تنعقد غداً الخميس فعاليات جائزة الطيب صالح العالمية التي ترعاها شركة زين. وهذه دورة الانعقاد الثالثة منذ بدأت الجائزة في 2010. وصارت المناسبة طقساً محلياً للإبداع يتنادى لها الكتاب والقراء بكثافة في جوانبها الإجرائية (حفل الجوائز) والندوات الثقافية. كما صارت مناسبة عالمية يتنافس فيها مبدعون من قارات العالم ويشرف منابرها كتاب ذوو كعب. بل صار معيارها في الحيدة في تقويم المتنافسين مضرباً للمثل. وقد كفل ذلك لها نأي زين بنفسها عن ما يجري بمالها ، وقيادة البروفسير شمو لمجلس الأمناء برحابة ، وسهر المجذوب العيدروس في أمانة الجائزة بتواضع وصمت فذين، وصبر صالح محمد علي وغادة عبد العزيز وعبد الوكيل من إدارة زين على الدقائق الإجرائية. جاءت دورة انعقاد الجائزة الثالثة في سياق مواجهة صعبة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني حول تمويل نشاطات هذه المنظمات. واتهمت الدولة بعض المنظمات بتلقي المال الأجنبي في إطار خطة أجنبية لإسقاط الحكومة. وحلت اثنين من هذه المنظمات لهذا السبب. وصح هنا أن نتوقف قليلاً لاستخلاص الدروس من تجربة زين الوقفية. فقد وفرت مالاً وطنياً لفعاليات وطنية قد لا يحوجها للمال الأجنبي وإن لم يغنيها عنه. فهذا المال حق متى نلته عن استحقاق من شروطه الشفافية في الصرف منه على الفعاليات المتعاقد عليها، وإشهار ذلك. وقد بدأت وقفيات وطنية أخرى في دال وإم تي إن وسوداني وغيرها ترعى مشروعات مختلفة للدعم الاجتماعي والثقافي. وتجدنا في المجال الثقافي مسرورين جداً لالتفات هذه الوقفيات لشغلنا بعد انحسار ظل الحكومة عنا لعهد طال. ولم نحسن الظن بعون الحكومة للثقافة أصلاً لأنها تعتقد أن بوسعها أن تنتج ثقافة بينما أقصى ما بوسعها أن تعين المثقفين فرادي وجماعات في مشروعاتهم هم. وخرجت الدولة تقريباً في شكل المجلس القومي للفنون والآداب من الساحة. وكتبنا في أبادماك للنميري في 1971 نراجعه في اختصاص ذلك المجلس ليكون ممولاً للثقافة لا منتجاً لها كما أرادوا له. وجالك كلامي! ولا نريد لحفاوتنا بالوقفيات الوطنية مثل زين أن نكون به مجرد متلقين سلبيين للدعم الذي يتم في أشراط استثمارية نحرص أن تكون مشجعة لاستدامته وحفز وقفيات وطنية أخرى عليه. فقد استمعت بأسى للفاتح عروة، العضو المنتدب بزين، في أكتوبر الماضي يراجع الحكومة في نيتها الإشراف المباشر على مشروعاتهم للدعم الاجتماعي. ويستفظع ما تدفعه الشركة كجبابات: 1 و 8 من عشرة مليار جنيه كضرائب، و25 مليون جنيه سنوياً لديوان الزكاة، علاوة على تعسر تحويل أرباحها بالدولار كما أتفق عليه.وقد مللنا الطرق على حديد الجبايات البارد. ولكن، أقله، نأمل أن تعفي الدولة مال الوقف لزين (الذي يبلغ 10 في المائة من أرباحها) من الضريبة كخطوة أولى، وأن يطبق على كل وقف آخر خالص للدعم الاجتماعي. أقله. (للشفافية الكاتب عضو بمجلس أمناء جائزة الطيب صالح) Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]