شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا اختلف اللِّصان .. الإنقاذ واليوناميد .. بقلم .. عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 17 - 11 - 2014


(1)
والآن، ما صدقت حكومة الإنقاذ أنها نجت بأعجوبة، بعد بيان اليوناميد الذي نفت فيه قصة الاغتصاب الجماعي في قرية تابت، إلا ووجدت الحكومة نفسها وقد وقعت في شر أعمالها. فقد تمرد عليها اللص الشريك الخائن، الذي كانت تحتفي به وتتمسك ببيانه المتهافت.
ولا أزال عند رأيي بأنه لا يوجد أي دليل يعتد به يثبت وقوع الاغتصاب الجماعي. لكني أقر أن نظرية الخدعة باللحمة المفرومة من نظام الإنقاذ تبدو ضعيفة، في سياق قراءة بيان وزارة الخارجية الأخير وفيه حيثيات الشكلة بين اللصين، الإنقاذ واليوناميد. فأضع تلك اللحمة المفرومة في الثلاجة، مؤقتا، ريثما ينجلي الأمر.
فيتلخص النزاع الراهن بين حكومة السودان واليوناميد في أمر محدد، وفق بيان وزارة الخارجية بالأمس. هو أن اليوناميد التي كانت تحصلت على موافقة الحكومة الولائية في الفاشر لزيارة قرية تابت مرة أخرى، "شرعت في التحرك إلى قرية تابت". وفق تلك "الموافقة الولائية" التي لا تعترف بها الخرطوم!
ومن ثم، قررت حكومة السودان المركزية في الخرطوم "عدم السماح للبعثة بزيارة القرية مرة أخرى"، كما جاء في بيان وزارة الخارجية.
وبصرف النظر عن أسباب كل واحد من اللصين، فإن نظام الإنقاذ هو الذي سيتنازل، في نهاية الأمر. بعد المماطلة المعهودة. وبعد أن يكسب وقتا يرتب فيه أموره في قرية تابت.
ولن يكون ترتيب الأمور في تابت متعلقا بالادعاءات بشأن الاغتصاب الجماعي. الادعاءات غير المؤسسة على دليل يعتد به حتى الآن، فيما أراه.
وإنما يكون ترتيب الأمور في تابت بشأن عمليات اغتصاب محتملة سابقة، وحالات تسبيب الحمل بالإكراه لفتيات ونساء في تابت، من قبل منسوبين للحامية العسكرية المرابطة بالقرب من القرية. وهي الوقائع غير المؤكدة التي رواها الصحفي علاء الدين الدفينة. الذي قال إنه زار تابت لابد بإذن الحكومة. وكتب تحقيقه في صحيفة الراكوبة. وسآتي إلى موضوعه المعقد.
فالثابت أنه كانت نشأت علاقات تداخل اجتماعي وخدمات صحية مشتركة بين الحامية العسكرية والقرية. مما تمثل أخيرا في حالة الجندي من الحامية العسكرية الذي قيل إنه ربما كان اختفى في القرية. وفجرت قضيته الأزمة الحالية المتعلقة بادعاءات الاغتصاب الجماعي. ذلك حين كانت جاءت قوة مسلحة من الحامية تبحث عنه في القرية. والوقائع الأساسية هنا ثابتة يتفق عليها راديو دبنقا مع الصوارمي.
(2)
فبشأن اليوناميد، علينا أن نتذكر البيان الذي نفت فيهوقوع الاغتصاب الجماعي المدعى به.
ولنلاحظ بقوة أن اليوناميد قالت في بيانها بعد زيارتها لتابت إنها كانت قصرتالتحقيق حصرا على الأحداث المدعى بها في تاريخ لم تذكره بالتحديد. رغم أنه معروف لديها، الجمعة 31/أكتوبر/2014. كما كان ورد في راديو دبنقا.
وقصدت اليوناميد أن لا تحدد في بيانها، بالإنجليزية وبالعربية،بصورة واضحةذلك اليوم الذي حققت في أحداث وقعت فيه، حسب الادعاء.
ثم دغمست اليوناميد التاريخ، وجعلته مبهما، ليكون أحد تاريخين، ذلك في بيانها باللغتين:
(ألف) يوم الأحد 2/نوفمبر/2014 وهو تاريخ إذاعة راديو دبنقا للخبر. وليس تاريخ وقوع الاغتصاب الجماعي المدعى به (الجمعة 31/أكتوبر/2014).
ذلك في عبارةاليوناميد التي قالت فيها إن نفيها لوقوع الاغتصاب يتعلق حصرا بالوقائع "في اليوم الذي وردت فيه التقارير الإعلامية":
"ولم يؤكد أي من الذين تم استجوابهم وقوع أية حادثة اغتصاب بتابت في اليوم الذي وردت فيه التقارير الإعلامية on the day of that media report.
(باء) اليوم الصحيح الذي لم تذكره اليوناميد بالتحديد (الجمعة 31/أكتوبر/2014) لكنها أشارت إليه بعبارة إضافية على أنه "الزمان الذي أشارت إليه التقارير [الإعلامية]":
"ولم يجد الفريق أي دليل ولم يتلقى أية معلومات متصلة بالمزاعم الإعلامية التي زعمت بوقوع هذه الحادثة في الزمان الذي أشارت إليه تلك التقارير."
The team neither found any evidence nor received any information regarding the media allegations during the period in question.
وفي هذه الألاعيب اللغوية في البيان خبث من قبل البعثة الفاسدة. فنجد الإصرار على قصر التحقيق من حيث الوقائع؛ والإصرار على تغييب التاريخ المحدد؛ والإصرار على إزلاق تاريخين بالتخليط بين تاريخ الخبر الصحفي وهو يوم الأحد 2/نوفمبر، وتاريخ الوقائع المدعاة موضوع التحقيق، وهو يوم الجمعة 31/أكتوبر.
..
وفي جميع الأحوال، فإن حصر اليوناميد للتحقيق في حدود أيام محددة أمر عجب. وهو غير مقبول في فلسفة الحماية المكلفة بها اليوناميد. بل نقرأ في القصر والحصر احتيالا مريعا.
لأن حصر التحقيق في وقائع بعينها في تاريخ محدد (ومبهم) يعني أن اليوناميد كانت قررت مسبقا قبل زيارتها الفاشلة أن لا تسأل عن حالات اغتصاب من قبل أفراد القوات المسلحة قد تكون وقعت قبل ذلك التاريخالأولاني، الجمعة 31 أكتوبر.
ويجب أن يظل هذا موضوع تسآل للبعثة المعروف فسادها. ونعرف أن البيان الصحفي من اليوناميد لا يصدر إلا بالتفاهم مع جهاز الأمن المسؤول عن اليوناميد في الفاشر. وهذا التفاهم لا غبار عليه إذا كان الهدف المشترك هو حماية المدنيين ولم يكن يتعلق بالإفساد أو بالتغطية على الجرائم.
وهكذا تعمل الأجهزة الأممية، بالتنسيق مع الدولة المضيفة، وتحتفظ بعلاقة طيبة معها مبنية على مبدئية التعامل والشفافية والتنسيق وعلى عدم المباغتة. وليس هذا حال اللصين الذين بينت لنا عائشة البصري أنهما شريكان في اتفاق جنائي ضد أهل دارفور. فمنسوبو حكومة الإنقاذ سيصرون على تحقيق البعثة في حدود وقائع محددة في تاريخها. لأسباب غرضية لا علاقة لها بالحماية. وإلا فلن تحصل اليوناميدعلى الإذن الحكومي الضروري لدخول القرية.
ولربما كانت اليوناميد على علم بحالات الاغتصاب القديمة في قرية تابت. ولربما هي أصلا اتفقت مع اللص الآخر أن تستبعد من التحقيق المسموح به تلك حالات الاغتصاب القديمة.
ويعني التحديد الحصري المقيَّد بوقائع الاغتصاب الجماعي المدعاة في التقارير الإعلامية استبعاد حالات سابقة للاغتصاب وتسبيب الحمل بالإكراه والاستغلال الجنسي اقترفها أعضاء الحامية العسكرية ضد الفتيات والنساء، وربما الأولاد، في القرية.
فوفق التفكير القاصر لدى اليوناميد، نعرف الآن من بيانها للنفي يوم 10 أكتوبر أن اليوناميدكانت سترد على أعقابها الفتاة التيقد تأني تشتكي من اغتصاب جندي لها، أو من تسبيب الضابط حملها كرها. قبل شهرين، مثلا.
ستقول اليوناميد لهذه الشاكية معليش ما حنقدر والله نحقق في قضيتك. لأنو المانديت بتاعنا بس يوم كدة، وانتي اغتصبوك قبل شهرين،الله معاك!
..
لكن اليوناميد، بسبب بيانها المخادع والفاسد، تعرضت للصفع والركل وللضرب بالأحذيةمن قبل رؤسائها في رئاسة البعثة في الخرطوم وفي الأمم المتحدة ومجلس الأمن في جنيف ونيويورك.
وأدركت اليوناميد مغبة تصاعد مشاعر الاحتقار التام لها من قبل السودانيين. مما قد يفقدها درار السحت الذي ظلت به تعتاش من مأساة دارفور.ولم يكن لها من نصير تستقوي به غير اللص التاني، الإنقاذ الفاسدة المحاصرة أيضا، لا علاقة لسلالتها بالسودانيين.
فقررت اليوناميد أن تنفذ التوجيهات تأتيها من عل، هذه المرة. تطير تقعد، لازم تلقى اغتصاب في تابت. فذهبت اليوناميد تفتش الماضي. في الدفاتر القديمة فيها الاغتصابات التي كانت تتستر عليها في السابق، من أيام عائشة البصري.
ولابد أن اليوناميد كانت تتوقع أنها ستجد حالات اغتصاب سابقة في تابت. عشان تريح ناس نيويورك وجنيف. ف "شرعت"، باللفة وبالدس من الحكومة في الخرطوم، في السفر إلى تابت. ولأن كل منظمة فاسدة تكون مخترقة من قبل جهاز الأمن، فقد تم اكتشاف لعبتها، ومنعوها من السفر مجددا إلى تابت.
(3)
أما اللص الآخر، الإنقاذ، فورطته أكبر. أرسل وزارة الخارجية للمنافحة ضد اليوناميد، الشريك الخائن الذي تحول إلى شاهد للادعاء.
قالت لنا وزارة الخارجية إن قرارها برفض منح الإذن لليوناميد لزيارة تابت للمرة الثانية يقوم على عدة أسباب، إجرائية وأخلاقية وأمنية. كلها في البيان وكلها مغالطات.
قالت وزارة الخارجية إن الحملة ضد الدولة وضد الجيش تصاعدت "على الرغم من نفى اليوناميد لحدوث "أي حالة اغتصاب". ثم ركز بيان الخارجية مجددا على أن اليوناميد "أكدت عدم حدوث أي حالات اغتصاب".
وهنا وقفة. فاليوناميد لم تقل ذلك. إطلاقا. ولم تتحدث بالإطلاق الذي تدعيه كذبا وزارة الخارجية. عدم حدوث "أي حالة اغتصاب".
بل حصرت اليوناميد الأمر في الادعاءات عن الاغتصاب الجماعي المحددة وقائعه بالجمعة 31/أكتوبر. ولنقل، أيضا بتاريخ صدور التقارير في الأحد 2/نوفمبر. أما ما حدث قبل هذين التاريخين، فقد كان أصلا خارج نطاق اختصاص بعثة التحقق، لابد وفق اتفاقها السبقي مع بتاعين الجيش والاستخبارات والأمن في الفاشر.
فالذي يدحض ادعاء بيان وزارة الخارجية عن أن اليوناميد أكدت عدم حدوث "أي حالات اغتصاب" هو أن اليوناميدلم تحقق في أية حالات اغتصاب قد تكون وقعت قبل يوم 31/أكتوبر/2014.
..
أما وقد قررت اليوناميد الآن أن تحقق مجددا في مسألة تابت، فقد أصيبت الإنقاذ بالخلعة.
وهي لابد تعرف عن وقوع حالات اغتصاب، وحالات زنا، وقعت من جنودها ضد نساء وفتيات في القرية.وأدى بعضها إلى حدوث حمل خارج إطار الزواج.
ثم قدمت وزارة الخارجية أعذارا في غاية الضعف عن أسباب منعها زيارة اليوناميد إلى تابت.
مثل أقوالها المضحكة:
"وجهة نظر حكومة السودان في أن البعثة قد قامت بالتحقيق حول مزاعم الاغتصاب، وأكدت عدم حدوث أي حالات اغتصاب، وأن السودان يتشكك حول الدوافع وراء الإصرار على قيام البعثة بزيارة ثانية لمنطقة تابت".
لكن هذا الكلام مردود على الحكومة. لأن اليوناميد كانت أصلا أزلقت عبارة ماكرة في بيانها الذي احتفت به الحكومة حينئذ واحتفلت. قالت اليوناميد في بيانها للنفي إنها قد تعود مرة أخرى إلى تابت لإجراء "المزيد من التحقيقات". هدفها حماية مؤخرتها إن قامت القيامة حول نفيها وقوع الاغتصاب الجماعي:
"وتنتوي البعثة القيام بإجراءات متابعة إضافية في هذا الصدد، وذلك من قبيل إمكانية إجراء المزيد من التحقيقات ..."
ثم تسببت وزارة الخارجية في بيانها ببعض الكلام الفارغ المعروف أنقله دون تعليق إضافي:
"هذا علماً بأن اتهاماتالاغتصاب الجماعي قد قوبلت بامتعاض شديد من مواطني قرية تابت والقرى المجاورة وأثارت غضبهم مما رفع من حالة التوتر في القرية وأصبحت نظرة الأهالي (ليوناميد) يشوبها الكثير من العداء للبعثة نظراً لما لحق بسيدات المنطقة من وصمةٍ لطخت سمعتهن وهن عفيفات بريئات".
ثم واصلت وزارة الخارجية في إنتاج التهديد والتخويف لليوناميد:
"وهكذا غدت الأوضاع الأمنية منذرة بصدام وتداعيات لا تحمد عقباها وأصبح التكهن بمآلات الأوضاع صعباً ومنذراً بخطر".
وانتهت الوزارة بالقول:
"وتأسيساً عليه قررت حكومة السودان عدم السماح للبعثة بزيارة القرية مرة أخرى".
...
فالقراءة التحليلية السائغة هي أن الإنقاذ مستحوذة بالرعب من احتمالية توثيق اليوناميد لحالات سابقة للاغتصاب وتسبيب الحمل لفتيات تابت، من قبل قوات الحامية العسكرية.
مما ينقلني إلى مقال الصحفي علاء الدين الدفينة عن ذات هذه الحالات القديمة للاغتصاب وتسبيب الحمل السفاح، غير المتعلقة بقضية الاغتصاب الجماعي.
(4)
أشجع القارئ على الاطلاع على مقال الصحفي علاء الدين الدفينة (وليس عبد اللطيف كما كتبت خطأ) بعنوان "دار فور الفاشر تابت والحقيقية الضائعة". في الراكوبةhttp://www.alrakoba.net/news-action-show-id-170869.htm
وهو مقال يجب أن يخضعه القارئ للتفكيك. لأن الدفينة يسجل نفسه في البيان كمعارضة لنظام الإنقاذ. ويقول ما معناه إنه تمكن من الوصول إلى قرية تابت قادما من الفاشر، رغم أنف عمر البشير.
وكذا ينبغي إخضاع المقال للتفكيك لأن الدفينة لم يقدم أية معلومات جديدة عن الادعاءات عن الاغتصاب الجماعي. بينما نجده يؤكد في مقاله وقوعها، ولا يقدم لنا أي دليل من أي نوع يثبت ادعاءاته.
وذلك يشكك في صدقية مقاله، وفي صدقية الكيفية التي قال إنه دخل بها إلى تابت وحضر تحقيق اليوناميد وتحدث إلى قائد الحامية العسكرية!
لكن هذا الصحفي علاء الدين الدفينة قدم لنا "معلومة" جوهرية لم يسبقه عليها أحد. وقد اعتمدت صحتها، على أساس أولي، بالرغم من تشككي حول المقال ذاته وحول ظروف انتاجه.
فقد حكى علاء الدين الدفينة قصة فريدة لم أقرأها في أي مكان آخر. لكنها قصة متسقة وتخلو من التناقض الذي يكون منزرعا في كل قصة ملفقة. ولها علاقة فيما أرى برد فعلالإنقاذ في بيان الخارجية.
فقد تحدث الدفينة عن سبع عشرة حالة حمل غير شرعي لفتيات من تابت. وقال إن هذه حالات قديمة وردت الأحدَثُ منها في شكوى من رب أسرة للضابط المسؤول عن القوة العسكرية المسؤولة عن تابت.
وربط الدفينة هذه الحالة الأخيرة للحمل غير الشرعي بالجندي الذي اختفى بسلاحه. وقدم توضيحات إضافية عن قصة هذا الجندي وتفسيرات لها.
ونعلم أن قصة اختفاء الجندي والبحث عنه أذاعها للمرة الأولى راديو دبنقا وأكدتها القوات المسلحة (الصوارمي). وربما كانت هي القصة الوحيدة المؤكد موقعها في رواية تابت والاغتصاب الاجتماعي، فيما عدا بشأن بعض التفاصيل كما هو متوقع.
فلنقرأ أولا ما كتبه علاء الدين الدفينةبشأن حالات الحمل غير الشرعي في تابت. ذلك تحت عنوان جانبي أسماه الدفينة "ما لم يقله الصوارمي وتكتمت عليه اليوناميد":
..
"في خاتمة أيام أكتوبر الماضي تحرك رب أسرة نحو الحامية المرابطة بالقرب من تابت لمقابلة الرائد سعد عبدالكريم وتقديم شكوى له ضد أحد أفراده ممن تحمل إحدى الفتيات جنينا في أحشائها منه.وهو جنين غير شرعي.وهي الحالة رقم 17 بتابت التي حدثت في الفترة الماضية لفتيات أكبرهن في الخامسة والعشرين والأخريات في سن السابعة عشر".
..
وقال علاء الدين الدفينة إن الرائد سعد "تلقى الشكوى".
وواصل الدفينة القصة بالقول:
"في صبيحة اليوم التالي غادر الجندي المتهم الحامية مفيدا أنه سيتوجه للقرية لكنه أختفى بسلاحه ولم يعرف أي فرد أي معلومة رسمية عنه أو عن اختفائه حتى الآن.وكان ذلك في غرة نوفمبر الحالي"
والذي قرأته بين السطور منكلام الدفينة هو أن أهل البنت الحامل بجنين غير شرعي قتلوا الجندي. لكنا سمعنا من القوات المسلحة، قبل مقال الدفينة، أنهمعثروا على الجندي المختفي حيا في طويلة!
وربما يكون سائغا أن نكذب رواية الجيش. وأن نذهب مع الدفينة. خاصة وأن الدفينة يقدم تفاصيل إضافية وكلامات فيها إيحاءات غامضة لكنها واضحة بالقصد. فهدفه فيما يبدو هو التبليغ برسائل متناقضة، عن قصد. ممثله مثل ساحرات ماكبيث يتحدثن بالغمز واللمز، لكنهن على علم!
فأنقل نص كلام الدفينة كاملا، وفيه ادعاؤه الغامض أيضا عن أن الاغتصاب الجماعي قد وقع:
"الإفادات حسب المعلومات التي تحصلنا عليها تفيد بأن قوات عسكرية مدججة بالأسلحة المختلفة دخلت القرية وبدأت عمليات تمشيط ودهم لكل المنازل بحثا عن الجندي المفقود ... ولم يسفر البحث عن نتيجة.
"في ذلك اليوم حدث ما حدث من انتهاكات سببها مشاعية القرية لكل من هب ودب ممن يحمل السلاح..وهو ما نفاه الصوارمي وأكدته العديد من المصادر التي أشارت إلى ان عدد المغتصبات وصل للمائتي إمرأة وفتاة.
"لكن الصوارمي أكد في مؤتمره شيئا أكدته ذات المصادر وهو أن هناك جنديا قد اختفى وأن عمليات (بحث) جرت للعثور عليه..
"ولم يذكر الصوارمي كيف ولماذا أختفى الجندي. ولم يحدد أين. كما لم يوضح أن هذا الجندي في كامل عدته وعتاده .."
"والصوارمي يعلم أنها منطقة مصنفة عسكريا أنها منطقة عمليات يختفي فيها الجنود وبعضهم يموت.. ومن أسبابالاختفاء الهروب. وللهروب عدة أسباب كلها لا تخول لقواتة دخول القرى واستباحتها وترويع الآمنين بها."
...
فأقرا في الفقرتين الأخيرتين أعلاه ذات الإيحاء الماكر من الصحفي الدفينة. أن أهل قرية تابت، أو والد البنت التي تسبب الجندي المفقود في حملها بصورة غير شرعية، قتلوا الجندي واستولوا على سلاحه.
أو، أن الجندي هرب لينضم إلى الحركات المسلحة أو إلى عصابة للنهب المسلح.
فالدفينة يقدم كافة الاحتمالات المنطقية الممكنة. لكنه يميل إلى احتمال قتل الجندي المختفي، لأنه كرر الإيحاء الغامضبطريقة الغمز.
...
فإذا صحت هذه الرواية عن حالات الحمل غير الشرعي في تابت، وكان من بين البنات من هي في السابعة عشر، أي دون سن الرضا في القانون الدولي، يمكن أن نفهم سبب رفض الحكومة فتح التحقيق مجددا في تابت.
خاصة وأن رفض الحكومة السماح لليوناميد بدخول القرية يبدو غريبا بكل المقاييس. فالذي ليس لديه في تابت ما يخفيه لا يتسبب بفشل وقتي في التنسيق مع الأمم المتحدة ليمنع اليوناميد من دخول القرية.
ولا يدخل النظام مع المجتمع الدولي في مصادمة يعرف أنه سيخسرها. في وقت ثابت فيه انهيار نظام الإنقاذ، أخلاقيا وسياسيا. ليس عنده إلا ضرب أهل جبال النوبة والنيل الأزرق بالطائرات وتعذيب أهل دارفور. للانتقام السياكوباثي وفش الغبينة ضد "الزرقة والعبيد" يتحدونه بالسلاح وبالكتابة.
أي، يكون السبب الحقيقي وراء منع اليوناميد من زيارة تابت هو خوف نظام الإنقاذ من انفضاح هذه الحالات السابقة عن اغتصاب أفراد أو ضباط من القوات المسلحة لفتيات ونساء في قرية تابت. غير حالات ضحايا الاغتصاب الجماعي في يوم 31 أكتوبر 2014. في الخبر الذي روجت له إذاعة راديو دبنقا. والذي لا أصدقه.
لم أصدقه، بسبب الضعف المريع في نصوص ادعاءات راديو دبنقا عنه.
فأين التقرير المكتوب الذي روج له راديو دبنقا؟ التقرير عن أن "اللجنة الخماسية"، السرية، التابعة ل "منسقية اللاجئين والنازحين" أعدته. بعد زيارتها السرية إلى تابت. وبعد كلامها المتكثر عن مقابلاتها وحديثها "خشم إلى خشم" مع ستين ثم مع خمسين من ضحايا الاغتصاب؟
(5)
أما وقد اختلف اللصان، الإنقاذ واليوناميد، فندرك أننا نقترب من معرفة ذلك الذي حدث أو لم يحدث في تابت في يوم الجمعة 31 أكتوبر 2014.
وكذا سنعرف مدى صحة القصة التي رواها في الراكوبة الصحفي علاء الدين الدفينة عن حالات الحمل السفاح القديمة في القرية، وعلاقتها بأفراد حامية القوات المسلحة المرابطة.
وأرى أن الفزع المعبر عنه في بيان وزارة الخارجية مشدود إلى الخوف من فضيحة سياسية وأخلاقية مجلجلة في قرية تابت. فضيحة تنزع القناع عن حقيقة الضباط الإسلاميين. وتدق مسمارا قبل أخير في نعش برنامج "الإسلام السوداني"، بتاع حسبو عبد الرحمن بتاع المنظمات في دارفور، زمان.
..
ذلك، إن لم يكن كله من شطن سلالة الإنقاذ. أرادت أن تخدعنا مجددا باللحمة المفرومة، فوقعت في شر أعمالها بعد أن تمرد عليها اللص الشريك الخائن!
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.