وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    مشار وكباشي يبحثان قضايا الاستقرار والسلام    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    راصد الزلازل الهولندي يحذر مجدداً: زلزال قوي بين 8 و10 مايو    (تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور خالد يتصدر أولويات السودان الملكوم .. بقلم: محمد عثمان الحسن
نشر في سودانيل يوم 23 - 10 - 2015

لم أكن أتصور أن بالسودان هذه الكوكبة من أصحاب الشهادات الأكاديمية العليا ومن الذين تولوا أرفع المناصب الوظيفية ومن أصحاب المال والجاه، في وقت يرسف فيه السودان الجهل والمرض والفقر وتمزقه الحروب والمجاعات وينفصل ثلثه ويحتل مركزا مرموقا في الدول الفاشلة ويمثّل رابع دولة في تصدير اللآجئين، بل تحتل دول الجوار أجزاء عزيزة من وطننا الغالي كل هذا يحدث، وهذه الكوكبة المنيرة مشغولة في ترفهها الذهني والمادي بتكريم الدكتور منصور خالد! ما أريد أن أقوله هنا ليس عن منصور خالد فمقال الأستاذ شوقي ملاسي المحامي رحمه الله الذي نورده هنا يشرح لنا من هو منصور خالد المحتفى به. بل أنا أريد أن أعرف ماذا قدم هؤلاء الذين بادروا لتكريمه لوطنهم، فليس فيهم من قدم ولو الشيء اليسير ليس للسودان ولكن حتى للقرية التي جاء منها ومن قدم شيئاً لقريته جاء هذا بعد إلحاح ومطاردة من أهله، أما الذين شيدوا منهم مدارس فهي لكي يثروا منها ومن افتتحوا مستشفيات هدفهم هو الإثراء على حساب أمراض الناس. ومن غرائب الأمور أن تصل العدوى إلى بريطانيا حيث تحتفي الجمعية السودانية للدراسات بأحد مؤلفاته وتفرضه على أعضائها مما جعل البعض يقاطعون الاجتماع الأخير. فلنقرأ معاً مقال الأستاذ شوقي ملاسي المحامي
مقدمة
هذه الملاحظات والتعليقات كتبتها قبل أعوام عندما اطلعت على ما كتبه الدكتورمنصور خالد في كتابه "الصفوة السودانية وإدمان الفشل" ولكن للأسف لم أتمكن من نشرها في حينه، وحيث إن الدكتور الموقر لا يزال يمارس تخريبه في الساحة السودانية فقد رأيت من الضروري نشرها ليطلع القاريء على حقيقة قمة الفشل في الممارسة السياسية والذي تقلب على كل الموائد بحثاً عن مصالحه الشخصية الضيقة وآمل أن يجد القاريء فائدة فيما يقرأ..................................
شوقي ملاسي
المحامي
لندن في 9/11/1995
الدكتور الموتور وقمة الفشل
التعليقات والملاحظات
1) إن الدكتور رغم إدعاء الموضوعية فإنه قد استعمل ألفاظاً لا تليق في وصف الكثير ممن خالفوه الرأي لدرجة تخيلت فيها أن الدكتور تلقى دروساً خاصة في الردح على الطريقة البلدية المصرية.
2) إن الدكتور لم يحدثنا عن مايو السريّة التي كانت تدير الأمور في الاجتماعات السرية التي كانت تتم في منزل العقيد يوسف ترير بأم درمان والتي كان يتولى تأمينها السيد زين العابدين عثمان أخ زوجة كل من ترير والسيد السفير المرحوم محمد فخر الدين وكان في حضورها الدكتور منصورونميري شخصياً والمرحوم عمر الحاج موسى والعميد محمد عبدالحليم عبدالرحمن (أحد إخوان عبدالحليم) والتي كانت تضع السياسات والخطط من وراء ظهر مؤسسات مايو بما فيها مجلس قيادة الثورة والوزراء.
3) إن الذي يقرأ الكتاب سيخرج في تقديري بنتيجة محددة وهي أن كل أهل السودان ما عدا منصور وقلة من صحابه هم على خطأ منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا والنتيجة الأخرى هي أن الدكتور حق له أن يكون ليبرالياً وشيوعياً وجيشاً شعبياً وقومياً وشمولياً وكل شيء، وأذكر أنه عندما قامت مايو لم يكن أحد يتوقع أن يتم تعيين الدكتور منصور بأرائه المعروفة وبارتباطاته المتعددة وأبرزها علاقاته باتحاد الطلاب الأصغر كما كان يسميه أهل اليسار وإنتهاءً بجمعية التسلح الخلقي بمونترو (بسويسرا)، وأفكاره المعادية للشيوعية بتعيينه وزيراً للشباب في مايو الأولى كما يحلو له أن يسميها فلم يوضح الدكتورمنصور أسباب تعيينه ولماذا قبل بالتعيين، المهم أن الدكتور بدأ في توثيق علاقاته بالأخ فاروق أبوعيسى والأخ المرحوم أمين الشبلي ظناً منه بأنهما يمتلكان قوة في داخل النظام ومن الأشياء التي أذكرها وأرجو أن تكون ذاكرة الدكتور منصور محتفظة بها، الزيارة التي قام بها برفقة الأستاذين إلى منزلي بشارع 3 بإمتداد العمارات، وكيف كان يتحدث بسخرية عن القوميين العرب وينسب نفسه للاشتراكيين بل وللشيوعيين، ولعله يذكر أيضاً الزيارة الثانية التي قام بها وبرفقته الشهيد العزيز فاروق حمدالله وما دار فيها من حديث حول تعيين المرحوم جمال محمد أحمد سفيراً بلندن وما قلته عن هذا التعيين وعنه شخصياً عندما دافع عن هذ التعيين.
4) يتهمنا الدكتور منصور بأننا كنا من سدنة مايو الأولى وأنا لا أنكر أن تنظيم الاشتراكيين العرب أيّد في بيانات حملت أسباب التأييد وشروط التأييد ولم يكن من بينها التبشير بالنظام الفردي العملاق ولم نسعى إلى مواقع السلطة بل ظللنا نمارس نشاطنا بمختلف أوجهه وقد اختلفنا اختلافاً واضحاً مع النظام منذ قرارات طرد الشهداء الأعزاء فاروق حمدالله وبابكر النور وهاشم العطا، ولو كان الدكتور موضوعياً حقاً لذكر هذه الحقائق ولعله يتذكر ما قلناه في ملتقى الفكر العربي الذي حضرته الأحزاب والتنظيمات القومية في الوطن العربي والذي كان يرأسه الدكتور منصور،الذي قام بتزوير إرادة المؤتمر عندما أعلن أن المؤتمرين يباركون قيام التنظيم الواحد. ولقد قلت في المؤتمر الذي كان ينعقد بمبنى البرلمان القديم بالخرطوم "إن هذه القاعة شهدت حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه وها هم يجلسون بيننا وأنه لا توجد قوة تستطيع حل الأحزاب وخاصة العقائدية".
ولعل الدكتور منصور يذكر أيضاً ما قلته له وهو واقف مع نميري بعد إنتهاء المؤتمر ولعل الدكتور منصور يذكر أيضاً وهو الذي كان وزيراً كيف كانوا ينوون اعتقالنا عندما تظاهرنا ووزعنا منشوراً ضد بعض توجهات مايو نحو الوحدة الفوقية ولولا اعتراض الشهيد العزيز فاروق لتم اعتقالنا بعد فترة وجيزة من قيام مايو.
5) إن الدكتور منصور يتحدث عن الطغيان ولكنه يتنصل من مسؤوليته كوزير ومنظّر، هل نسى الدكتور منصور التنظيم القائد والقائد الملهِم والملهَم والتنظيم الفردي العملاق وقوله "إن مايو جبّت كل ما قبلها وما بعدها" ودوره في صياغة مواثيق مايو ودساتيرها التي قننت وحدانية النميري ورفعته إلى مرتبة الألوهية وجعلته غير قابل للمساءلة، فالدكتور منصور لم يحدثنا عن كيفية ترشيح نميري مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية وكيف تم تزوير الاستفتاء الأول والذي زعم فيه النميري بأنه سمح حتى للمعتقلين والمسجونين السياسيين بالتصويت في الاستفتاء وكنا في ذلك الوقت ضيوفاً بكوبر ولم يعطنا أحد ورقاً للتصويت بل لم يكن مسموحاً لنا بالقلم والورق وكان جزاء من يضبط بأي منهما الحبس الإنفرادي.
إن الدكتور منصور لم يوضح لنا أيضاً دوره في حمامات الدم التي أعقبت إنقلاب يوليو 1971 والمحاكمات الصورية التي تمت ولم يحدثنا عن حثّ نميري على توقيع أحكام الإعدام رغم أن المحاكم حكمت بغيرها ولا يزال بعض رؤساء المحاكم أحياء كالأخ العزيز منير حمد والأخ صلاح عبدالعال ولم يوضح لنا منصور هل اعترض على أي من المذابح التي تمت وما هو دوره في تحريض نميري بالإضافة إلى أولاد حليم والسيد أحمد سليمان من المؤكد أن حسّ الدكتور منصور القانوني بالعدالة كان في وادي التيه.
6) حاول الدكتور منصور نفي الدور المصري في مايو وقد كتبت في مجلة الدستور عن الذين دبروا مايو وأوضحت الدور المصري فيه ولفائدة القاريء والدكتور منصور أورد هنا بعض الحقائق التي كتبتها، فمايو كانت وليدة مؤامرة شارك فيها بعض الشيوعيين المنقسمين وتم وضع خطتها في الأجهزة المصرية وكان رأس الرمح في تجنيد الضباط لها وغيرهم، هو العميد (م) محمد عبدالحليم الذي عُين في بنك مصر في وظيفة وهمية وكان عمله الأساسي هو اغداق السلفيات على الضباط ولا بد لي أن أروي ما حدث لي مع الأستاذ أحمد سليمان الذي كان مكتبه مجاوراً لمكتب "عقيل ملاسي" ففي الشهور السابقة على مايو وكنت مسافراً إلى القاهرة في زيارة خاصة طلب مني الأستاذ أحمد سليمان أن ألتقي على حد تعبيره "بجماعتك البعثيين الباقر ومزمل" "وأبلغهم بأن هناك إنقلاباً يُدبر وأن عليهم العودة لقيادته حتى لا تؤول الأمور لضباط صغار يقودون البلد إلى الهاوية"، وبالطبع لم يكن الإخوة اللواء الباقر أو العميد مزمل بعثيين ولكن كان أحمد سليمان مهوساً بالإنقلاب لدرجة أنه عمل على اعطاء دعوى للدكتور المرحوم عقيل ضد مصنع البيره، حتى يمكن للضباط الإنقلابيين دخول العمارة بدعوى أنهم يأتون لزيارة الدكتور عقيل كأصحاب دعوى ثم يلتقون بالأستاذ أحمد سليمان وكان لأحدهم أصبع مقطوع (اللواء خالد حسن عباس).
7) لقد قلت رأيي في مايو في اليوم التالي لوقوعها وعلى الصفحة الأولى لجريدة الأهرام القاهرية حيث رويت بعض ما علمته من أسرار يوم التنفيذ وأوضحت أن هناك أغلبية من الشيوعيين في تشكيل مجلس الوزراء مما سيعرّض الأمر لمخاطر عدة مما أثار حفيظة الوزراء الشيوعيين والمحسوبين عليهم وتوترت العلاقات بيني وبينهم.
8) لقد ذكر الدكتور منصور أنه غادر إلى موطنه الأصلي (أمريكا) في العام 1972 ليشغل منصب ممثل السودان في الأمم المتحدة ولكنه عاد مرة أخرى ليشغل منصباً وزارياً بعد ذلك وليسبّح بحمد القائد الأوحد والتنظيم الأوحد والمؤسسات الوهمية ولم يسمع أهل السودان بأنه اعترض وبالطبع لم يتقدم باستقالته ولكنه قبل الاستمرار حتى ركله نميري من مقعد السلطة يوم أقاله النميري والإخوة زملاء الدراسة ابراهيم منعم منصور والمرحوم موسى عوض بلال فهل يذكر الدكتور منصور هذا اليوم فإن كان لا يذكره فساذكره، في ذلك اليوم التقيت ظهراً بالدكتور موسى عوض بلال وإبراهيم منعم منصورفي مباني وزارة النقل والمواصلات التي كان وزيرها الأخ العزيز د. بشير عبادي (الذي تقصّد الدكتور منصور عدم ذكر اسمه عند الحديث عن منجزات وزارة النقل) وقد طلبوا مني أن أنضم إلى الركب الظافر ركب مايو وقائدها ومفجرّها جعفر ولم يكونوا يدرون بأن "أب عاج" قد عقد العزم على ابعادهم عن السلطة وتشاء الأقدار أن يصدر نميري قرار الابعاد في نشرة التاسعة مساء وكان يزورني الدكتور عبادي وبعد النشرة ذهبنا للعشاء بمنزل الصديق الأخ يوسف عبده تادرس وكنت أعاني من انحباس في الصوت وبعد قليل حضر الدكتور منصور وكانت الدعوة تضم عدداً من الناس بينهم السفير الألماني وغيره من الدبلوماسيين وعندما سأل الحضور منصور عما حدث لم يتردد في مهاجمة نميري بدعوى أنه لا يعرف مصلحته فلم أتمالك نفسي رغم انحباس الصوت فقلت له "بأن نميري أحسن منه ألف مرة وأنه منافق كان يردد في الصباح ما يقول عكسه الآن" وتكهرب الجو وحاول الدكتور عبادي تهدئتي والغريب في الأمر أن الدكتور منصور وفي برود شديد اقترح علينا أن نذهب إلى منزله ورفضت أنا فحلف عليّ الدكتور عبادي بالطلاق أن ألبي الدعوة وفعلاً ذهبنا إلى منزله المجاور لجهاز الأمن العام آنذاك ولعجبي كان أول وآخر منزل أراه في حياتي جدرانه مطلية من الداخل باللون الأسود.
9) هاجم الدكتور منصور الأخ الصديق محمد هاشم عوض هجوماً عنيفاً ورغم اختلافي مع الدكتور محمد هاشم عوض في الكثير ولكن الأمانة كانت تقتضي بأن يذكر الدكتور منصور أن الدكتور محمد هاشم عوض كان أول وزير يتحدى نميري ويتقدم باستقالته من وزارة التجارة وليت الدكتور منصور فعل هذا يوماً ما.
10) تحدث الدكتور منصور عن الفساد في مايو ولم يبين لنا كيف قاوم هذا الفساد والذي بدأ مع التأميم والمصادرة والرقابة الإدارية وحين تم تعيين الضباط من الجيش والشرطة الذين تم ابعادهم من الخدمة بسبب الفساد وعدم الكفاءة مدراء للمؤسسات والشركات المؤممة ولم يوضح لنا الدكتور منصوركيف رضى لنفسه الاستمرار في الوزارة بعد التأميم الذي تم عشوائياً والرجوع إلى دليل التلفون والذي قال فيه في كتابه ما قال مالك في الخمر، ولم يحدثنا الدكتور منصور عن قصره الفاخر في قلب الخرطوم الذي استورد له الرخام من ايطاليا والفلين العازل للصوت من أمريكا وما هي علاقة إخوان ريشتي روبيرت أصحاب شركة مافيت ببناء المنزل.
11) حاول الدكتور منصور أن يلصق تهمة ما يسمى بمجزرة قصر الضيافة إلى غير فاعليها الحقيقيين، إن حقيقة هذا الأمر تتلخص في أن تحرك قوات المدرعات يوم 22 يوليو 1971 لم يكن تحركاً لإعادة نميري ومجلسه للسلطة بل كان إنقلاباً يرمي إلى القضاء على نميري وجماعته وهاشم العطا وجماعته في نفس الوقت يقوده أحمد أبو الدهب وإبراهيم أبوزيد وصلاح عبدالعال ولأدلل على صحة ما قلت بخلاف ما سمعته من الأخ إبراهيم أبو زيد هناك أمران احدهما ما رواه لي الأخ فاروق أبوعيسى ويتلخص في أن فاروق بعد خروجه من القصر حيث كان معتقلاً اتجه إلى الدبابات التي كانت مستمرة في إطلاق النار فطلب منهم وقف إطلاق النار لأن "الرئيس" لا يزال بالداخل حرصاً على سلامته فما كان من قائد الدبابة إلا أن سبه ورئيسه بأقذع الألفاظ، والثاني ما حدث للأخ أبو الدهب الذي كان يُعد العدة لإلقاء بيان الإنقلاب وعندما فوجيء بدخول النميري إلى مبنى الإذاعة فقال له "لقد اعتقدنا بأنك قُتلت فقلنا نحن أولى"، ومن تلك الساعة لم يعد أبو الدهب في حالة عقلية سليمة وشيء آخر يؤكد صحة ما نقول وهو أن القذائف التي أُطلقت على المبنى كانت قذائف دبابات. بالاضافة إلى أن الحكومة والتي كونت لجنة لتقصي الحقائق برئاسة الصديق الدكتور حسن علوب "كفت على الخبر ماجور" لأن تقريره جاء بغير ما يروج له الدكتور منصور.
12) يأخذ الدكتور منصور الذي ورد في الكتاب نقلاً عن جريدة الأيام حول تغيير القوانين والذي ذكرت فيه أن القوانين المراد تغييرها هي قوانين استعمارية وأؤكد للدكتور أن هذا هورأيي الذي لا أبدله رغم محاولته الفجّة لتصوير أن كثيراً من هذه القوانين كالشركات وغيرها ليست استعمارية، فالقوانين جميعاً شركات وغيرها صيغت في عهد الاستعمار وهذه حقيقة والحقيقة الأخرى أن التغيير المطلوب كان أساسا لتغيير القانون المدني والقانون الجنائي.
13) أما موقف الدكتور منصور من حزب البعث فقد كان مجحفاً ويدل على ضغينة شخصية والدلالة على ذلك ما يلي:
1 إن الدكتور منصور لم يذكر دور حزب البعث في مقارعة نميري ومصادمته سواء أكان ذلك أثناء سير الدكتور منصور في ركب القائد المنصور أو بعده فالشعب السوداني يعرف الحزب ونضاله وتجمع الشعب السوداني ضمن التحالف مع الشريف الهندي وحزبه وأنه في الفترة الأخيرة من النظام كان يقود النضال بالكتابة على الحائط وتوزيع المنشورات بالاضافة إلى السرية والعمل داخل القوات المسلحة لدعم الانتفاضة الشعبية والإضراب السياسي والعصيان المدني فالحزب كان يعمل داخل تنظيم واسع تحت اسم المسيرة يقوده الشهداء الأعزاء عثمان بلول وخالد الزين ومحمد أحمد قاسم الذين استشهدوا بعد فشل انتفاضة أبريل/رمضان 1990 ضد نظام البشير/الترابي فالحزب لم يكن من جماعة الساعة الحادية عشرة كغيره وكانت كوادره تملأ السجون وعندما سقط نميري كان عدد المعتقلين من البعثيين يفوق عدد المعتقلين من أي حزب آخر، وعندما اندلعت الانتفاضة التي بدأت في عطبره مدينة الحديد والنار كان للبعثيين الدور البارز في قيادة التظاهرات ومن بعدها المظاهرات في الخرطوم مما أدى إلى استشهاد المناضل محمد الحسن برصاص أحد ضباط جهاز الأمن.
2 عندما تحدث الدكتور منصورعن انتفاضة رمضان/أبريل المجيدة ذكر في صفحة 260 من الجزء الثاني ما يلي:
"ولهذا فلا بدع أن ظلت محاولات الإنقلاب على النظام تتوالى منذ اهتباله الفرصة باسم الجيش ثم تسليمها فور تسلمها لحزب سياسي يهيمن على كل شيء واحدة من تلك المحاولات نسبت إلى حزب البعث إلخ ...
والغرض واضح فإن الذين يعرفون حقائق تلك الانتفاضة المجيدة يؤكدون أن تلك المحاولة قام بها الضباط البعثيون والقوميون والوطنيون وإن كان للبعثيين دور كبير في قيادتها وهذا وارد في معظم التقارير الصحفية العربية خاصة التي غطت هذا الحدث( مثل الحياة اللندنية، الوطنية، الكويتية). ويتضح خطل ما ذهب إليه الدكتور منصور بأن الانتفاضة المجيدة كانت تنوي تسليم الأمر لحزب البعث من الاطلاع على تشكيل الوزارة التي لم تشهد النور، فالوزارة المقترحة كان رئيسها البروفسير محمد إبراهيم خليل (حزب الأمة) ونائبه ووزير الخارجية الأستاذ سيدأحمد الحسين (نائب أمين سر الاتحادي الديمقراطي) ولم يكن بين أعضاء الوزارة من البعثيين سوى الأستاذ محمد شيخون عضو القيادة ا لقطرية والذي كان مرشحاً لمنصب وزير الشباب، فهل يمكن القول بأن الانتفاضة المجيدة كانت تنوي تسليم السلطة فور تسلمها لحزب سياسي يهيمن على كل شيء.
إن هذا التزييف للتاريخ إنما قد يكون هو نتيجة الجهل وبالطبع لا يمكن أن نتهم سيد العارفين "فهّامة" شعب السودان بذلك ولكنه كما قلنا المرض والغرض ومن الواضح من صياغته التي ذكرناها في (صفحة 260 الجزء الثاني) فإنه أيضاً يريد التقليل من علاقة الحزب بالانتفاضة، هذا وقد حاول الإساءة إلى الشهداء الأبرار وخاصة الشهيد العزيز عبدالمنعم كرار عندما جاء بنفس الصفحة بخبر "ناقص" "ومن بينهم من كانوا في مقدمة صفوف من آزر البشير في إنقلابه مثل عبدالمنعم كرار" ومن المعروف أنه لم يكن من بين الشهداء من تعاون مع البشير أو آزره وأما عبدالمنعم فقصته معروفة ملخصها أنه خدع أول الأمر باعتبار آن الإنقلاب كان تنفيذاً لأمر القيادة وعندما تبين له عندما ذهب إلى قيادة المظلات ووجد أن القائد هو عمر البشير بدأ يُعد العدة للقضاء على الإنقلابيين واعترض في القيادة العامة على تشكيل مجلس ما سُمي بثورة الإنقاذ وواجه العميد عمر برأيه وبالتالي كان أول ضابط يتم اخراجه من القوات المسلحة.
3 ومن أبرز الأدلة على أن الدكتور منصور في كتابته عن الحزب كان منطلقاً من الحقد والغل الشخصي أن أورد محاكمة الشهيد محمود محمد طه والمرحوم الخير ولم يورد أي شيء عن محاكمة البعثيين وفكرهم ممثلين في الرفاق بشير حماد وصحبه والتي كانت محكمة لفكر الهوس ومحاكمة لنظام الهوس الذي وضع أساسه ومهد للطاغية الدكتور منصور، وقد كان لموقف البعثيين الشجعان والمحامين المقتدرين الدور البارز في فضح النظام وتعريته رغم محاولات المكاشفي المستميتة.
4 حاول الدكتور منصور أيضاً تصوير مقالاته التي نشرها في الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق من عمر النظام بأنها كانت المحرك للإنتفاضة بعد نظام الطاغية وفي هذا ادعاء مفرد وحط من قدر الحركة السياسية المعارضة كلها وخاصة حزب البعث والحزب الاتحادي الديمقراطي بقيادة المناضل الجسور الشريف حسين الهندي والسيد ولي الدين المهدي وحزب سانو بقيادة المناضل صمويل أرو فقد كان لأشرطة الشريف وكتاباته دوراً بارزاً في تحريض الشعب وكانت كتابات البعثيين وغيرهم على صفحات مجلة الدستور التي تصدر من لندن، والتي تشرفت والأخ المناضل المرحوم محمد عبدالجواد بالاشراف عليها، دوراً مؤثراً فقد كانت مجلة الدستور صوتاً بارزاً في معارضة النظام منذ صدورها وكان الدكتور منصور في ذلك الوقت سادناً وحامل مباخر النظام المايوي والساكت على فساد القصر وغير القصر ومن يرجع إلى صفحات الدستور وملفاتها وخاصة ملف الفساد سيجد الكثير كما أن في ادعاء الدكتور منصور اجحاف بحق الحزب الشيوعي ودوره في معارضة النظام وكتاباته ونضالاته الأخرى وفيه كذلك اجحاف لدور نقابة المحامين ومجلسها المناضل الذي ضم الأستاذ شداد (السكرتير العام والبعثي) والصادق الشامي المحامي والبعثي والأستاذ جلال السيد المحامي (الشيوعي) والأستاذ مصطفى عبدالقادر (الناصري الاتجاه) وغيرهم من الأساتذة الأجلاء وعلى رأسهم النصري فرغم محاولات الدكتور للطعن في خطها المعادي للنظام وما دوره في قيادة النقابة في مؤتمر المحامين العرب في سوسه بتونس بمجهول ولا أدري كيف يسوغ الدكتور منصور لنفسه العمل في قيادة مايو الأولى والثانية والعمل مع الدكتور بهاء الدين (حارس المرمى) ومع صديقه الدكتور الترابي وينضم بعدما ركله النميري للمرة الثالثة إلى الدكتور جون قرنق أملاً في وزارة بعد أن يتم تحرير التراب السوداني.
5 حاول الدكتور منصور أن يشوه موقف الحزب من قضية التعددية في السودان وللحزب دستوره وأدبياته التي تحدد موقفه ويبدو أن الأستاذ الدكتور منصور لم يكلف نفسه عناء قراءة ما ورد في أدبيات الحزب ودستوره وبالتالي بنى رأيه على جهل أو أنه قرأ وذهب إلى التحريف والتزييف وإن تاريخ الحزب في مصادمة نظام نميري واسقاط النظام ودوره في فضح الجبهة القومية في كل أشكالها معروف، ودوره في فضح إنقلاب الجبهة معروف ودوره في مقاومته والعمل على اسقاطه معروف، ونضاله ضمن التجمع معروف ولكنه الغرض والمرض والحقد.
6) قام الدكتور منصور بتحليل الأسباب التي أدت إلى إنقلاب يونيو ونسب إلى ممارسات الأحزاب الحاكمة أنها هي التي أدت إلى تسليم السلطة في 30 6 1989 وهنا مرة أخرى يسقط التاريخ الحديث، فلو كان صادقاً مع القاريء لأوضح أن التسلم المذكور لم يكن وليد الممارسات في الديمقراطية الثالثة وحدها فهو إنقلاب كان يعد له منذ أمد طويل وقد كشفت مجلة الدستور عملية الإنقلاب التي تعد لها الجبهة في عددها الصادر في 5 10 1985 ولم يمضي على الانتفاضة ستة أشهر وحددت بالاسم العقيد عمر حسن أحمد البشير كرأس للمتآمرين وللأسف غض رئيس الوزراء ووزير داخليته وأجهزة الأمن النظر بل تآمر بعضهم كوزير الداخلية (مبارك الفاضل) وإبراهيم إيدام وكان عدد المجلة من أوائل المنشورات التي وزعت في اليوم الأول للإنقلاب ولأن الدكتور منصور حريص على غمط البعثيين حقوقهم فقد أورد بعض الذين نقلوا معلومات للحكومة حول الإنقلاب ومنهم الأخ المرحوم خالد الكد ولكنه لم يذكر أن حزب البعث قدم للسيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني وقيادة الجيش المعلومات التفصيلية عن الحركة والمشاركين فيها وتوقيتها ولكن لسوء حظ السودان كان رد السيد الصادق أنه لا يخشى إنقلاباً من الجبهة ولكننا نخشى من إنقلاب بعثي، وأضيف إلى هذا أن هناك من تآمر من أهل النظام لتسليم السلطة إلى الجبهة لارتباطات مختلفة كما فعل من قبل الأب الروحي للدكتور منصور السيد عبدالله خليل رحمه الله وغفر له ذنوبه وعلى رأسها تسليم السلطة للفريق عبود وزمرته ونحن لا نتجنى على الرجل ولكنه التاريخ الثابت في أضابير محاكمة من اشتركوا في إنقلاب 17 نوفمبر.
7) انضم الدكتور منصور لجيش تحرير شعب السودان لإيمانه كما يقول بما لحق بالجنوبيين والأطراف من اجحاف وظلم فهل يمكن أن يقول لنا الدكتور منصور متى دخل الغابة وشارك رجال الجيش الشعبي حياتهم ونحن متأكدين أنه لم يفعلها ولن يفعلها لأنه لا يمكن أن يتخلى عن "الكرمة" كما يسميها الشاعر المرحوم عبدالرحمن الخميس ولا ندري هل سيشترك الدكتورمنصور في حق تقرير المصير وهل سيصبح مواطناً في جنوب السودان المستقل.
8) تحدث الدكتور منصور عن الاعتقالات والتعذيب وكعادته عمد إلى غمط البعثيين حقهم فلم يذكر المعتقلين من البعثيين وحتى عندما ذكر المرحوم الأستاذ الصادق شامي لم يذكر صفته الحزبية ولم يذكر ما تلقاه الأساتذة الشاعر التجاني حسين دفع السيد ومحمد سيدأحمد عتيق من تعذيب ولم يذكر أن بيوت الأشباح والسجون في كل السودان شهدت تواجد العديد من المناضلين البعثيين بعد هذا نرجع إلى ما رواه الدكتور منصور حول عودته إلى الخرطوم بعد الانتفاضة ثم هروبه منها في عجلة من أمره وخوفاً من محاسبته على دوره في مايو وحاول أن يموه الأمور ويصورها بأنها تصرف فردي قام به بعض الزملاء من المحامين لأسباب خاصة والدكتور منصور يعلم أن هذا الادعاء غير صحيح وأن أغلب قوى التجمع كانت تطالب بالقبض عليه وتقديمه للمحاكمة وإنها كانت تدرك أنه قادم للسودان للقيام بدوره التخريبي المعتاد وهكذا لو كان الدكتور منصور موضوعياً أو صادقاً مع نفسه والقاريء لذكر التاريخ والحقيقة ولم يحاول تزييف الحقيقة.
هذا هو "قمة الفشل" المتقلب على الموائد الدكتور الموتور منصور خالد وهذه بعض الحقائق عنه ونأمل أن تتاح الفرصة للمزيد وإنه لمن سوء طالع السودان أن يكون في قيادة التجمع أمثال الدكتور منصور ومبارك الفاضل.
شوقي ملاسي المحامي
لندن في 2610 1995

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.