السد X ، سد الألفية – سد النهضة لعل جيراننا و أشقائنا في الشرق – في إثيوبيا الجميلة حين أطلقوا الرمز أو الحرف X علي سدهم الذي خططوا لإنشائه قريباً من حدود السودان الطيب ، علي نهر الأباي كانوا يستلهمون حكمة الاسلام - قضاء الحوائج بالكتمان ! الأباي هو النيل الأزرق عند ميلاده من بحيرة تانا و حتي حدود السودان غرباً، كلمة الأباي تعني الأب في إحدي لغات إثيوبيا الكثيرة- وهنا قد يكون مفيداً التذكير بتقاليد متبعة في ولايات أميركا المتحدات ، إذ يطلقون إسماً لأي مشروع و من بعد يأتي الاسم النهائي ! مما قد يعني عدم وجود دلا لات علي ذلك الرمز X.وعلي كل حال فان إسم سد النهضة مُلهماً و يعكس رغبةً أهل إثيوبيا و حُلمهم باحداث نهضة حقيقية بهذا المشروع العملاق ، كما أنه يجمع مواطنيهم علي هدف كبير و تحدٍ هائل من قبل جيران يغلب عليهم التفكير غير العقلاني و الدوقمائي Dogmatic و لا نقول الطمع !من فوائد مثل هذا المشروع الكبير تعزيز الشعور القومي. قد يكون مناسباً التذكير بما أقدم عليه د.زهير بابكر الأستاذ المبدع بجامعة الخرطوم حين كون مجموعةً قبل أكثر من عقدين من الزمان لإنشاء سد مروي بذات الطريقة الاثيوبية و ذلك بتمويله ذاتياً بشركة وطنية – ملأت الملصقات شوارع الخرطوم و كانت من قبل تمتلئ بالمنشورات السياسية و لكن سرعان ما هب أناس قصيري النظر و أجهضوا حلم د. زهير – رائد الأعمال و المبدع الجميل ! و لعله غادر السودان !ولو تُرك لينفذ هذا المشروع لكان في ذلك خير عميم – من تعزيز للحس القومي و جمع المواطنين لهدف كبير! و لحد من الحملات علي البلاد.
موقع السد علي الأباي
تغير إسم المشروع من X إلي سد الألفية و من بعد إلي الاسم الجميل، سد النهضة ! كما حدث د.عثمان التوم و كيل وزارة الري الأسبق و خبير السياسات المائية في محاضرته بجامعة الرازي بمبادرة من د.أحمد عثمان –رئيس الجامعة. سرد د. عثمان تاريخاً موجزاً لاتفاقيات مياه النيل و حُلم إمبراطور إثيوبيا بما أسماه الموتيف فورس Motive Force ذات الدلالات الدينية –إذا صحت الترجمة، القوي المحركة أو الدافعة وهو قريب من مدلول كلمة النهضة ! كماتحدث عن المبني و أثره علي السودان. تعود مشاريع التحكم في مياه النيل إلي أكثر من قرن من الزمان ، إلي عام 1902م حين وضع مهندس بريطاني تصوراً للتخزين علي بحيرة تانا.في عام 1946م وضع مهندس بريطاني و آخرين خطة وادي النيل السودانية للتخزين في بحيرة تانا مع إستبعاد فكرة سد مروي.وهو أمر كان يدور في خلد كثير من المهندسين – ليتم التخزين في أعالي الأنهار و مناطق البحيرات لأسباب شتي ،منها: الحد من التبخر و توليد للكهرباء أكثر و السيطرة علي النهر بشكل جيد، أمرٌ يتجلي عند مقارنة سد مصر العالي عند إسوان مع سد مروي و سد النهضة-يبلغ الفاقد من المياه بالتبخر 10 مليار متر مكعب سنوياً و هي أكثر مما توفره قناة جونقلي ! بينما سد النهضة لا يفقد أكثر من 2 مليار و سدنا الصغير علي مروي يفقد كذلك 2 مليار مع العلم بأن سد النهضة سينتج كهرباء تساوي ثلاث مرات ما ينتجه سد مروي(5600) حيث ينتج 15700ميجاوات و سد مصر 10000ميجاوات.بينما يبلغ سد مصر 184 متراً مقارنة مع النهضة الذي يبلغ إرتفاعه 110 متراً و مروي 67متراً. هنا تتجلي تتجلي الحكمة في إدارة نهر النيل كحوض واحد علي غرار ما يحدث في بعض الأنهار الكبيرة العابرة للحدود- تعظيماً للمنافع و تعزيزاً للصلات الانسانية و العلاقات الاقتصادية.
موقع السد- حيث تبدو الصخور البركانية
علي الأباي تنهض سدود أخري،منها شراشرا علي مخرجه و كارادوبي و نفق علي بيحرة تانا يدفع بالمياه إلي نهر مجاور علي حدود السودان حيث يرفد النيل الأزرق بمياه كثيرة. تبلغ سعة بحيرة النهضة حوالي 1700كم مربع و تبعد عن حدودنا ب 15كم. و به 16 توربيناً.بدأ العمل في عام 2011م في شهر إبريل و يتوقع إكتماله في أواخر 2018م.حيث تقدر تكلفته بأكثر من 4 بليون يورو. فقاً لحديث د. عثمان فان إثيوبيا لم تخرق إتفاقيةمياه النيل بعدم إستشارة الأشقاء في شمال الوادي و السودان ،لأن سدها لا يستهلك مياهاً لأغراض الزراعة. بل يساعد السودان علي زيادة المساحة المزروعة لمحافظته علي إستقرار منسوب المياه- الأمر الذي يوفر علي المزارعين مشاق تحويل مضخات المياه و مد المواسير أو تقصيرها من وقت لآخر ! سيصبح منسوب النيل الأزرق مستقراً و شبه ثابت – خاصة في فترة إنحسار النهر من يناير إلي يونيو. سيعود سد النهضة علي السودان بمنافع كثيرة ، إذ يؤدي لاستقرار توليد الكهرباء حيث ستزداد طاقة الروصيرص بنسبة 46% خلال الفترة من نوفمبر إلي مايو ! و كذلك سيزيد التوليد بسد مروي بحوالي 7%
أثر سد النهضة علي الأزرق و نهر النيل:
تخفيض قمة الفيضان و زيادة مياه فترة الانحسار في النهر و تقليل الهدام مع تسهيل الملاحة النهرية نتيجة لاستقرار مناسيب المياه و حجز حوالي 70% من الطمي – مما يعني أن سكان توتي الجميلة سينامون ملء جفونهم و سيحظي سكان الخرطوم بمياه رائقة صفواً و هو يعني كذلك تقليل تكلفة معالجة المياه. ربما تتأثر المياه الجوفية و كذلك خصوبة التربة و فقدان المساحات التي كانت تروي بالفيضانات و ستختفي الجروف و الجزر الرملية المنخفضة. من الفوائد علي منظومة خزانات السودان سيكون إيجابياً إذ يصبح التخزين طيلة العام !بينما يوجد تأثير سلبي خلال فترة ملء الخزان خلال الأعوام 2018 إلي 2025م و لكن من يدري ؟ ربما يأتي عام مطير كعام 1988 و يعوض أي فاقد للمياه ! من الايجابيات عند ربط شبكة كهرباء الشقيقة إثيوبيا مع الشبكة القومية سنحصل علي كهرباء بسعر قليل- وعدٌ نأمل أن يوفي !مع إمكانية زيادة التوليد من سنار نتيجة لانتظام تدفق المياه. كما أن التوليد الكهربائي سيكون في حده الأقصي في أغلب الأعوام من سد مروي مع زيادة التوليد من الخزانات الجديدة علي النيل.و إمكانية التوليد من ترع المشاريع الكبيرة. سيتمكن السودان من تكثيف الزراعة كما يمكن تحويل مناطق من الزراعة المطرية إلي الري الدائم باذن الله وقد تنتعش الصناعة نسبة لاستقرار المياه و الكهرباء و النقل النهري الرخيص. و سينعكس علي الخدمات و تنمية الريف و توزيع السكان. إقترح د.عثمان التوم أن يتم بناء سد النهضة علي مراحل مثلما حدث في خزان الروصيرص أو إستبداله بسد أصغر حتي منسوب 625م بعدد من التربينات يبلغ 10. كما أكد علي أن تبادل المعلومات نتيجة للاتفاقية إعلان المبادئ سيمكن من التشغيل المشترك و مراقبة سد النهضة. وقد إقترح كذلك إبرام إتفاقية مع إثيوبيا لضمان المشاركة في التشغيل و المنافع ضمن مشروعات مشتركة و ألا تقل المياه الخارجة من السد عن إحتياجات السودان ومصر في كل الأوقات. وم رأيه أيضاًإعادة النظر في تشغيل الخزانات السودانية كمنظومة واحدة لضمان الاستفادة القصوي منها . غير أن النقاش قد أبرز رأي معارض، كان أكثره حدة من المهندس /حيدر يوسف معارضاً لقيام السد و إتفاقية مياه النيل – خاصة البند رقم 5 بصياغته المبهمة و التي ستؤدي إلي إدخال دول أخري في حوض النيل و هو يعني دولة إسرائيل ! هنالك تطمينات حول سلامة السد و لكنها في تقديري من الأمور التي يستحيل البت فيها برأي صائب أو أخير ! و سيبقي سد النهضة علي الأباي كتجربة كبيرة في الطبيعة محفوفة بمخاطر الزلازل في هذه المنطقة البركانية الرخوة . و يصعب جداً معرفة تحمل سد أو جسر لزلازل متواصلة فقد يأتي زلزال بقوة 3 علي مقياس ريختر عقب زلازل عديدة قوتها 5 علي مقياس ريختر و يذهب ريحه !و ربما تمطر السماء في يوم واحد أمطار عام كما حدث في خريف عام 88- خاصة مع تفاقم ظاهرة النينو و أمطارها القِرب !يجدر بنا أن نشيد بجامعة الرازي و هي تقوم بدور في التوعية و الحراسة و الانذار و مسؤليتها الاجتماعية وعلي الاعلام أن يُكمل الدور لنقل ما يتم في مثل هذه المؤسسات لتشكيل الرأي العام و لمساعدة متخذي القرار. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.