سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    جبريل يقود وفد السودان لاجتماعات مجموعة البنك الإسلامي بالرياض    بالفيزياء والرياضيات والقياسات العقلية، الجيش السوداني أسطورة عسكرية    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    أسامة عبد الماجد: مُفضِّل في روسيا.. (10) ملاحظات    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    مجلس الأمن يعبر عن قلقله إزاء هجوم وشيك في شمال دارفور    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    السودان..البرهان يصدر قراراً    أزمة لبنان.. و«فائض» ميزان المدفوعات    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا "أدروب" يوجه رسالة للسودانيين "الجنقو" الذين دخلوا مصر عن طريق التهريب (يا جماعة ما تعملوا العمائل البطالة دي وان شاء الله ترجعوا السودان)    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضوابط الانجليز لم تكن تسمح لمسئول ان يتبرع بجنيه من الخزينة العامة. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 09 - 05 - 2013

ضوابط الانجليز لم تكن تسمح لمسئول ان يتبرع بجنيه من الخزينة العامة فما بالنا بمن يتبرعون بالملايين
لايملك اى وزير ان يشترى قلما لوزارته من مال الدولة لان هذه مسئولية مصلحة المخازن
ابتدع الحكم الوطنى (تجنيب المال العام) غطاء لتهريبه من خزينة الدولة ليصبح مالا سائبا
الحلقة الثالثة
خلصت فى الحلقة السابقة الى ان الانجليز اسسوا نظاما اقتصاديا راعى ضعف امكانات السودان واتساع رقعته لكى يحقق التواذن بين الحاجة العامة للخدمات الضرورية فى حدود الامكانات المتاحة من مصادر العملة الصعبة خاصة وان اكثرية الحاجات الضرورية تستورد من الخارج الدقيق والسكروالادوية واحتياجات التعليم والصناعة المحلية من اليات صناعية ومقومات الصناعة والتنمية الزراعية من اليات وتوابعها كمصادر لترقية مصادر العملة الصعبة حتى تتمكن الدولة من توسيع قدرتها لمضاعفة المستلزمات الضرورية من الخارج والتى يتتطلب استيرادها توفر العملة الصعبة وهو ما يعنى فى مجمله السيطرة على مصادر العملة الصعبة واستخداماتها بما لايخل التواذن بينها والعملة المحلية لان اى انفلات فى هذه المعادلة الصعبة سييؤثر سلبا على توفير الاحتياجات الضرورية وعلى مستوى معيشة المواطن متى ضعفت العملة المحلية وهى مصدره للحصول على احتياجاته او لتوفير الخدمات الضرورية التى تقوم بها الدولة ومااكثرها فى عهد الانجليز قبل ان ترفع الدولة يدها عن المواطن فى عهد الحكم (المسمى) بالوطنى
ولهذه الاسباب وغيرها من العوامل فلقد اسس الانجليزنظاما يقوم على:
1- تميز ثلاثة مؤسسات كفلت لها استقلاليتها وعدم تبعيتها لاى وزير تجنبا للتدخل السياسى فى شانها وتخضع اداريا لمجلس ادارة مستقل على راسه محافظ او مدير عام للدور الكبير الذى يجب ان تلعبه هذه المؤسسات لتحقيق التواذن المطلوب مع العمل على زيادة المصادر من العملة الصعبة لتوسيع دائرة الاحتياجات ا لضرورية لهذا منح القانون مجالس ومديرى هذه المؤسسات صلاحيات لا تخضع لاى تدخل من اى جهة كانت وهذه المؤسسات الثلاثة تتمثل فى:
اولا:
بنك السودان ومهمته الاساسية احكام قبضته على مصادر العملة الصعبة والتصرف فيها بما يحقق التواذن المطلوب بالتعاون مع الوزارت ذات الصلة وبصفة خاصة وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة والتموين انذاك مع العمل على مضاعفتها وهو ما عرف بقانون رقابة النقد الاجنبى والذى يحظر اى تعامل مع العملة الصعبة دون علم وتصديق البنك حيث ان اى عملة صعبة ترد للسودان من اى مصدر تودع لدى البنوك وتستبدل قيمتها بالمقابل من الجنيه السودانى وبالسعر المحدد وتصبح امانة لدى البنك التجارى ولا يحق لاى بنك التصرف فى اى جزء منها_ ولو دولارا واحدا ولضبط هذه المصادر من العملة فان كل صادرات السودان مهما قل حجمها تخضع لما سمى باورنيك ((E X وهى اختصار لكلمة صادر مخصص لرخص الصادر حيث تصدر وزارة التجارة التى تختص بالموافقة على مواصفات وسعر السلعة المصدرة ثم يختم الاورنيك من بنك السودان لاحكام قبضته على العائد من قيمته من العملة الصعبة ويتم تنفيذ العملية عن طريق البنوك التجارية والتى يتعين عليها ان تسدد المقابل بالعملة المحلية للشركة المصدرة وان تودع العملة لحساب بنك السودان حيث يتم التصرف فيها بموافقته لتغطية الاستيراد وحتى المسافرين يحتاجون تصديق رقابة النقد وخاتم البنك سواء كان السفر للعلاج او السياحة. كما ان رخصة الاستيراد لاى سلعة والتى تصدر عن وزارة التجارة لا تعتبر سارية الا بتصديق بنك السودان وخاتمه حتى يتمكن بنك العميل توجيه الدولار المودع لديه لتغطية العمليىة الاستيرادية ومن المهم هنا التاكيد على ان سيتسة بنك السودان ووزارة التجارة على هذه المعادلة فلقد كان محظورا تماما ماتسمى بتجارة الشنظة والتى اصبح لها اليوم شركات حتى لا يكون هناك طلبا على الدولار خارج الدائرة الرسمية وهذه من اكبر الكوارث التى حطمت الجنيه السودانى اليوم واستنزفته على حساب الاحتياجات الضرورية التى ارتفعت تكلفتها بسبب هذا الانفلات وهكذا فان هذا البنك اسسه الانجليز ليقبض بكل قوة على مفاتيح العلاقة بين الجنيه السودانى والعملات الاجنبية.الا ان هذا البنك فقد دوره منذ غلت يده الرقابية بعد قرار الوزير المايوى بالغاء رقابة النقد لينتهى بذلك عهد الحارس الامين للجنيه السوودانى. ثم اكتملت حلقات النهاية بعدان تم تحرير الاقتصاد و التجارة التى عادت وبالا على المواطن الغلبان ليصبح الاستيراد بلا رقابة من البنك او وزارة التجارة مما اخل بالتواذن بين الدولار والعملة المحلية لصالح الاول
ثانيا:
مشروع الجزيرة وهو اهم واكبر مشروع زراعى يمثل المصدر الرئيسى للعملة الاجنبية بزراعة وتصدير القطن ويخضع اداريا لمجلس ادارة يراسه محافظ المشروع ولا يتبع لاى وزير حيث انه السلطة الاولى والاخيرة فى كل ما يتعلق به حتى لا يقع تحت الاهواء السياسية وهو المصدر الرئيسى للدولار بجانب المصادر الاخرى من الصمغ العربى والحبوب الزيتية ووالابقار والخراف والجلود وغيرها من سلع الصادر الهامشية.
لهذا فان مجلس ادارة المشروع حالة استثنائية لاهميته كمصدر اساسى اول للعملات الاجنبية.ولكن شهدت فترة الديمقراطية الثانية ولاول مرة اخضاع المشروع لوزير المالية وليبدأ التغول على صلاحيات مجلس الادارة حتى بلغ المشروع نهايته الحالية فى عهد الانقاذ والتى اقل ما توصف به انها ماسوية واغتيال لواحد من اهم مصادر العملة الاجنبية والاعاشة لاكبر قاعدة من المواطنين كما ان العائد المحلى منه للمنتج لم يعد مجزيا بسبب ارتفاع تكلفة الانتاج من بذور وخيش ومبيدات واليات بسبب ارتفاع قيمة استيرادها بالدولار الحر او الاسود بجانب ارتفاع تكلفة احتياجاته الضرورية والتى ارتفعت لمستوى اعلى من دخله بعد انخفاض الجنيه السودانى فى مواجهة الدولار حيث ان المنتج وهو الاساس تتم محاسبته بالعملة المحلية بينما يسدد قيمة احتياجاته بتكلفة عالية محسوبة بقيمة السعر الحر للدولار ولقد امتد هذا الخلل لكل القطاع الزراعى رغم اهميته لهذا شهدت سجون السودان لاول مرة الاف المنتجين الزراعيين فى كل انحاء السودان لعدم قدراتهم لسداد مصادر التمويل بعد ان انخفض العائد دون تكلفة الانتاج وهكذا كان من اهم واخطر سياسات الحكم الوطنى ان حطم الزراعة فى دولة مصنفة الاعلى فى الامكانات الزراعية هذا بجانب العوامل الاخرى التى لحقت بالمنتج من ارتفاع تكلفة المعيشة بسبب ارتفاع قيمة الدولار وانخفاض الجنيه السودانى لتصبح الزراعة عملا منفرا غير مرغوب فيه مما ارغم الملايين من المنتجين للهجرة للعاصمة ليصبحوا اصحاب مهن غير منتجة من اجل قطعة خبز والبحث عن الاغتراب فى اى مهنة كانت حتى انتهى المشروع لمعارك ضاربة بين الحكومة والمزارعين ومع ملاك الاراضى بعد تدخل الوزراء السياسيين فى شان المشروع تشهد على ذلك الاعتصامات والقضايا فى ساحة المحاكم وقدبلغ الامر بالسودان فى مجال الزراعة ان تفتح ابواب التجارة الحرة لاستيراد بعض انواع الخضر والفواكه.(هكذا اصبح مصير سلة غزاء العالم)
ثالثا:
سكك حديد السودان وهى من اكثر الانشطة التى تقوم عليها استراتيجية الاقتصاد السودانى وهذا ما التفت اليه الانجليز حيث ان طبيعة المساحة الواسعة للسودان وتحديدا بعد المسافات بين مناطق الانتاج والميناء الوحيد للصادر والوارد عبر البحر فان السكة حديد تمثل الملاذ الوحيد للترحيل سواء للصادر او الوارد باعتبار ان انشاء خط السكة حديد اقل تكلفة والاكبر حمولة لهذا فهو الاقل تكلفة مقارنة بالترحيل عبر العربات وتكلفتها العالية من حيث الوقود وقطع الغيار فالمقارنة بين ترحيل الصادر والوارد بين الترحيل عبر القضبان والترحيل البرى عبر ظرق الاسفلت وما يتتطلبه من الاليات ومستلزماتها عالية التكلفة فان الانجليز عملوا على ان يعتمد السودان على السكة حديد للربط بين المساحات البعيدة خاصة بين مناطق الانتاج والميناء الوحيد للسودان لهذا خص الانجليز السكة حديد بمؤسسة مستقلة يتمتع مجلس اداراتها ومديرها العام بصلاحيات واسعة مدعومة برؤية استراتيجية علمية مؤسسة بان مستقبل السودان الاقتصادى يقوم على تطويرالسكة حديد وليس فى تشييد طرق الاسفلت بتكلفتها العالية فالقاطرة التى تسحب ما لايقل عن اربعين عربة حمولة ثلاثين واربعين طنا للعربة الواحدة يقابلها ما لايقل عن اربعين ماكينة لسحب نفس الكمية للترحيل بالاسفلت مع ارتفاع استهلاك الوقود وقطع الغيار والكادر الذى يعمل فيها مما يرفع تكلفة الصادر ويضعف قواه التنافسية ولكن هذه المؤسسة دمرت بتوجه الحكم الوطنى نحو الاعتماد على الترحيل بطرق الاسفلت مما ضاغف تكلفة الصادر والوارد عدة اضعاف بل كان لهذه التكلفة اثرها السالب على ضعف قدرة السودان التنافسية فى سلع الصادرفى السوق العالمية كما انها رفعت من تكلفة ترحيل السلع الواردة عبر الميناء الوحيد للبسودان والمفارقة ان تدمير هذه المؤسسة لم يخلوا من العامل السياسى حيث ان حكومات العسكر اتجهت لتدمير السكة حديد لاسباب سياسية تجنبا لدور نقاباتها فى الدفاع عن الديمقراطية ضد الانظمة العسكرية ففضل العسكر المتطلعين للحكم خراب السودان بتدمير هذه المؤسسة لاضعاف قوتها النقابية حرصا على مقاعد السلطة وكانت بداية الحرب على السكة حديد فى مايو 69وجاءت القاضية فى89بتوجيه امكانات الدولة المحدودة نحو تعبيد الطرق فى المسافات الطويلة وما صحبها من ارتفاع فى الاليات واستهلاك الوقود وقطع الغيار وغيره مع ان القليل من الامكانات التى اهدرت فى هذا العمل لو وجهت نحو تغطية هذه المناطق والتى تتمثل فيها مناطق الانتاج لو وجهت نحو السكة الحديد لكانت تكلفىةالترحيل اقل ولكانت اوفركثيرا ماديا وفى حساب الزمن ولكن تغييب الاستراتيجية التى حسبها الانجليز يومها حسابا علميا يتواءم وطبيعة السودان لما استنزفت الامكانات الكبيرة فيما لا يحقق انخفاضا فى تكلفة الترحيل سواء للسلع او الركاب ويالها من طرفة عايشتها شخصيا فلقد زرت عطبرة مرتين الاولى قبل ان يعلن العسكر حربهم على السكة حديد وكان صوت القطار هو اكبر علامة مميزة يسمع على مدار الاربعة وعشرين ساعة ولما زرتها بعد التدمير لم اكن اسمع صوت القطار الا نادرا حتى انك لا تحسب نفسك فى عاصمة الحديد والنار.
ولعل السنوات الاولى من الستينات شهدت حدثا فريدا عندما عرضت شركة شل ان تشيد طريق اسفلت لبورتسودان على ان تحتكر توزيع البترول على الطريق لفترة ثلاثين عاما واكثر الا ان هذا العرض قوبل يومها باعتراض قوى من مجلس ادارة السكة حديد لما كانوا فى مركز القوى قبل ان تجهض قوة المجلس الادارية واذا لم تخنى الذاكرة كان مديرها المهندس محمد الفضل فكان ان اعترضت ادارة السكة حديد على انشاء طريق الاسفلت وطالبت الدولة ان تحرص على قيام خط سكة حديد ثانى يوازى الخط الحالى بحيث يكون لكل منهم اتجاه واحد حتى ترتفع طاقة السكة حدييد التى تهدر الكثير من الزمن بسبب الخط المزدوج بعتبار ان هذا الخط افضل اقتصاديا من تشييد طريق اسفلت بهذا الطول والتكلفة العالية فى كل شئ وما يسببه الاعتماد على الترحيل بالعربات من تكلفة من استيراد للعربات النقل وما تستهلكه من وقود وقطع غيار وعمالة وبالفعل توقف مشروع شركة شل لان الدولة كانت حتى ذلك الوقت تقبل فيتو السكة حديد ولكن دارت الايام لينفذ الطريق لاسابب سياسية قبل ان تكون اقتصادية وليعتبر انجازا للنظام حيث ان استهداف الحكم العسكرى لنقابة السكة حديد كان موقفا استراتيجيا حرصا على الحفاظ على السلطة وهو ذات الخط الذى سار عليه النميرى فى فترة العسكر الثانية وليكتمل السيناريو فى فترة العسكر الثالثة الحالية ليدفع الصادر والوارد الثمن غاليا مما اضعف قدرة السودان التنافسية فى الاسواق العالمية كما رفع تكلفة السلع المستوردة(على العليها) لتصبح قيمة الدولار وتكلفة الترحيل كارثة بكل المقاييس فى حق المواطن الغلبان ولكن ليس معنى عدم تشييد طرق الاسفلت رفض لها وانما الاولوية للسكة حديد عندما تكون المسافة بعيدة وتتعلق بمناطق الانتاج لان تطور الدولة لا يقدم طرق الاسفلت على خط السكة حديد ولكن ليس للمسافات الطويلة ذات التكلفة العالية مقارنة بتكلفة السك حديد فكيف كان يكون الحال اليوم لو ان خطا حديديا ثاتيا شيد لبورتسودان بدلا عن الاسفلت فايهمااكثر فائدة واقل تكلفة خاصة للصادر والوارد
هكذا كانت المؤسسات الثلاثة التى خطط لها الانجليز حرصا على المصالح الاستراتيجية وهاهى المؤسسات الثلاثة افرغت فى عهد الحكم الوطنى من مهامها وحالة الثلاثة اليوم يغنى عن السؤال ليقع المواطن تحت قبضة الدولار وانهيار قيمة الجنيه وتحت التكلفة العالية للترحيل ومستلزمات الزراعة والتصدير ولتعتمد الدولة فى ذات الوقت على تحميل المواطن عبء تغطية تكلفة ادارة الدولة غير المبررة كما ومخصصات ويالها من مفارقة وانا اكتب هذه الحلقة طالعت تصريحا للسيد وزير الماليةيؤكد فيه ان القيمة المضافة تمثل سبعين فى المئة من العائد الضريبى وفى هذا اعتراف واضح على ان سياسات الدولة ترهق المواطن العادى لانه هو الذى يتحمل القيمة المضافة.لان التاجر يحملها سعر البيع
اما على مستوى الخدمة المدنية فلقد نظم الانجليز وزارات متناسقة تصب جميعها فى هدف واحد وتحت رباط يجكم بينها وكلها تصب فى الحفاظ على التواذن بين الجنيه السودانى والدولار لضبط السياسةالاقتصادية التى تهدف لسد الاحتياجات الضرورية للمواطن لتطوير الانتاج والصناعة لمضاغفة العائد من الدولار حتى تتسع دائرة توظيفه دون اخلال بقيمة الجنيه للحفاظ على مستوى ثابت للمعيشة وان خلى من مظاهر البهرجة التى استاثرت بها قلة على حساب معاناة الشعب كله بالمقابل.
ولعل اهم هذه الوزارات والتى تستحق ان نقف فيها كثيرا ولعلها مفتاح سياسة الانضباط المالى قبل ان يقضى عليها تماما فان كان بنك السودان يومها الحارس الامين للعملة الصعبة و قابض على مصادرها لتحقيق التواذن المطلوب فان وزارة المالية هى ام الوزارات ومهمتها انها قابضة على مصادر واوجه صرف الجنيه المحلى فى الدولة بنظام محكم لا يسمح بان تفلت منه ولو بضعة جنيهات.
فوزارة المالية تسيطر على كل مصادر ايرادات الدولة من العملة المحلية وبوجودها لاتملك اى هيئة حكومية ان تضع يدها على اى جنيه من هذه العملة حيث ان كل ايرادات الدولة من مصادرها المتنوعة تاخذ مكانها فى وزارة المالية والتى كانت تعرف بوزارة الخذانة لاهمية الكلمة بمعنى انها خذينة الدولة ولا توجد اى خذنة غيرها و لا يجوز ان تكون هناك اى خذينة خلافها فى اى مرفق فى الدولة مهما على شانها كما ان هذه الوزارة تسيطر فى نفس الوقت على كل اوجه الصرف حيث لا تملك اى جهة حكومية مهما بلغت ان تصرف جنيها بعيدا عن النظام المحكم الذى تسيطر عليه وزارة المالية. وعبر قنواتها وميزانيتها المجازة بصفتها حامية لها
قد يندهش شباب اليوم لو قلت له انه تحت هذا النظام المحكم لم يكن لاى وزير او مسئول مهما بلغ ان يشترى من مال الدولة مباشرة قلما او ملفا لوزارته كما لا يملك اى مسئول مهما بلغ شانه ان يتبرع بجنيه من خذينة الدولة لاى جهة ولعل قصة الازهرى عندما كان رئيسا للدولة واراد ان يتبرع من الخذينة بمبلغ11 جنيها (قديم) فان المحاسب رفض له ذلك وقراره نافذ على الرئيس فالمحاسب مكلف من وزارة المالية بالاشراف على اوجه صرف المؤسسة حتى لو كانت اعلى سلطة وفق الميزانية المجازة لهذا فانه لا يخضع اداريا للازهرى حتى ينفذ تعليماته اذا لم تكن متوافقة مع الميزانية لهذا فان المحاسب لما رفض له تبرعه ب11جنيه برر رفضه بحكم انه جهة الاختصاص بجملة من بضع كلمات لا تصل اصابع اليد الواحدة(لايوجد بند فى الميزانية) وتقبل الازهرى قراره طالما انه لا يوجد بند فى الميزانية اسمه التبرع فالكلمة نفسها لا تتوافق مع المال العام لان التبرع سمة تتوافق مع خصوصية المال وان يكون ملكا خاصا للمتبرع هكذا كان النظام الذى ارسى قيمه الانجليز وودعناه مع الحكم الوطنى.
ولعلنى بهذه المناسية احكى واقعة شهدت مستنداتها بيد الاستاذ بشير محمد سعيد قبل رحيله وكنا فى القاهرة وهذه المستندات تحكى ان الحاكم العام الانجليزى خاطب يومها الحكومة الانجليزية ناقلا طلب حزب الامة تلقاه بتقويع رئيس الحزب انذاك لدعم الحزب ماديا لان غريمه الحزب الوطنى الاتحادى يتلقى الدعم المادى من مصر وجاء رد الحكومة الانجليزية ان وزير المالية لا يملك ان يتبرع بجنيه من مال الدولة لانه مال المواطن دافع الضرائب ومحكوم بالميزانية وهى ذات الفلسفة التى اسس لها الانجليز فى السودان قبل ان ينفرط العقد فى عهد الحكم الوطنى لهذا فان الحكومة الانجليزية ابلغت حزب الامة انها ستدعمه بطريق غير مباشر عبر المشاريع الزراعية الخاصة وقد كان
ولعل كلمة (المحاسب) الذى رفض لرئيس الدولة الازهرى يومها ان يدفع 11جنيه التى تبرع بها اثارت انتباه شباب اليوم ولكنها الحقيقة فوظيفة المحاسب فى اى مرفق حكومى ايا كان هو موظف تابع لوزارة المالية وياتمر بامرها وفق الميزانية المخصصة والمجازة وهو بهذه الصفة تابع لوزارة المالية وليس الوزارة او الجهة التى يعمل بها ومسئول للمالية للتاكد من الالتزام بالميزانية وسلطته تعلو الوزير فى الوزارت التى انتدب ليمثل فيها وزارة المالية وهو ليس من التابعين اداريا للجهة الملكف بالاشراف على اوجه صرفها وفق الميزاتية فكانه سفير لوزارة المالية فى المرفق الحكومى ووزارة المالية هى التى تعينه وتملك ان تسحبه وتحاسبه فى اى وقت ولا يحق لاى هيئة حكومية مهما كانت ان تعين موظفا محاسبا ليشرف على مالها فى خذينة الوزارة التى هى فرع من خذينة وزارة المالية فوزارة المالية هى التى تعينه وتحدد له الوزارة التى يتولى امرها وهى التى تحاسبه ان اخفق فى رقابته على الميزانية ان فرط فى جنيه واحد منه.
كيف اذن حال هذه الخذينة اليوم وعشرات المسئولين فى مختلف مرافق الدولة على مستوى المركز والولايات يتصرف بعضهم بالتبرع من مال الخذينة بعشرات الملايين وبينهم من يحملها فى (ضهرية عربته) يقررون وبارادتهم ووفق رغبتهم الجهات التى يتبرعون لها دون ان تكون هذه التبرعات خاضعة لاى ضوابط مالية او حسابية ودون دفاتر ودون ان تخضع لميزاتية او مساءلة عن مبررات التبرع وعن الجهة المتبرع لها .
وماكان لهذا ان يحدث لولا ان الشق الثانى من مسئولية الوزارة وهو الاهم الذى يعتمد على ان كل الوارد من الجنيه السودانى لاى مرفق فى الدولة لا يتم تحصيله الا وفقا لارانيك المالية التابعة للوزارة وان هذا المال ايا كان من يتحصله لابد ان يودع لدى خذينة ووزارة المالية وان محاسبى المؤسسات الرسمية يقومون بتوريده للخذينة العامة يوميا قبل ان تقفل الخذينة فى الثاية عشر ظهرا يعنى باخنتصار كل مال الدولة ياخذ طريق لوزارة المالية ويستقر فى خذينتهاو يحظر على اى مسئول ان تكون له خذينة بوزارته بهذا لا يمكن التصرف فيه الا وفق الميزانية التى تشرف عليها وزارة المالية ولا تسمح باى صرف كان مهما قل اذا لم يكن مضمنا فى الميزانية خاصة وان الميزانية مركزية تصدر لكل اجهزة الدولة بلا استثناء حتى لا يؤدى لفوضى الصرف او مزاجية المسئول..
لم يكن تسمية وزارة المالية بام الوزارات اعتباطا فهى بجانب ما ذكرت مسئولة عن:
1- كل العاملين فى الخدمة المدنية وموظفى الدولة فى محتلف الهيئات الرسمسة يخضع تعيينهم ومرتباتهم ومخصصاتهم الوظيفية لادارة شئون الموظفين بوزارة المالية حيث يتحدد عددالوظائف والدرجات والترقيات والمؤهلات لكل وظيفة ولا تتمتع اى وزارة بسلطة مستقلة عن ديوان شئون الموظفين وانما كل ما يعنى التوظيف يخضع للميزانية ويشرف عليه الديوان بالتعاون مع المسئولين بالوزارة المعنية. وفق لوائح الخدمة التى يتساوى اماها الجميع
لهذا فان موظفى الدولة لمحتلف الدرجات يتساوون فى الحقوق والواجبات والمخصصات ولم يكن ممكنا تحت هذا النظام الذى اورثه الانجليز للحكم الوطنى ان يشهد المفارقات التى تتحدث عنها المرتبات والمخصصات والتى بلغت لدى البعض مايصل المليار كما ورد فى الصحف لبعض ما تسمى بالوظائف الخاصة او العقود الخاصة فكل موظفى الدولة كانوا سواسية بالقانون والميزانية ولكن انظروا اوضاعهم اليوم. والمفارقات فى المرتبات والمخصصات
2- كل احياجات الوزارات وحيث ما كان المال العام معنى بها فانها اما ان تخضع لادارة المشتروات التابعة لوزارة المالية اذا كان شراؤها يتم من السوق المحلى او الخارجى فكلها تخضع اذن لاادارة المشتروات اما اذا كانت متوفرة كخدمة او سلعة لدى الوارات الاخرى المختصة فانه لا يجوز التعامل فيها الا مع الوزارات المختصة والمصالح المختصةبها مثل المخازن والمهمات والنقل الميكانكى والاشغال والنقل النهرى وغيرها يعنى بصريح العبارة مال الدولة ليس سائبا بل منضبطا كما خطط له الانجليز حتى لا يتصرف فيه المسئولون وفق رغباتهم بعيدا عن الضوابط التى تحكمها ميزانية لا يجوز الخروج عنها كما يحدث الان بسبب اخر بدع الحكم الوطنى ومايسمى تجنيب المال العام وهو تعبير لا يخلوا من مجامله لان الامر فى حقيقته تهريب بعض مال الدولة من الخذينة العامة ليكون خارج مستندات وزارة المالية تحت امرة مسئولين لا يخضعون لمساءلة المالية والميزانية ولا تخضع تصرفاتهم للمراجعة حسب القانون وهى بدعة ماكانت لتحدث لو ان ما اسس له الانجليز بقى سائدا فى عهد الحكم الوطنى.
ولعل المفارقات التى افرزها هذا الواقع تحتاج لحلقات وحلقات
ربما لا يصدق شباب اليوم انه لم يكن بمقدور اى وزير ان يشترى قلما او(مسطرة واستيكة) من مال الدولة فكل احتياجات الوزارات تتولى توفيرها المصالح المتخصصة التابعة لوزارة المالية وتخت قبضة الميزانية وسوف لن توفر من السوق الا اذا لم تكن متوفرة لدى هذه الجهات كما انها لن تستورد اى احتياجات من الخارج اذا كانت متوفرة محليا كما انها لا يتم شراؤها الا وفق ضوابط العطاءات تحت اشراف الادارة المختصة بوزوارة المالية وهذا يعنى باختصار ماكنا لنشهد هذه الفوضى فى مشتروات الوزارات لكافة احتياجاتها كما هو الحال فى عهد الحكم الوطنى وبهذه الصورة المنفلتة لو ان النظام الذى ظلت له الحاكمية لسنوات بقى حتى اليوم بعدالاستقلال قبل ان يتم نحره نهائيا اليوم.
ولعلنى بهذه المناسبة احكى واقعة عايشتها شخصيا بل معنى بها مباشرة حيث اننى كنت صباح احد الايام بمكتبى بوزارة التجارة عندما دخل على بالمكتب باشكاتب الوزارة انطون من اخواننا المسيحيين وبصحبته اثنان من العمال وقال لى لو سمحت تطلع لينا من المكتب شوية فدهشت واطعته لانه المسئول عن المكاتب ورايته لحظتها يوجه العمال بان يحملوا (التربيزة)التى اجلس عليها وكانت مصتعة محليا من الاخشاب ولم يكن بها درج فحملها العمال وعادوا يحملون (تربيزة) اخرى من الاخشاب ولكنه مغطاة فى المنتاصف بطبقة من قطيفة خضراء اللون وبها درجين على اليمين واليسار ولم افهم هذا التحول ولكنه سارع وقال لى هذه التربيزة استحقاقك من مصلحة المخازن بعد ان تمت ترفيتك من مساعد مفتش لمفتش فى الدرجة دى اس.
هكذا كان الحال كل شى محسوب بالدرجة ويصتع محليا فى ورش مصلحة المخازن والمهمات فهى التى توفر للوزارات كل احتياجاتها فاين هذا من اليوم بعد ان سرحت هذا المصلحة وانتشرت صالات الاثاثات الفاخرة المستجلبة من الخارج بملايين الدولارات والتى اصبح لكل مسئول ان يؤسس وزارته من افخر انواعها حتى مكاتب السكرتيرات ومدراء المكاتب خاصة اذا كانت من الجهات التى تتمتع بالتجنيب لتصبح اجهزة الدولة اكبر مشترى من محلات الاثاثات الخاصة وبافخم قاعات الجلوس دون عطاءات حتى اصبح صعبا ان تعرف ان كان هذا مكتب مسئول ام فندق سبعة نجوم.
وبالطبع لم يعد هذا الامر صعبا او خاضعا لاى ضوابط مالية كما كان الحال تحت ظل الميزانية وتحت سيطرة ادارة المشتروات وغيرها من مؤسسات المصالح الحكومية التى اسسها الانجليز الا انها وأدت بعد ان اصبحت العديد من مؤسسات الدولة تجنب المال و تتحصل على الايرادات على طريقتها وتتصرف فيما تجنبه على هوى مسئوليها لهذا وفى مفارقة غريبة شهدنا لاول مرى الفوارق الكبيرة بين مكاتب الدولة حيث البنايات الفاخرة لبعضها لقدرتها فى التجنيب وتبقى المصالح التى لبيس لها مصادر تجنبها خربة قابعة فى بنايات من عهد الانجليز فانظروا لمصلحة الاحصاء وانظروا لديوان المراجع العام ووزارة الشباب والرياضة وغيرهم مع اهمية ادارة المراجعة المسئولة عن رقابة المال العام ويكفى مقرها لندرك كيف فقدت بريقها فى عهد الحكم الوطنى. بعدان همش دورها واغلب المال بعيد عن المراجعة
اما الحديث عن النقل الميكانيكى والعربات وعن الاشغال والتى ما كان لاى جهة فى الدولة ان تضع (طوبة اوطن اسمنت او سيخة )الا باذنها وتحت اشرافها وهذا ما ساعود اليه بالتفصيل فى الحلقات القادمة
وهكذا اتواصل مع المفارقات التى لا يصدقها عقل.
alnoman hassan [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.