شاهد بالصورة والفيديو.. سائق حافلة "صيني" يثير ضحكات جمهور مواقع التواصل بالسودان وهو يهتف داخل سيارته: (يلا يلا راجعين خرطوم وبل بس)    الكباشي يصل الفاو    نائب رئيس مجلس السيادة يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية ترقص وتتمايل داخل سيارتها على أنغام الفنان الراحل ود الأمين: (وداعاً يا ظلام الهم على أبوابنا ما تعتب)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    عراقي يصطحب أسداً في شوارع بغداد ويُغضب رواد منصات التواصل    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    محمد خليفة، كادر حزب البعث والقحاتي السابق، يتكلم عن الحقيقة هذه الأيام وكأنه أفلاطون    الدوري الخيار الامثل    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنتوب الجميلة 1949- 1952 ... بقلم: الأستاذ الطيب علي السلاوي
نشر في سودانيل يوم 08 - 02 - 2014


12-6
كان المعلمون البريطانيون المختارون للتدريس في كلية غردون ومن بعدها في المدارس الثانوية مثل حنتوب مثل كل موظفي الأدارة البريطانية المختارين للعمل في كافة المستعمرات. فبحكم انهم يمثلون واجهة الأمبراطورية كان تعيينهم يتم بعد تمحيص دقيق لمختلف جوانب حياتهم وسلوكياتهم الشخصية فضلا عن مستوياتهم الأكاديمية والتربوية، ومدى استعدادهم للعمل في بيئة تختلف اختلافاً كبيراً عما اعتادوه وألفوه. وكم سعدنا بتجويد مهاراتنا اللغوية على يد اثنين من أولئك المعلمين الأفذاذ كان أولهما المستر أ. ك. غردون مشاركا هاشم أفندي ضيف الله تدريسنا في فصل "الفلوتنق كولمبس"Floating Columbus عام 1949. أما الثاني فقد كان هو المستر ت.م. كوِين الذي حل محل هاشم أفندي ضيف الله عند مغادرته حنتوب في بعثة دراسية في بريطانيا امتدت لثلاث سنوات. وظل المستر كوين يتابع تدريس مجموعتنا طوال الثلاث سنوات المتبقية إلى أن اجتاز عدد كبير من مجموعتنا امتحان اللغة الإنجليزية بنجاح في نهاية عام 1952بفضل رعايته ومثابرته وتفانيه في عمله المنظم المتقن التخطيط وحضور ذهنه ومعرفته التامة بأسماء طلابه وبقدراتهم. وما كانت لتفوت عليه شاردة أو واردة وعلى الدوام يذكرنا بما سبق تدريسه لنا. درسنا على يديه مقرر الأدب الإنجليزي المكون من روايتي "سينت جون" لجورج برنارد شو ورواية "سترايف" لقولزويرذي "، وقصة آل "موونستون" لكاتبها "ويلكي كولبنز". لا تزال أصداء الروايتين وقصة آل مونستون تتردد في أذهان رفاق الدرب نجترها كلما التقينا أو تحادثنا على الهاتف عبرالبحاروالمحيطات. ورغم أن الثلاثة الكبار من شعبة اللغة الإنجليزية المستر بارات و كوين وسبيد، الذين تولوا تدريس اللغة الإنجليزية وآدابها لطلاب السنة النهائية، ظلوا يقدمون العديد من الاختبارات في مادة الأدب الإنجليزي على نمط اختبارات كيمبريدج،إلا أن ورقة الامتحان النهائي كانت مخيبة لآمالهم وآمال الطلاب وتطلعاتهم. فقد جاءت خلوا من كل الأسئلة التي كانوا يتوقعون ورودها خاصة ذلك السؤال الرئيسي المعروف ب"الكونتكست" (السياق) الذي يحتوي على ما يرد على لسان بعض شخصيات الروايتين وتليها الأسئلة عن القائل وإلى ماذا كان يشير وماذا رد المخاطب ومن كان حاضرا وماذا كان رد فعله. ولعل تعليق المستر بارات، رئيس الشعبة، في نهاية زمن الامتحان يبيّن خيبة أمله وأمل رفاقه حالما وقع بصره على الأسئلة إذ قال: "هذا الممتحن الخبيث ظل يبدأ أسئلته حيثما تكون نهاية اسئلتنا وينهي اسئلته حيثما تتنهي اسئلتنا:
This wicked examiner always begins his questions where we finish; and finishes where we start" ورغم الذي حدث فإن عدداً لا يستهان به من الطلاب أحرز درجات متميزة في مادة الأدب الإنجليزي في ذلك العام. ومن ميزات المستر كون أنه كان يحفظ أسماء طلابه ويستخدم اللغة العربية في بعض أحاديثه. ولن ننس محاولته مخاطبة طلاب الفرقة العسكرية مستخدماً اللغة العربية ظهيرة يوم من أيام التدريب العسكري عندما صاح بصوته الجهوري : "اتابور ..اصف"!!! وكان يعني كلمة "صفا" وحينها انفجر الواقفون ضاحكين وكاد ينفرط النظام لولا تدخل شاويش محمد في التو مستعيدا النظام والضبط والربط آمرا الفرقة بالانتباه بعد كلمة صفا التي خرجت معكوسة من لسان "القائد الأعلى". ومن يومها نشط المستر كون في تعلم اللغة العربية. ولما كان المستر كون أعزب طيلة بقائه في السودان فلم يكن يبارح البلاد إلى بريطانيا في عطلات المدرسة الصيفية. بل كان يتنقل بين مختلف المدن والأرياف مكلفا بالعمل في المراكز الإدارية والمجالس المحلية. ولقد اهتبل فرصة تعامله مع الإداريين البريطانيين والسودانيين من خريجي المدارس العليا وكلية الخرطوم الجامعية لتحسين لغته العربية. ولم تقتصر مهام المستر كوِين على التدريس فقط وإنما امتدت إلى إشرافه على فرقة التدريب العسكري خلفاً للأستاذ عبد الحليم على طه الذي انتقل إلى مدرسة خورطقت نائباً لناظرها. كما أوكلت إليه مهام الإشراف "تيوترية" على داخلية "الزبير" عام 1950 خلفا للسني أفندي عباس أبوريش الذي ترقي واصبح نائبا للناظرخلفا للنصري أفندي حمزه الذي تمت ترقيته ليصبح ناظرا لمدرسة خورطقت اعتبارا من يناير من نفس السنة. والجدير بالذكر أن النصري أفندي حمزه جاءت ترقيته إلى درجة ناظر متزامنة مع ترقية عوض أفندي ساتي الذي كان مديراً لمكتب النشر ( دار النشر التربوي لاحقا) لينتقل ناظراً إلى مدرسة وادي سيدنا خلفا للمستر لانق الذي ترقي مساعدا لمدير وزارة المعارف. وكان مستر أ.ك. غوردون من المعلمين البريطانيين الذين شاركوا في صقل مهاراتنا اللغوية في السنة الأولي مشاركا هاشم أفندي صيف الله باديء الأمر ومواصلا تدريسنا جنباً إلى جنب مع المستر" كوِن" بعد مغادرة الأستاذ هاشم إلى بريطانيا في شهر يوليو عام 1949. كان المستر أ.ك.غوردون داوي الصوت، عاليه، يفيض حماسة وهو يجوب "مصطبة" الفصل في نشاط منقطع النظير. مما يجعل الطلاب في حالة انتباه متواصل لكل ما يصدر عنه خوفا من مباغتاته للغافلين. أمران لفتا أنظار الطلاب إليه. أولهما كان بما يحدثه حذاؤه من "طرقعة" عالية رتيبةعلى أرضية البرندات أمام الفصول الدراسية فيسارع الطلاب إلى دخول الفصول قبل وصوله خاصة عندما يكون "نوبتجياً" ومشرفا على دوام المذاكرة المسائية. اما الأمر الآخر الذي كنا نلحظ أنه يسبب له قدراً من الحرج هو حين يعتلي سقالة الرفاص. فكان يحس كأنما أنظار الكل متجهة نحوه تشاهد ما كان يلحق به من خوف وارتجاج في كل اعضاء جسمه . فكان يسير مشدود الأعصاب في توتر بيّن يبدو على قسماته ويكاد الدم يتطاير من وجهه إلى أن يدخل "كابينة" الرفاص المخصصه للمعلمين حيث يتنفس الصعداء. ثم يستأنف توتره مرة أخرى وهو في طريقه عبر السقالة من الرفاص إلى "إلىابسه"على شاطئي النيل الأزرق. فكنا نراه وفرائصه ترتعد وكأنه يستغيث بمن يمسك به إلى حين وصوله سالماً إلى داخل الرفاص أو إلى خارجه في أمان . وكثيراً ما كان كابتن عبدو ينتظره في مقدمة السقالة ويمسك بيده إلى حين جلوسه داخل الكبينة على مرأى من الآخرين. وكان ذلك مما يزيد من توتره وحرجه. فكان أحيانا ياتي مبكراً إلى مرفأ الرفاص ليجد العون من كابتن عبدو أو أحد مساعديه قبل وصول الناس ليتفادى الأنظار. درسنا على يدي المستر غوردون عدداً من القصص والروايات الإنجليزية على المستوى المختصر abridgedاذكر منها على سبيل المثال لا الحصر " رواية دي بيشوبس كاندلستيكس" ومخلب القرد "دي لمنكيز بوو" وقصة المستر قريفن الرجل المزدوج الشخصية الخيّرة والشريرة " دي انفيزيبل مان". وامتد عمل المستر غوردون إلى جانب تدريس اللغة الإنجليزية إلى طلاب السنة النهائية، إلى توليه الأشراف على داخلية " النجومي " عقب انتقال "مستر ماكبين" إلى شعبة الجغرافيا في معهد التربية ببخت الرضا. وكان المستر غوردون يقوم بمهمة إعلان أسماء الفائزين من المتسابقين في منافسات ألعاب القوى بين الداخليات أو بين حنتوب ووادي سيدنا. وعند رحيل المستر غوردون خلفه الأستاذ احمد النمر مشرفاً على داخلية النجومي فوقع ذلك الاختيار برداً وسلاماً على ساكني داخلية النجومي. لم يدم عمل المستر غوردون في حنتوب طويلا حيث غادرها في أواخر عام 1951 بعد أن ظل يجد كثيراً من العنت من الطلاب خاصة أيام الإضرابات المدرسية. فآثر الرحيل عقب إضراب ذلك العام الذي جاء على إثر ألغاء النحاس باشا – رئيس وزراء مصرقبل ثورة يوليو 1952- اتفاقية الحكم الثنائي المبرمة بين مصر وبريطانيا والمعروفة باتفاقية 1936.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.