رفيعة في عقول المسلمين ووجدانهم تعتبر الحب والتقدير مدخلاً للطاعة والاقتداء ( أنظر الآيات 1-5 من سورة الحجرات والآيتان 62-63 من سورة النور ) وجعلت لأزواجه وأهل بيته مكانة خاصة وأحكام خاصة تحفظ ببيت النبوة وجلاله وطهارته ومكانته بين المسلمين وتحفظه من أذى ودعاية المنافقين والمرجفين في المدينة (الآيات 28 -59 من سورة الأحزاب ) وربطت الآيات من سورة التوبة في أكثر من سبع وعشرين موقعاً براءة الله وبراءة رسوله من عهود المشركين الآيات (1، 2، 7) والولاء لله بالولاء لرسوله وللمؤمنين ( الآيات 16-24) وجعل اخراج الرسول وبداية العدوان مبرراً للقتال ونعت على المنافقين تخلفهم عن القتال مع الرسول (ص) و فرحهم بمقاعد المخلفين وربما كان ذلك هو واحداً من المبررات للعقوبات النفسية والمادية التي فرضت على المتخلفين في معركة تبوك من دون المعارك الأخرى وأكدت الآيات حب الرسول (ص) لأصحابه ولين معاملته لهم ومشاركتهم ووجوده بينهم وتقدمه لصفوفهم وحرصه على مصالحهم ورأفته ورحمته على المؤمنين
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يكنون للرسول (ص) عظيم الحب والتقدير ولكن ذلك لم ينسهم عظمة الله وعظمة الرسالة التى جاء بها ولم تكن مواقف الحب والتعظيم هذه مبنية على الهوى كموقف أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، الذى كان أكثرهم حباً للرسول (ص) وقد فرح بصحبته فى الهجرة وقامت عائلته تخدمه ويذكر وهو خارج مع الرسول (ص) الطلب فيمشى خلفه ويذكر الرصد فيمشى أمامه ويدخل الغار قبله ويظل مشفقاً عليه حتى يطمئنه الرسول (ص) بقوله ( يا أبا بكر ما بالك برجلين الله ثالثهما ) . ورغم هذا الحب العظيم يأتى أبوبكر عندما نقل إليه خبر وفاة الرسول (ص) ثابتاً راسخاً فيقبله فى جبينه ويقول : ( طبت حياً وميتاً ) و يعمد إلى عمر بن الخطاب الذى خارت قواه أمام الحدث فيمسكه من تلابيبه ويقول له : ( أجبار فى الجاهلية خوار فى الإسلام ) ثم يصعد المنبر فيقول : ( من كان يعبد محمداً فأن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لايموت ) ثم يتلو على الناس قوله تعالى : ( وما محمد ألا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) .ٍ
وردت بعض الأحاديث والأثار عن كيفية تعامل بعض الصحابة رضوان الله عليهم مع النبى (ص) وذلك لفرط حبهم وتقديرهم له بطريقة غير عقلانية ولم يرفعه أحدهم فوق درجة الرسالة والعبودية لله غير أن ذلك لم يكن طريق التعامل العام مع الرسول (ص) وقد كانت تلك المواقف تعبر عن ذلك الحب الكبير وإن لم تكن تعبر أحياناً عن حقيقة موضوعية . كالصحابة الذين لا يريدون أن تقع شعرة منه وهو يحلق الا في يد واحد منهم والصحابي الذي مس يده ووجدها كالحرير والديباج نعومة والذي مس جسده ووجد فيه برودة الثلج وما روى عروة بن مسعود الثقفي في صلح الحديبية من ابتدار الصحابة إلى بصاق الرسول (ص) ووضوءه و كتنشيف أم سليم بنت ملحان لعرق النبي (ص) و عصره في قواريرها بركة لصبيانها
المعرضون والمستكبرون بدوافع الغيرة والحسد يستنكرون أن يكون الرسل بشراً كسائر الناس فيقولون (انؤمن لبشرين مثلنا ؟) ( مال هذا الرسول ياكل الطعام و يمشي في الاسواق ؟) ( و لئن أطعتم بشرأً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون ) أما المتدينون فيضعون الرسل أحياناً فى مقامات فوق مقامات البشر وذلك رغبة في القرب من الله أو بدوافع العجز عن الإقتداء والتأسى بهم وإستصعاب التدرج فى مراقى الإيمان والكمال والبحث للنفس عن المعاذير وإستبعاداً للصلة بالله أو جهلاً حيث يتعامل الجاهل مع الدين كحاطب الليل يلتقط الباطل عن غرة ولايميز بين الله ورسوله ورسالته وخلقه. وقد وقعت بعض الفرق الإسلامية الباطنية فى ذات الخطأ وهى تتحدث عن وحدة الوجود أو الذات المحمدية التى هى كما يقولون تنزل الذات الالهية فى مرتبة ( الناسوت ) ويتعلقون بالنبى (ص) وذريته من بعده تعلق العبادة ويزعمون أن الكون خلق من نوره أو خلق من أجله . وقد ظهرت الدعوة الوهابية السلفية وتصدت لمثل هذه المفاهيم التى رأت فيها صوراً من صور الوثنية والشرك وغالت طوائف منهم فى الإستشراف والمباعدة ما بين الله وخلقه سداً لذارئع الشرك حتى كادوا أن يقيدّوا الله سبحانه وتعالى بقيود المكان وغالوا في المباعدة ما بين الرسول (ص) والله والرسالة. والغريب فى الأمر أن الطائفتين قد إنتهتا إلى أن حاصرت الطوائف السلفية وغلاة أهل السنة الأثار النبوية بمناهج فى الرواية والدراية التي لم يصمد أمامها كثير من تلك الأثار ووقعت بعض الجماعات السلفية فيما جاءت تحاربه في الجماعات الصوفية عندما تحول النص من التراث عندها إلى وثن و الشعائر إلى طقوس واشكال، كما أن الطوائف الصوفية والباطنية إكتفت بتقليد المشايخ وإلتزام رخو بتعاليم الإسلام وزعم بعض متطرفيهم أنه قد تجاوز مقام التقليد للأنبياء إلى الأخذ من مشكاة الولاية التي هي أعلى من مشكاة النبوة أو التلقي من الله مباشرة .
و بالله التوفيق
نواصل إنشاء الله
بسم الله الرحمن الرحيم
حول نذر الصراع بين الصوفية و أنصار السنة في إحتفالات المولد النبوي الشريف (3)
التوسع في مفهوم البدعة يغلق كثيراً من أبواب الخير
. ويتساءل المرء : هل يعتبر كل ما لم يفعله الصحابة والتابعون- كما تقول الجماعات السلفية - بدعة منكرة وضلالة و هل الإبداع المشروع فيما يسمونه هم بأمور المعاش الشئون الدنيوية ؟ وللإجابة على ذلك نؤكد الآتي :
الحقيقة الأولى وهي : أن الوحي ( اعني الكتاب المنزل لأن الإلهام و ميزان العقل القويم و الفطرة السليمة كلها وحي من عند الله ) لا يؤسس للإيمان بالله الواحد و لكنه يذكر الناس بآيات ذلك في الوجود من حولهم و يضيف الكتاب آيات مقروءة إلى الآيات المنظورة في الكون من حولهم و أنه أيضاً لا ينشئ التدين لأن نوازع التدين مغروسة في فطر الناس ( بوحي الله الذي أوحي إلى النحل وطبع المخلوقات كلها ) لذلك نجدهم يتدينون ويتخذون الآلهة و الأرباب و يتقربون إليها بالصلاة و الدعاء و يتخذون حولها الشعائر و الطقوس و يقدمون إليها النذر و النسك و يطوفون حول البيوت التي يتخذونها لها و يأتي الكتاب الموحى ليطلب منهم ان يتركوا الآلهة الصغيرة و المتوهمة و يعبدوا الله وحده و تكون صلاتهم و نسكهم و محياهم و مماتهم لله رب العالمين والدين بهذا المعنى هو الحياة المتجهة إلى الله وهو لا يطالب الناس أن يخرجوا عن حياتهم أو يقفذوا فوقها إلى الحياة الآخرة كما يفعل بعض الرهبان
و الحقيقة الثانية هي : أن الشعائر المسنونة ليست هي الدين كله و إنما هي محطات يتعلم منها العبد معاني التوجه و الإنقياد ولا شك أن الذي يقف بالذكر و العبادة عند حدود الشعائر المسنونة لا يدرك المغزى الذي شرع المولى عز وجل من أجله هذه الشعائر لذلك يتكرر التوجيه القرآني للمسلم الذي يؤدي الشعيرة بأن يتحرك بعد ذلك بروحها في حياته كلها ونشاطه فيها . فبعد أن يؤدي المسلمون صلاة الجمعة ذكراً لله عليهم ايضاً أن ينتشروا في الارض ابتغاء لفضله الله وشكره وذكره الكثير.يقول تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {9} فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الايتان (9-10) سورة الجمعة
كما أن الذكر لا ينقطع بعد أداء المسلمين لصلاتهم وهم يضربون في الارض
(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) الآية (103) سورة النساء
و يستمر الحاج يروح الحج بعد انقضاء مشاعره ذكراً لله سبحانه وتعالى :
(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ) الآية (200) سورة البقرة
و تعمر الحياة بعد عودة المسلمين من ميادين الجهاد بالتوبة والعبادة والركوع والأمر بالمعروف والحفظ لحدود الله
(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) الاية (112) سورة التوبة
و الحقيقة الثالثة هي : أن النموذج الإسلامي الأول تكوّن بتوجيه القرآن الكريم وسنة الرسول (ص) وتكامل بمبادرات الصحابة رضوان الله عليهم والتي يدخل فيما عرف لدى علماء الأصول بالسنة التقريرية وقد شملت هذه المبادرات شتى مجالات التشريع فقد بدأ الآذان مبادرة ورؤيا من عبد الله بن زيد والتثويب في آذان صلاة الصبح من بلال. وكذلك التيمم كان مبادرة من عمار بن ياسر ، وقد دونت لنا السيرة النبوية مراجعات الصحابة رضوان الله عليهم للرسول(ص) في أمور تتعلق بالتشريع و أخرى بسياسة أمر الناس كمراجعة الحباب بن المنذر له في موقع نزول الجيش في غزوة بدر الكبرى ومراجعة السعدين له (ص) في غزوة أحد لما اشتد على الناس البلاء حيث بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عيينة بن حصن و الحارث بن عوف و هما قائدا غطفان و أعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه و عن أصحابه فجرى بينه و بينهم الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة و لا عزيمة الصلح إلا المراوضة فلما أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يفعل ذلك بعث إلى السعدين فذكر لهما ذلك و استشارهما فيه قال له سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا و هؤلاء على الشرك بالله و عبادة الأوثان لا نعبد الله و لا نعرفه و هم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة واحدة إلا قرى أو بيعا أفحين أكرمنا الله بالإسلام و هدانا له و أعزنا بك و به نعطيهم أموالنا ؟ ما لنا بهذا من حاجة و الله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا و بينهم (!ومراجعات عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث بشارة كل من يقول لا إله إلا الله بالجنة والتي حمّلها لأبي هريرة وفي صلاته على المنافقين وفي قبول الصلح مع المشركين في الحديبية وفي الحديث عن السعي والرمل في الحج .
وقد اوصانا الرسول (ص) بسننه وسنة خلفائه الراشدين المهديين من بعده وشجع كل من سن سنة حسنة بأجره وأجر من عمل بهذه السنة فقد روى مسلم في صحيحه عن جرير بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء ) .
وأخذ بذلك الصحابة والتابعون فقد سن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاجتماع إلى صلاة التراويح وسن عثمان بن عفان الآذان بين يدي الإمام يوم الجمعة وقد فهم الجيل الأول من المسلمين هذه المعاني وادرك مغزى النعي القرآني على اليهود والنصارى اعتمادهم على كسب سلفهم وأنبيائهم في قوله تعالى لهم (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وأدركوا أن لكل جيل كسبه واجتهاده وجهاده في تنزيل معاني الدين على الظروف الطبيعية والاجتماعية التي يقلّبها الله ابتلاءاً للناس ، وجمع الصحابة رضوان الله عليهم القرآن في مصحف واحد وأحاديث الرسول (ص) وسيرته واجتهدوا اجتهاداً واسعاً في اصول التشريع وعلوم الحديث والعلوم الاسلامية الأخرى ، ونزّلوا قيم الدين وتعاليمه على شتى مناحي الحياة العامة والخاصة وأقاموا النماذج الاسلامية والسننن التي نقتدي بها إلى يومنا هذا .
ولا يسعف المتوسعون في معنى البدعة الضلالة حديث الرسول (ص) (من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .و حديث (وإياكم ومحدثات الامور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) لأن هذين الحديثين يتكلمان عن الإدعاء على الرسول (ص) والاضافة أو الحذف في القرآن والسنة النبوية ولا يمنعان الاجتهاد قولاً وعملاً اذا كان له أصل في القرآن والسنة ولا يخالفهما ولا يسعفهما ايضاً في ذلك التفريق بين العادة والعبادة والدين والمعاملات لأن ذلك يوقعهم في التجزئة والتبعيض الذي يوقع في الشرك وقدابتدع النصارى الرهبانية أو ابتدعوا فيما كتبه الله عليهم منها ولم يعب القرآن عليهم هذا الابتداع وانما عاب عليهم عدم رعايتهم للرهبانية حق رعايتها ولم يحرم الذين آمنوا منهم وابتغوا رضوان الله أجرهم ( الآية 27 من سورة الحديد).
لا شك أن التعبير عن مقتضى التدين وذلك فيما وراء الشعائر المسنونة التي تضمن للناس حظاً من التدين يشعرهم بالايمان يتشعب ويختلف من أمة إلى أخرى ومن زمان إلى آخر ولعل ذلك واحداً من اسباب اختلاف الرسالات وسبب النعي القرآني على بني اسرائيل في الإعتماد على كسب آبائهم و انبيائهم السابقين ويبين القرآن الكريم والسنة النبوية اتساع أبواب الخير والعمل الصالح إذ يقول الرسول (ص) ( الايمان بضع وستون شعبة اعلاها لا إله الا الله وادناها إماطة الاذى عن الطريق ) كما يتكرر الأمر في القرآن الكريم للمؤمنين أن يتسابقوا إلى الخيرات ويعرض لنا القرآن الكريم نماذج متعددة للتعبير عن مقتضى التدين في الانبياء والرسل والصالحين منهم من يكون نموذجاً للصبر على الضراء كيونس وأيوب ومنهم من يكون نموذجاً للصبر على الدعوة وابتلاءاتها كسيدنا نوح ومنهم من يكون نموذجاً للشكر كسيدنا داؤود وسليمان عليهما السلام وهكذا مع سائر الانبياء والنماذج التي يقدمها القرآن الكريم دليلاً على اتساع ابواب الخير والتعبير عن الايمان ومقتضى التدين . وكثيراً ما كان الرسول (ص) يجيب عندما يسأل عن خير الاعمال بإجابات مختلفة مراعاة لاحتياجات الدعوة الاسلامية وظروف السائل وامكاناته .
ولا شك انه قد مرت ظروف على علماء التابعين اشفقوا فيها على أصل الدين من الضياع بعد أن تداخلت الثقافات الفارسية والآسيوية والبيزنطية مع الاسلام وظهرت الخلافات والفرق الاسلامية فاستعصموا بأصل الدين ونموذجه الأول وجاء من بعدهم خلف لم يميزوا ما بين أصول الشريعة الاسلامية في القرآن والسنة النبوية واجتهادات الرجال . غير أن ضرورات الحياة وتقلب الاقدار الطبيعية والاجتماعية ساقت بعضهم من غير هدى ولم تخل الأمة من مجددين معتصمين بكتاب الله وسنة رسول (ص) اسسوا لنماذج اسلامية جديدة واجتهدوا في بعث شعائر الدين وشرائعه ، ولعل أكثر الابتلاءات المتجددة التي ابتلي الله بها أكثر السلفيين استمساكاً بصور التطبيق الاولى هوالتطور الكبير الذي حدث في مناسك الحج والاجتهاد الذي غيّر كثيراً من صور هذه الشعيرة تيسيراً للمسلمين وتزكية لمعاني التدين
و بالله التوفيق
نواصل إن شاء الله
بسم الله الرحمن الرحيم
حول نذر الصراع بين الصوفية و أنصار السنة في إحتفالات المولد النبوي الشريف (4)
تعدد صور التعبير عن الحق ومقتضى التدين
يحيط الله سبحانه وتعالى الناس بوسائل المعرفة والهداية فقد غرس في نفوسهم دوافع الايمان والتقوى والعبادة و أنزل من علمه في كتاب الكون المفتوح وسننه وآياته وما يهتدي إليه الإنسان بعقله وعلمه وتجربته وأرسل الرسل إلى الناس تتري وتهديهم إلى الصراط المستقيم وهي الوسائل الثلاث التي أشار إليها القرآن الكريم بالعلم والهدى والكتاب المنير وذلك في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ )
كما أن الله سبحانه وتعالى أرسل الرسل لهداية الناس وآتاهم مع الكتاب الحكم والنبوة و الميزان والفرقان ( أنظر الآيات (1-4) و(79) و (164) من آل عمران و الآية (151) و(231) سورة البقرة و الآية (89) من سورة الأنعام)
لم تكن الشريعة الإسلامية خصماً على حرية الإنسان، وأنما كانت توجيهاً له وهداية إلى المعادلة السوية في حياته، وعصمة له من أن تتبدد طاقاته وجهوده، وقد تبددت طاقات البشر عبر تاريخهم بسبب الضلال في معادلات الحياة بين الروح وحاجات الجسد، وبين الغيب والشهادة، وبين الحرية والنظام الذي يقتضيه الاجتماع البشري، وكانت الشريعة من المرونة بحيث تفسح المجال للاجتهاد والتجربة الشخصية، وأن روح الشريعة الإسلامية ومرونة أحكامها لا تجعل منها قيداً على هذه الحرية، بقدر ما هي استنهاض لطاقات البشر، وهداية لهم، فقد فصلت في تذكير الناس بالإيمان بالله واليوم الآخر وأخبار الغيب، وحوت من التعاليم والأحكام ما يضمن هذه الهداية. وإن المتتبع لتوجيهات القرآن والسنة النبوية يجد فيها نعياً شديداً على أئمة الحرج، الذين يحاولون تضييق مجال الحرية الواسع، ويعتسفون في استنطاق النصوص ما لا تنطق، وتحميلها ما لا تحمل، فقد حكى القرآن تشدد اليهود ومغالاتهم في غير ما موقع، فقد ضيقوا على أنفسهم حتى ضيق الله عليهم في قصة البقرة التي أمرهم الله على لسان نبيهم موسى أن يذبحوها، فألحوا عليه في السؤال حتى أصبحت البقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك، صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها. (الآيات 67-71 سورة البقرة.)
كما حكى القرآن تشدد اليهود وعصبياتهم، وحذر المؤمنين من تلك الأهواء والعصبيات، وعاب القرآن على بني إسرائيل مقابلتهم رسالة الرسول (ص) بدوافع الغيرة والحسد، كما تناولت السورة ذات الموضوع وهي تتحث عن مواقف الطرفين في موضوع تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة، فابانت أن الحكمة الاولى ليس في التولى قبل المشرق و المغرب و نهت عن مواقف العصبية و بينت ان الله جعل لكل امة وجهة توليها و امرت المسلمين و أهل الكتب السابقة المختلفين حول قبلة الصلاة أن يستبقوا إلى الخيرات يقول تعالى: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ* وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( {البقرة/145-148}.
كذلك تناولت سورة المائدة ذات الموضوع في قصة إحتكام اليهود إلى الرسول (ص) وبينت أن لكل من المسلمين وأهل الكتب السابقة شرعة و منهاجاً و أمرتهم بالتسابق إلى الخيرات بدلاً من الإنسياق وراء العصبية يقول تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)،
وقد وقع المسلمون في الحرج عندما اتسعت الدولة الإسلامية، وغشي المجتمع المسلم الغزو الثقافي بعد الاختلاط مع الأمم والشعوب التي انضمت للدولة الإسلامية، حيث خاف بعض الفقهاء المحافظين من ضياع الدين بين العامة، ففصّلوا ووسّعوا أحكامه تفصيلاً بدوافع الحرص، ولكنهم تعدوا على المرونة التي اقتضاها الشارع في أحكامه، وضيّقوا مساحة الحرية والاختيار وفي العصور المتأخرة التي أغرم فيها الفقهاء بالتشعيب تحدثوا عن الأمور البديهية التي تركها الشارع لاجتهاد الناس بعقولهم وما في نفوسهم من دوافع الهداية، وما أمامهم في كتاب الله المقروء والمسموع من الآيات ومنع البعض صراحة الاجتهاد، وقصروه على من سموهم أهل الحل العقد، ولم تعد عندهم علم الهداية إلا في النصوص وتفسيراتها، وما عداها من العلوم ليست بالعلوم الشرعية، واقتصروا الدين في الشعائر المسنونة. ولكن المجتمع المسلم بدوافع الحرية التي تمكّنت فيه تمرد على هذه الأوضاع وانقلب على هذا التطرف بتطرف مثله انقلب على التفصيل والتقنين كما فعلت بعض الجماعات الصوفية التي أطلقت حرية الالتزام حتى من النصوص الثابتة، وحررت النص حتى من قيد اللغة، حتى أصبحت التجربة الشخصية هي المعيار والحكم، ووقع المجتمع المسلم في فتنة كبرى.
ويخطئ كثير من المسلمين الذين يحسبون أن الهدى في الوحي وحده وأن ما سواه من علوم ومعارف أهواء ووساوس الشيطان وينطلقون في ذلك من فهم خاطئ لقول الله تبارك وتعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) والكتاب هو اللوح المحفوظ كما يقول بعض المفسرين أو أن المقصود بعدم التفريط هو أن اصل كل المعارف وميزانها موجود في كتاب الله الموحى كما يخطئ البعض في فهم مقالة ابو هريرة (ان الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة) ويزعمون أن القرآن يحوي العلوم كلها كما زعم الغزالي في كتابه أحياء علوم الدين بأن القرآن يحوي سبعاً وسبعين الف ومائتي علم فيها الطب والفلك وهيئة بدن الحيوان وغيرها من العلوم وكذلك جلال الدين السيوطي في تفسيره غير أن علماء الاصول متفقون على أن القرآن ليس كتاب طب أو فلك أو هندسة أو غيرها من العلوم التي يدركها الانسان بعقله وتجربته.
إن الدعوات السلفية لم تنكر على الجيل الأول من الصحابة والتابعين والسلف الصالح أن يجتهدوا في الحياة ويعبروا عن مقتضى التدين في شتى مناحيها علماً وعملاً ولكنها انكرت حق الاجيال الجديدة في ذلك بحجة أن الجيل الأول كان أقرب إلى المعرفة بالدين ومراد الوحي وهو أمر صحيح غير أن ذلك حد واحد من حدود الفقه وأن الحد الثاني هو الظروف الطبيعية والاجتماعية التي ينزّل الفقه عليها معاني الدين وهي ظروف تتغير ولم يقل عاقل بثباتها كما أن عجائب القرآن لا تنقضي وأن تمام المعرفة به لا يتحقق لجيل واحد مما يستوجب على كل جيل الاجتهاد علماً وعملاً في تحقيق مقتضى الدين وتنزيله على الواقع.
أن القراءة الصحيحة للتاريخ الاسلامي تدل على أنه كلما وصلت الدعوة الاسلامية الى بيئة جديدة كلما تغيرت صور التعبير عن مقتضى التدين وتشعبت وليس كل هذا الاختلاف مرده إلى ضعف الفهم كلما انتقل الاسلام إلى الشعوب غير العربية أو مرده الى اختلاط الدين بعقائد الشعوب الجديدة في الشام أو آسيا وأفريقا وإنما يسع الدين الذي يعتبر العرف حداً من حدود الفهم ومصدراً من مصادر الفقه بعض هذه الصور التي تختلف عما عرفه مركز الدولة الاسلامية الأول في الجزيرة العربية وتضرب لذلك مثالاً واحد وهو أختلاف موقف المذاهب الاسلامية من الفنون التشكيلية فقد عرفت الشعوب العربية فن الخطاب والبيان باللسان واشتهرت به وعبرت عن معاني الدين بذلك ولكنها لم تعرف الفنون التشكيلية التي عرفها الاسلام عندما انتقل الى الشام والعراق وأواسط آسيا حيث لم تكن تلك الشعوب تعرف اللغة العربية لغة القرآن ولكنها تفوق الشعوب العربية معرفة بالفنون التشكيلية فعبرت عن مشاعرها الدينية بتلك الفنون وظهرت مدونات السيرة النبوية والتاريخ الفنية والمرسومة وشمل ذلك تصوير الرسل والانبياء والصحابة رضوان الله عليهم .
واذا رجعنا الى التاريخ الاسلامي القديم فأن موقف الجماعات الإسلامية مثلاً قد تباينت من تصوير الرسول (ص) والصحابة من موقف اكثر تشددا لدى اهل السنة الى موقف متساهل لدى بعض الجماعات الشيعية والصوفية وقد عرف التاريخ الاسلامي صوراً للرسول (ص) ولكنها اقتصرت على تركيا ومناطق اواسط اسيا. ومنها لوحات لابي الريحان البيروني - وهو عالم وفنان من الطاجيك - يرجع تاريخها الى القرن الحادي عشر الميلادي موجودة بمكتبة بباريس ونسخة منها موجودة بمكتبة جامعة ادنبرة باسكتلنده . ويؤرخ بعد ذلك لاقدم الرسوم التي ظهرت للرسول (ص) الى العهد التتاري الذي نقل ثقافة الصين واواسط اسيا واشتهرت مدينة تبريز باذربيجان في عهد محمود غازان خان الذي كان اشهر حكام التتار اعتناقا للاسلام .ويقال انه كلف مؤرخا يدعى رشيد الدين بكتابة تاريخ قبائل المنغول وعند وفاة الحاكم محمود خان واصل خلفه في المشروع ووسعه لكتابة تاريخ العالم وقد اكمل العمل في عام 1306م وخرج باللغات التركية والفارسية والعربية . وخرج بالعربية باسم (مجمع التواريخ) ظهرت فيه لوحات للرسول (ص) موجودة بمكتبة جامعة ادنبرة ز مكتبات و متاحف بباريس و نيويورك
ومن اشهر مصادر الرسومات الإسلامية للنبي (ص) هي مدونة( سير النبي (ص) التي يرجع تاريخها الى العهد العثماني توجد منها نسختان بمتحف قصر توبكابي بتركيا ونسخة بمكتبة نيويورك العامة واخرى بمتحف الفنون التركية والاسلامية باسطانبول ونسخة بمكتبة ببرلين وقد طبعت منها نسخة في عهد السلطان مراد الثالث واستكملت في عهد السلطان محمد الثالث فيها عدة لوحات تحوي رسوم للرسول (ص) كما توجد مدونة اخرى هي مدونة (سبحات الاخبار) التي يرجع تاريخها الى القرن السادس عشر الميلادي الفها درويش محمد بن شيخ رمضان تحوي تاريخ العالم حتى عهد السلطان العثماني محمد الرابع غير ان الذي يميز هذه الصور في مدونات العهد العثماني عما سبقها هو اخفاء وجه النبي (ص) . و يحلو للبعض أن يتكلم عن تغير بعض الفتاوى في مذهب الإمام الشافعي عندما انتقل من مصر و الفوارق بين مناهج و فقه علماء المدينة و الكوفة و بغداد و الأندلس للإختلاف الموضوعي في البيئات الثقافية و الإجتماعية
لا شك أن الإسلام الصوفي المتسامح الذي دخل إلى إفريقيا و تمكن في غربها و شرقها ووسطها و تعايش مع الثقافات الإفريقية و أفرز نموذجاً متميزاً و أصبح مكوناً أساسياً للشخصية الإفريقية و خلف وجوداً إسلامياً يقارب الثلاثمائة مليون مسلم يفوق عددهم أعداد المسلمين في الشمال الإفريقي و كذلك الوجود الإسلامي في تركيا و أواسط أسيا و جنوب شرقها حيث يوجد ثلثي مسلمي العالم . هذا الوجود الإسلامي في آسيا و إفريقيا يدفعه دخول النموذج الإسلامي السلفي إلى التوتر المذهبي بين السنة و الشيعة من جانب و الصوفية من جانب آخر و الطائفي والعرقي بين المواطنين من أصول عربية و غيرهم و بين المسلمين و المسيحيين و الأقليات و الاغلبيات غير المسلمة و يكفي مثالاً على ذلك السودان و مالي و نيجيريا و ربما غداً أثيوبيا وربما دفع بعض الأقليات المسلمة في إفريقيا إلى معارك مبكرة مع الأغلبيات و الحكومات تؤثر سلباً على الوجود الإسلامي في إفريقيا كلها
و الله الموفق
suliman sidig ali mohammed [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.