نتعرض منذ تردت الخدمات الواجبة على الدولة للمواطنين إلى بيانات من طاقم الخدمة المدنية مكتوبة في لغة "أورويلية". وهي اللغة التي اكتشفها الكاتب الإنجليزي جورج أورويل، مؤلف "مزرعة الحيوانات"، في روايته "1984". وهي لغة مستمدة من إداء الدولة السوفيتية وأيضاً البريطانية خلال الحرب. وتعريف اللغة الأورويلية أنها مصممة للتضليل عن الحق. وهي أخطر ما تكون على المجتمع الحر المفتوح. فكثيراً ما ركزنا على اللغة الأورويلية عند طاقم الإنقاذ السياسي ولم نعتبر هذه اللغة بقوة عند البروقراطية مع أنها هي التي ستبقى معنا والإنقاذ إلى زوال طال الزمن أوقصر. يأتي يوليو من كل عام ولواري هيئات المياه والكهرباء بتقيف. وتتلبس المسؤولين حمى اللغة الأورويلية لتبرير القطوعات فيهما. وهي لغة تعتمد على أربعة عناصر: 1) الظرف في الصيف غير مواتي، 2) فاقمت من ذلك حالة خاصة، 3) كل شيء سيكون على ما يرام عاجلاً، 4) وسيكون عامنا هذا نهاية الأحزان. فوزارة تخطيط الخرطوم التزمت حرفية الأورويلية في تعليل قطوعات الماء هذا العام. فقالت وزارة التخطيط: 1)العكورة بسبب الدميرة الموسمية، 2) أما الظرف الخاص للسنة فهو "الصكوك البنكية"! وارتفاع سعر الدولار، 3) ثم أكدوا وصول كميات كبيرة من الآليات بميناء بورتسودان لحل المشكلة الراهنة، 4) ثم سعادة الدارين في عامنا القادم. لم يخرج جودت الله عثمان، مدير هيئة مياه الخرطوم، عن اللغة الأورويلية في تفسير قطوعات المياه التي ضج منها السكان في رمضان الشهر الذي أنزل فيه القران. وزاد من عنده قندفة ومساخة غير خائلة في موظف خدمة مدنية مدفوع الأجر كاملاً ليطأطأ رأسه أمام الشعب. فمن جهة القندفة سعى إلى إخجال المطالبين بخدمة مياه مستمرة طالما فرضوا عليهم دفع ثمنها مقدماً ومع فاتورة الكهرباء. فأخرج لنا المدفون: "يا خي إنتو دابكم بقروشكم الخاوتننا بيها دي بتدفعوا ثلث تكلفة الموية والباقي من الحكومة. مش تحمدو ربكم وتنطمو." تلك من جهة الفتونة على الشعب. أما المساخة فتمثلت في قوله إن قطوعات المياه في شهر يوليو عادي زي الزبادي. بل نحن في يوليو من هذا العام أفضل من العام الماضي. فبلاغات القطوعات لعامنا قلت. وهذه بياخة. وسبقه إلى مثل هذا العذر بالشهر الكبيس وزير ما قال إن شح الوقد عادي في شهر مايو لزيادة الطلب على التوليد الحراري وتخزين جازولين الزراعة مما ينتج طلباً عالياً للبترول. والبياخة يا جودت الله ياها البياخة. فما رأيك في أن هيئتكم لم تقفل حساباتها حتى تاريخ المراجعة. بل زاد المراجع بأنكم تخزنون مواد التنقية بصورة عشوائية مما قد يتسبب في فسادها وتسميم الناس وسرطنتهم. يعمل جودت الله تحت الوالي الخضر وهو رجل مرحمن شديد التهذيب في ظرف معقد حتى سمي مثله "والي بمكنة رئيس جمهورية". ورأيته يعزي في قتيل أم دوم بشجاعة تحمل فيها الأذى المشروع من أهل الفقيد بمرابطة وصبر. فإذا لم تكن تملك لنا خيلاً ولا ماء يا جودت الله فأقتدي بالخضر وأسعدنا بالملافظ وحسنها. وإذا كنت قندفاً ومسيخاً فطرياً فبالله إتطلب الله، دنيا الله وأرزاقه واسعة. إننا شعب يتظاهر طلباً للحق وننقاد للكلم الطيب مع ذلك. فإذا كان هذا فوق استعدادتك الطبيعية فأرحل فما أنت إلا خبير مياه خلت من قبله الخبراء. Ibrahim, Abdullahi A. [[email protected]]