الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف الديني في السودان... والانتشار السريع لداعش
نشر في سودانيل يوم 06 - 11 - 2015

لطالما وظفت الجماعات المتشددة على مر التاريخ في محاربة العقل والفكر وما اقوى المثل الذي ضربه الراحل الخاتم عدلان بفيلسوف عصره ابن رشد الذي حاصرته الجماعات المتشددة لقوة أفكاره وطرحه حتى نالت من روحه، ولنقف كثيرا عند هذا القول للخاتم عدلان "بأن الذين احرقوا كتب ابن رشد كانوا يشعلون النار في رؤوسهم"، لكن قنابل الدخان التي تصاعدت أبخرتها في الجو اوان ابن رشد وقبله وبعده وحتى التي سادت هنا في السودان في العقدين الماضيين لم تكن وليدة اللحظة، فهناك ثمة أسباب ادت لبروز وازدهار موجة التطرف الديني الحالية لعدة عوامل شكلت ما يشبه مقدمات العاصفة، لإن نشوء ظاهرة لا يصنعها طرف واحد ولا تنظيم معين إنما تجئ تراكما لظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية بعضها فوق بعض ولا تأتي من العدم أو من المجهول.
التطرف الديني... والتحريض على الارهاب
ويرى الدكتور شمس الدين ضو البيت المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية ان التطرف الديني رديف للارهاب، ويقول ان الارهاب بوصفه استخدام العنف ضد المدنيين لفرض رؤى سياسية بعينها هو الفعل الجنائي الناتج عن التطرف، ويؤكد ضو البيت ل(عاين) ان التطرف الديني وليد تحويل الخطاب العام الذي ظل في السودان مدنيا منذ الاستقلال في 1956م بتحويله إلى خطاب ديني اولا عبر المطالبة بتطبيق الشريعة والدستور الإسلامي ثم بتطبيق الشريعة وإقامة الدولة الإسلامية في السودان منذ وصول الاسلاميون إلى السلطة في يونيو 1989، ويعتقد ان تطبيق الشريعة وتحويل الخطاب في الفضاء العام إلى خطاب ديني يحول المنافسة السياسية إلى الحجة والمقولات الدينية: من هو الأقرب إلى القرآن والسنة وأعمال ومقولات السلف الصالح، وبالتالي نقل طبيعة واشكال الصراع الذي دار في العصر الإسلامي الاول الى مجتمعات اليوم.
ويضيف ضو البيت "بحكم الطبيعة العنيفة والاطار التاريخي المختلف كليا للمجتمع الاول هو الذي يحول الخطاب إلى ديني ثم إلى التشدد بوفرة الحجة المتشددة والى التطرف الذي هو شروع في الإرهاب"، ويعتبر ان النظام الحالي ليس فقط (حاضنة) للتطرف والإرهاب وإنما هو مؤسس ومشارك فعلي فيهما، ويقول "إذا راجعت مفهوم الجهاد في وثائق وممارسات الحركة الاسلامية ستجد انه استخدام العنف والقوة في العمل السياسي واسمته (الجهاد الصابر الثائر في وجه الاستبداد) وتركت لنفسها تحديد ماهية الاستبداد".
وتدخل ممارسات وقوانين نظام الحكم الحالي كالجهاد والردة والعقوبات البدنية (الحدود) وقوانين الاحوال الشخصية ضد المرأة ضمن مفهوم التطرف والارهاب ولكنها تتم فقط باسم الدولة بينما الذي كان يقوم بها في الحقيقة هم أفراد وتنظيم الحركة الاسلامية كما يؤكد ضوالبيت.
ارهاصات تنامي التدين ... عودة للسبعينيات
ارهاصات تنامي موجة التدين بدأت منذ فترة بعيدة، كما يؤكد الدكتور عوض محمد احمد المحاضر باحدى الجامعات الخليجية، اذ شهدت فترة السبعينيات توجه أعداد كبيرة من السودانيين الى دول الخليج للعمل، خاصة السعودية، واغلبهم كانوا متوسطي التعليم وبتجارب قليلة واعمارهم لا تزيد عن الثلاثين عاماً، هذا أدى الى تأثرهم بقيم الحياة هناك القائمة على التدين السلفي، وقد اندمجوا في شكل التدين من فرض الحجاب والعزلة الاجتماعية وتبني سلفية متشددة، والانفصام الاجتماعي الذي وقعوا فيه من تمييز عنصري باعتبار ان اصلهم غير عربي رغم ان يدينون بدين واحد، والتغييرات في السلوك الديني والمجتمعي نقل عبرهم عند عودتهم في الاجازات - كما يشير الباحث – الى جانب ما طرأ من تغييرات اقتصادية في معاشهم ولاسرهم.
ولعب النظام المايوي (1969 - 1985) في أواخر السبعينيات دوراً آخر بالاعتماد على مظاهر دينية وصلت ذروتها الى تطبيق الشريعة الاسلامية عام 1983، وحارب النظام كل مظاهر العلمانية بعد الغاء دستوره لعام 1973 وتبني التوجه الاسلامي، مثل تحريم تداول الخمور في المدن الرئيسية، وتمت زيادة مادة الدين في المدارس وربط الحصول على الشهادة الثانوية بالنجاح في مادة التربية الاسلامية، وتم استيعاب الاسلاميون في مفاصل الدولة بعد المصالحة الوطنية عام 1977، وظهر ذلك ايضاً في تأسيس بنك فيصل.
تفشي الفقر والتدهور الاقتصادي مدخل الاسلاميين
وروى احد قادة الحزب الاتحادي الديموقراطي ل(عاين) طلب عدم الكشف عن اسمه، ان ضباطا في ميناء بورتسودان اقسموا له ان شحنات الخراف المذبوحة التي تأتي من السعودية في موسم الحج كانت تسير بليل الى مناطق نائية في بقاع السودان المختلفة، وتقصدها العربات التي تطوي الارض لساعات واحيانا لايام وليالي الى الاسر الاكثر فقراً بطرق ابوابهم وتقدم لهم اللحوم صدقة والتي كانت تصل متعفنة في بعض الاحيان، ويضيف " لكن قبلها كان يطلب امير الجماعة منهم القسم على المصحف بانهم مع الخيار الاسلامي سواء في الانتخابات او الانقلابات"، ويقول وقال القيادي الاتحادي"انظر كيف كانوا يستغلون العوز والحاجة لاغراضهم الدنيوية الدنيئة".
وتقول مصادر ل(عاين) أن التنظيمات المتطرفة ذات طابع أممي وتجد تمويلاً سخياً ومريباً ومجالها الحيوي هو العالم اجمع كتنظيم (القاعدة) بزعامة اسامة بن لادن وايمن الظواهري، و(داعش) بزعامة ابوبكر البغدادي، وقد استغلت جميعها التسامح في السودان وتمددت من خلال لافتات محلية، دون مضايقة بل بحماية ورعاية وبالتالي ازدهرت انشطة الحركات السلفية المختلفة وتنوع مشاربها الذي لم يعد قاصراً فقط على جماعة أنصار السُنة المحمدية بل تمددت إلى الجماعات السلفية الأخرى التي بلغ بها الأمر أن استقطبت أعداداً غير قليلة من الطلاب خاصة بكلية الطب والهندسة.
ومع وصول الحركة الاسلامية السودانية الى الحكم عبر انقلابها في يونيو 1989 صعد نجم رجال الدين خاصة في الاعلام الرسمي أعداداً لا يستهان بها من شباب الجامعات منذ النصف الاول لتسعينات القرن الماضي وابرزهم عبدالحي يوسف، محمد عبدالكريم، وعلاء الدين الزاكي واخيرا مساعد السديرة ومحمد علي الجزولي، واستغل قادة النظام ما يحدث لتحويل الحرب الاهلية المطلبية الى حرب مقدسة، ولعب التلفزيون القومي الذي كان يقود احد قادة التيار المتشدد الطيب مصطفى الذي تولى قيادة منبر انفصالي لاحقا دورا كبيرا في ذلك وشكلت برامجه الموجهة وعلى رأسها برنامج "في ساحات الفداء" رأس الرمح في اصباغ الثوب الديني على الحرب الاهلية.
النظام الاسلامي في الخرطوم وفر الارضية للارهاب
ويستبعد القيادي الاسلامي حسن مكي في حديثه مع (عاين) ان يكون النظام الاسلامي في السودان قد وفر الارضية لظهور التنظيمات الجهادية، ويعتقد ان المجتمع السوداني عرف الجهاد منذ اربعينيات القرن الماضي عندما ذهب سودانيون الى الجهاد في فلسطين عام (1948) وبينهم مجموعات يسارية، ويضيف "ايضاً في بعد ثورة اكتوبر (تشرين الاول) 1964 الشعبية التي انهت حكم الرئيس السوداني الاسبق ابراهيم عبود توجه عدد من المجاهدين الى فلسطين".
غير ان صحفي سوداني طلب حجب اسمه ل (عاين) لا يتفق مع مكي في ذلك، ويقول ان انقلاب الاسلاميين واستيلاءهم على السلطة في يونيو (حزيران) 1989 وفروا الارضية الخصبة لنمو الجماعات الاسلامية المتطرفة في السودان، ويضيف "لقد اصبحت الخرطوم مقراً للجماعات المتشددة وللمناوئين لبلدانهم مثل الاخوان المسلمون والجماعة الاسلامية في مصر وحركة حماس الفلسطينية والجماعة الاسلامية في ليبيا وجبهة الاسلامية التونسية"، ويرى ان تيار العرب الافغان الذين حضروا الى السودان بعد وصول الاسلاميين الى الحكم في الخرطوم هو الذي ادخل ثقافة حسم الخلافات الفكرية بالسلاح.
ويتفق الصحفي السوداني المتخصص في الجماعات الاسلامية الهادي محمد الامين في ذات السياق، ويقول ان بعض النافذين في الحكومة السودانية لهم علاقة وثيقة مع التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، ويضيف ان الخطاب الاسلامي المتشدد بدأته الحركة الاسلامية السودانية منذ وصولها الى الحكم، ويشير الى ان عدد من القيادات في الدولة وعلى مستويات عليا ظلت تقدم خطابات متشددة طوال ربع قرن وهو الذي رفع من وتيرة انتشار هذه الجماعات، ولفت الى انه يمكن التأكيد على ان تنظيم "داعش" يترعرع داخل النظام من قبل بعض النافذين فيه، ويتابع "منذ انشقاق الحركة الاسلامية السودانية عام 1999 بين الرئيس عمر البشير ومجموعته والدكتور حسن الترابي اصبحت هناك مجموعة من المجاهدين الذين قاتلوا في حرب جنوب السودان سابقاً بدأوا يعملون في الخفاء".
اكثر من 150 من الشباب السوداني التحقوا بداعش
اول مرة اعترفت فيها الحكومة السودانية بوجود طلاب ينتمون الى داعش، كان بعد مغادرة (18) طالب وطالبة الى تركيا للالتحاق بالتنظيم قبل اشهر، واغلب الطلاب يدرسون في جامعة العلوم الطبية التي يملكها وزير الصحة في ولاية الخرطوم الدكتور مامون حميدة، وعدد من هؤلاء الطلاب يحملون جوازات سفر من بريطانيا، كندا وامريكا، وتوالى ذهاب الشباب الى داعش وبينهم من وصل الى ليبيا وشارك في العمليات هناك.
ويقول الامين ان ما اعلن عن مغادرة بعض الطلاب الى تركيا للالتحاق بتنظيم داعش والجماعات المتطرفة الاخرى يمثل قلة قليلة لمن التحقوا في الاصل وما زالوا يغادرون الى التنظيم عبر البر والمطارات والبحار الى ليبيا، الصومال، مالي، نيجريا، سوريا والعراق، ويضيف "هناك آخرون التحقوا بتنظيم داعش ولم يسمع عنهم الا بعد مقتلهم في العراق وسوريا او تفجير انفسهم في عمليات انتحارية في ليبيا"، ويتابع "الذين غادروا حتى الان اكثر من 150 مقاتل خرجوا من السودان واخرين ذهبوا من بلدان اخرى والتحقوا بداعش وشاركوا في القتال".
تنظيم داعش فيه اختراق كبير من جهات استخباراتية
ويعتقد المتخصص في الجماعات الإسلامية الهادي محمد الأمين إن السودان في طريقه إلى النهاية المؤلمة لان تنظيم "داعش" اصبح لديه عناصر داخل الدولة، غير ان المفكر الاسلامي حسن مكي لديه اعتقاد آخر ويقول ان تنظيم داعش فيه اختراق كبير، من جهات استخباراتية كثيرة حيث ان التنظيم في دولة العراق اخترقه البعثيون بعد سقوط نظام صدام حسين وبعض منهم كان ما زال في القوات المسلحة العراقية، ويضيف "هؤلاء الضباط والجنود من البعثيين هم الذين سلموا مدينة الموصل في العراق لداعش"، ويعتقد ان هناك مجموعات من الشيعة التحقت بالتنظيم وعمليات تشويه اخرى وسط الشباب ومن لهم علاقات بالاستخبارات الاسرائيلية، البريطانية والامريكية، ويقول "من بريطانيا وحدها هناك اكثر من (1500) مقاتل التحقوا بداعش وبالطبع بينهم من هم اصولهم سودانية ومن خرجوا من الخرطوم بضع مئات"، ويتابع "هذا اختراق كبير ولذلك شاهدنا حرق الطيار الاردني وقطع الرؤوس بتلك البشاعة مثل ما رأينا ما حدث في جنوب السودان من اغتصاب للفتيات وحرقهن وهن احياء"، ويرى ان عمليات التجنيد ليست بتلك التقليدية التي كانت تتم قبل عقود مضت حيث ان اصبحت هناك معارف بالتقنية العالية.
قصة ابو عبد الله السوداني مع داعش في ليبيا
الشاب السوداني محمد عبد الله احمد محمد (28) عاماً واب لطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ويلقب هذا الشاب الداعشي ب (ابو عبد الله السوداني) وقد قتل في العاصمة الليبية طرابلس في مايو الماضي حيث يعتقد انه قد فجر نفسه، وعلمت اسرته بمقتله بعد (4) ايام عن طريق اتصال هاتفي من قبل شخص يحمل الجنسية التشادية، وتقول والدته اسعاد عبد الرؤوف ل (عاين) وهي موظفة سابقة في الحكومة ان ابنها الذي تخرج من جامعة السودان قسم المحاسبة، وعمل لفترة سائق (ركشة) كانت تبدو عليه مظاهر التدين، حيث لا يصافح النساء ويحرم مشاهدة التلفاز والاغاني في المنزل، وتضيف "ولكن لم نعرف ان لديه علاقة مع اي من التنظيمات المتشددة ... صحيح في الحي الذي تسكنه الاسرة كان اصدقاءه لديهم توجهات دينية"، وتقول ان ابنها كانت له علاقات مع الشيخ مساعد السديري – وهو احد مؤيدي داعش في السودان - لم تكن الاسرة على دراية بها، وتتابع "لا نعلم ان كان هذا الشيخ لديه علاقة بالتنظيمات الارهابية ام لا"، وتشير الى ان ابنها غادر الى ليبيا بدون ان يبلغ حتى زوجته وبعد اسبوعين اتصل بالاسرة واوضح مكانه، وتقول "كان يتصل معي انا وزوجته وخاله احياناً على فترات مختلفة عبر الهاتف تتغير ارقامه بين كل اتصال وآخر واحيانا عبر (الواتساب) يرسل رسائل، وقبل اسبوعين من وصول خبر وفاته انقطع الاتصال".
وتقول اسعاد ان خبر وفاة ابنها ابلغت به الاسرة به بعد اربعة ايام، وتشير الى ان الشيخ السديري كان يداوم على الاتصال بالاسرة ولكنه انقطع عنها بعد سفر ابنها الى ليبيا، وتقول "لم نجد تفسيرا لذلك رغم ان زوجته مواظبة على الاتصال وهو يهاتفنا عبر جوال زوجته"، واوضحت ان الشيخ السديري حضر الى مكان العزاء ليلاً بعد مغادرة اغلب المعزين ولم يكرر ذلك.
فيما يقول خالد عبد الرؤوف خال ابو عبد الله والمقرب منه ان ابن شقيقته كان من الملتزمين دينياً ولم يكن يتحدث في اي مسائل سياسية وعلاقاته في المنطقة التي يسكنها عادية ويصلي في المسجد الاوقات الخمس اذا كان موجودا او مع شيخه مساعد السديري، ويضيف "بعد وصول ابن شقيقتي محمد الى ليبيا بعد عشرين يومياً اتصل بنا من مركز اتصالات واخرى من رجل تشادي الجنسية والاتصالات كانت مرة في الاسبوع بارقام مختلفة"، ويشير الى انه تحدث معه وعند سؤواله عن احواله اتضح انه لا يريد الحديث عن اي شئ وظل يرفض العودة الى السودان.
حرب داعش والحكومة السودانية
ولم يستبعد الدكتور حسن مكي من ان تقوم جماعة من تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) بتنفيذ هجوم على مواقع في الخرطوم، ويقول ان ما تقوم به داعش الان هي تبع الفوضى الخلاقة التي رسمتها الولايات المتحدة الامريكية لمنطقة الشرق الاوسط خاصة ان التنظيم مخترق، ويضيف "وارد جدا ان يقوم تنظيم داعش بتنفيذ اعمال هجومية في السودان لان هذا البلد هش واصبح مهيأ لكل ما يخطر على بال اي مراقب والسلاح يمكن ان تجده في اي مكان داخل البلد".
فيما يرى المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية الهادي محمد الامين ان النظام الحاكم في الخرطوم لم يكن جاداً في اجراء حوار فكري مع هذه المجموعات، ويقول "لكن النظام يتحاور مع هذه الجماعات سياسياً وهذا ليس مطلوباً، كما انه لم يفكر في تفكيك خلايا الجماعات الاسلامية وهذا ما يشعرك ان الحكومة فاقدة للبوصلة"، ويرى ان الخطاب السياسي الحماسي من قبل قيادات عليا في النظام يقود الى الاحساس بان النظام نفسه يرعى الارهاب، ويتابع "موقف المملكة العربية السعودية ومصر واضح من التنظيمات الارهابية وتحاربها بقوة ولكن موقف الخرطوم غير واضح وتجد ان نافذين في النظام يقدمون الدعم لداعش وغيرها من هذه الجماعات"، ويؤكد ان هناك تشكيلات عسكرية في السودان لتنظيم داعش قد تقوم بانشطة في اي وقت متى ما جاءها الخطر من النظام او جهات استخباراتية خارجية بتفجير السفارات الغربية مثلا، ويقول "حتى الان هم يطلقون على هذه الحكومة بحكومة النصرة اي التي لا تحاربهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.